* اختلف المديح والانشاد باختلاف المناطق التي خرج منها المداح, ففي الوجه البحري يكون المديح أقرب للغناء الشعبي والفولكلوري, أما في الصعيد فله طعم اخر يقارب السير والملاحم ومن أشهر مداحي الوجه القبلي الشيخ أحمد برين وهو كما أطلق عليه شيخ المداحين في جنوب الصعيد وله معجبون كثير في أنحاء مصر, وهو من محافظات قنا يرتجل المدح لأنه سريع البديهة, ويمثل حالة خاصة حرة فحتي الغناء الصوفي وما فيه من حرية الا أن برين أعطاه مزيدا من الانطلاق فلا يستطيع احد من مستمعيه ان يقاوم هذا الصوت الذهبي الذي يعتمد علي موسيقي الكف الصعيدي, له الكثير من الأعمال الفنية وللشيخ أيضا تسيجيلات مع تلميذه محمد العجوز ويعتبر برين خاله وأهرخت غرش وغطا, ولم يحاول برين الخروج من الجنوب علي عكس باقي المنشدين, ولم يسع إلي أن تكون موسيقاع وإنشاده إلا لهذا الجمهور البسيط في القري والنجوع, وكل ما اهتم به المتعة الفنية الخالصة. * الشيخ برين مولود في قرية الدير بمحافظة الأقصر مركز اسنا عام1944, أي أنه يقترب في العمر من الشيخ ياسين التهامي, وكما يشير الباحث محمد راضي إلي انه ربما كانت الإعاقة التي أصيب بها في عينه وهو صغير سببا في عدم بحث برين عن الانتشار خارج بيئته, وربما كان لونه الذي ينشد من خلاله هو السبب, فبرين لا يغني قصائد الفصحي مثل التوني والتهامي, وإنما يغني المواويل المنتشرة في جنوب الصعيد, الأقصروقنا وأسوان. * ويجيد برين اللغة العربية إجادة تامة, كما أنه حافظ للقرآن, علي الأقل بحكم دراسته في جامعة الأزهر, فهو حاصل علي بكالوريوس أصول الدين في ستينيات القرن العشرين, وأحيانا يختم مواله بجملة فصيحة تماما, إلا أن ذلك لا يدعوه للتغني بأشعار أبن الفارض والحلاج والسهر وردي كما فعل منشدو شمال الصعيد, بالعكس, كان يغني مواويل المديح بشكل شعبي ويمزج مدح النبي بالحديث عن الدنيا ومواعظ الحياة, وكذلك قصص الأنبياء والدروس المستفادة منها, كما انه أحد رواة السير الشعبية القلائل المتقنين, وإن لم يتخصص تماما في رواية السيرة الهلالية ومربعات ابن عروس كياسين الضو وحابر ابر حسين مثلا. وبحكم القرابة بين برين والمنشد محمد العجوز, فقد صنعا معا منذ السبعينيات دويتو في المديح, كان هذا التعاون سببا في شهرة المنشدين القريبين في شمال الصعيد بعد أن كان برين نجما في جنوب الصعيد وكان الدويتو علي نوعين, الأول المعروف باسم فرش وغطا, وهو فن يعتمد علي التنافس في الارتجةال بين فنانين بحيث يقدم أحدهما الفرش بمعني أن يفرش الطريق للآخر لتكملة الموال من نفس القافية, وهو الغطا ويشترط في كل ذلك أن يحافظ الطرفان علي جدية الموضوع. * والنوع الثاني الذي قاماه هو الاشتراك في تقديم مدائح نبوية, أشهرها كانت مديح السفينة الذي انتشر في الصعيد علي نطاق واسع خاصة مع ظهور الكاسيت خاصة. وبرين لا يهتم بالآلات الموسيقية, وليس له منها موقف, فهو لا يرفضها ولكن الاهم هو صوته نفسه, وصوت بطانته, فهو يستخدم فمه ليس فقط في الغناء, بل يستخدمه كآلة إيقاع, أو آلة موسيقية بشكل عام, وهو ما يعطي مواويل ومدائح البرين نكهة خاصة. * وأحيا الشيخ حفلات بالقاهرة علي مسرح الجنينة بالأزهر من خلال مؤسسة المورد الثقافي, ويتميز أحمد برين بين المنشدين بانفتاحه الشديد, فقد حفظ منذ طفولته كما كبيرا من الإنشاد الديني القبطي, واحترف احياء الليالي القبطية كذلك, وكان عدد كبير من الأقباط يلجأون اليه لإحياء لياليهم, كما آنه ضيف دائم علي مولد السيدة العذراء بقرية درنكة محافظة أسيوط, وهناك سبب آخر لتخصص برين في إحياء حفلات المسيحيين إلي جانب حفلات المسلمين, وهو اهتمامه الشديد بالأنبياء جميعا, وعدم اكتفائه بمدح النبي عليه الصلاة والسلام, فهو يروي قصصا لسيدنا ابراهيم, وسيدنا عيسي, وسيدنا موسي. * ولم ينل الشيخ حظه الإعلامي بخلاف زملائه من المنشدين, لكن شرائطه موجودة في منطقة العتبة وعدها قليل جدا, كما أنه لم ينل حظه من الانتشار في الغرب, وله ألبوم واحد قط صادر عام2003 عن معهد العالم العربي بباريس وهو معهد أنشئ خصيصا للظواهر العربية, وقد صدر الألبوم تحت عنوان غناء صوفي وكتب علي غلافه أحمد برين حالة خاصة حرة متحررة.