تعليم الفيوم يحصد 5 مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية فى المسابقة الثقافية    «مصادرة الآلة وإلغاء مادة الضبط».. إحالة 12 طالبًا ب«آداب وأعمال الإسكندرية» للتأديب بسبب الغش (صور)    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في أول أيام عمل البنوك    أسعار البيض والفراخ فى الأقصر اليوم الأحد 19 مايو 2024    الاحتلال الإسرائيلي يرتكب 9 مجازر في اليوم ال226 للعدوان على غزة    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 61 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليلة الماضية    قبل زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا اليوم    اليوم.. الزمالك يسعى للفوز على نهضة بركان للتتويج بالكونفيدرالية للمرة الثانية في تاريخه    بعد نشرها على «شاومينج».. «التعليم» تكشف حقيقة تداول امتحان اللغة الأجنبية في الإسكندرية    مصرع 6 أشخاص وإصابة 13 آخرين في تصادم أتوبيس على الدائري بشبرا الخيمة    كشف تفاصيل صادمة في جريمة "طفل شبرا الخيمة": تورطه في تكليف سيدة بقتل ابنها وتنفيذ جرائم أخرى    الإثنين المقبل.. إذاعة الحوار الكامل لعادل أمام مع عمرو الليثي بمناسبة عيد ميلاده    دراسة طبية تكشف عن وجود مجموعة فرعية جديدة من متحورات كورونا    ترامب: فنزويلا ستصبح أكثر أمانًا من الولايات المتحدة قريبا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 19 مايو    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    ماس كهربائي وراء حريق أكشاك الخضار بشبرا الخيمة    الأهلي ينشر صورا من وصول الفريق إلى مطار القاهرة بعد التعادل السلبي أمام الترجي    الفنان سامح يسري يحتفل بزفاف ابنته ليلى | صور    حظك اليوم وتوقعات برجك 19 مايو 2024.. مفاجأة للجوزاء ونصائح مهمة للسرطان    جانتس يطالب نتنياهو بالالتزام برؤية متفق عليها للصراع في غزة    تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    بأسعار مخفضة.. طرح سلع غذائية جديدة على البطاقات التموينية    انخفاض أسعار الفائدة في البنوك من %27 إلى 23%.. ما حقيقة الأمر؟    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    رامي جمال يتصدر تريند "يوتيوب" لهذا السبب    8 مصادر لتمويل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وفقًا للقانون (تعرف عليهم)    استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة خلال اقتحامها بلدة جنوب جنين    الخارجية الروسية: مستقبل العالم بأسرة تحدده زيارة بوتين للصين    القومي للبحوث يوجه 9 نصائح للحماية من الموجة الحارة.. تجنب التدخين    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    بوجه شاحب وصوت يملأه الانهيار. من كانت تقصد بسمة وهبة في البث المباشر عبر صفحتها الشخصية؟    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    مع استمرار موجة الحر.. الصحة تنبه من مخاطر الإجهاد الحراري وتحذر هذه الفئات    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    إجراء من «كاف» ضد اثنين من لاعبي الأهلي عقب مباراة الترجي    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر د‏.‏خالد زيادة سفير لبنان بالقاهرة‏:‏
معرفتي بثقافة مصر وتاريخها سهلت مهمتي الدبلوماسية

الحوار مع مفكر عربي بحجم د‏.‏ خالد زيادة سفير لبنان بالقاهرة ومندوبها الدائم بالجامعة العربية‏,‏ لا يخلو من فائدة ومتعة‏,‏ فالرجل قارئ جيد للتاريخ‏:‏ الناس والأمكنة‏,‏ فضلا عن اهتمامه بالدراسات المتعلقة بالعلاقة بين الحضارتين الإسلامية والغربية‏,‏ وممارسته الإبداع من بوابة الرواية‏.‏
وكانت مناسبة احتفال لبنان بيومها الوطني‏21‏ نوفمبر فرصة للقائه‏,‏ والتعرف علي رؤيته لواقع مصر وثقافتها باعتباره مثقفا قبل أن يكون سفيرا‏,‏ ودار حوار طويل علي امتداد ساعتين عن العلاقات المصرية اللبنانبة‏,‏ واسهامات أبناء لبنان في النهضة الثقافية التي حققتها مصر مطلع القرن الماضي‏,‏ ورؤيته لواقع الدور الثقافي المصري حاليا‏,‏ وأسباب تراجعه عربيا‏,‏ ما تطرق الحوار إلي مؤلفاته‏,‏ وأسباب حلول الرواية مكان الشعر كديوان للعرب‏,‏ وأشياء أخري تطالعونها في الحوار التالي‏:‏
‏*‏ كيف ترون العلاقات المصرية اللبنانية بعد‏25‏ يناير‏,‏ سلبيا وايجابيا؟
‏**‏ علاقات لبنان ومصر مستقرة منذ زمن بعيد ولم تشهد في أي وقت تأثيرات سلبية‏,‏ بل الواقع أن التبادل بين لبنان ومصر في المجالات المختلفة كان الأقوي بين بلدين عربيين‏,‏ وخصوصا في الجانب الثقافي‏,‏ وإذا كانت مصر قد تغيرت بعد ثورة‏25‏ يناير‏,‏ فإن ذلك قد يؤثر ايجابيا علي العلاقات بين البلدين‏,‏ وتأتي زيارة وزير الخارجية المصرية إلي لبنان قبل أيام قليلة لتؤكد ذلك‏.‏
‏*‏ العلاقات الثقافية بين البلدين‏,‏ ألستم معي أنها مرت بحالة من الفتور؟
‏**‏ العلاقات الثقافية بين مصر ولبنان قديمة كما هو معروف‏,‏ ودون العودة إلي التاريخ القديم يكفي أن نعود لبدايات النهضة العربية التي كانت في مصر ولبنان علي السواء‏,‏ حيث استعان محمد علي باشا بخبراء وإداريين من لبنان في النصف الأول من القرن التاسع عشر‏,‏ وفي النصف الثاني من القرن وفد إلي مصر العديد من اللبنانيين وعملوا في الصحافة والآداب والفكر والحياة الفنية التي شهدت منارات بارزة في المسرح والسينما والغناء‏.‏
وقد صارت مصر منذ ثلاثينيات القرن العشرين مركزا للثقافة العربية والفكرية والأكاديمية‏,‏ فكان الطلاب يأتون إلي القاهرة للدراسة من كل الأقطار العربية‏,‏ وشع تأثير مصر علي كل العالم العربي بعدما دانت الريادة لها في كل المجالات الفكرية والثقافية والفنية‏,‏ إلا أن هذه الريادة تراجعت في العقدين الأخيرين من القرن العشرين‏,‏ وما يمكن قوله الآن إن تأثير مصر لم يعد كما كان في السابق‏,‏ والتبادل بين مصر وسائر البلاد العربية قد تراجع‏,‏ ويعود ذلك إلي أن كل بلد عربي أصبحت له حياة ثقافية تعكس مشكلاته وهمومه وحياة أكاديمية قائمة بذاتها‏,‏ وهذا نتاج قيام دول وطنية وارتباط الثقافة والفكر بالمسائل المتعلقة ببناء الدولة‏,‏ ومع ذلك فيمكن القول بكل يقين إن بيروت والقاهرة هما عاصمتا الثقافة العربية‏,‏ وأن التبادل بينهما وإن فتر بالمقارنة مع الماضي‏,‏ فالتواصل مازال قائما‏,‏ ونأمل أن يتسع التعاون الثقافي خصوصا بعد التطورات التي شهدتها مصر خلال السنتين الماضيتين‏.‏
‏*‏ عرفناكم كاتبا ومفكرا قبل أن نعرفكم سفيرا دائما لبلادكم في الجامعة العربية ومصر فماذا قدم المفكر للسفير والسفير للمفكر؟
‏**‏ يقيني أن تجربتي كسفير للبنان في مصر هي تجربة غنية علي المستوي الفكري والانساني‏,‏ ومعرفتي المسبقة بثقافة وتاريخ المصريين سهلت مهمتي الدبلوماسية في مصر‏,‏ فقد كنت متابعا لفترات طويلة لكل ما يجري في مصر‏,‏ إضافة إلي معرفتي بتاريخها‏,‏ ولدي كتاب بعنوان العلماء والفرنسيس يضم دراسات عن تاريخ الجبرتي‏,‏ وخلال وجودي في مصر خلال
السنوات الخمس السابقة ازدادت معرفتي بالحياة الثقافية والسياسية‏,‏ من جهة أخري فأن عملي كسفير في جمهورية مصر العربية‏,‏ كمندوب للبنان في جامعة الدول العربية قد أغني تجربتي‏,‏ وأضاف لي فهما واقعيا للمشكلات السياسية التي يمر بها العالم العربي‏.‏
‏*‏ كانت المؤثرات الفرنسية علي الدولة العثمانية في القرن الثامن عشر موضوع أطروحتكم لنيل درجة الدكتوراه‏,‏ فهل نفهم من ذلك أن تأثير الحداثة الأوروبية علي العالم العربي والإسلامي كان أسبق من حملة نابليون علي مصر؟
‏**‏ درج التفكير التاريخي العربي علي اعتبار حملة نابليون بونابرت بداية للاحتكاك العربي بالحداثة الأوروبية‏,‏ فقد تعرف الأتراك العثمانيون علي حداثة أوروبا في بداية القرن الثامن عشر‏,‏ وسعي السلاطين العثمانيين إلي استيعاب التطورات العلمية والعسكرية‏,‏ وفي عام‏1789‏ م صعد إلي عرش السلطنة سليم الثالث الذي أقام مشروعا متكاملا للتحديث العسكري والإصلاح المالي‏,‏ ومن المفيد التفكير بإن هذا السلطان هو الذي أرسل محمد علي إلي مصر بعد الحملة الفرنسية‏,‏ ومن هنا فإن محمد علي كان علي دراية بالاصلاحات التي أجراها السلطان قبل أن يتصرف إلي ما أحدثه الفرنسيون في مصر‏.‏
إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية التجربة التحديثية في مصر‏,‏ فالتجربتان التحديثيتان في كل من الدول العثمانية ومصر تختلفان من بعض الوجوه وتلتقيان في وجوه أخري‏,‏ وهذا ما أسعي إلي معالجته في كتاب جديد سيصدر خلال السنة المقبلة‏.‏
‏*‏ في كتابكم تطور النظرة الإسلامية إلي أوروبا نقبتم في تاريخ وبداية الوعي بالعلاقات بين العالم الإسلامي‏,‏ فكيف تقومون انعكاس تأخير البداية علي العلاقة بين الطرفين؟
‏**‏ هذا الكتاب محاولة لفهم أصول العلاقات الإسلامية الأوروبية عبر التاريخ المديد الذي يزيد علي ألف سنة‏,‏ ودوافعي إلي تأليفه هي التعقيدات التي طرأت علي علاقات العرب والمسلمين بأوروبا والغرب عامة‏,‏ فالجوار العربي الأوروبي جوار فريد في التاريخ والجغرافيا‏,‏ والتبادل بين هذين العالمين المتجاورين أخذ مدا وجزرا من تبادل البضائع إلي الأفراد إلي العلوم وإلي تبادل الحروب والسلام‏,‏ فهو تاريخ مثقل بالذكريات والأفكار المسبقة‏,‏ وقد جاء التفوق الأوروبي في العصر الحديث‏,‏ ثم الاستعمار ليعيد ذكريات الحروب الصليبية‏,‏ ويبرز أفكار المؤامرة الغربية علي الإسلام‏.‏
والكتاب محاولة لاستعراض مراحل تطور النظرة الإسلامية منذ البدايات وحتي العصر الراهن‏,‏ وينبغي التذكير بإن أوروبا في العصور الوسطي لم تكن تتوحد إلا من خلال المسيحية‏,‏ ولم تكن لها هوية سياسية بعد تفكك الامبراطورية الجرمانية‏,‏ ولكن مع الحروب الصليبية في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين أطلق المسلمون علي هؤلاء القادمين من أوروبا اسم الفرنجة‏,‏ الذي أصبح مرادفا للأوربيين‏,‏ وهم شعوب مختلفة من جهة القومية‏,‏ ومتوحدة من الناحية الثقافية والحضارية والدينية‏.‏
هذا التاريخ القديم يثقل علي الحاضر‏,‏ وبعد فترة من الإعجاب بحضارة أوروبا وحداثتها انقلب الإعجاب إلي عداء‏,‏ ونحن لا نزال في هذه المرحلة بالرغم من تأثرنا بحضارة أوروبا والغرب عامة‏.‏
‏*‏ نستشف لديكم ميلا لتناول علاقة الثقافة والتبادل الفكري بين العالم الإسلامي وأوروبا‏,‏ وفي تقديري أن التبادل لا يكون إلا بين نظيرين‏,‏ فهل تري وجود لغة حوار حقيقية تؤدي لهذا التبادل؟
‏**‏ التبادل مسألة متشعبة للغاية ونحن نعيش اليوم في عالم متداخل تتم فيه التبادلات علي كل المستويات من المواد الخام الي البضائع والمنتجات إلي البشر‏,‏ ونحن في مرحلة يتغير فيها العالم‏,‏
فقد انتهي انقسام العالم إلي معسكرين علي المستوي السياسي والعسكري‏,‏ كما انتهي العالم الذي ولد بعد الحرب العالمية الثانية والذي كان يقسم البلدان إلي عالم أول متقدم وعالم ثالث نام‏,‏ حتي فكرة الشمال والجنوب هي الأخري في طور الاضمحلال‏.‏ إلا أن ذلك كله لا يلغي أن هناك غربا متقدما هو الذي أنتج الحداثة‏,‏ وعوالم تحاول اللحاق به‏.‏ وقد تمكنت شعوب من تحقيق انجازات مثل اليابان ثم الصين والهند‏,‏ وهي بلدان اسيوية حققت النمو واحرزت تفوقا في ميادين التكنولوجيا‏.‏ والبضائع الصينية تنتشر في كل أرجاء العالم‏,‏ كما كانت البضائع اليابانية تغزو العالم بما في ذلك أوروبا وأمريكا‏,‏ إلا ان ما حققته كل من اليايان بالأمس‏,‏ وما تحققه الصين والهند اليوم في الانتاج الصناعي والتكنولوجي‏,‏ ينبني علي العلوم التي كانت أوروبا قد انجزتها منذ ما يزيد علي ثلاثة قرون من الزمن‏.‏ فلم يظهر في الصين واليابان ما يعادل غاليلو أو نيوتن أو انشتاين‏.‏
وبالنسبة الي العرب يقولون إنهم علموا أوروبا الفلسفة والعلوم‏,‏ وهذا صحيح إذا ما عدنا إلي القرن الرابع عشر الميلادي فالنهضة الاوروبية استفادت من علوم العرب وأفكارهم‏,‏ إلا أن عطاء العرب العقلي قد توقف في الوقت الذي تقدمت فيه أوروبا وأصبحت المصدر لكل العلوم والأفكار‏.‏
الحديثة واليوم فإن العرب يقدمون للغرب النفط واليد العاملة في الوقت الذي يستورودن كل شيء من الغرب والشرق ايضا‏.‏
فالتبادل القائم اليوم بيننا وبين العالم ليس متكافئا خصوصا حين يتعلق الأمر بالعلوم والافكار فنحن توقفنا منذ زمن بعيد عن تقديم أي شيء للعالم في الوقت الذي نأخذ منه كل شيء‏.‏
‏*‏ وكيف نغير الصورة عن العرب والمسلمين لدي الغرب وما الذي أدي إليها في تصوركم؟
‏**‏ الصور والأفكار التي تنشئها الشعوب والأمم بعضها لبعض هي نتاج لتراكمات طويلة خصوصا حين يتعلق الامر بعلاقة المسلمين بالغرب وكما ذكرت سابقا فإن الصور الماضية تطغي علي الوقائع الراهنة ففي عمق النظرة الراهنة للمسلمين عن الغرب تكمن الذكريات الصليبية فنعتقد ان كل ما احرزه الغرب لم يغير من طبيعته الصليبية والعدائية للمسلمين في الوقت الذي نريد من هذا الغرب ان ينظر إلينا باعتبارنا الذين علمناه الفلسفة وعلوم الجبر والطب‏..‏ الخ لكن فكرة الغرب عن العالم العربي بالدرجة الاولي والاسلامي بالدرجة الثانية تتلخص بالمظاهر السلبية‏:‏ الأنظمة الدكتاتورية والتطرف والتأخر العلمي والاقتصادي‏.‏
وهذه الافكار يمكن ان تتبدل وقد لاحظنا ذلك بعد الربيع العربي فقد نظر المعلقون السياسيون والمفكرون بإعجاب الي الثورات العربية وانجذبوا الي ما حدث في ميدان التحرير وغيره من ميادين ثورات الربيع العربي واذا ما غيرنا احوالنا نفرض عليهم واقعا جديدا ونظرة جديدة الينا‏.‏
‏*‏ لاحظت أنكم في ثلاثية مدينة علي المتوسط أسميتم الجزء الأول يوم الجمعة يوم الأحد والتسمية توحي بإسقاط ديني فهل عنيتم بها العلاقات المسيحية والإسلامية في الوطن العربي؟
‏**‏ هذا الكتاب هو تسجيل لذاكرة مدينة من خلال تجربتي ورؤيتي لتطورها عبر مراحل من الزمن خلال النصف الثاني من القرن العشرين ومدينة طرابلس التي عشت فيها طفولتي وصباي هي مدينة مختلطة من الناحية الدينية وقد عشت هذا التنوع الديني المسلم والمسيحي واثر في تكويني فكنت في المدرسة الثانوية احيا مع طلاب مسلمين ومسيحيين وقد اغنت هذه الصداقات تجربتي الانسانية وبسبب هذا التنوع كانت العطل المدرسية يومي الجمعة والاحد اما العنوان فهو يتحدث عن الأوقات والانطباعات عن يومي الاحد والجمعة حيث يأخذ وجه المدينة شكلا مختلفا في كل منهما هذا ما أردت التعبير عنه من خلال العنوان فأيام الأسبوع لا تتشابه ولكنها تحمل دلالات
ملحوظة أخري أود سوقها في هذا المجال هي أن تراجع تأثير الكتاب عامة وقراءته‏,‏ يعود لتراجع دور المفكرين والنخب الثقافية‏,‏ فلم يعد ثمة أساتذة من أمثال أحمد لطفي السيد وطه حسين وعباس العقاد‏,‏ وسلامة موسي‏,‏ الذين كانت كتبهم تجتذب القراء بسبب النفوذ الذي كان للمفكرين والأدباء في المجتمعات العربية في النصف الأول من القرن العشرين‏,‏ كذلك فإن الكتب الايديولوجية والسياسية كان لها جمهور من المحاربين‏,‏ أما اليوم فإن كل هذه الظواهر قد انحسرت‏,‏ أضف إلي ذلك ما كان لدواوين الشعر من جاذبية بسبب تمثيلها للقيم الجديدة وللقيم الوطنية‏,‏ وقد تلاشي ذلك تماما اليوم‏.‏
من الطبيعي القول إن القراءة في البلدان الغربية وفي اليابان مثلا‏,‏ أي في البلدان ذات الدخل المرتفع والأمية المنخفضة ترتفع فيها نسب القراءة‏,‏ فلا ينبغي أن تأخذنا الأرقام المتعلقة بما يسمي الكتب الأكثر مبيعا التي لا تعبر المستوي الثقافي للمجتمع‏.‏
‏*‏ المؤرخ يسجل الحدث التاريخي بدقائقه والأديب يستلهم روح الحدث ولا يأخذ بحرفيته ولكم رواية تاريخية حكاية فيصل فأي الأسلوبين طغي في كتابتكم لها؟‏.‏
‏**‏ لو كان بإمكاني كتابة هذه الرواية الآن‏,‏ لكنت أطلقت العنان لمخيلتي أكثر بكثير مما فعلت عند كتاباتها وخروجها بشكلها الحالي‏,‏ إذ أني حين كتبت حكاية فيصل توخيت الحذر الشديد من التعامل مع الأحداث التاريخية المعروفة جيدا من جانب المتهمين‏,‏ ففي رسم شخصية بطلها الملك فيصل‏,‏ وبما أن الرواية تجري علي لسان بطلها فطبيعة الحال‏,‏ كان مجال التخيل أمامي واسعا‏,‏ لكنني لم أشأ اختراع أحداث أو وقائع لم تحدث‏,‏ وتعاملت مع الحدث التاريخي‏,‏ كما هو‏.‏
‏*‏ هل أنتم مع أو ضد الرأي القائل بإن الرواية لا الشعر صارت ديوانا للعرب ولماذا؟
أوافق علي فكرة أن الرواية قد احتلت المكانة التي كان يحتلها الشعر في أوقات سابقة‏,‏ إذ انحسر تأثير الشعر العربي بعد أن عاني مخاض الانتقال من بنيته التقليدية إلي شعر الحداثة‏,‏ لفترة وجيزة كان لشعراء الحداثة تأثيرهم حين كانوا لا يزالون يعبرون عن أفكار الثورة والتغيير والوطنية أمثال السياب والبياتي وعبدالصبور وحجازي‏.‏
كما كان لشعراء النهضة من أمثال حافظ وشوقي وخليل مطران وغيرهم تأثيرهم الكبير‏,‏ لأن قصائدهم ترافقت مع نهوض الأفكار الوطنية وتماشت مع المعاني والقيم التي استلهمها العرب والحساسيات العاطفية والرمانتيكية‏,‏ وكان الشعراء خطباء المنابر مثلهم مثل السياسيين والأكاديميين‏.‏
لقد انتهي ذلك كله وترافق مع ازدهار الرواية‏,‏ وهذه الظاهرة ليست عربية بل عالمية أيضا‏,‏ ففي كل لغات العالم انحسر الشعر لصالح الرواية‏,‏ التي استطاعت أن ترافق نمو العلوم الإنسانية والاجتماعية‏..‏ إلخ‏,‏ لقد أصبحت الروايات مرجعيات ليس كنوع فحسب‏,‏ بل كسجل للشعوب‏,‏ فنتعرف إلي اليابان من خلال روائييها‏,‏ مثلما نتعرف إلي أمريكا اللاتينية وإفريقيا من خلال الروايات التي نقرأها‏,‏ وقد كسرت الرواية الحواجز‏,‏ فالروائي يكتب بالطريقة التي يشاء كاسرا القوالب والنماذج التي وضعها النقاد وأساتذة الأدب‏,‏ ويقبل عليها قراء من كل الطبقات الاجتماعية‏,‏ وقد دخلت المرأة ميدان الرواية وعبرت من خلالها عن حساسيات جديدة لم يكن الشعر في زمنه ليسمح بها بطرقها إلا بشروط محددة‏.‏
تجتذب الرواية اليوم أوسع عدد القراء بالمقارنة مع ألوان الإبداع الأخري‏,‏ وهذا يعكس ظاهرة إيجابية في ميدان الأدب والتعبير‏,‏ خصوصا أن الطاقة النقدية للرواية كبيرة‏.‏
ويبقي أن قدرة الرواية علي الجمع بين الذاتي والعام‏,‏ ودخولها الحميمي إلي العلاقات الإنسانية مصدر تفوقها وانتشارها وازدياد أعداد قرائها‏.‏

رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.