** وان المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا.. يعد المسجد أصل وأساس حركة حياة المسلم, فلا يمكن لمجتمع ان يتماسك وتترسخ جذوره الا بانضباط الاخلاق الإسلامية التي لا تنضج الا في المسجد, حيث الود والتراحم والتألف والمحبة, والعدل والمساواة, غير انه في الأونة الأخيرة تبدلت أحوال كثير من المساجد, وابتعدت عن اداء مهمتها السامية ورسالتها التي اقيمت من أجلها. هذا التراجع في دور المسجد أرجعه علماء الدين الإسلامي في المقام الأول إلي الأئمة أنفسهم, وعدم اعدادهم الاعداد المناسب للقيام بواجباتهم من تعليم الناس, القاء الدروس والمحاضرات الدينية, والمشاورة, والحث علي الاخلاق والفضيلة, وانحسر دورهم في القاء الخطبة يوم الجمعة, والتي في أغلبها لاتعود بفائدة علي رواد المسجد. في البداية يري الشيخ فكري حسن إسماعيل عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية الأسبق أن المسجد هو أصل وأساس حركة حياة المسلم فعندما هاجر المصطفي صلوات الله عليه للمدينة المنورة واستقر له المقام فيها اتجه لإقامة أول مجتمع إسلامي من خلال بناء أول مسجد وهو ما يدعو للتساؤل لماذا لم يضع الرسول صلي الله عليه وسلم في البداية وثيقة المدينة الدستور, وبدأ ببناء المسجد الذي اختار له مكانا, وأمر أصحابه بإقامته, رغم أنه صلي الله عليه وسلم يقول جعلت لي الأرض مسجدا وتربتها طهورا ويجيب أن المجتمع لا يمكن له أن يتماسك وتترسخ جذوره إلا بانضباط الاخلاق الإسلامية والتي لا تنضج إلا في المسجد وفي جو من الود التراحم والتآلف فضلا عن أن المجتمع الإسلامي لا يمكن له تحقيق التكامل في بنائه إلا في وجود مبدأ العدل والمساواة, ولا يمكن ان ينضجا إلا في رحاب المسجد, حيث يصلي القوي بجانب الضعيف, الغني بجانب الفقير, وهذا من أروع صور العدل. ويشير الشيخ إسماعيل إلي أن مدلول الأية الكريمة في قوله تعالي. وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا إلي أن المسجد يحتل أعلي مكانة في المجتمع الاسلامي ولاسيما وهو مكان التوحيد, وطلب العلم, ولقاء المسلمين, فقد كان مسجد الرسول صلي الله عليه وسلم مركزا للنشاط العمراني والاقتصادي والاجتماعي والتربوي والسياسي والعسكري. ويرجح إسماعيل تراجع دوربعض المساجد إلي الائمة أنفسهم لعدم قيامهم بواجباتهم من تعليم الناس والصبر عليهم والقاء الدروس الدينية والمشاورة والحث علي الاخلاق الفاضلة والاحساس بالمجتمع والفقراء واقتصار دورهم علي القاء الخطبة يوم الجمعة, التي لاتكون فيها فائدة ولا منفعة وإنما هي عبارة عن طقوس يكررها في كل موسم ومناسبة, فضلا عن انتماء بعضهم إلي تيارات معينة وأحزاب سياسية رغم أن الامام في المسجد هو إمام لكل التيارات كما أن من أسباب تراجع المسجد عن أداء دوره المنوط به هو عدم فقه الامام بالواقع المحيط به, ويتعامل في ذات الوقت بنوع من الحمية التي تأخذه, إلي العدول عن المباديء الصحيحة للشرع. ويوضح ان عدم قيام الامام بواجبه الذي يتقاضي عليه أجرا يضعه في دائرة أكل السحت لقوله صلي الله عليه وسلم كل لحم نبت من حرام فالنار أولي به ومن ثم فكلامه لايغير في الناس شيئا ولذا عليه أن يعلم أن عمله أعلي من كونه وظيفة فهو رسالة تتطلب التضحية وعمل لايقصر فيه فالعلماء ورثة الانبياء والمسجد لله فقط, وليس لاحد غيره ويقول الشيخ يوسف البدري أن سبب غياب دور المسجد عن اداء واجبه مسئولية الامام والذي يري أنه لابد من تدريبه علي أداء واجبه منذ سنوات تعلمه في الجامعة بجانب تعلمه مقاصد الشريعة.. والقواعد الصحيحة حتي يفتحوا للناس الابواب ويساعدوهم في حل مشكلاتهم وتبصيرهم بكل المعارف والعلوم التي تخدم الدين ولايتأتي ذلك إلا بعد أن يتحول المسجد إلي مدرسة شبه أهلية يلتحق بالدراسة فيها الجميع قبل بدء دراستهم ليتعلموا كل مايجهلونه عن دينهم ويقفوا علي مايريدون معرفته من تفسيرات أو تأويلات وهذا ما دعا له الاسلام عندما أمر النبي صلي الله عليه وسلم كل أسير مشرك بتعليم10 مسلمين القراءة والكتابة لكي يكون حرا طليقا. ويطالب البدري بتزويد المساجد بوسائل الراحة من مكيفات وغيرها وكذا وجود مكتبات صالحة لكل الفئات العمرية من العلماء والأطفال والشباب وان يتحول المسجد إلي جامعة كسابق عصره يتم فيه محو الامية الدينية أو أمية القراءة والكتابة لكي يعلم المسلمون أمور دينهم ودنياهم وكذا تاريخهم حتي يستفيدوا من سلفهم قال تعالي لقد كان في قصصهم عبرة وليعلموا أيضا مقدار الحضارة التي وصلوا إليها وحجم الكتب التي القيت في نهر الفرات عندما اقتحمها المغول وتغير لون الماء بسبب مداد الكتب فهذا المسجد كان سببا في وصول العلوم والمعارف في شتي المجالات فضلا عن كبار العلماء الذين تخرجوا في المسجد أمثال الائمة ابو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل بعد أن نقلوها عن أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي كان يعقد دروسه داخل المسجد, وكان صلي الله عليه وسلم يجلس فيه ليلقن النساء درسا في يومين من كل اسبوع, ومنع صلي الله عليه وسلم أن يتم فيه حرب أو اقتتال ولكنه كان مكانا للترويح فيه عن النفس. اما الشيخ طلعت سعد مدير ادارة أوقاف الجمرك بالاسكندرية فيقول ان تفعيل دور المسجد كما كان في سابق عهده يتوقف علي تحقيق عدة مطالب منها تحسين الوضع المادي للأئمة وصرف الكادر الجديد الذي طال انتظاره ولم يرونه حتي الأن لمواجهة غلاء الاسعار وأرتفاع تكاليف المعيشة وذلك يؤدي إلي وجوده بصورة مستمرة في المسجد ومن ثم يستطيع القيام بدوره علي أكمل وجه, بالاضافة لإمداده بوسائل العلم الحديثة, في ظل الظروف الحالية والتي يحاول فيها بعض المنتمين لتيارات معينة بالسيطرة علي المنبر لاغراض سياسية.