العيد.. حكايات وزيارات وصلاة وكعك وبسكويت ونزهة ورحلات وضحكات, أتوبيس8 لحديقة الفسطاط, وصفوف أمام المخابز في انتظار أقراص الكعك, زي جديد يضفي ابتسامة علي وجوههم.. في بلدنا صدق من قال العيد فرحة.. وعليه فسوف تصطدم عيناك علي جميع الصفحات بهذه التابلوهات التي قتلت بحثا وأصبح مذاقها عاديا من تفاصيل العيد, ولذلك قررنا أن يكون العيد السنة دي مختلفا لقراء الأهرام المسائي, قررنا أن نبحث معا عن هؤلاء الذين يحققون هذه السعادة لكل الأسر المصرية, نبتعد عن الكعك والبسكويت وكل نجوم شباك العيد لنصل إلي السنيدة ونتحدث معهم عن أحلامهم في العيد وآلامهم التي يتمنون التخلص منها وطموحاتهم التي دائما ما كانت الوصول إلي الفرحة برغم أنهم صناع الفرحة. أم كريم: الدنيا.. زي المرجيحة الدنيا.. زي المرجيحة يوم تحت ويوم فوق, فيها خلق عايشة ومرتاحة وفيها ناس مش فوق هذه هي الأغنية الشعبية التي دائما ما تخرق كلماتها أذاننا في الميكروباص أو التوك توك وحتي في الأفراح الشعبية, ولكنها هذه المرة تأتينا تعليقا علي عيد الفطر الذي لا تخلو ذكرياته في ذهن أي مصري من المرجيحة. الأهرام المسائي بحث عن أم كريم صاحبة المرجيحة لتحدثنا عن دنيا يوم تحت ويوم فوق وفرحة تحت الطلب, عبر السطور التالية. هي بابا نويل الاطفال في يوم العيد.. تجلس بالقرب من ابنتها.. تداعبها بيديها وتشكو لها طول الزمن وشقا السنوات الطويلة التي عاشاها معا, هي أم كريم صاحبة المرجيحة زوزا التي استمرت معها في الشقا والعمل بشوارع القاهرة أربعين عاما كاملة تحكي لنا عن فرحة العيد وتفسر التغيير الذي طرأ علي ابتسامة المصريين. النهاردة عيد ميلاد زوزا هكذا كانت أولي كلماتها لنا لتكمل قائلة: زوزا المرجيحة اتولدت علي ايدي قبل العيد من اربعين سنة وكل عيد يعمل لها عيد ميلاد وبيحضره اطفال مصر.. وعندما سألناها عن سر المهنة قالت: إحنا يابيه بنبيع الفرحة. وصنعتنا هي الابتسامة في وجه الأطفال. وعن أسعار المراجيح قالت أم كريم.. شوف يابيه.. زمان كنا نستأجر المرجيحة الواحدة بخمسة جنيهات في اليوم الواحد.. وكنا نشتريها ب100 جنيه علي الأكثر, أما الآن فتأجير المرجيحة يصل إلي30 جنيها يوميا وسعر بيعها يزيد علي ال800 جنيه, فكان من الطبيعي ان نرفع اسعار التأرجح.. وأنا أذكر انني عاصرت زمن القرش والتعريفة وكنت مع زوزا من اربعين عاما نأخذ قرشا من كل طفل في ربع الساعة.. أما الآن فنحن نأخذ جنيها ولكن بصراحة.. مافيهوش بركة, فهل يا متعلمين يامتنورين فيه حد يقدر يقولي أزاي الجنيه بقي يجيب ايه دلوقتي.. وتنهدت تنهيدة طويلة لتقول بكل مرارة ربنا يعيد أيام القرش والمليم. ولأنها تعتبر مرجيحتها زوزا مؤشرا لبهجة المصريين ومدي سعادتهم طوال اربعين عاما.. سألناها ايه اخبار الابتسامة علي وشوش المصريين فأجابت الضحكة اصفرت, والقلوب الطيبة شايلة هموم الدنيا, العيون مليانه أه وشقا وتعب وخوف من بكره ولما سألناها عن السبب قالت بص يابيه.. انا ماليش في السياسة والله وست في حالي بس الحقيقة ان الناس فاض بيها وعايزة الحال المايل يتغير, يعني لما ابقي أنا وزوزا بقالنا اربعين سنة في الشارع بنشقي ونتعب وننحرق في الشمس.. ونفضل لحد دلوقتي وكأننا لا تعبنا ولا شقينا برضه في الشارع.. يبقي نضحك ليه, وحتي الثورة اللي رجعتلنا الضحكة أيام معدودة لم نجن ثمارها حتي الآن. وعن الثمار التي تنتظرها قالت ام كريم: انا بصراحة ماقلتلك.. ماليش في السياسة لكن بيتهيئلي الناس عايزة سياسة الشغل في البلد دي تنصلح والشباب اللي زي ابني كريم يلاقوا شغل بدل ما هو بعد ما خلص تعليم برضه شغال علي المرجيحة.. ما هي هي البلد دي كده ابن البيه يطلع بيه وابن بتاعة المراجيح الدنيا تطوحه. وبعد أن استوقفنا فاصل الموال الشعبي.. واوقفنا دموعها علي مشارف عينيها, اكملت حديثها قائلة: لازم يا بيه تتكلموا بلسانا غيروا الغلا واسعار الشقق والشغل والتعليم والصحة والمستشفيات اللي بتموتنا بدال ما تعالجنا والمواصلات والبلدية والعساكر اللي مش سايبنا في حالنا. وتوقفت عن حديثها المسترسل لتقول كختام: بس بيني وبينك يابيه.. رغم كل ده تلقي العيد برضه فرحة والناس المهمومة ملمومة علي بعضها وبيشكوا همومهم ويفكوا عن نفسهم في يومين العيد.. بيني وبينك إحنا شعب له الجنة.