بينما مازالت دول العالم في عصرنا الحاضر تنادي بالقضاء علي التمييز ضد المرأة, إلا أن الشريعة الإسلامية قضت علي هذا التمييز منذ أربعة عشر قرنا من الزمان وأنصفت المرأة انصافا عظيما ففي18 ديسمبر1979 اتخذت خطوة رئيسية نحو تحقيق هدف منح المرأة المساواة في الحقوق عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وتضع الاتفاقية المؤلفة من(30 مادة) في قالب قانوني ملزم المباديء والتدابير المقبولة دوليا لتحقيق المساواة في الحقوق للمرأة في كل مكان, وجاء اعتمادها تتويجيا لمشادات استمرت خمس سنوات أجرتها فرق عاملة متعددة واللجنة المعنية بمركز المرأة والجمعية العامة للأمم المتحدة. وتنادي الاتفاقية بكفالة الحقوق المتساوية للمرأة بصرف النظر عن حالتها الزوجية في جميع الميادين السياسية والاجتماعية والثقافية والمدنية, كما تدعو إلي سن تشريعات وطنية تحرم التمييز واتخاذ التدابير للتجميل بتحقيق المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة. كما تدعو إلي المساواة في مجالات التعليم وعدم التمييز في التوظيف والأجر, وضمانات الأمن الوظيفي في حالات الزواج والولادة ورعاية الطفل, كذلك عدم التمييز في الخدمات الصحية التي تقدم للإنسان وقد تمت الموافقة علي الاتفاقية في مارس عام1980 بدءا ب(20) دولة صدقت عليها وانضمت إليها, وفي فبراير عام1990 م وصل عدد أطراف هذه الاتفاقية إلي مائة دولة موقعين عليها وهذه الاتفاقية شملت كما ذكرنا ثلاثين مادة, وسنقتصر علي بعض المواد المهمة لنعقد مقارنة بين وضع المرأة في الإسلام والذي سبق التشريعات الوطنية والدولية والعالمية منذ أربعة عشر قرنا من الزمان وكرمها أيما تكريم. وقد شمل الجزء الأول من الاتفاقية ست مواد: المادة(1): يعني مصطلح التمييز ضد المرأة أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم علي أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من الاعتراف للمرأة علي أساس تساوي الرجل والمرأة, بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو أي ميدان آخر, أو إبطال الإعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها وممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية. تعقيب: سبقت الشريعة الإسلامية هذه الوثيقة بأربعة عشر قرنا, فقد منح الإسلام المرأة حقها في المساواة مع الرجل حيث خلقا من نفس واحدة, قال تعالي:( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا), النساء/2. كما قال تعالي مساويا بين الذكر والأنثي في الثواب( ومن عمل صالحا من ذكر وأنثي وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) غافر/40 كذلك لهما ثواب الدنيا قال تعالي( من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) النمل/97 المادة3: وتتضمن هذه المادة كل التدابير التي تتخذها الدول الأطراف في جميع الميادين خاصة السياسية والاجتماعية والثقافية بما في ذلك التشريع, لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين لضمان ممارسة حقوق الإنسان والتمتع بها علي أساس المساواة مع الرجل. تعقيب: سبق الإسلام كل هذا, فقد تمتعت المرأة في الإسلام بالمساواة مع الرجل في كل مجال حيث قال تعالي:( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما) الأحزاب/35. كما أن المرأة شاركت الرجل في الحياة الاجتماعية والدينية في المسجد وغيره من المجالات الأخري. المادة5: ومنها كفالة أن تتضمن التربية الأسرية تفهما سليما للأمومة بوصفها وظيفة اجتماعية والاعتراف بالمسئولية المشتركة لكل من الرجال والنساء في تنشئة أطفالهم وتطورهم, علي أن يكون مفهوما أن مصلحة الأطفال هي الاعتبار الأساسي في جميع الحالات.