يكاد لا يمر يوم إلا وتسمع عن وقوع جرائم سرقة أو رشوة أو تحرش أو اغتصاب أو قتل فرغم أن الدين الإسلامي وأخلاقه السمحة التي جاء بها سيد الخلق صلي الله عليه وسلم تمنع هذه الموبقات بكل صورها, وتدعونا إلي التحلي بالأخلاق الحسنة, بداية من أماطة الأذي عن الطريق والتبسم في وجه المسلم وجعلها الإسلام صدقة يؤجر عليها أما الذي يحدث الان وما أدي بالمجتمع إلي تلك الحالة من الفوضي فقد تبرأ منها الإسلام ورسوله. في البداية يرجع الدكتور جمال عبد الستار وكيل وزارة الاوقاف لشئون الدعوة انتشار الأخلاق أو غيابها من المجتمع المصري بصفة خاصة لغلق الأبواب التي تؤدي للنهوض بالمجتمع وهي5 أبواب الأول منها باب الأسرة فبعد أن ضيق علي الناس في ارزاقهم وأصبح الرجل يعمل ليل نهار حتي يوفر لأسرته لقمة العيش فقد حرمت الأسرة من متابعة عائلها وأفرزت هذه المشكلات وما ترتب عنها أبناء بدون قيم لغياب دور الأب الذي يقوم بغرس القيم أثناء وجوده بين أفراد أسرته ولم يكن غلق باب الأسرة هو العامل الوحيد بل كان هناك أيضا, باب التعليم والعلم والذي تم إغلاقه فغابت المدارس وغاب دور المدرسة عن القيام بدورها كمنهج أو مدرسة, بل أصبحت بعض المدارس تمثل تربية سيئة عن طريق مناهجها المشوهة أو عن طريق التربية الخاطئة أو التعليم الخاطيء أو عن طريق الادارة السيئة فأصبحت حالة اللامبالاة والتي انعكست علي سلوك الجميع. ويعتبر باب الإعلام من أهم الابواب التي أغلقت وسدت ولم تؤد الدور الصحيح لها فبدلا من القيام بغرس القيم الفاعلة والجميلة والاخلاق السامية تباري الاعلام في غرس القيم السلبية وسوق لها أيما تسويق فأنتج هذا المنتج الذي نراه في المجتمع, كما أن غياب القدوة عن عمد في مناحي الحياة أظهر مصر وكأنها بدون قدوة في الطب والسياسة والاقتصاد وجميع المجالات فأدي ذلك لهجرة البلاد إلي أماكن أخري رحبت بهم وتم الاغلاق عليها وتغييبها فحرمت الأمة الاستفادة بهم. وبالنسبة لدور العبادة فقد حرمت الأمة من الأكفاء من العلماء أو الدعاة ولذلك اختفت كل صور تطور المجتمع بعد أن تم العبث بها. ورغم ذلك يؤكد الدكتور جمال عبد الستار أن مصر مازالت قادرة علي تجاوز هذه المحنة فالخير فيها وفي أبنائها كثير ولكن بشرط عودة هذه المؤسسات التي غابت عن القيام بدورها. بينما ترجع الدكتورة آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر غياب الأخلاق من الشارع المصري إلي غياب هيبة الدولة التي طالما توارت, وحصلت الفوضي والتطاول وظهرت الخشونة في السلوك في كل مكان فنحن نحتاج إلي فرسان يقومون في مؤسسات الدولة المختلفة حتي نسير بهذا البلد إلي بر الأمان. ورغم ان رسولنا الكريم جاء متمما لمكارم الاخلاق وكان قدوة في القيادة والأمانة والصدق ومع ذلك نري كل هذا التسلب والانسلاخ من هذه القيم وتضيف د. نصير أن الأمل داخل كل فرد مصري للخروج من هذه الأزمة غير أن ذلك يتوقف علي أن تحدث في المجتمع المصري حالة من البعث الجيني لنخرج من هذا الانفلات وليكن كل فرد رقيبا علي نفسه وقائدا لها بأن يضع كل منا المسئولية علي رأسه. ويعلق الدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة القاهرة قائلا: الشعب يعيش انفلاتا أخلاقيا كاملا وانعكس أثر ذلك الانفلات علي كل المستويات من بلطجة وغش ورشوة وتحرش جنسي إلي اغتصاب وسرقات وإشعال حرائق في الممتلكات العامة والخاصة إلي إراقة الدماء دون تمييز بين كبير أو صغير أو متهم وبريء وما ذلك إلا لغياب الاخلاق الإسلامية عن الساحة والعلاقات والسلوك سواء مع الاقارب أو الجيران أو الزملاء أو الشارع وحتي البيوت لم تخل من هذا الانفلات الخلقي داخل الاسرة الواحدة واذا سألنا عن السبب فلا شك أنه يرجع إلي الأمية الدينية التي عاشتها الأمة في العقود القريبة الماضية, فلم تجد وعيا دينيا أو غرسا للقيم الأخلاقية في مناهج التعليم, أو في التليفزيون ولا في النوادي المدنية ولا في مراكز الشباب الرياضية أو المواقع الثقافية, مما جعل ذلك الانفلات يظهر في شكل سافر بعد الثورة علي كل المستويات وفي جميع المجالات علما بأن مكارم الأخلاق والتحلي بمحاسن الصفات هو جوهر الاسلام ومحور العبادات والرسالة المحمدية كلها لذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق أو قوله تعالي( إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر) وقوله تعالي عن الزكاة( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) وقوله صلي الله عليه وسلم عن الصيام من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه وقوله تعالي عن الحج( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوي) وكثيرا ما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وقوله أيضا سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وأيضا: كل المسلم علي المسلم حرام دمه وعرضه وماله فما أحوجنا إلي الوعي الديني لإسلامنا وما جاء به من مكارم الاخلاق التي فقدناها وهجرناها فوقعنا فيما نحن فيه. رابط دائم :