بدائل الثانوية.. مدرسة مياه الشرب بمسطرد - موعد التقديم والأوراق والشروط    الفيفا يعلن رسميًا عن جدول مباريات كأس العالم 2026 ومسار المنتخبات والملاعب ... "اليويفا" يعلن عن قرار جديد بشأن استخدام تقنية "الفار" في يورو سنة 2024    جوجل تطلق مزايا جديدة في الساعات الذكية.. تكتشف الحوادث وتتصل بالطوارئ    حكم ذبح الأضحية ليلا في أيام التشريق.. «الإفتاء» توضح    عمال مصر: مؤتمر الأردن سيشكل قوة ضغط قانونية وسياسية على إسرائيل    عاجل| حماس تُطالب ببدء وقف إطلاق النار.. والضغوط الأمريكية لم تنجح    النمسا.. 29 سبتمبر موعدا لإجراء انتخابات البرلمان    مفوضية الأمم المتحدة تحتفل باليوم العالمي للاجئين.. وتؤكد أن مصر أوفت بإلتزاماتها    كين: منتخب إنجلترا يشارك فى يورو 2024 لصناعة التاريخ ولكن الطريق صعب    «التايمز 2024»: جامعة طنطا ال4 محليًا.. وبالمرتبة 66 عالميًا في «الطاقة النظيفة بأسعار معقولة»    يورو 2024| البرتغال تبحث عن إنجاز جديد في عهد رونالدو «إنفوجراف»    بديلا ل ناتشو.. نجم توتنهام على رادار ريال مدريد    «رحلة عزيزة».. انطلاق احتفالية «حماة الوطن» بذكرى دخول العائلة المقدسة أرض مصر    حيثيات حكم النقض برفع أبوتريكة وآخرين من قوائم الإرهاب    جهود مكثفة لكشف ملابسات العثور على جثتين فى المعادى    إخماد حريق داخل منزل فى أوسيم دون إصابات    سارة عبدالرحمن تشارك في فيلم المصيف إخراج سليم العدوي (خاص)    نجوم الفن يقدمون واجب العزاء لأسرة رئيس غرفة صناعة السينما    «العناني»: مصر تتميز بمقومات أثرية وتاريخية تجعلها قبلة للسياح الأجانب    أحمد جمال سعيد يستعد لتصوير مسلسل «وتر حساس» (تفاصيل)    رئيس هيئة دعم فلسطين: تقرير الأمم المتحدة دليل إدانة موثق على جرائم الاحتلال    عيار 21 الآن بعد الارتفاع.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 12-6-2024 بالصاغة    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    وكيل «صحة الشرقية» يتابع التشغيل التجريبي لوحدة تفتيت الحصوات بمستشفى كفر صقر    5 فئات ممنوعة من تناول لحمة الرأس في عيد الأضحى.. تسبّب مخاطر صحية خطيرة    أكاديمية الشرطة تناقش الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع    الانفصال الأسرى زواج مع إيقاف التنفيذ    إعارته تنتهي 30 يونيو.. فليك يحسم مصير جواو فيليكس في برشلونة    «محاكمة مزيفة».. الجمهوريون يتبنون نظريات المؤامرة بعد إدانة هانتر بايدن    الأطفال يطوفون حول الكعبة في محاكاة لمناسك الحج بالبيت المحمدي - صور    رفض دعوى عدم دستورية امتداد عقد الإيجار لورثة المستأجر حتى الدرجة الثانية    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة يتم وفقا للمعايير الدولية    أكلة العيد..«فتة ولحمة ورز»    بقيادة رونالدو.. 5 نجوم يخوضون كأس أمم أوروبا لآخر مرة في يورو 2024    أسعار فائدة شهادات البنك الأهلي اليوم الاربعاء الموافق 12 يونيو 2024 في كافة الفروع    محافظ الغربية يستقبل الأنبا أغناطيوس أسقف المحلة للتهنئة بعيد الأضحى    استجابة ل«هويدا الجبالي».. إدراج صحة الطفل والإعاقات في نقابة الأطباء    سفير مصر بالكويت: حالة المصاب المصرى جراء حريق عقار مستقرة    اتحاد الكرة يرد على رئيس إنبى: المستندات تُعرض أثناء التحقيق على اللجان وليس فى الواتساب    محافظ المنيا يشدد على تكثيف المرور ومتابعة الوحدات الصحية    الجلسة الثالثة من منتدى البنك الأول للتنمية تناقش جهود مصر لتصبح مركزا لوجيستيا عالميا    جامعة سوهاج: مكافأة 1000 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لجميع العاملين بالجامعة    أسماء جلال تتألق بفستان «سماوي قصير» في العرض الخاص ل«ولاد رزق 3»    المفوضية الأوروبية تهدد بفرض رسوم على السيارات الكهربائية الصينية    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    مساعد وزير الصحة لشئون الطب الوقائي يعقد اجتماعا موسعا بقيادات مطروح    مسؤول إسرائيلى: تلقينا رد حماس على مقترح بايدن والحركة غيرت معالمه الرئيسية    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار في سوق الأسهم السعودية    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى 2024    محافظ الغربية يتابع مشروعات الرصف والتطوير الجارية ببسيون    الأرصاد تكشف عن طقس أول أيام عيد الأضحي المبارك    "مقام إبراهيم"... آية بينة ومصلى للطائفين والعاكفين والركع السجود    اليونيسف: مقتل 6 أطفال فى الفاشر السودانية.. والآلاف محاصرون وسط القتال    «الخدمات البيطرية» توضح الشروط الواجب توافرها في الأضحية    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    نجم الأهلي السابق: مجموعة منتخب مصر في تصفيات كأس العالم سهلة    «اتحاد الكرة»: «محدش باع» حازم إمام وهو حزين لهذا السبب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. «الأخبار» ترصد التعديات علي مياهها وصياديها
بحيرات مصر.. «أكل السمك مر»

وصلات الصرف الصحى من المنازل الى بحيرة قارون ولا عزاء للرقابة
«قارون» .. البحيرة المسمومة
الصرف الزراعي والصناعي والمجاري يغتال البحيرة في «عز الظهر».. والأهالي يشكون ولا مجيب
الصيادون : معدل الملوحة ارتفع..
والسمك يطفو «ميتا»
ما بين الحين والآخر نستيقظ علي فاجعة غرق مركب صيد في عرض البحر المتوسط أو اصطدام سفينة عابرة بمركب صيد مصرية يودي بحياة 30 صيادًا أو أو أو.. من الأخبار التي تبدو معتادة في صفحات الحوادث وبرامج التوك شو لإحداث نوع من الاعلام الانساني لجذب المشاهدين بعرض مشاهد «الولولة» لأمهات الصيادين وجنازتهم عند الدفن.. ولكن ماذا بعد ؟!!..يتم إسدال الستار وكأن شيئًا لم يكن، وكأن لم تُقتل روح بريئة خرجت للبحث عن رزقها في عرض البحر، وكأن أطفالاً لم يكتب لهم اليتم أو نساء يحملن لقب أرامل !..ويتبقي السؤال «لماذا يموت هؤلاء» ولماذا يضحون بحياتهم في سبيل الحصول علي الرزق القليل ولماذا تركوا أساسًا موطنهم الأصلي في الصيد وهو البحيرات ؟.. أسئلة كثيرة تفرض نفسها إذا أردنا التعرف علي أسباب قيام صياد مصري بتخطي المياه الإقليمية لمصر والمخاطرة بحياته للحصول علي « شوية سمك «.. في هذا الملف الصادم نفتح مشاكل بحيرات مصر والتي تعد سببًا رئيسيًا في هجرة الصيادين وانقراض الثروة السمكية، ونهدي المسئولين صورًا خاصة بالتعديات علي تلك البحيرات، فلو إن هناك جولات مكوكية لتغير الوضع كثيرًا ووجدنا الخير يعم بحيراتنا بدلاً من الغربة في عرض البحر..
عزيزي القارئ، لك أن تتخيل أسرة تعيش علي 10 جنيهات يوميًا!.. ليس نوعًا من أنواع الخيال وليس ضربًا من ضروب الأساطير، ولكنه واقع مرير يعيشه أكثر من 9 آلاف صياد داخل بحيرة قارون والتي تبعد عن مدينة الفيوم 80 كيلو وتبلغ مساحتها 55 ألف فدان، تلك البحيرة التي كانت تملأ الدنيا ضجيجًا وصخبًا في منتصف القرن الماضي لما تمتلكه من مقومات طبيعية ساحرة وأسماك نادرة ومشاهد طبيعية حباها الله بها، ولكن في عام 2015 أصبحت «خرابة» هجرها الصيادون واختفت بها الأسماك وتحول لون مياهها من زرقة السماء إلي حمرة الشفق، فلأول مرة في حياتي أشاهد مياهًا حمراء، ليس سحرًا ولكنه واقع يوجد فقط في محيط بحيرة قارون !
في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرًا، تركنا طريق القاهرةالفيوم وانحنينا إلي طريق قرية «شكشوك»، حيث الاتجاه إلي بحيرة الظلم والظلمات- بحيرة قارون سابقًا- لم نبذل جهدًا كبيرًا في التعرف علي أسباب ما آلت إليه تلك البحيرة من تلوث تسبب في قتل الثروة السمكية في أغني بحيرات العالم أسماكًا.
علي مرأي من القاصي والداني، مبني به ماسورتان تضخان مياهًا ملوثة يغلب عليها اللون الأسود إلي مياه البحيرة مباشرة، أوقفنا السيارة وانطلق الزميل المصور إلي الهدف، فالحس التصويري بدأت أعصابه تضعف أمام تلك الصورة التي تجسد المعاناة، مياه ملوثة شديدة السواد ترمي قذارتها مباشرة إلي بحيرة قارون لتختلط بالمياه الجارية.. ما هذا المبني ولماذا لا يوجد أي شخص به وهل هذه المياه مياه صرف زراعي أم صناعي أم مياه معالجة ؟.. أسئلة كثيرة دارت في أذهاننا بعد التقاط الصور ثم استقلال السيارة واستكمال رصد المخالفات بالبحيرة ؟!
مشاهد الموت
عقارب الساعة تتجه إلي الثانية عشرة والنصف ظهرًا، وصلنا إلي قرية شكشوك التي تحيط بالبحيرة وتعتبر القرية الأكبر التي تطل علي قارون،وكما يقال أول القصيدة كفر، الأهالي هناك تغلبوا علي مشكلة الصرف الصحي الذي لم يصل حتي الآن إلي أجزاء كبيرة من القرية، فتوصلوا إلي خطة جهنمية يصرفون بها فضلاتهم، أقاموا وصلات من البيوت إلي مياه البحيرة مباشرة عابرة الطريق الرئيسي للقرية وتظهر بداية فتحات تلك الوصلات مع أول نقطة مياه للبحيرة.
مشهد نافس المشهدين السابقين وظلا عالقًا في أذهاننا حتي بعد كتابة سطور هذا التحقيق، أطفال الصيادين يلعبون ويلهون أمام ضفاف بحيرة قارون، ووسيلة اللعب كانت تلك الأسماك النافقة التي تطفو علي سطح البحيرة وتنقلها المياه إلي الشاطئ، ليبدأ الأطفال في تجميعها واللهو بها وتعبئتها في برطمانات ليبدأ كل طفل في التنافس والتفاخر عما جمعه من أسماك نافقة دون غيره !
المشهد قد يبدو تافهًا في وجهة نظر هؤلاء الأطفال، ولكنه استوقفنا لتصويره، وبدأ تساؤل آخر يدور في الأذهان.. لماذا تموت هذه الأسماك أو الزريعة إن صح التعبير ؟.. الإجابة جاءت سريعة علي لسان رجب عبد الحليم شيخ الصيادين قائلا: « رزقنا يموت أمام أعيننا والسبب تلك المياه الملوثة التي تبث سمومها مباشرة إلي مياه البحيرة، سواء كان صرفًا زراعيًا أو صناعيًا أو صرف الفنادق والمحلات والمنشآت السياحية التي تطل مباشرة علي البحيرة.
سألنا شيخ الصيادين عن المياه التي شاهدناها تنطلق من مواسير في بداية رحلتنا قال: إنها مياه الصرف الزراعي حيث تتجمع داخل مبني عبر مواسير وتلقي مخلفاتها إلي مياه البحيرة، وهذه المياه تتجمع من محافظتي الفيوم وبني سويف وتعرف طريقها إلي البحيرة، وهو الأمر الذي تسبب في نفوق الكثير من أسماك البحيرة بعد أن تسببت مياه الصرف بمختلف ألوانه في زيادة نسبة الملوحة بالبحيرة مما قتل الأسماك.
مصنع الملح
خطف جمعة يوسف الكلام من فم شيخ الصيادين وصرخ بصوت عالٍ قائلا: إنه مصنع الملح الذي تمتلكه الدولة، فهذا المصنع أقامته الدولة علي ضفاف بحيرة قارون لإنتاج الملح وهو ثاني أكبر مصنع في العالم لإنتاجه، وهذا المصنع يقوم بسحب مياه البحيرة النظيفة ليستخدمها في صناعة منتجه ثم يلقي المياه بعد استخدامها في البحيرة مرة أخري، وهذه المياه ملوثة وترتفع بها نسبة الملوحة، وانعكست هذه الملوحة علي الأسماك فتسببت في قتل معظمها وتبقي أنواع معينة من البلطي أو البوري، بعد أن كانت البحيرة موردًا لكل أنواع الأسماك سواء الجمبري أو القاروص أو المحار أو غيرها.
انطلقنا إلي المصنع المزعوم وهو مصنع الملح، أسوار حديدية كبيرة وأبراج مراقبة الأمر أشبه بثكنة عسكرية، بحثنا عن منفذ لتصوير مواسير صرف المصنع في البحيرة ولكن الأسوار العاتية حالت دون التصوير، نرفع شكوي مباشرة إلي الرئيس السيسي وفقًا لشكاوي الصيادين هناك بالتدخل لوقف المصنع لحماية الثروة السمكية من الانقراض.
قصص وحكايات
التقط طرف الحديث مرة أخري رجب عبد الحليم خير الله شيخ صيادي عزبة خير الله قائلا: « أبلغ من العمر 65 عامًا وأعمل بالصيد في بحيرة قارون منذ خمسة وثلاثين عامًا « مضيفا أنه يعاني من أمراض كثيرة ولا يوجد له تأمين صحي أو معاش بعد هذا العمر الطويل مؤكدًا أن البحيرة تدهورت أوضاعها للغاية وأصبحنا نرمي الشباك منذ الساعة التاسعة صباحًا وحتي التاسعة في صباح اليوم التالي ولا نعود بأي أسماك لأن البحيرة أصبحت بلا أسماك بسبب التلوث الذي انتشر لدرجة أن لون المياه تحول من الأزرق إلي اللون الأحمر مشيرًا إلي أن الملاحة وهي المصنع الخاص بإنتاج الملح قد استحوذت علي 1700 فدان من إجمالي مساحة البحيرة وتلك المساحة كانت عبارة عن بوغاز تتربي فيه الأسماك فكان إنتاج الأسماك منذ ثلاثين عامًا في البحيرة يتراوح ما بين طن طوبار في اليوم الواحد ومنذ بداية إنتاج هذا المصنع وبدأ الإنتاج يقل بصورة خطيرة جدًا فأصبحنا نذهب للصيد فلا نجد أسماكًا فنعود ولذلك ترك عدد كبير المهنة وذهب للعمل في نجارة المسلح في القاهرة مؤكدًا أنه اقترض من أجل أن يحصل علي 5000 آلاف جنيه لكي يشتري «غزل الشبكة « ومنذ أن اقترض وهو يسرح في عرض البحيرة ولا يعود بأي شيء.
ويضيف جمعة عبد الجواد أحد صيادي بحيرة قارون الذي يبلغ من العمر 55 عامًا فيقول إن لديه 9 أبناء وكلهم صغار و «مضي « علي 4 شيكات من أجل شراء «غزل شبك « بالتقسيط ومنذ أن اشتري الشبك بالتقسيط ولم يستطع أن يحصل علي أي مبلغ من الصيد مؤكدًا أنه يشعر بألم شديد في «ظهره « منذ ثلاثة أيام ولا يوجد معه أي مليم حتي يذهب إلي أي دكتور يحدد له سبب آلامه مضيفًا أن البوغاز الذي كان ينتج يوميًا 56 طنًا تمت إقامة المصنع عليه دون أن ينظروا إلي حال الصيادين وتدمير الثروة السمكية مشيرًا إلي أن اليوم أصبح لا يوجد أسماك في البحيرة بسبب التلوث مؤكدًا أنه يطالب الرئيس السيسي والمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة سريعة من أساتذة البيئة والصحة وستجد أن البحيرة أصبحت ملوثة بالكامل.
ويشير عم جمعة إلي أن أولادنا أصبحوا يهجرون الفيوم ويتجهون إلي القاهرة من أجل العمل في البناء و»النقاشة « والحفر لأنهم يرون أن مهنة الصيد أصبحت صعبة للغاية وبدون أي مقابل لأن الأسماك تتلوث وتموت وهي صغيرة وبالتالي الإنتاج أصبح صفرًا وأضاف و الدموع تتساقط من عينيه: « أولادنا أصبحوا كأولاد الصومال، فحالتنا أصبحت تصعب علي الكافر،فمنذ يوم الخميس وأنا في بيتي مش « لاقي « فلوس أطلع أروح لدكتور.. يا سيادة الرئيس والله حالنا يصعب علي الكافر « اعملنا « معاش أو تأمين صحي يا ريس الرطوبة كلت جسمنا وعارفين إنك مسكت بلد مايلة ولكن بنشتكي لما الحال طفح والله دايمًا بنقول تحيا مصر.
أباطرة التعدي
و يلتقط فرج مرعي طرف الحديث قائلاً: قمنا بعرض مشاكلنا علي المسئولين لكن دون جدوي وكان من أبرز هذه المشاكل القرار المفاجيء من الإدارة المركزية للإنتاج والتشغيل بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بوقف إمداد بحيرات قارون والريان بزريعة أسماك الطوبارة والسهلية وهو ما قتل الإنتاج السمكي في البحيرة مشيرًا إلي نسبة الملوحة الناتجة عن مياه الصرف الصحي والزراعي والتي تبلغ 900 ألف طن سنوياً مما يعرضها للخطر وقد يساهم مصنع الملاحات باستخراج أكثر من 250 ألف طن من أملاك البحيرة سنوياً الأمر الذي يقلل من نسبة ملوحتها بالإضافة إلي استخراج 650 ألف طن سنوياً من أملاح البحيرة من خلال أحد مصانع الأملاح.
السؤال موجه الآن إلي السادة المسئولين «متي تتحركوا لإنقاذ بحيرات مصر» ؟!
«المنزلة» .. التي كانت بحيرة
أعمال الردم حولتها إلي مأوي للمجرمين وتجارة المخدرات وتهريب بضائع بورسعيد
الصيادون : «حرامية» الزريعة يحكموننا بالسلاح
مياهها تحولت من الزرقاء الصافية إلي الصفراء التي تحمل مياه الصرفين الصحي والصناعي،، كانت مصدرًا للأسماك النادرة فتحولت إلي مصدر للأسماك الرديئة، مساحتها تناقصت من 750 ألف فدان إلي 120 ألف فدان بسبب أعمال التجريف والردم.. صيادوها هربوا من جحيم البلطجية الذين يسيطرون علي أنحاء كبيرة من البحيرة للحصول علي زريعة البوري والبلطي وتهريبها إلي خارج البحيرة.. عصابات تهريب البضائع والأقمشة سيطرت عليها بعيدًا عن أعين الجمارك في بورسعيد.. تجار السلاح عرفوا طريقهم إليها.. والمحصلة في الثروة السمكية صفر.
هنا بحيرة المنزلة من أكبر بحيرات مصر، هنا يهرب الصيادون من الفقر وانقراض السمك وأسلحة المهربين إلي الموت غرقاً في عرض البحر المتوسط بحثًا عن الرزق،، هنا عمليات الصيد تتم بالكهرباء وتكون النتيجة أسماكًا مسرطنة تذهب إلي بطون المصريين.
.. هنا بحيرة المنزلة التي تئن من التلوث والإهمال والبلطجة، فهناك أكثر من 3 ملايين مواطن يسكنون جزر البحيرة والمدن المحيطة بها، 85% منهم يعيشون علي حرفة الصيد، أغلبهم من سكان الجزر «المراحات» الذين يعملون في الاستزراع السمكي والبقية تتمثل في الصيد الحر الذي يمثل نسبة ضئيلة من الأهالي..
الصياد البسيط هو الضحية في بحيرة المنزلة حيث يتعرض للقتل والإصابة وإهدار الكرامة من قبل المعتدين إذا حاول الصيد في إحدي المناطق الخاضعة لنفوذهم خاصة أنهم يحوزون أسلحة آلية متطورة مما أرهب الصيادين وولّد لديهم خوفًا ورعبًا متواصلين من البحيرة ويعتبرون أنهم مفقودون عند نزولها ومولودون من جديد في حالة العودة بسلام وينتقدون عدم تجاوب المسئولين في القضاء علي البلطجية وإزالة التعديات في البحيرة.
نفوق الأسماك
مع نسمات البرد القارصة في الصباح وبدء شروق الشمس وبواسطة قارب يملكه أحد الصيادين استطعنا خلال جولتنا الوصول إلي الصيادين وعمل جولة داخل البحيرة استمرت لثلاث ساعات حيث وجدنا بعض الصيادين يفرشون شباكهم تمهيدًا لإلقائها لكي يعودوا برزق البحيرة تنتابهم حالات الحزن والانكسار وتسيطر علي ملامحهم شقوق الفقر والذل ، اقتربنا منهم لنستمع إلي شكواهم وتوجهنا لهم بالسؤال لماذا هجر الصيادون البحيرة ؟! وما المشاكل التي تواجهكم في الصيد هنا ؟
قال علي عاشورصاحب قارب صيد صغير وهو يتأرجح علي جانبي القارب إن أكل العيش في البحيرة أصبح مرًا للغاية، فمن الصعب الآن أن تصطاد 5 كيلو أسماك في اليوم مشيرًا إلي ان تلوث البحيرة قتل الأسماك كما ان ظاهرة نفوق الاسماك انتشرت في البحيرة بسبب إلقاء بعض المصانع مخلفاتها الصناعية في مياه البحيرة وعلي رأسها احد المصانع لإنتاج الكيماويات في منطقة «القبوطي» مما يجعل الاسماك تتغير لون عينيها ثم تموت مؤكدا ان تلوث البحيرة لم يتوقف عند الصرف الصناعي فقط بل امتد إلي الصرف الصحي من محافظات كثيرة وهو ما يقتل الزريعة الصغيرة والتي اثرت علي اختفاء انواع كثيرة من الاسماك من البحيرة وعلي رأسها الحنشان والبوري والقاروص والوقار والحناجر والكابوريا والسهيلي والنوفار.
عصابات التهريب
و يستكمل عم علي عاشور حديثه بصوت حزين ويضرب كفا علي كف قائلا: اعمل هنا منذ اكثر من 30 عامًا ولكن لم اشاهد مثل الحالة الصعبة التي تمر بها البحيرة الآن، فالمياه أصبحت ملوثة بلا اسماك وانخفضت مساحتها من 750 ألف فدان إلي 120 ألف فدان فقط، واصبحت تستغل في البلطجة والتهريب مؤكدا ان هناك عصابات تقوم باستغلال البحيرة في تهريب البضائع القادمة من الخارج حيث يقومون بإنزال البضائع من مراكب النقل الكبيرة إلي قوارب صغيرة خاصة بعصابات تحمل اسلحة متنوعة ما بين آلي ورشاش وخرطوش ويصلون بها إلي البر وما يقابلهم من الصيادين الذين يقومون بالصيد في البحيرة يطلقون عليه الرصاص ويتركونه قتيلا في المياه ويستكملون سيرهم.
و تنهمر الدموع من عيون علي قائلا : «فقدت اخي في البحيرة العام الماضي علي ايدي عصابات التهريب فكان اخي يسعي للرزق وكانت احدي عصابات التهريب تقوم بتهريب بضائع فقابلهم فأطلقوا عليه النار فسقط شهيدًا وتقدمت ببلاغ ضدهم حمل رقم 4452 لعام 2014 و11005 لعام 2014 وحتي الآن لم نتوصل إلي هذه العصابات مضيفًا أن شرطة المسطحات المائية تعرف جيدا اماكن وجود هذه العصابات والتي تعيش في جزر في البحيرة وتحتمي بأسلحتها فلا يستطيع احد ان يقترب منها ولكن لا تهاجمها مثل مناطق خلق نانيس والنجيلي والسميرات والكور.
الصيد بالكهرباء
وبنظرة حزينة جدًا وزفير يعبر عن الضيق يعبر السيد غريب محمد55 عامًا صاحب مركب صغيرة للصيد بالبحيرة عن وقف الحال الذي يعيشه الصيادون منذ سنوات مؤكدا انه من المطرية ويقوم بالحضور للبحيرة للصيد ولكنهم يواجهون مشكلة كبيرة وهي سيطرة البلطجية علي البحيرة مشيرا إلي ان بعض الصيادين هم الآخرون مسئولون عن تلويث وقتل الاسماك في البحيرة فبعضهم يستخدمون الكهرباء في صيد الاسماك عن طريق المواتير التي تقوم «بكهربة» المياه والاسماك مما يقتل الاسماك ويجعلها «تعوم علي وش المياه» ثم بعد ذلك يقومون بجمعها عبر الشبكة وبيعها ومعظم هذه الاسماك التي يتم صيدها بالكهرباء تكون صغيرة فيقومون ببيعها لأصحاب مصانع الأعلاف مضيفا ان هذه الاسماك تناولها بعد صيدها بهذه الطريقة يسبب سرطانًا للمواطن موضحا ان الصيد بهذه الطريقة يقتل الزريعة الصغيرة التي تكون نواة للأسماك وزيادة الانتاج السمكي وهو ما انعكس علي انتاج البحيرة وندرة الاسماك بها بالاضافة إلي انه يسرطن مياه البحيرة فيصبح سببًا رئيسيًا في سرطنة المياه.
ويضيف محمد محمد زكريا صياد يبلغ من العمر 30 عاما إنه صياد بالوراثة في البحيرة التي أصبحت مكانًا لبيع المخدرات والمسجلين الذين يقومون بسرقة الصيادين ولايستطيع احد الوقوف امامهم لأنهم مسلحون وعلي شرطة المسطحات ان تكثف حملاتها لضبط الخارجين عن القانون.
ويلتقط طرف الحديث احمد حمدي يوسف صياد له أسرة من 8 أفراد - قال إن ما يتعرض له الصيادون في المنزلة من اعتداءات صارخة عليهم ومعاملتهم معاملة غير آدمية حتي أصبحوا لا يأمنون علي أنفسهم أو أولادهم من العمل في البحيرة مما دفع الشباب من 25 إلي 35 سنة إلي الهجرة للدول العربية مثل ليبيا أو السعودية، ويعملون صيادين في تلك الدول لانهم لا يستطيعون اكل العيش في البحيرة.
ويضيف محمد جابر حوالة صياد من المطرية إن البلطجية يجوبون البحيرة في مجموعات من اللانشات ومعهم الأسلحة الآلية لإرهاب الصيادين وفرض سيطرتهم علي البحيرة بالقوة، حتي إنهم يلجأون إلي خطف المراكب بالصيادين الموجودين عليها واقتيادها إلي مناطق نفوذهم والحصول علي إنتاجهم من السمك، ويكون القتل مصير من يعترض عليهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.