تواصلت الاشتباكات الدامية بين قوات الشرطة والمتظاهرين بميدان التحرير طوال يوم أمس, الذي شهد مواجهات عنيفة بين الطرفين امتدت الي شوارع القصر العيني وطلعت حرب ومحمد محمود, الذي شهد أشد أعمال العنف ضراوة ودموية بين الجانبين خلال محاولة المتظاهرين الوصول لمبني وزارة الداخلية. وقد تحولت المواجهات بين الطرفين لما يشبه حرب الشوارع بعد عمليات الكر والفر وتبادل الرشق بالحجارة وإلقاء المتظاهرين بزجاجات المولوتوف علي قوات الأمن التي استخدمت القنابل المسيلة للدموع بكثافة حتي غطت سماء المنطقة المحيطة بالميدان. ومع تزايد الاشتباكات ارتفعت حصيلة القتلي والمصابين من الجانبين لتبلغ10 حالات و1144 مصابا بعضهم في حالة سيئة. وقد أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها أمس عن اعتقال55 من مثيري الشغب واحالتهم الي جهات التحقيق. وقد تسببت المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين في إصابة منطقة وسط المدينة بالشلل التام وأغلقت المحال التجارية أبوابها, خشية انتشار أعمال السلب والنهب نتيجة لغياب الأمن, بينما خلت الشوارع من السيارات مع إغلاق المتظاهرين لميدان التحرير وانتقال المواجهات الي الشوارع الفرعية. وقد فشلت قوات الأمن تدعمها الشرطة العسكرية في احتواء الموقف وفض الاعتصام الذي دعت إليه بعض القوي السياسية, بعد أن تزايدت أعداد المتظاهرين الذين توافدوا علي الميدان عقب اعلان حازم أبواسماعيل المرشح المحتمل للرئاسة عزمه الاعتصام بالميدان حتي رحيل العسكري. فلليوم الثاني تواصلت المصادمات التي شهدها ميدان التحرير والشوارع الجانبية, بين قوات الأمن والمتظاهرين عشية قيام الشرطة بفض الاعتصام الذي أعلنت بعض القوي السياسية والثورية تنظيمه بالميدان.. وشهد يوم اشتعال المواجهات بين الجانبين وتحول ميدان التحرير لساحة معركة قبل أن تنتقل الاشتباكات إلي شوارع محمد محمود وميدان لاظوغلي بعد أن اشتبك المتظاهرون مع قوات الأمن المركزي المتمركزة في الطريق المؤدي الي مقر وزارة الداخلية حيث ارتفعت أعمدة الدخان جراء اطلاق الشرطة لقنابل الدخان المسيلة للدموع لتفريق الشباب الذي واصل عمليات رشق قوات الأمن بالطوب والحجارة والتي نتج عنها إصابة العديد من المتظاهرين والمارة باختناقات, ومع استمرار المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين أصيبت منطقة وسط البلد بالشلل التام, الأمر الذي دفع بعض سكان العقارات الي إلقاء المياه علي المتظاهرين الذين كانوا يرشقون قوات الأمن بالحجارة. وقد فرضت المواجهات والأحداث التي تشهدها شوارع باب اللوق علي أصحاب المحلات التجارية إغلاق أبوابها وتوقفت عن ممارسة نشاطها لخوف أصحابها من تدهور الأوضاع الأمنية في ظل عدم الاستقرار الذي ضرب المنطقة المحيطة بالميدان, كما شهدت أفرع البنوك الموجودة في وسط العاصمة تكثيفا للوجود الأمني خشية تعرضها لأي أعمال عنف أو نهب خاصة في ظل الانفلات الأمني وعدم وجود أفراد أمن. ونتيجة لعمليات اطلاق القنابل المسيلة للدموع تجمع مئات الشباب في الشوارع الجانبية المؤدية الي ميدان التحرير وميدان طلعت حرب حيث قام العديد من الشباب بالطرق علي أعمدة الإنارة وأبواب المحلات واطلقوا الابواق لجمع الشباب في عدة شوارع جانبية, وقامت مجموعة منهم باحتلال مداخل العمارات لاسعاف المصابين من جراء القنابل المسيلة, كما قام فريق من المتظاهرين بتوزيع الكمامات علي الشباب للحماية من الاختناق. وقد أدت المواجهات الي خلو الشوا ع من السيارات بعد أن أغلق المتظاهرون الميدان ثم انتقال الاشتباكات الي الشوارع الجانبية حيث شوهد الكثير من السيارات تسير في الاتجاه المعاكس, وقام الشباب بتحويل مسارات السيارات في شوارع أخري عكس الاتجاه قبل أن تخلو المنطقة تماما من المارة والسيارات. من ناحية أخري, أكد مصدر أمني أن أعداد الاصابات التي لحقت بقوات الشرطة بلغت21 ضابطا و59 مجندا وأن الاصابات تراوحت ما بين كسور وجروح بالوجه والرأس, بالإضافة الي الحروق. وأشار المصدر الي أن تعامل قوات الشرطة مع المتجمهرين كان وفقا للصلاحيات التي يتيحها القانون ودون تجاوزها أو الخروج عليها. وأكد أن الاعتداء علي قوات الشرطة تجاوز الرشق بالحجارة واستخدام الأسلحة البيضاء والنارية وقنابل المولوتوف الحارقة, بالاضافة الي احتراق وتحطم عدد من مركبات ومعدات الشرطة وإتلاف عدد من المركبات الخاصة واشعال الحرائق في عدة عقارات بمنطقة المواجهات. وقد أكد المصدر أن المجند أحمد عطية عبدالحميد يرقد في حالة صحية حرجة في أعقاب اصابته بطلق ناري بالطحال كما يرقد المجند هاني ابراهيم حسن في حالة صحية سيئة لاصابته بكسر في قاع الجمجمة واصابة المجند شريف شعبان مرسي بطلقات خرطوش بالذراع اليسري والساق اليسري. وقد تمكنت قوات الأمن من القبض علي55 من مثيري الشغب وتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم. وفي جولة الأهرام المسائي وسط المتظاهرين, وفي العيادة الطبية الموجودة في أحد الشوارع الجانبية لميدان التحرير, تم رصد العشرات من الاصابات بين المتظاهرين. وقال أحمد السيد سائق أحد المصابين, انه تعرض للاصابة في الرأس بسبب تبادل رمي الحجارة بين قوات الأمن المركزي والمتظاهرين, وأكد أنه جاء الي ميدان التحرير لكي يعلن رفضه لاستمرار المجلس العسكري في الحكم. وأضاف محمود عرابي أحد المصابين انه أصيب في الرأس والذراع مساء أمس نتيجة استخدام قوات الأمن المركزي العصي لفض المتظاهرين, مطالبا المجلس العسكري تسليم السلطة الي مجلس رئاسي مدني منتخب بالارادة الشعبية قبل اجراء الانتخابات البرلمانية. وقال عمر سعيد أحد المصابين من أعضاء حركة6 ابريل الجبهة الديمقراطية, انه تعرض للاصابة في الوجه نتيجة للاصابة برصاصة مطاطية من جنود الأمن المركزي أثناء محاولتهم فض الاعتصام بميدان التحرير. وأضاف الدكتور علاء حسنين أحد الأطباء بالمستشفي الميداني بالتحرير أن عدد المصابين يزيد علي200 شخص منذ صباح أمس بسبب تجدد الاشتباكات بين جنود الأمن المركزي والمتظاهرين, مؤكدا أن المستشفي الميداني يعاني من نقص في بعض الاسعافات الأولية مثل القطن والشاش واللاصق الطبي وبعض الأدوية. وأضاف أن دور المستشفي الميداني يقتصر علي تقديم الاسعافات الطبية الأولية فقط للمصابين, ويتم تحويل الحالات الحرجة الي المستشفيات العامة عن طريق سيارات الاسعاف أو بواسطة بعض المواطنين المتظاهرين, مؤكدا وجود عدد كبير من الاصابات في العين بين المصابين. وكان المتظاهرون في التحرير يقومون بترديد هتافات جماعية ومنها الشعب يريد اسقاط النظام ولا اخوان ولا سلفيين الثورة ثورة شباب. وقام بعض المتظاهرين بتحطيم بعض السيارات الخاصة الموجودة في الشوارع الجانبية لميدان التحرير, وشهدت منطقة باب اللوق والشوارع الجانبية للميدان اغلاق المحلات التجارية بعد أن تحولت المنطقة لساحة قتال.