مأساة بحيرة قارون بدأت منذ عام 1950 حينما تم تحويلها من مخزن لمياه النيل وقت الفيضان إلى مستودع لمياه الصرف الزراعى، وبعد ذلك أصبحت مصرفا يؤوى مخلفات الصرف الصحى التى تصرف عبر مصارف الصرف الزراعى، فتحولت لبحر ميت ومقبرة لأحلى الأنواع من الأسماك! وأكدت وتيدة محمود - بائعة سمك - أن الفترة الحالية تشهد تراجعا شديدا فى إنتاج الأسماك من بحيرة قارون، وأصبح الصياد لا يستطيع أن يجمع ثلاثة كيلوجرامات طوال اليوم من العمل على مركب يرتاده 10 أفراد. ويقول مصطفى محمود - رئيس جمعية صائدى الأسماك ببحيرة قارون - إنه عقد مع الصيادين عشرات الاجتماعات لتوعيتهم وحثهم على عدم الصيد المخالف، إلا أنهم يصرون وبقوة على تخريب البحيرة بطرق الصيد الجائر والصيد فى أوقات المنع، على الرغم من أن هذا الوقت تتكاثر فيه الأسماك، وهو ما يتسبب فى تدمير الثروة السمكية ببحيرة قارون، وأكد على عجز شرطة المسطحات المائية عن مواجهة المخالفين بسبب نقص الإمكانات بها خاصة أنه لا يوجد بها سوى سيارة واحدة، وللأسف متهالكة.. وأضاف محمود إن عدد المراكب العاملة والمرخص لها بالصيد بالبحيرة حوالى 605 مراكب وأن هناك مثلها تعمل بدون ترخيص وأن عمليات الصيد المخالف أدت إلى قيام تجارة لبيع الأسماك الصغيرة لتغذية "البط" بسعر 10 قروش للكيلو، وطالب بسرعة إلغاء التراخيص للمتجاوزين. ويرى عبدالله رحيم - عضو فى لجنة صيد الأسماك بمجلس محلى مركز إبشواى - إن التلوث قضى نهائيا على إنتاج بحيرة قارون، ويضيف "رحيم" إن حوالى 70 ٪ من الصيادين هربوا إلى بحيرة ناصر والبحر الأحمر والسويس للبحث عن الرزق بعد أن زادت ديونهم، والبعض الآخر آثر الهروب للقاهرة للعمل كبوابين وفى طائفة المعمار. ويؤكد د. خالد حسين - أستاذ بيولوجيا الأسماك وسموم البيئة بكلية العلوم بجامعة الفيوم - على أن تدنى الإنتاج السمكى ببحيرة قارون يرجع إلى ارتفاع نسبة التلوث والصيد الجائر وعدم وجود متابعة للمراكب المخالفة، وتساءل إلى أن السعة القصوى لإنتاج بحيرة قارون تصل إلى 210 آلاف طن سنويا، في حين أن الإنتاج الحالى لا يزيد على 5 آلاف طن سنويا، وأكد أن بحيرة قارون لا تحتاج إلى تفريخ لأسماك "الموسى" الذى يتكاثر فى البحيرة بصورة طبيعية، وطالب بجلب زريعة لأسماك "السبحان" خاصة أن بيئة البحيرة ملائمة له ويصل وزن السمكة الواحدة إلى 300 جرام، وهو أفضل فى القيمة الغذائية من أسماك البلطى. وأشار د. محمد فتحى عثمان - رئيس هيئة تنمية الثروة السمكية - إلى أهمية أن يكون للصيادين شعور بأهمية البحيرة والمحافظة على مصدر رزقهم، وأنه ليس من الممكن أن يكون هناك "عسكرى" لكل صياد لأن دور الشرطة مساعد، وطالب بإعداد قانون لحماية الثروة السمكية بدلا من القانون الصادر فى عام، 1983 على أن تكون العقوبات مغلظة وتصل إلى حد المصادرة، وأبدى د. جلال مصطفى سعيد - محافظ الفيوم - انزعاجه من تدنى الإنتاج السمكى فى البحيرة.