اثبت نظام المركزية في اتخاذ القرارات للحكومة المصرية في ظل النظام البائد عدم كفاءته اثناء مواجهة المشكلات بل كانت المركزيةفي الكثير من الاحيان سببا رئيسيا في تفاقم المشكلة بشكل ملحوظ. وهو الأمر الذي يجب تغييره بعد ثورة25 يناير والذي مازالت الحكومة تتبعه حتي الآن بالرغم من القصور الشديدة الناجم عن استخدام نظام المركزية ومن هنا جاء الدافع للتفكير في حكومة رشيقة تتكون من منظومة شبكية من وزارات وهيئات عامة لتطبيق نظام اللامركزية. المهندس شريف دلاور الخبير الاقتصادي استاذ الادارة بالاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا أكدأن الادارة الحكومية للدولة تجزأت بصورة ملحوظة بين عدد من الوزارات وهو الامر الذي حد من امكان اتخاذ مواقف متجانسة لمواجهة المشكلات والمتغيرات المتلاحقة, كما اكدت لتفشي السلبية وجمود الاجهزة والهيئات التابعة للوزارات نظرا لتمركز القرار في المستويات العليا للتنظيم الوزاري مما ادي الي وجود تدخل مستمر من جانب كل من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية. وطالب بضرورة اقتصار دور السلطة المركزية علي امور التخطيط والتقييم والمساندة والرقابة والاشراف مشيرا الي ان الاصلاح الاداري لا يمكن تحقيقه مع الحكومة بهيكلها الحالي حيث يقوم الوزير بالاعمال التنفيذية. وأشار الي انه عند تقليص عدد الوزارات تكون مسئولية الوزير خاضعة لاستراتيجية محددة ويترك المجال لوكلاء الوزارة والمساعدين والمتخصصين لادارة العمل التنفيذي ويتطلب هذا التوجه دمج وزارات يقتضي التخطيط الاستراتيجي لها ان تكون تحت قيادة واحدة. وفيما يتعلق بالوازارات التي يمكنها الاندماج قال دلاور ان وزارات الزراعة واستصلاح الاراضي, والري والموارد المائية, وحماية المستهلك والتعليم والثقافة والصناعة والتجارة يمكن دمجها في كيان واحد يتوجه نحو التصدير, اما بالنسبة للنقل والطاقة من كهرباء وبترول وغاز والعلاقات الخارجية المتمثلة في التعاون الدولي والشئون الخارجية فيمكن دمجها معا. وبالنسبة للوزارات التي يمكن الغاؤها اوضح دلاور ان وزارات التموين والاوقاف والاعلام وقطاع الاعمال العام والطيران المدني والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة والشباب والسياحة والتنمية المحلية وتحويل اختصاصات تلك الوزارات الي هيئات قائمة وتفعيل دورها واستقلاليتها عن نظم البيروقراطية الحكومية, علي ان يعين رؤساء هذه الهيئات بدرجة وزير اذا اقتضي الامر وذلك بقرار من رئيس الجمهورية بناء علي ترشيح من رئيس الوزراء. وفيما يخص اختصاصات وزير الدولة لشئون التنسيق الحكومي اشار الي ان هذا الوزير يتولي دور الربط بين تلك الهيئات والحكومة المركزية, بالاضافة الي انشاء مجالس تنسيق بين الهيئات لتحقيق التكامل بينها, علي ان تكون عضوية المجالس من داخل الهيئات اما بالنسبة لرئاستها فتكون من الخارج بناء علي قرار رئيس الوزراء. واستنكر دلاور في ورقته الاقتصادية الاعتقاد الموروث الخاص بالفكر البيروقراطي المركزي والمتمثل في ان الغاء بعض الوزارات يؤدي لفقدان اهمية النشاط الذي تمارسه الوزارة, مشيرا الي ان العكس هو الصحيح فهيئة قناة السويس علي سبيل المثال تكمن كفاءتها وفاعليتها في كونها هيئة مستقلة لها لوائحها وتنظيمها الخاص وتمثل مصدرا مهما لايرادات الدولة السيادية, وهو ذات الامر بالنسبة للهيئات التي ستقوم بمهام الوزارات الملغاة. ويضم الهيكل المقترح للحكومة الجديدة16 وزارة و4 وزراء للدولة وهم وزير دولة لشئون البرلمان, ووزير التنسيق الحكومي, ووزير الاتصالات والمعلومات ووزير دولة للاصلاح الاداري, ويتولي نائب رئيس الوزراء الاشراف علي وزارات الدولة حيث ان مهام تلك الوزارات الاربع مرتبطة بشكل وثيق مع الوزارات الاخري وبالهيئات العامة. وبالنسبة لوزارة الاقتصاد فرأي ضرورة اعادتها مرة اخري في ظل الظروف الراهنة مع اضافة النقد اليها, مشيرا الي ان اضافة النقد اليها لا تنتقص من صلاحيات البنك المركزي وذلك طبقا للتشريع الجديد والمنوط به التنفيذ المستقل للسياسة النقدية في اطار السياسات المالية والنقدية للحكومة من خلال مجلس التنسيق والتي تخضع للمساءلة الدستورية عن هذه السياسات امام رئيس الجمهورية ومجلس الشعب. اما فيما يتعلق باختصاصات وزارة قطاع الاعمال فقال انه يمكن نقلها الي مكتبها الفني والذي يلحق برئيس الوزراء مباشرة كما كان الوضع في بداية برنامج الاصلاح الاقتصادي ونقل اختصاصات وزارة التنمية المحلية الي وزارة التنمية والتخطيط وتوزع وزارة القوي العاملة والهجرة اختصاصاتها بطريقة لامركزية بين وزارات التنمية والتخطيط والشئون الاجتماعية والمنافسة. وتوزع اختصاصات وزارة الثقافة وفقا لورقة العمل علي وزارة التعليم والمجلس الاعلي للثقافة وقصور الثقافة بالمحافظات واكاديمية الفنون وهيئة المتاحف بالاضافة الي زيادة صلاحيات واختصاصات ومسئوليات مجالس مثل المجلس الاعلي للسكان والمجلس الاعلي لرعاية الشباب والمجلس الاعلي للاجور ومجلس تنمية القوي البشرية والتي ستتكون برئاسة رئيس الوزراء او نائبه علي غرار ما يتم في الصندوق الاجتماعي للتنمية في تعيين مدير تنفيذي لها ونقل مهمة اسكان محدودي الدخل الي المحافظات علي غرار ما يتم في العديد من دول العالم. واختتم شريف دلاور الخبير الاقتصادي ورقته الاقتصادي قائلا ان تنفيذ الخطوات السابقة سيكون له الاثر البالغ في ايجاد حلول عملية لتلك المشكلة التي تؤرق الدولة والمجتمع لما لها من تداعيات اجتماعية, مشيرا الي ان الدعوة للامركزية في الانشطة السابقة يجب ان يصاحبها تغيير في نظرتنا ومفهومنا لطبيعة وشكل السلطة في عصر تداعت فيه التنظيمات الادارية الشبكية التي تحقق الروابط بينها من خلال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وليس من خلال خطوط السلطة الرأسية.