الشاعر أىمن حمدى الشاعر أيمن حمدي يجيب عن الأسئلة الشائكة التي وجهناها له بصدر رحب ، وهدوء تتصف به شخصيته الودودة . ■ أنت محقق للنصوص التراثية الصوفية يتواري خلف شاعر، وشاعر يتواري خلف شخصية المحقق. - يبدو لي أن رحلتي في السير والسلوك علي طريقة السادة الصوفية قد أثرت في صورتي وتركيبي مصداقاً لقوله تعالي " في أي صورةٍ ما شاء ركّبك "، فقد صرت شخصاً غير محب للظهور، ولا يجد في نفسه ما يتقدم به علي غيره، وعلي حد السواء ، فالشاعر والمحقق والكاتب والقارئ ، كل هؤلاء يتوارون خلف رجل من عوام الناس، لا يري في نفسه ميزةً يتفاخر بها علي غيره من البشر. ■ تحقيقك لكتاب التجليات لابن العربي لم يضف جديداً إلي كشف هذا النص المليء بالأسرار، فقد سرت علي درب من سبق وحقق هذا النص، فما تعليقك؟ - عندما قمت بتحقيق كتاب التجليات، لم يكن بين يدي القارئ نسخة محققة منه بحسب علمي فقط ، كان كتاب التجليات نصاً منشوراً ضمن مجلد يحوي 28 رسالة للشيخ الأكبر، وذلك في إصدار الهيئة العامة لقصور الثقافة، حينها رأيت أن هذا النص لم يبرز للقاريء لأسباب منها وجوده ضمن 28 رسالة غير محققة، حيث قامت الهيئة بإعادة نشر الرسائل كما هي في طبعة حيدر آباد المحدودة والتي صدرت في اوائل القرن العشرين. فإذا أضفنا إلي ذلك اكتشافي لأكثر من مائة خطأ في نص كتاب التجليات، فسوف تصبح عملية تحقيقه عملية ذات فائدة في توثيق النص وتقديمه للقاريء. وقد ذكرت في مقدمة التحقيق أني لم اتبع خطوات المحققين في هذا العمل بل ، اجتهدت في تقديم نسخة منه أراها أقرب ما يكون لما كتبه ابن العربي، مع اثبات المختلف بين المخطوطات في الهامش نظراً لتعذر الحصول علي نسخة من التجليات بخط مؤلفه. ■ صوتك كشاعر غير مسموع في الأوساط الثقافية المصرية، فما الأسباب ؟ - لقد فتح لي هذا السؤال باباً من أبواب الحنين للبدايات، فقد كنت ككل أفراد جيلي، والذي اشتهر فيما بعد بجيل الثمانينيات، شاباً كثير الحركة يتنقل بين الندوات والصالونات الأدبية، غير أن عملي في الهيئة المصرية للكتاب، بالإضافة إلي تكويني الشخصي، فرض عليّ الاحتجاب، إذ كنتُ من المشاركين الفاعلين في وضع بعض برامج المعارض والملتقيات التي تقدم الهيئة من خلالها الكتاب والشعراء والنقاد. لم يكن من اللائق عندي الزج باسمي في ندوات ولقاءات أنا أحد المساهمين في وضع قوائم المشاركين بها، بل لم ترض نفسي أن تتبادل المجاملات مع الأصدقاء والزملاء في المؤسسات الثقافية الأخري، فكان احتجابي. ■ اهتمامك بالنصوص التراثية الصوفية، هل يعني عدم قدرتك علي خوض التحقيق بالنسبة لنصوص أخري، لا تنتمي إلي نفس المجال ؟ - نعم وبمنتهي الصدق تكون إجابة هذا السؤال نعم، إن خزائن المخطوطات العربية مليئة بالكنوز في كل مجال، هناك مخطوطات في النحو والبلاغة والتفسير والحساب والفلك والطبيعيات وما وراءها، وكذلك في الكيمياء والسحر وغير ذلك. ولقد ألمحت في مقدمة كتابي «اصطلاحات الصوفية» أن فتح هذه الخزائن للباحثين سوف يسهم في رقي الأمة. تصورا معي ماذا لو كلّفت كليات العلوم مثلا بعض الباحثين بتحقيق المخطوطات التي تناولت علوم الكيمياء والفلك والحساب والجبر والهندسة في العصور المختلفة. ماذا لو خرج علينا طبيب بتحقيق كتاب في العلل والأدوية. الرأي عندي أن يتم تنظيم عملية تحقيق التراث وان يبذل المتخصصون في كل علم جهداً في التعرف علي جذور ذلك العلم كما وضعه آباؤنا الذين شهد العالم بتقدمهم في كثير من العلوم. ■ د. هدي محمد