كانت خمس محافظات تنعم بالإطلال علي بحيرة المنزلة, قبل أن تتقلص مساحتها وتسحب هذا الشرف من محافظتين..وزحف التصحر الي البحيرة,فبعد أن كانت مساحتها750 ألف فدان, أصبحت190 ألف فدان عام1990, واستمر مسلسل التناقص حتي بلغت الآن100 ألف فدان نتيجة أعمال الردم والتجفيف وغيرها من طرق الاعتداء ونتج عن ذلك حرمان محافظتي الإسماعيلية والشرقية من الإطلال علي البحيرة وبقيت ثلاث محافظات الي الآن تطل عليها وهي بورسعيد والدقهليةودمياط, ولكن هذه المحافظات الثلاث لم ترحم البحيرة, بل تعاقبها بصرف المخلفات! تقول الأرقام إن المنزلة من أكبر البحيرات المصرية وهي الأكثر إنتاجا للأسماك(172 ألف طن سنويا) لكن التناقص المستمر في مساحتها سيكون له أثر علي تراجع إنتاجها السمكي الذي سيتأثر كيفا بالتلوث,إذ تستقبل البحيرة مخلفات مصرف بحر البقر( نحو1,7 مليون متر مكعب) ومصرف فاقوس, ومصرف جادوس ومخلفات42 شركة ومصنعا إضافة الي ملوثات أخري تتمثل في مياه تحمل بقايا المبيدات الزراعية حتي إن تحاليل أجرتها بعض المراكز العلمية سجلت وجود أملاح الزئبق وأملاح الزنك في مياه البحيرة وفي اسماكها بنسبة عالية وتسبب ذلك في القضاء علي أنواع كثيرة من الأسماك وإصابة أنواع أخري بالتسمم ولم تعد صالحة للاستهلاك الآدمي في بورسعيد قال لنا رمضان محمد رخا صياد إن أعمال الردم مستمرة في البحيرة بالاضافة الي قيام شركات البتروكيماويات وشركة المواسير وشركة بتروجيت الغاز بإلقاء مخالفاتهم في البحيرة أدي ذلك إلي انقراض انواع عديدة من الأسماك النادرة بسبب تلوث المياه وأثبتت نتائج التحاليل التي أجرتها بعض المراكز العلمية بعد القضية التي اقامها الصيادون ضد شركة بتروجيت وجود أملاح الزئبق وأملاح الزنك في مياه البحيرة وأضاف أن الصيادين أصبحوا لايجدون قوت يومه بسبب قلة الاسماك وسيطرة العصابات علي البحيرة التي تشهد يوميا تقريبا حوادث سرقة وبلطجة من المسجلين كما ان بعض رجال الاعمال واصحاب النفوذ يسيطرون علي آلاف الأفدنة في البحيرة عن طريق وضع اليد والتقسيم العرفي لها وأصبح صغار الصيادين لايجدون مايكفيهم وهذا جزء من معاناة البحيرة التي تعاني أيضا عدم كفاية البواغيز والفتحات والقنوات المغذية لها بالمياه المالحة والتعدي علي المسطح المائي بإقامة الاحواش والسدود وانتشار النباتات المائية ورد النيل بالاضافة الي قيام بعض الصيادين بصيد الزريعة وبيعها الي أصحاب المزارع للكسب السريع مخلفات مصنع بويات ويقول أبو خالد شيخ الصيادين في بحيرة المنزلة بور سعيد: إن بعض المسئولين في المحافظة سمحوا لمصنع البويات كسبي للدهانات بإلقاء مخلفاته في البحيرة وأيضا مصانع البتروجيت ومات السمك بسبب التلوث ولم يعد الصياد البسيط يجد مكانا للصيد لأن اصحاب المزارع يقومون باستقطاع أجزاء كبيرة من البحيرة ويقومون بتقسيم البحيرة بقوي السلاح ومن يخالفهم يتعرض للقتل وهناك أربعة أشخاص قتلوا في البحيرة حين حاولوا الصيد في أماكن وضع اليد..كما أن شرطة المسطحات المائية لاتؤدي دورها في الرقابة علي الشباك, وهذا أغري الكثيرين بصيد الزريعة سمك مسموم! ويقول عزت محمود رخا( صياد): إنه خسر العام الماضي أسماكا بنحو700 ألف جنيه بسبب تلوث مياه البحيرة وهو مستأجر مزرعة من هيئة الثروة السمكية ويقوم بتربية الأسماك وهي صغيرة وانتظر عامين حتي تكبر الاسماك وتحقق المكسب ولكن السمك مات وخرج علي الشاطئ بسبب تلوث مياه البحيرة وهو يستأجر الفدان من هيئة الثروة السمكية بنحو340 جنيها وانفق عليه حوالي54 الف جنيه في السنة ولم يعد لأسماك البحيرة زبون يطلبها فقد عرف كل الناس أن السمك بها مسموما نتيجة التلوث فكيف يقبل المستهلك علي سمك ملوث بالصرف الصحي؟ ويقول جبريل محمد صياد: إنه صياد بالوراثة في البحيرة التي أصبحت مكانا لبيع المخدرات والمسجلين الذين يقومون بسرقة الصيادين ولايستطيع احد الوقوف امامهم لأنهم مسلحون ويقول عبده المرسي صياد بالحيرة: انا عندي6 أطفال ونعيش في حجرة واحدة بجوار البحيرة وقامت الحكومة بإزالة الغرفة والمسجد الذي بناه الصيادون ويطالب بتطهير البوغازات والفتحات الخمس التي تربط البحيرة والبحر المتوسط لتجديد المياه بشكل مستمر كما يدعو شرطة المسطحات المائية لمطاردة الصيادين المخالفين للحفاظ علي الزريعة وضمان نمو الثروة السمكية في البحيرة ويخشي أن تختفي البحيرة في غضون عشرين سنة اذا استمرت أعمال الردم والتعديات عليها. محمية طبيعية وقد طالبت لجنة الإنتاج الزراعية والري بمجلس الشوري في اجتماعها يوم8 مارس بإعتبار بحيرة المنزلة محمية طبيعية وتوحيد إدارتها علي أن تكون تابعة للقوات المسلحة بعد التعديات الكبيرة التي وقعت عليها وتقلصت مساحتها وأوصت بعد قيام اللجنة بإنشاء مجلس إدارة للبحيرة من المحافظات المطلة عليها وتطويرها وتنميتها وتطهير البوغاز وعمل حواجز في مدخل البحيرة تمنع دخول ورد النيل وجاءت هذه التوصيات للجنة بزيارات ميدانية للمحافظات المطلة علي البحيرة للتعرف علي مشاكلها. كما قامت شرطة المسطحات المائية بوزارة الداخلية بعمل حملة مكبرة علي البحيرة لضبط المخالفين والخارجين علي القانون ولإزالة التعديات الواقعة علي البحيرة, بالاشتراك مع قوات الأمن المركزي بالتنسيق مع قطاع مصلحة الأمن العام, ومديريات أمن الدقهليةودمياط وبورسعيد وأسفرت الحملة عن إزالة80 فدانا حوش وسدود مخالفة بمنطقة بحر دشدي, و30 فدانا من ورد النيل. والغاب والبوص والنسيلة بمناطق بحر دشدي والقرعة وبحر البقر, وانتشال250 غريزة خشبية ومزرعة مساحتها50 فدانا و22 قيراطا و6 أسهم بناحية شط جريبة بمنطقة دمياط, و4 قضية غزل زريعة بطول200 متر بمنطقة المثلث, و4 حوش بمساحة70 فدانا, وعدد40 فدان حوش وجسور بمنطقة الديبة, وعدد10 أفدنة جسور عرضية بمنطقة تنس, و3 أفدنة جسور, و2 فدان بشنين بمنطقة القاعدة الصاروخية. كما تم ضبط6 سيارات زريعة بها160 ألف وحدة زريعة, و1 قضية غرائز خشبيةبعدد150 غريزة, و3 قضايا شباك تحاويط بطول120 مترا وتم ضبط3 فلوكات خشبية بدون ترخيص والقبض علي17 متهما, بحوزتهم6 بنادق آلية, و2 بندقية خرطوش, و9 فرد خرطوش محلي الصنع. كما تم تنفيذ691 حكما متنوعا, منها5 أحكام غرامات صيد, و281 جزئيا, و10 حبس مستأنف, وعدد غرامات جزئية, و150 مخالفة, وتحرر عن تلك الوقائع محاضر أحيلت للنيابة العامة لمباشرة التحقيقات بها بعد الحملة التي جرت يوم4 مارس الجاري. ويقول أبو بكر الشهاوي رئيس الادارة المركزية لاقليم شرق الدلتا بوزارة البيئة أن الوزارة نظمت من خلال الفرع الاقليمي بالمنصورة حملة موسعة لإزالة التعديات علي بحيرة المنزلة, بالتعاون مع الادارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات المائية ومحافظتي الدقهليةودمياط ومديريتي الأمن بهما وهيئة الثروة السمكية, في إطار حماية المسطحات المائية من التلوث البيئي. حملات مستمرة وقد بدأت الحملة بمنطقة المطرية محافظة الدقهلية في أربعة أماكن و بحر البقر وبحر دشدي والقرعة وابن سلام حيث أزيلت أحواش وجسور في مساحات تصل إلي(600 فدان) بالاضافة إلي اقتلاع1700 غريزة خشبية, وتمت تنمية300 فدان من خلال إزالة وجمع ورد النيل والبشنين والبوص بالاستعانة ب16 حفارا, كما أزيلت جسور وأحواش في منطقتي المثلث والرحامنة( منطقة الصيد الحر) في مساحات تصل إلي600 فدان بالاستعانة ب7 حفارات ولودر, كما تم التفتيش علي عدد11 منشأة صناعية تقوم بالصرف غير المباشر علي بحيرة المنزلة, وتم تحويل7 منشآت مخالفة إلي النائب العام. ويقول الدكتور عادل عبد الغفار المستشار الإعلامي لوزير البيئة ان الوزارة تقوم بعمل حملات مستمرة للحفاظ علي بحيرة المنزلة بالتعاون مع مرفق البيئة العالمي وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي ضمن مشروع بتكلفة بلغت نحو4,9 مليون دولار ومساحة المشروع تبلغ200 فدان ويهدف إلي معالجة25 ألف م3/ يوم من مياه مصرف بحر البقر قبل أن تصب ببحيرة المنزلة باستخدام تكنولوجيا اقتصادية وصديقة للبيئة, ويتم توجيه المياه بعد معالجتها إلي أحواض استزراع سمكي بمساحة60 فدانا وقد تم بالفعل طرح مناقصة والترسية علي إحدي الشركات لاستغلالها. وقد أعدت وزارة البيئة تقريرا عن اجراءات الوزارة لتحسين الوضع البيئي في البحيرة وتضمنت التوصيات تشكيل لجنة مشتركة من كل من وزارة الموارد المائية والري, وزارة الاسكان, وزارة الزراعة, الهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء ووزارة البيئة لدراسة وضع خطة لإعادة تأهيل البحيرة يراعي في أولوياتها الأسلوب الأمثل لتطهير قاع البحيرة لإزالة الرسوبيات الملوثة والتي تراكمت علي مر السنين من غير القابلة للتحلل( معادن ثقيلة, مبيدات, مركبات عضوية) بالاضافة إلي دراسة الاسلوب الأمثل لتجديد مياه البحيرة وتطوير دورة المياه بين البحر المتوسط وجسم البحيرة خاصة الجنوبي منها لضمان انسياب المياه لجميع مناطق البحيرة عن طريق توسيع وتطهير البواغيز الحالية مع تطهير ممرات المياه المقابلة لها بجسم البحيرة أو زيادة عدد البواغيز لتغطي أكبر مساحة ممكنة من البحيرة. ووضع نظام للمتابعة الدورية لإزالة التعديات في البحيرة وفتح البحور علي بعضها عن طريق مسارات ومقاطع لضمان سرعة سريان تيار الماء بالبحيرة.