ما بين الوفد والعمل والوطنى والتجمع والمصريين الأحرار، مرورا بالأحرار الدستوريين والعربى الناصرى ومصر الفتاة، وانتهاء بالوسط والحرية والعدالة.. الحياة الحزبية المصرية على شاكلة (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع)، قد يختلف معى الكثير فى هذه المقولة، معللين ذلك الرفض بأن تعدد الأحزاب والقوى السياسية يعد ظاهرة صحية، وفى النهاية البقاء للأقوى، ثانيا بأن العديد من الدول الأوروبية فى مرحلة تحولها من حكم الفرد إلى النظام الديمقراطى، حدثت بها الظاهرة نفسها، فعلى سبيل المثال وصل عدد الأحزاب فى أسبانيا إلى ما يقرب من مائة وتسعين حزباً، انحصرت حاليا فيما يقرب الأربعة أحزاب. ما يعرف عالميا عن الأحزاب السياسية بأنها الممثل الرسمى لممارسة الحياة السياسية فى كافة بلدان العالم الحديث مع تعدد اتجاهاتها وسياساتها، فتتباين ما بين أقلية وأغلبية حاكمة ومعارضة ائتلافية وفردية، تتناظر فيما بينها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، لكنها فى الوقت نفسه تحاول القيام بدورها الرقابى الفعلى كما هو فى الأنظمة الديمقراطية الراسخة أو تحاول أن تقنع الجموع الشعبية بأنها تحاول القيام بدورها فى ظل تعنتات الحكام مكتفيا بالقول بأنه (ليس بالإمكان أفضل مما كان)، فها هو حال الحياة الحزبية فى مصر، والتى عرفت التمثيل الحزبى مع بدايات القرن العشرين، حينما أنشاء مصطفى كامل أول حزب سياسى وهو الحزب الوطنى (القديم) عام 1907 واستكمالا لذلك وبناء على الارتباط الوثيق بين الدور السياسى والرقابى للأحزاب فى التمثيل البرلمانى ومراقبة السلطة التنفيذية، فها هى مصر التى تعد من أولى الدول التى عرفت الحياة النيابية فى العالم منذ نهاية القرن التاسع عشر فى عهد الخديو إٍسماعيل، وها هى مصر التى كانت وصلت بها الحياة السياسية والحزبية قبل انقلاب 1952 إلى خضمها من تمثيل نيابى للأحزاب وتداول رسمى للسلطة البرلمانية حرمها الاحتلال البريطانى فى ذلك الوقت من إكمال الصورة المنوطة بها لتجيئ ثورة 1952 كى تمحق كافة أشكال الحياة السياسية التى هى فى نظرها من رفات العهد البائد لتتحول مصر إلى ديكتاتورية يحكمها التنظيم الاشتراكى وكأن الحرية السياسية فى مصر هى هبة يعطيها الحاكم متى يشاء ويمنعها وقتما يشاء، وظل الحال كما هو عليه حتى سمح الرئيس أنور السادات بحرية تكوين الأحزاب وتعدد المنابر السياسية ما بين يمين ووسط ويسار لتعود المقولة السابقة إلى التأكيد بأن الحرية السياسية فى دول العالم الثالث ما هى إلا هبة يعطيها الحاكم وقتما يشاء ومنعها حينما يشاء وبالمرور إلى عهد الرئيس مبارك، نجد أن الحياة الحزبية فى مصر تحولت من تنظيمات شعبية لها فكر موحد إزاء العديد من القضايا إلى مجرد صراعات وانشقاقات حزبية أفرزت أحزابا وليدة تحمل نفس مبادئ وليدتها والأمثلة كثيرة على ذلك، مما أدى لمزيد من تفتيت الجهود وتشرذم القواعد الشعبية والجماهيرية لتلك الأحزاب والتى وصلت إلى حد عدم القدرة على حصر عددها، وتمثلت المعارضة فى عهد مبارك فى شكل ديكورى وأختزل دور الأحزاب بمجرد التنديد بفظائع الحكومة على صفحات جرائدها وتحولت الحياة السياسية فى مصر إلى حزب حاكم يمارس سلطاته ومعارضة ورقية تكتفى بمجرد الانتقاد ويبقى الحال على ما هو عليه إلى أن يأتى الحدث الذى غير وجه مصر (25 يناير 2011). وبعد نجاح الثورة ووجود العديد من النداءات بإطلاق حرية تكوين الأحزاب، فضلا عن وجود ما يقرب من حوالى 28 حزبا سياسيا فى مصر قبيل الثورة، فها نحن فى نرى ولادة جديدة للعديد من الأحزاب السياسية الجديدة، ليس هذا هو الغريب ولكن ما لفت نظرى إلى تلك الظاهرة هى العطش الديمقراطى لدى المصريين، وبدا توصيف تشكيل الأحزاب والمناداة بالديمقراطية بكافة مناحى الحياة على شاكلة (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع)، والمثير للدهشة أن بعض الأفكار لدى أصحابها بدأت تتحول لتصبح نواة لحزب جديد، فإن كنت من مريدى الليبرالية وتؤمن بها فلك الحق فى إنشاء حزب ليبرالى، وإن كنت ترى أن أفكار الكتاب الأخضر هى أصول سياسية واجتماعية منطقية فلك الحق فى التقدم بطلب لإنشاء حزب مؤمن بالنظرية الثالثة، أعنى أننا ينقصنا الكثير لممارسة ديمقراطية مكتملة، ناهيك عن أُثر ذلك فى تفتيت جماهيرية الأحزاب لدى جموع الشعب نتيجة كثرتها وكذلك سوف تفتقد المصداقية من جموع الشعب، حيث إنها تتسم بوجود العديد من القواسم المشتركة التى تجمعها من بين سياسات وأهداف استراتيجية واحدة ناهيك عن التوقعات بحدوث صدامات بين تلك الأحزاب، فرؤساء حزب اليوم هم مرءوسو حزب الأمس، مما قد ينجم عنه حدوث العديد من الصراعات التى قد تفسد الحياة المصرية بشكل عام وتجعلنا نعود لاختراع العجلة من جديد. دار فى ذهنى تساؤل حول تعدد الأحزاب التى تندرج تحت الأيدلوجية السياسية الواحدة فكم من حزب يحمل مبادئ القومية وكم من حزبا يحمل مبادئ ليبرالية ..ألخ.. حاولت تبرير ذلك لم أجد إلا تبريرا واحدا بمراجعة تاريخ بعض الأحزاب القائمة أو الناشئة حديثا فوجدت أنه فى حالة حدوث صراع بين أحد أعضاء حزب ما ورئيس الحزب يشرع العضو المنشق فى تأسيس حزب على نفس مبادئ الحزب القديم وهو ماقد يكون مبررا أو سميه مقبولا ,بينما ما لأجد له تفسيرا هو وجود مايقرب من مائة أئتلاف يتحدثون بأسم الثورة سؤالى إذا كانت الأهداف التى دفعتنا كشباب للثورة واحدة لماذا الأن نُصر على تفتيت أصواتنا وبالتالى تمثيلينا النيابى مستقبلا لماذا نصر على تولى عجلة القيادة بغض النظر عن المصلحة العامة والتى هى فى النهاية سوف تصب فى مصلحة هذا الجيل أكثر من سابقيه ,قد يكو الرد هو أيضا مجرد اختلاف فى الأيدلوجيات ,أتفق معك فى هذه المقولة وتساؤلى لماذا لا نتألف نحن كشباب مصرى مجتمعين فى توليد وإبداع أيدلوجية مصرية شبابية خالصة تخدم مصلحة شباب هذا البلد والتى فى النهاية مصلحة هذا البلد.