العبقرية والنجاح واحد بالمائة إلهام وتسعة وتسعون بالمائة عرق وجهد مقولة عن العالم الشهير توماس أديسون مخترع المصباح الكهربي والمئات من الاختراعات والابتكارات الأخري.. مقولة استدعتها ذاكرتي مع قراءة بعض البرامج الانتخابية لأكثر من خمسة وثلاثين حزبا حاليا والتي تتشابه في التناول العام لقضايا التنمية والارتقاء بالوطن دون أي تفاصيل كافية عن كيفية التنفيذ.. طبقا لصفحة قائمة الأحزاب السياسية في مصر في موسوعة الويكيبيديا تخطي عدد الأحزاب المصرية الخمسة والثلاثين حزبا.. ثلاثة عشر حزبا تم تأسيسها هذا العام عقب الثورة, منهاستة أحزاب إسلامية وأربعة ليبرالية مع حزب وسطي واحد وآخر ناصري.. وباستعراض صفحات الأحزاب المختلفة يجد القاريء معلومات عامة عن مرجعيات الاحزاب وأهدافها وتناولها لقضايا الوطن.. وبمقارنة تلك المعلومات الخاصة بتنمية الوطن نجد الكثير من التشابه بين الاحزاب المختلفة وتجد ايضا الكثير من عدم التحديد والعبارات المرسلة التي لا تختلف كثيرا عما اعتدنا سماعه في العهود السابقة.. وهذا الأمر يصعب الاختيار أمام الناخب ويلقي به في غياهب التعريفات والمصطلحات السياسية المختلفة دون أن يجد آلية حقيقية أو برنامجا زمنيا لتحسين أحواله المعيشية.. وعلي مستوي المرشحين( علي الأقل في الحي الذي أقطنه) ألاحظ الكثير من الأحلام والخلط بين دور نائب في البرلمان والدور الخدمي ودور الحكومة, وما أخشاه أن تنتهي طريقة اختيارنا إلي اختيار الأشخاص الأكثر ظرفا وليس الأكثر كفاءة. إننا سئمنا من عبارات مرسلة عن تحسين الأجور والاهتمام بمحدودي الدخل وضبط الأسواق وزيادة الاستثمار وإيصال الدعم لمستحقيه, إننا نريد برنامجا حقيقيا, فكلمة برنامج تعني خطوات محددة في زمن محدد لحل مشكلة محددة بكفاءات محددة مع تحديد الأولويات, فلا تستطيع حكومة واحدة في فترة محددة حل جميع المشكلات, ويجب تحديد مقياس للتقدم في تحقيق الأهداف مع محاسبة كل من ادعي شيئا ولم ينفذه بتهمة الخيانة الانتخابية كما في كثير من دول العالم.. دعني آخذ مثالا محددا, إن الجميع مختلفون حول الشريعة الاسلامية وهل هي مطبقة كليا أم جزئيا, مع أني أري أن يتم تخصيص جزء كبير من المناقشة لدراسة كيفية تطوير المؤسسات القضائية لتحقيق العدالة الحاسمة والسريعة. فما فائدة أن يكون لدينا الحكم الرادع وليس لدينا آلية تنفيذه, فهذا هو ما لا يرضي الله ورسوله, فما يهم المواطن العادي عند سرقته أو عند النزاع مع من اغتصب حقه أن ترد له ممتلكاته وبسرعة, وأن يتمكن من تنفيذ الحكم دون تباطؤ ودون رشوة. وما يهم المواطن ايضا أن يذهب لمكتب توثيق متطور ينجز الخدمة سريعا دون أن يضيع الوقت في التنقل بين الموظفين, أحدهما للدفع وآخر للتوقيع وثالث للختم. لذا أتمني أن يقدم لنا أحد الأحزاب مرشحه لوزير العدل وفريق عمله مع تحديد برنامجه لحل هذه المشكلات في خلال فترة الحكومة وكذلك تحديد القوانين الفاسدة والمشكلات التي تؤدي لتراكم القضايا أمام القضاة ذي العدد المحدود والعمل علي تقليصها. فنحن نريد قيادات شابة ونشيطة تخطط وتنفذ لا تباشر وتعطي توجيهات وتعليمات, وتكون مستعدة للعقاب عند الفشل. فالعبقرية الحقيقية في التنفيذ وليست فقط في طرح الأفكار. لايجب أن نستسلم لما يفرض علينا ونواصل سؤال الأحزاب والمرشحين الأسئلة الصحيحة, حتي نختار الأمثل والأكفأ دون أن تغرينا المظاهر والادعاءات,, وحتي يكتب النجاح لثورتنا.. وكما بدأت بمقوله لتوماس أديسون فسوف أختم بمقولة أخري رائعة: الكثير من الفاشلين في الحياة هم أشخاص لم يدركوا مدي قربهم من النجاح لحظة استسلامهم.