مع كلمات أغنية صفاء أبو السعود «العيد فرحة.. أجمل فرحة» التى يرددها الأطفال وراءها يظهر بياع غزل البنات مطلقا زمارة، ونجد الطفلة أحلام تراقب الأطفال يلهون على المرجيحة، إلى أن تسحبها أمها هند من يديها ومعها صديقتها كاميليا فى طريقهم لزيارة الأب عيد فى السجن. هذا المشهد فى الفصل الأخير من فيلم «أحلام هند وكاميليا» مرجعيته طفولتى فى حى «غمرة» وذكرى الجنيه عيدية عم أبو بكر صديق والدى من جزر السيشيل، فكلما صرفت الجنيه طلبت بإصرار من والدى جنيه عم أبو بكر مرة بعد الأخرى طوال السنين. ففى غمرة صباح أول أيام العيد جنيه عم أبو بكر مرحش هدر، فبعد كام طلعة على المرجيحة المتنقلة كان لا بد من الجرى للحاق حفلة الساعة عشرة بسينما مصر فى شارع الجيش، وبالمرة شعبطة التروماى فى السكة وهو يلف حول قصر السكاكينى. فالعيد فى غمرة اختلف تماما عن العيد فى أرض شريف بوسط البلد، حيث انتقلت العائلة وكأن فى كل حى العيد له خصوصية حسب جغرافية وروح المكان. فحين أن السينمات فى غمرة سعيت أنا إليها.. فى أرض شريف هى التى أحاطتنى من كل جهة. أقربها كانت سينما أوليمبيا بشارع عبد العزيز، وفيلمان فى نفس البروجرام لكن أولا المرور ببقالة آرتين وسندوتش البسطرمة بالبصل المخلل، أما بعد انتهاء العرض فكباية سوبيا متلجة من عند عصائر آمون على ناصية ميدان العتبة ضرورية، وبالنسبة للمراجيح فكبرت عليها حبتين. ارتباط العيد بالملابس الجديدة والزيارات العائلية والسينمات مع فرقعة البمب وحك كام شريط حرب أطاليا بدت طقوسا وراثية فى أى حى كان. أما فى مصر الجديدة والمعادى، فحان وقت العيد الذى أوزع أنا فيه العيديات وأتجنب زحام السينمات وأختصر الزيارات وأكتفى بالتهانى هاتفيا أو بالرسائل عبر الموبايل والإنترنت، وأنزعج مع كل صوت صاروخ أو شمروخ يخترق السماء إلى جانب ضبط النفس من سمن الكعك والكوليسترول وفى عيد الأضحى بعبع الدهون الضانى.. وبالرغم من تكاثر المحظورات فإن صدى أغنية أم كلثوم «يا ليلة العيد» يهيمن علىّ ليسحبنى عبر الزمن إلى أيام كنت أتابع وصول رجل المراجيح وتدفق الأطفال حولها وأنا بينهم، كل منا فى انتظار دوره قبل شعبطة التروماى فى سباق اللحاق بحفلة الساعة عشرة. كل سنة وأنتم طيبون.