أخذت أركض بين جوانح الليل بحثا عنها.. فتلمح عيناي صورتها فأتبعها لاهثا لأبلغ بقعتها.. فلا أجد سوي أريج عطرها فأهيم عشقا يختلج قلبي بين الضلوع.. يعتصرني ألم الحنين فيدفعني الشوق لعينيها فأركض بين ثنايا الليل وقد خيم الضباب فتخبطت دروبي وصرخت: أين أنت.. خذيني معك.. لا تتركيني وحيدا كسير الفؤاد. ليجيبني صدي صوت فيقشعر بدني.. شعرت بقبضة واهنة فالتفت لصاحبها فبدا في ريعان الشباب نحيلا.. طويل القامة.. بهي الطلعة.. هادئ الشكيمة فبادرني قائلا: لماذا تزعجنا.. فكم شاكيا جاءنا نائحا.. وكم باحثا جاءنا طالبا.. وجئتنا هائما. فاستنجدته متوسلا أن يمن علي بنظرة منها.. أو لحظة تروي ظمأ الحرمان فاسترحمته قائلا: كنت أظنها ملكي.. فأخاف عليها من نفسي.. فجرحتها وقسوت عليها.. فتركتني وحيدا ضائعا خائفا.. وقد ظننت أنني بلا قلب.. فصرت بلا قلب. كانت نظراته باردة لا حياة فيها وهو يسألني: لماذا قسوت عليها.. كانت بين يديك فجرحتها والآن تبحث عنها لتكون معها سويعات.. عجبا أمركم. بكي قلبي واختنق صوتي بدموع آبية وأنا أجيبه: كنت أظنني علي حفير الموت فلم أشأ أن تتألم يوما.. أو أجد نظرة حزن تخفي سحر عينها.. فكلما زدت عشقا ارتعبت خوفا من فقدانها.. فها هي تركتني!!! أحسستها حولي فتلفت أبحث عنها وركضت خلف سراب وقد تخبطت دروبي فلحق بي قائلا: خفف الوطء.. ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد. لأشعر بيدها وهي تبعد الخصلات عن عيني.. وتمسح بأصابعها دموعي.. كانت في ريعان شبابها تشع عيناها ضياء وبريقا فتزدهر زهرتي خديها.. ويتلاعب النسيم بشعرها.. فيتراقص قلبي فرحا وأنا أنعم بحضن دافئ.. فتلاقت عينانا فنسيت حديثي لتأخذني عيناها لبر الأمان فرجوتها قائلا: أرجوك خذيني معك.. لا تتركيني.. فلا حياة بدونك.. فأنت قلبي وروحي وكياني. وأخذت أتفحص معالم وجهها بحرمان وأنا أنهل من حنانها.. وأذوب هياما في عبيرها.. فجلسنا نتسامر حتي غفاني النوم وأنا أحتضنها لأشعر بالأمان.. وفجأة نظرت حولي لأجد نفسي أعتصر صورتها.. فنهضت بتثاقل يائسا وانسابت المياه فوقي فأشعر وكأن قلبي واراه التراب.. وعقلي ألهبه الحرمان يقول الجميع: الزمن كفيل أن ينسيك حزنك. فترتجف أوصالي رعبا كيف أنسي روحا سكنت روحي فصار البيت كئيبا.. فأنا الحي الميت كلما مرت الأيام زاد عذابي.. وانكوي الفؤاد فتسحقني الحياة برحاها.. فأستعذب ألمي يأخذني الحنين إليها. نيللي سمير عبدالموجود الدقهليةالمنصورة