انتشرت ظاهرة الجركن بمحافظة الفيوم لتعبر دائما عن الأزمات ونقص الحاجات الاساسية للمواطن وخاصة السولار والبنزين ومياه الشرب, واصبح الجركن رمزا للمهانة والذل وإهدار الكرامة في طوابير يومية يحمل فيها المواطن جركنا فارغا من أبسط الطموحات والاحتياجات التي تجعله قادرا علي استكمال حياته. واصبح الجركن تجارة غير مشروعة يتحكم فيها أباطرة السوق السوداء ليباع جركن السولار في الفيوم ب50 جنيها بدلا من22 جنيها, وجركن المياه ب15 جنيها, وتستمر هذه التجارة غير المشروعة في التحكم في قوت المواطنين الضعفاء محدودي الدخل. ويعبر الجركن ايضا عن ضعف وعجز الحكومة, بشكل عام, والأجهزة التنفيذية بمحافظة الفيوم بشكل خاص عن توفير الاحتياجات الاساسية للمواطن من سولار ومياه الشرب وبنزين, وظلت هذه الأزمات في التفاقم حتي ظهرت السوق السوداء والتجارة غير المشروعة, وبدأ تأثير الجركن في ازمات بكل القطاعات فتأثير نقص السولار بالمحافظة أثر علي عمليات نقل البضائع والخضراوات والفاكهة التي ارتفعت اسعارها, كما هددت شعبة المخابز بالغرفة التجارية بتوقف المخابز عن إنتاج رغيف الخبز بسبب نقص السولار. ويشير تقرير لشعبة المواد البترولية بالغرفة التجارية بالفيوم الي عجز في السولار بنسبة بلغت40% والبنزين(80),50% والبوتاجاز75%, وقد بدأ هذا العجز منذ اسابيع ورغم علم المسئولين بالمحافظة عن هذا العجز إلا ان الامور لم تتغير, حتي بعد ان ارسلت الشعبة ومحافظ الفيوم, مذكرة لوزير البترول لحل تلك الازمة, الا ان الوزارة حتي الآن لم تتحرك لحل تلك الازمة. كما ان ما يزيد علي20 قرية بالفيوم بمراكز( أطسا وطامية ويوسف الصديق) تعاني من نقص المياه وسوء حالتها وتلوثها بحسب قول الأهاليا ويلجأ الأهالي إلي شراء جركن المياه الكبير ب15 جنيها ليروي ظمأ اولاده يوميا, وقد لايجد اي أموال اخري لإطعام أسرته ويكتفوا بشرب الماء, بينما هناك جانب اخر من المواطنين لايملك ثمن جركن المياه فيضطر إلي شرب مياه الترع بعد تسخينها ظنا منه ان ذلك يطرد الميكروبات ولعجزه عن سداد25 جنيها يوميا, وقد يتعرض مئات المواطنين لامراض الفشل الكلوي والبلهارسيا. يذكر ان عشرات الأهالي قد قاموا بمئات الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات وقطع الطرق لتوفير السولار ومياه الشرب, الا ان الاوضاع لم تتحسن ومازالت طوابير الجركن تملأ مدن وقري المحافظة. ويقول سعد عبد الحميد, مزارع ومقيم بمركز يوسف الصديق, ان المياه لم تصلهم منذ اكثر من شهر بدون اي اسباب مما جعلهم يحملون الجراكنا علي رءوس السيدات ويقطعون رحلة تزيد عن النصف ساعة الي مدينة يوسف الصديق التي تبعد علي قريته, حتي يتمكنوا من الحصول علي المياه بدلا من شراء المياه المعدنية, حيث ان حالة الأهالي المادية لاتمكنهم من شرائها, حيث انهم يعيشون تحت خط الفقر. ويضيف حامد شعبان موظف مقيم بمركز طاميةا ان المياه لم تصلنا منذ اكثر من شهر, حيث اننا فوجئنا بانقطاعها بشكل مفاجئ, مشيرا الي انه ليس امامنا الا شراء المياه من خلال المستغلين للموقف الذين يقومون ببيع المياه, حيث نشتري جركن المياه الصغير بجنيه والكبير ب5 جنيهات ولايكفي احتياجاتنا, حيث ان اقل اسرة في الريف تصل الي5 افراد ويكون استخدامهم للمياه اكبر من الحضر لذلك يستخدم الأهالي مياه الترع لتكون اسهل من شرائها يوميا, فضلا عن ان الجركن الكبير قد يتراوح سعره ما بين10 و12 ا جنيها وفي بعض القري النائية يصل إلي15 جنيها. واكد رجب محمد رضا موظف مقيم بمركز يوسف الصديق ان جميع قري المركز تعاني من نقص مياه الشرب, وسوء حالتها فالكثير من القري يشرب فيها المواطنون مياها ملوثة لونها أصفر, كما أن بعض القري في نهايات المركز لايوجد بها مياه شرب من الاساس فليس هناك محطات او خطوط مياه داخل تلك القريتين, ومنذ سنوات أنشأت القوات المسلحة حنفية مياه لتغذية أهالي القريتين التي يقطنها آلاف المواطنين يعانون العذاب بومبا بسبب عدم وجود المياه, وأصبح مشهد ألاف السيدات والرجال يخرجون من منازلهم بالجراكن بحثا عن المياه, واذا فشلوا يشربون من الترع. تبقي ازمة نقص البنزين والسولار في محافظة الفيوم مشكلة لم تجد طريقها للحل وتسابقت السيارات في المحطات القليلة التي يوجد بها السولار, وامتدت الطوابير لاكثر من2 كيلو متر واضطر العديد من اصحاب السيارات الأجرة إلي التوقف عن العمل بعد خلو سياراتهم تماما من الوقود. كما نشبت العديد من المشاجرات بين المواطنين داخل محطات الوقود للحصول علي أسبقية التموين يقول مصطفي علي محمود مهندس ان ازمة البنزين في الفيوم اصبحت لاتحتمل خاصة ان الازمة في انواع البنزين90 و80 وهما الاكثر استهلاكا ودائما ما اتعطل عن العمل واصبحت محطات البنزن ممتلئة عن آخرها خاصة في الاوقات المتأخرة من الليل. ويضيف صلاح عبد الحميد موظف ان محطات الوقود تشهد زحام مستمرا منذ الصباح وحتي ساعات متأخرة من الليل والأزمة تتزداد سوءا يوما تلو الآخر دون أن يكون هناك أي حلول من جانب المسئولين, واستغل سائقو التاكسي هذه الازمة وزادت تعريفة الركوب وتصل في بعض الأحيان إلي خمس جنيهات بدلا من التعريفة الرسمية وهي جنيهان أي أكثر من الضعف. ويطالب احمد جلال درويش عامل بضرورة تشديد الرقابة علي المواصلات الداخلية والتي ارتفعت اسعارها استغلالا لأزمة نقص البنزين, حتي ان المناطق الموجودة في أطراف مدينة الفيوم كحي الصوفي أو الشيخ حسن وغيرها من الأحياء لاتدخلها المواصلات العامة الا قليلا خوفا من السائقين علي نفاد الوقود عند الذهاب لتلك الأماكن, كما أن محطات الوقود تشهد مشاجرات عنيفة يوميا تحتاج إلي تدخل الشرطة بسبب أولوية الحصول علي البنزين. إمام بركة, رئيس شعبة المواد البترولية بغرفة الفيوم التجارية, ان ازمة البنزين مازالت مستمرة في ظل تجاهل الحكومة للازمة واكتفائها باصدار تصريحات واهية وغير موجودة علي ارض الواقع, مشيرا الي نسبة العجز في السولار وصلت إلي40% والبنزين(80) وصلت نسبة النقص فيه إلي50% والبوتاجاز بنسبة75%, وخلت المحطات تماما من بنزين90 و92 و95 خلال اليومين الماضيين بمحافظة الفيوم. وفي سياق متصل قال عطية حماد, نائب رئيس الشعبة العامة للمخابز بالاتحاد العام للغرف التجارية, ان اصحاب المخابز هددوا بالتوقف عن العمل نتيجة عدم وجود سولار, لافتا إلي ان المتاح حاليا لايكفي الا10 أيام فقط. واضاف حماد انه تمت مخاطبة المسئولين بوزارة التموين بهذه الازمة دون استجابة وتقاعسوا عن توفير حصة الوقود من السولار المخصصة لتشغيلها والقضاء علي مافيا السوق السوداء. واكد المهندس احمد علي احمد محافظ الفيوم, ان المحافظة تحتاج الي45 مليون جنيه لقطاع مياه الشرب والصرف الصحي لمعالجة مشاكل ضعف المياه والصرف الصحي ومن بينها استكمال التوصيلات والربط لشبكات توصيل المياه للقري من محطة مياه شرق الفيوم بمركز طامية بتكلفة20 مليون جنيه واستكمال التوصيلات والربط لشبكات توصيل المياه للقري من محطات العزب بتكلفة5 ملايين جنيه. واشار الي انه سيستفيد من هذه التوصيلات18 قرية سوف تصلها المياه من المحطتين( طامية والعزب) وخاصة القري الواقعة في النهايات, واقامة حوالي30 مشروعا متوقفة بالقري بقيمة10 ملايين جنيه علاوة علي متطلبات عمليات الصيانة والإحلال والتجديد للشبكات والاستغناء عن وحدات المياه المرشحة. وأكد اللواء رأفت محمد بدوي, رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالفيوم, إن الشركة تقوم بحلول عاجلة للمشكلات الملحة مثل انشاء طريق محطة العزب الجديدة من خلال اقامة خزان محطة رفع في قرية قصر الجبالي وشبكة ممتدة بطول45 كيلومترا بقطر(600 مم) وانه تم تنفيذ المشروع بالكامل ويتم حاليا اجراء التجارب وغسل الشبكات.