أنا سيدة أبلغ من العمر 39 عاما. وعيت علي الدنيا وجدت والدي يعمل بائعا متجولا يخرج من الفجر ولا يعود إلا قبل العشاء، بقروش معدودة قليلة لا تكفي إطعام 8 أفراد هم أمي الصبورة ووالدي وخمسة أبناء ذكور وأبنة وحيدة هي أنا، وأنا ترتيبي قبل الأخير، وبسبب قلة دخل والدي كان يخرج كل إخوتي من سن السادسة للعمل بأي مهنة ليساعد في نفقات أسرتنا. لم ندخل المدارس رغم ذلك نصلي ونصوم جميعا والحمد لله، بل أن أحد إخوتي رحمه الله كان حافظا للقرآن الكريم بأكمله، ومن رحمة ربنا علينا أن يكون ضميرنا "صاحي" دائما نشعر بأن الله يرانا في كل شيء في حياتنا، كانت أسرتنا محل إعجاب في وسطنا الفقير حتى مرض والدي وتزوج اثنان من أخوتي الكبار، وأصبح اثنان من أخوتي الصغار مسئولين عنا أنا وأمي وأبي المريض، أصغر إخوتي الوحيد الذي دخل مدرسة ولاني البنت الوحيدة فكان ممنوعا علي الخروج من البيت وممنوعا علي أن يكون لي صديقة في مثل سني وتعلمت من أخي حافظ القرآن أن أرضي بما قسمه الله لي وأحمد ربنا علي كل شيء، حتى تقدم لي زوجي وتم عقد قراني واشتد المرض علي أبي حتى مات رحمه الله، أحن خلق الله علي، شملني اخوتي بعطفهم وحنانهم حتى أخرج من حزني علي أبي حتى مرض أخي حافظ القرآن الكريم بفشل كلوي وبعد عشرة شهور من مرضه بين الغسيل الكلوي والحجز في المستشفيات قررنا أنا وأمي وأخوتي أن نتبرع بكلية لأخي المريض من أجل إنقاذ حياته، وبالفعل تم عمل الإجراءات في مستشفي المريوطية علي أن نذهب في الصباح للمستشفي، وفي صباح هذا اليوم فوجئت بأخي المريض يقول لي لبسيني جلبابا أبيض وأغلقي باب الحجرة لأنني سوف أموت وفعلت ما طلبه مني خوفا عليه، ثم أنمته علي ذراعي أحاول الكلام معه وما هي إلا دقائق حتى فاضت روحه إلي خالقه (رحمه الله رحمة واسعة)، مات بين يدي وأنا في انهيار أبكي عليه تخيلت والدي بجانبه علي نفس السرير، أيام وأنا أبكي. صدقني يا سيدي انني بكيت حتى لم أجد دموعا في عيوني وبعد شهرين من وفاة أخي، حاول إخوتي إخراجي من الحزن الشديد وجهزوني جهازا بالقسط "علي قد الحال"، وأنا أرفض الزفاف وكيف أفرح وقلبي حزين علي أخي ولكن تم زفافي بحضور الأهل والأقارب والجيران بدون زينة ولا فرح مثل المتعارف عليه، لأنه لم يمر علي أخي ثلاثة أشهر وعشت في حجرتين بمنزل قديم حجرة أول المنزل وأخري أخر المنزل، وبينهما حجرة بها سكان ولأن زوجي عامل باليومية رضيت بما قسمه الله لنا وأصلي وأدعو الله أن يلهمني الصبر، رزقني الله بولد شغلني وكان أخوتي يأتون لزيارتي يحملون ما يستطيعون مما يحتاجه البيت من زيت وأرز وخلافه، وكانوا يفعلون هذا لمساعدتي ومساعدة زوجي وحتى لا أشعر بالحرمان رغم أنهم عمال ودخلهم يكاد يكفيهم ولكن الله سبحانه وتعالي زرع في قلوبهم الحب والعطف والرحمة لإسعاد الأخرين. واستمرت الحياة ورزقني الله ببنت ثم بولد وأصبح معي ثلاثة أبناء وقبل أن يكمل ابني الثالث أربعين يوما فجأة وبدون أي مقدمات توفي زوجي رحمه الله، وأنا حزينة علي وفاة زوجي شعرت بخوف شديد من الدنيا والحياة. دائما تأخذ مني كل يوم عزيزا غاليا، تمنيت أن أربي أبنائي الثلاثة وأغلق عليهم باب السكن بل باب الحياة والدنيا ولكن من أين لنا بالمأكل والملبس ومصاريف الحياة، وقف الجميع بجواري أخوتي وجيراني في البداية أياما، ولكن بسبب ظروفهم تركوني كما تركنا زوجي أنا وأبنائي لمصير مجهول. عاهدت نفسي بأن أكون لأبنائي الأم والأب وأن يتعلموا مهما كانت صعوبة الحياة، بعت خضراوات، وأحيانا أعمل في مصنع حلويات وأحيانا عاملة في حضانة أعطي الأطفال الحب والحنان وأترك أطفالي مع أمي المسنة وكان يومي يبدأ قبل الفجر أغسل وأنظف ولو توافرت إمكانية كنت أطبخ لأولادي، وفي السابعة صباحا أذهب إلي عملي وكنت أفرح عندما تكون هناك ساعات عمل إضافية حتى أحصل علي جنيهات زيادة لأبنائي وأعود في العاشرة مساء، لا أستطيع الوقوف علي قدمي من التعب، كنت أنام بدون طعام حتى يأكل أبنائي. كل يوم تزداد الحياة صعوبة وغلاء وأنا مصرة علي تكملة أولادي تعليمهم وإكمال رسالتي معهم خاصة بعد سماعي حديث سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في معني الحديث من التي تدخل الجنة علي يمين سيدنا محمد فيقولوا أرملة مات زوجها وعاشت تربي أبناءها الأيتام "أدعو الله أن أكون منهم، مرت 16 سنة وأنا أتحمل مسئولية لم أيأس منها يوما غير أن بعض الآلام أو شيخوخة مبكرة أصابتني، ولكن أمام احتياجات أبنائي أنسي كل الألم ومستعدة أن أعمل وأعمل حتى أموت وأنا أعمل من أجلهم. حتى قامت ثورة 25 يناير توقفت جميع الأعمال وحتي المساعدات توقفت وجلست في البيت رغما عني وشعرت بعجزي عن توفير قوت أبنائي الضروري حتى العيش الحاف لم أعد أستطيع توفيره إلا بصعوبة مريرة، بكيت بدموعي وأنا أصلي وأطلب من رب العرش العظيم أن يفرج همنا قبل ضياع أبنائي فليس لي معي غيره وأنا أكمل رسالتي في الحياة وأصل بأبنائي إلي بر الأمان. تقدمت بطلب للسيد الدكتور محافظ القاهرة لمنحي ترخيص كشك، ووافق نظرا لظروفي القاسية ولكن من أين لي بثمن الكشك وتجهيزه وتوصيل الكهرباء له والبضاعة ليس عندي شيء أبيعه ولا أجد أحدا يقرضني، ضاقت بي الدنيا وأتماسك أمام أبنائي وأدعوهم للصبر وأغلق الباب علي نفسي أبكي علي حالي وحال أبنائي بعد شعوري بأن جميع الأبواب أغلقت في وجهي حتى هداني الله أن أكتب لك لمساعدتي في أن أجد أي أحد يقرضني ثمن الكشك وتجهيزه بالبضاعة اللازمة، وأن أسدد القرض من دخل الكشك بإذن الله. وهذا الأمل الأخير الذي أمامي لإنقاذ أبنائي من الضياع ومن المصير المجهول الذي ينتظرهم. س. ص القاهرة - ليس بالضرورة عندما تقسو الحياة علي الإنسان أن تبتلعه الأحزان وتحيط به أسوار الإحباط واليأس فكم من شدائد صنعت رجالا ونساء وربما سيناريو الشقاء الذي عشتيه في نبت طفولتك وصدر شبابك واللوعة المريرة التي تجرعتيها عند فقدك الأب والأخ وحنانهما الذي ضاع معهما لتبقي انت صريعة أشواك الفراق والحزن. أقول. ربما يكون هذا السيناريو المؤلم هو الذي شد من أذرك وقوي ساعدك وأعدك إعدادا جيدا لرسالة سامية كانت في انتظارك وأن أطفالا أبرياء سوف يأتون إلي الدنيا وسيرحل عنهم أبوهم لتكوني في النهاية انت الأب والأم في ذات الوقت. وها أنت بالفعل كنت علي قدر المسئولية التي ألقتها الأقدار علي عاتقك وتحملتي الشقاء سنوات طويلة وحري بك أن تستريحي خاصة وأن إرهاصات الكهولة وأمراض السن المتأخرة بدأت تتسرب إلي جسدك النحيل المتهالك. والراحة هنا لو كانت ترفا ضنت به الدنيا عليك لأن رسالتك لم تكتمل بعد فإن رحمة الله عز وجل لا تغلق أبوابها أمام عباده الصابرين. وانت والصبر شيئان باتا متلازمين منذ عقود ولعل واحدا ممن تمتليء قلوبهم بنور من رحمة الله سبحانه وتعالي يرق لحالك ويساعدك علي رسالتك الثقيلة والنبيلة في نفس الوقت. كما أدعم صوتك من خلال "نبض السطور" وأناشد محافظ القاهرة الذي أبدي موقفا طيبا بتخصيص كشك لك أن يكمل عمله الطيب ويزيد من عمل الخير ويساعدك علي إنشائه وملئه بالبضاعة التي تقتاتين منها. وحسبك قول الله الكريم "وبشر الصابرين". صدق الله العظيم. رابط دائم :