يعد كتاب سنن الترمذي واحدا من أهم كتب الحديث النبوي وهو أحد الكتب الستة الصحيحة في علم الحديث واعتبره بعض العلماء خامسها ويقال له الجامع, إذ يعتبره علماء الحديث من أهم كتب الحديث وأكثرها فوائد, فقد اعتني فيه مؤلفه الإمام محمد بن عيسي بن سورة بن موسي بن الضحاك, السلمي الترمذي بجمع الأحاديث وترتيبها, وبيان فقهها, وذكر أقوال الصحابة والتابعين وغيرهم في المسائل الفقهية, ومن لم يذكر أحاديثهم من الصحابة أشار إليها بقوله: وفي الباب عن فلان وفلان, واعتني ببيان درجة الأحاديث من الصحة والح وقال فقهاء الحديث النبوي أن الترمذي عني بجمع أحاديث الأحكام كما فعل أبو داود, ولكنه بين الحديث الصحيح من الضعيف, وذكر مذاهب الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار. وذكر الشيخ أحمد محمد شاكر, في مقدمة تحقيقه لسنن الترمذي أن كتاب الترمذي يمتاز بثلاثة أمور لا تجدها في شيء من كتب السنة, الأصول الستة أو غيرها أولها: أنه يختصر طرق الحديث اختصارا لطيفا, فيذكر واحدا ويومئ إلي ما عداه, يقول الشيخ أحمد شاكر: بعد أن يروي الترمذي حديث الباب يذكر أسماء الصحابة الذين رويت عنهم أحاديث في هذا الباب, سواء أكانت بمعني الحديث الذي رواه, أم بمعني آخر, أم بما يخالفه, أم بإشارة إليه ولو من بعيد. ولا شك أن هذا يدل علي إطلاع واسع وحفظ عظيم, وثانيها: أنه في أغلب أحيانه يذكر اختلاف الفقهاء وأقوالهم في المسائل الفقهية, وكثيرا ما يشير إلي دلائلهم, ويذكر الأحاديث المتعارضة في المسألة, وهذا المقصد من أعلي المقاصد وأهمها, فإن الغاية من علوم الحديث, تمييز الصحيح من الضعيف, للاستدلال والاحتجاج, ثم الاتباع والعمل, وثالثها أنه يعني كل العناية في كتابه بتعليل الحديث, فيذكر درجته من الصحة أو الضعف, ويفصل القول في التعليل والرجال تفصيلا جيدا, وبذلك صار كتابه هذا كأنه تطبيق عملي لقواعد علوم الحديث, خصوصا علم العلل وصار أنفع كتاب للعالم والمتعلم, وللمستفيد والباحث في علوم الحديث. وقال الشوكاني عن سنن الترمذي: كتاب الترمذي أحسن الكتب وأكثرها فائدة, وأحكمها ترتيبا, وأقلها تكرارا, وفيه ما ليس في غيره من المذاهب ووجوه الاستدلال, والإشارة إلي ما في الباب من الأحاديث, وتبيين أنواع الحديث: من الصحة والحسن والغرابة والضعف, وفيه جرح وتعديل, وللكتاب فوائد كثيرة قال عنها ابن رشيد: إن كتاب الترمذي تضمن الحديث مصنفا علي الأبواب وهو علم برأسه, والفقه وهو علم ثان, وعلل الحديث ويشتمل علي بيان الصحيح من السقيم وما بينهما من المراتب وهو علم ثالث, والأسماء والكني وهو علم رابع, والتعديل والتجريح وهو علم خامس, ومن أدرك النبي صلي الله عليه وسلم ومن لم يدركه ممن أسند عنه في كتابه وهو علم سادس, وتعديد من روي ذلك وهو علم سابع, هذه علومه المجملة, وأما التفصيلية فمتعددة, وبالجملة فمنفعته كثيرة, وفوائده غزيرة. ويعتمد الترمذي في كتابه علي منهج من التوسع في الرواية عن طبقة من الرواة لم يخرج لها الشيخان. وتقسيم الحديث إلي ثلاثة أنواع: صحيح, وضعيف, وحسن. وهو أول من شهر الحديث الحسن, قال الترمذي: وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن, فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا: كل حديث يروي لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب, ولا يكون الحديث شاذا, ويروي من غير وجه نحو ذاك, فهو عندنا حديث حسن., كما أنه لا يكتفي الترمذي بإيراد الأحاديث, بل يتكلم علي درجتها من حيث الصحة أو الضعف, ثم هو يذكر مذاهب الفقهاء وأقوالهم في أحاديث الأحكام. ماجدة الطباخ