رغم أنها تتميز بأنواع متميزة من أسماك البوري والبلطي والموسي والجمبري وغيرها من الكائنات البحرية إلا أن بحيرة قارون بالفيوم مهددة بزوال هذه الثروة بسبب الصيد الجائر الذي يحرم ذريعة الأسماك من النمو بصورة طبييعة. حيث يقوم الصيادون باستخدام شباك ذات فتحات صغيرة جدا يطلقون عليها الهبلة لاصطياد تلك الزريعة وبيعها بالكيلو كغذاء للطيور المنزلية. ويبرر الصيادون ذلك الصرف بأنه في فترة إغلاق بحيرة قارون للصيد في شهري مايو ويونيو يلجأون إلي الصيد الجائر وبيع الزريعة حتي يستطيعوا أن يتحملوا تكاليف معيشتهم, ويطالبون المسئولين بضرورة توفير فرصة عمل بديلة خلال تلك الفترة حتي لا يكون هناك مبرر للصياد للجوء إلي الصيد الجائر الذي جرف البحيرة من الأسماك. بينما أرجع عدد من الصيادين سبب تدهور الثروة السمكية وقلة الإنتاج إلي سيطرة هيئة الثروة السمكية علي بحيرة قارون والريان, مؤكدين أن عمليات نقل الزريعة وإلقائها في البحيرة تتم بطرق غير علمية وغير مدروسة من الهيئة بالإضافة إلي مشكلة زيادة الملوحة التي يجري حلها الآن من خلال مشروع الميزان المائي التي تنفذه المحافظة. وقال مصطفي محمود رئيس مجلس إدارة جمعية صيادي الأسماك ببحيرة قارون إن بعض الصيادين يقومون بالصيد بطرق مخالفة في أوقات إغلاق البحيرة, مما تسبب في تدمير الثروة السمكية بالبحيرة, رغم الاجتماعات العديدة والدورية التي يتم عقدها للصيادين لتوعيتهم بالطرق السلمية والعلمية للصيد والأوقات التي تضمن تكاثر الأسماك وزيادة الإنتاج. واعترف رئيس مجلس إدارة جمعية الصيادين أيضا بأن عدد المراكب العاملة والمرخصة في بحيرة قارون605 مراكب فقط, وأن هناك مثلها تمارس عمليات الصيد دون ترخيص مما فتح الباب لتجارة غير مشروعة ببيع الأسماك الصغيرة( الزريعة) لتغذية الطيور كالبط وغيرها, وذلك نتيجة الصيد بشباك مخالفة وجائرة صغيرة الفتحات يسمونها( الهبلة) ويأتي ذلك في ظل ضعف إمكانات شرطة المسطحات المائية لمواجهة هؤلاء الصيادين المخالفين, حسب قوله. وأضاف سيد عبدالحميد منصور أحد الصيادين ببحيرة قارون أن السبب في تدمير الثروة السمكية هو( الهبلة) في إشارة إلي الشباك المخالفة ذات الفتحات الصغيرة التي تقوم بتجريف البحيرة والتقاط الزريعة قبل نموها وفي وقت إغلاق الصيد بالبحيرة الأمر الذي يسبب قلة في الإنتاج تنعكس علي الصياد في سوء حالته المادية وعدم الوفاء بالتزاماته الأسرية لأنه لا يستطيع الحصول علي الإنتاج الكافي من الأسماك, والغريب أن هؤلاء الصيادين يقومون ببيع الزريعة كطعام للبط بسعر يصل إلي جنيه ونصف الجنيه للكيلو جرام. ويري رجب عبدالظاهر سلامة صياد أنه في فترة إغلاق البحيرة تتوقف مصالح الصيادين تماما ولا يجدون سبيلا للرزق ويجب أن يكون هناك بديل للصيادين خلال فترة منع الصيد أيام شهري يناير ومايو من كل عام حتي لا يظلم الصياد ولا نعطي الفرصة لبعض الصيادين بالمخالفة في طرق الصيد. وأكد قرني أحمد خليفة رئيس لجنة الثروة السمكية بمجلس محبي أبشواي التابع لها بحيرة قارون أن أهم مشكلات إنتاج الأسماك في بحيرتي قارون والريان هي عدم جدوي عمليات نقل الزريعة وأن طول المدة الزمنية للسفر وإحضار الزريعة التي تصل إلي8 ساعات يتسبب في تلفها, وذلك لعدم توافر وسائل نقل حديثة مزودة بالتكنولوجيا مشيرا إلي أنه عندما كان مشروع تسويق الأسماك التابع لمحافظة الفيوم يتولي بدوره عمليات إحضار الزريعة وإلقائها بالبحيرة طبقا للأساليب والطرق العلمية ومتابعة عملية نموها وتكاثرها وإغلاق البحيرات أمام الصيد في فترة شهور التكاثر في شهري يناير ومايو كان الإنتاج وفيرا وجيدا, وكانت أنواع الزريعة التي تأتي للبحيرة من أفضل الأنواع, كما أن مشروع تسويق الأسماك التابع للمحافظة أيضا كان يقوم ببيع إنتاج البحيرة من الأسماك وكان يراعي البعد الاجتماعي للمواطنين خاصة محدودي الدخل فالسمك البلطي لم يكن يتعدي سعره3.5 جنيه والبوري4 جنيهات والموسي5 جنيهات, ولكن بعد تولي هيئة الثروة السمكيةعمليات جلب ونقل وإلقاء الزريعة التي تغيرت جودتها إلي الأسوأ وقل الإنتاج بصورة كبيرة جدا كما ارتفعت أسعار الأسماك ليصل سعر البوري إلي25 جنيها للكيلو والموسي يتراوح ما بين20 و30 جنيها والبلطي من10 إلي20 جنيها للكيلو أيضا إضافة إلي تدهور إنتاج أسماك قشر البياض في بحيرات وادي الريان واختفاء الجمبري من بحيرة قارون وتدهور إنتاج البلطي وكذلك الإنتاج السمكي بشكل عام. ويقول الدكتور محمد الفقي رئيس الاتحاد العام لجمعيات صيادي الأسماك بمصر إن70% من الصيادين العاملين ببحيرة قارون هجروا إلي بحيرتي ناصر والتمساح والبحيرات المرة بالإسماعيلية واتهم صيادي الفيوم بأنهم يمارسون الصيد الجائر أيضا في تلك البحيرات مشيرا إلي أنه تحدث معهم مرات عديدة, مؤكدا أن بحيرة قارون ذات طبيعة خاصة وتحتاج إلي رعاية ووجود مفرخ لأسماك الدنيس والقاروص والموسي والبلطي بدلا من جلب الزريعة مشددا علي أهمية التوعية والتحذير الشديد وتغليظ العقوبات علي كل من يقوم بالصيد بطريقة مخالفة حتي يزداد الإنتاج السمكي ويرجع إلي سابق عهده. وقال الدكتور خالد حسن زغلول أستاذ بيولوجيا الأسماك وسموم البيئة بكلية علوم الفيوم إن الإنتاج السمكي في بحيرة قارون تدهور كثيرا مستنكرا أن تكون السعة القصوي لبحيرة قارون من الأسماك210 آلاف طن سنويافي حين أن ما يتم استخراجه من إنتاج سمكي5 أطنان سنويا فقط, كما أكد أن بحيرة قارون لا تحتاج إلي مفرخ سمك الموسي الذي يتكاثر في البحيرة ولكن في حاجة إلي إعطاء الفرصة لتربية أنواع جديدة من الأسماك في البحيرة مثل أسماك( السيجان) خاصة أن بيئة البحيرة ملائمة لها ويصل وزن السمكة إلي300 جرام وهي أفضل من سمك البلطي مع ضرورة وجود( عليق) خاص بالأسماك في البحيرة حتي يمكن زيادة الإنتاج منها. من جانبه أكد اللواء محمود عاصم جاد محافظ الفيوم أن الصيد المخالف والجائر من الممكن أن يقضي نهائيا علي إنتاج البحيرة ويضيع الجهود علي المسئولين بجلب وإلقاء الزريعة من أجل زيادة تكاثر الأسماك بصورة سليمة, كما يحرم أيضا الصياد الملتزم بطرق الصيد الشرعية من زيادة دخله المادي بزيادة الإنتاج السمكي للبحيرة, مطالبا بضرورة توعية الصيادين بخطورة تلك الجريمة. وأكد المحافظ أنه تم التنسيق مع شرطة المسطحات المائية والأجهزة المعنية لتشديد الرقابة علي الصيادين المخالفين مشيرا إلي أنه تم الحصول علي14 مليون جنيه من مجلس الوزراء لاستكمال مشروع المصرف القاطع والمسمي بالميزان المائي ويهدف هذا المشروع إلي القضاء علي نسب الملوحة العالية بالمحافظة وتحقيق التوازن المائي بين المنسوب المرتفع في بحيرة قارون والمنخفض في شلالات وادي الريان, كما سيمنع المشروع وصول65% من الصرف الزراعي لأراضي الفيوم من الوصول لبحيرة قارون مما يقلل نسب الملوحة بصورة كبيرة. وقال إن المصرف يمتد بطول27 كيلو مترا في الاتجاه المقابل لبحيرة قارون لسحب95 مليون متر مكعب مياه سنويا من مصرف الوادي قبل مصبه علي بحيرة قارون لخفض منسوب المياه بالبحيرة وضخها إلي بحر قارون لتروي أراضي منطقة قوتة وتحقيق التوازن المائي حيث يهدف المشروع أيضاإلي حماية بحيرات الريان الثلاث من الاضمحلال وتحقيق الاتزان المائي بها حيث يتضمن المشروع إنشاء محطة رفع للمياه وتوصيلها إليها بمعدل300 ألف متر مكعب يوميا, كما يهدف المشروع إلي تحسين الري في مساحة800 ألف فدان بالفيوم والجيزة, وتصل تكلفة المرحلة الأولي للمشروع الي90 مليون جنيه.