خان الخليلي والحسين والأزهر تلك الاماكن التي ترتبط بليالي رمضان ارتباطا وثيقا حيث يحرص المصريون والعرب علي قضاء بعض من ليالي رمضان في تلك المناطق التاريخية والدينية في آن واحد حتي صلاة الفجر, ولذلك فإن المحلات والمسئولين عن إدارة المساجد يقومون باستعدادات لاستقبال هذا الشهر الكريم, ولكن رمضان بعد الثورة يختلف كثيرا نظرا للحالة الاقتصادية كما انه هذا العام يوافق الاجازة الصيفية في مصر وجميع الدول العربية الأمر الذي يتطلب استعدادات مكثفة. حسني فارس صاحب قهوة الفيشاوي أكد وجود استعدادات خاصة هذا العام في كل المحلات وخاصة المطاعم والمقاهي حيث انهم لا يتوقعون إقبالا كبيرا هذا العام بسبب تداعيات الثورة التي يمكن أن تمنع توجه المواطنين لمحلات وسط البلد في رمضان, بالاضافة إلي أن عطلة المدارس والجامعات سوف تستمر حتي عيد الفطر ولكن نتوقع اقبال المواطنين الوافدين من المحافظات الاخري وهم بطبيعة الحال مواطنون بسطاء لا يقدرون علي تكلفة الجلوس علي مقاهي شارع الأزهر بسبب الارتفاع النسبي لأسعارها علي عكس الخليجيين. ويضيف محمد حسين صاحب أحد المطاعم في خان الخليلي انه بعد أحداث الثورة أصبح زبائنه فقط من قاطني شارع الازهر أو أصحاب المحال بنسبة90%, كما أن الركود السياحي دفع الكثير من أصحاب المطاعم إلي تقليل الوجبة اليومية وتقليص الكميات المعدة لاستقبال الزبائن حتي علي عكس السنة الماضية حيث يتبين مدي إقبال الزبائن تجنبا للخسارة كما أكد بعض أصحاب المطاعم أنهم أصبحوا يتحملون التكلفة الزائدة بسبب ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والخضراوات وغيرها وانهم لن يرفعوا الاسعار خشية هروب الزبائن. ويقول تامر النقري صاحب بازار بشارع الازهر انه بسبب الركود السياحي وتوقف حركة البيع والشراء أحجم عن الاستعداد لشهر رمضان بالصورة المعتادة والتي كانت تتمثل في تكثيف الاضاءة ومواعيد العمل حيث تكون فترة قبيل الفطار وفترة اخري بعد الفطار حتي صلاة الفجر وأيضا العمالة التي كانوا يضطرون لزيادتها لمواجهة الاقبال الشديد من الاجانب وخاصة الخليجيين قائلا: انه أصبح يقلل من كمية البضاعة بشكل ملحوظ وأكد: ان الاستعداد لشهر رمضان في شارع الازهر والحسين اختلف تماما عن الاعوام الماضية حتي وانه اصبح لا يري أطفالا يقومون بتعليق الزينات أو حتي فوانيس رمضان وكأن الاحوال الاقتصادية منعتهم من الفرحة بالشهر الكريم وظهر ذلك جليا في محلات العطارة بشارعي المعز والموسكي التي امتنع فيهما اصحاب المحلات من اقامة الشوادر وفرش بضاعتهم أمام المحال حيث صار التشاؤم يسيطر عليهم أما عن استعدادات المساجد فيقول عبد الرحمن مخلوف من مسجد عمرو بن العاص ان العام الماضي كان يأتي إليه رجال الدين من المشاهير مثل محمد جبريل ومحمد حسان وغيرهما ليأموا صلاة التراويح بالمصلين الذين كانت أعدادهم تتجاوز المليون مصل ويتكدس المسجد بالزائرين وخاصة في ليلة ختم القرآن, ولكن في ظل الظروف الحالية والاعتصامات فيتوقع انهم سيولون وجوههم إلي الميدان, ويضيف ان شهر رمضان سيكون مفعما باحتفالات يومية حيث يقرأون فيها القرآن ويتحلقون في حلقات لذكر الله والصلاة علي النبي وتفسير الأحاديث النبوية وإنشاد المدائح النبوية التي ترقق القلب وتحث علي أداء الطاعات واجتناب المحرمات وخاصة الاحتفال بليلة القدر. ويقول صبحي السيد صاحب محل حلويات شرقية بشارع الحمزاوي أنهم يستعدون لشهر رمضان باستئجار عامل متخصص في عمل الكنافة والقطائف حيث انها أشهر انواع الحلويات التي يكون عليها اقبال شديد في رمضان بخلاف الانواع الاخري وبسبب الاقبال الشديد عليها اضطر إلي زيادة العمالة الموجودة بالمحل حتي يستطيعوا العمل علي فترتين وستكون الحلويات الشرقية لها النصيب الأكبر في شهر رمضان. وتقول نورهان محمد ربة منزل من قاطني شارع الازهر أن رمضان يجمع شمل الأسرة فتذهب لمنزل أسرتها في الريف مع زوجها وأولادها, فلابد وأن تقضي الأيام الأولي من رمضان هناك وتفطر مع والديها, وعن استقبال رمضان تقول:( أسعي لتخزين كمية مناسبة من اللحوم والغذاء قبل حلول رمضان فربما ترتفع الأسعار خلال الشهر الكريم, كما تكون المحلات مزدحمة كذلك, ونقوم بتجهيز بعض الطعام أو الملابس للتبرع بها للمحتاجين علي سبيل الصدقة في رمضان, ونشترك في هذا مع جيراننا في الشارع. والتقينا ب( منال محمد) موظفة تقول إن أهم ما يميز الاستعداد لرمضان هو شراء التمر والياميش والمكسرات خاصة وأنها تشتري لوالدتها وأشقائها, وتشتري لابنتها الصغيرة فانوس رمضان علي الرغم من أنها تكسره في وقت قريب من شرائها له, كما تقوم منال بالاشتراك مع الجيران في تزيين وإنارة الشارع ابتهاجا بالشهر الكريم. وبعيدا عن الاستعدادات التقليدية للشهر المبارك والتي تتركز في الاعداد لموائد الإفطار الشهية تقول داليا أحمد انها تنوي صلاة التراويح في المسجد مع زوجها قدر الإمكان,وأن تزيد من نشاطها في الدراسة والعمل حتي لايكون شهر رمضان شهر الكسل بل العمل والنشاط كما تقول, أما عن النواحي الاجتماعية فتزيد من الاتصال بالأهل والأقارب بحيث تهتم أكثر بصلة الرحم, ولكنها تري أن التجمعات الأسرية والعائلية أصبحت أقل من الماضي وتكمل حديثها قائلة( أحاول أن يكون هناك نشاط آخر لي خارج الإطار المعتاد من الصلاة وقراءة القرآن والمساعدة في العمل الاجتماعي التطوعي لخدمة الناس خاصة الفقراء والمحتاجين بالانضمام لجمعية صناع الحياة بالقاهرة العام الماضي واشتركت في مشروع شنطة رمضان. أما أيمن جلال فهو يلحظ أن الناس تبدأ في تهنئة بعضها بعضا بقرب حلول شهر رمضان المبارك من شهري رجب وشعبان, وتبدأ ترتيبات الولائم للشهر الكريم, كما يتناسي الناس المشاكل بينهم والخصومات ويسعي كل منهم لمصالحة من يكون علي خصومة معه سعيا لاكتساب ثواب رمضان. أما الأطفال والشباب الصغير فيقومون بتزيين الشوارع وانارتها, ووضع صورة للكعبة وفوانيس رمضان في الشرف ومداخل البيوت, وحضره موقف أحد جيرانه الذي سأله إذ كان من الممكن أن يصوم هذا العام ويصلي ويغفر الله له المعاصي والذنوب حيث انه من مدمني الخمر فيقول:( الناس تتغير في رمضان وتبدأ تحسن من نفسها وتسعي للحصول علي رضا الله تعالي وأن تبدأ حياتها من جديد بروح جديدة. فبالاضافة لقصة جاري هذا ألاحظ اهتمام خطباء المساجد قبل حلول شهر رمضان بتحفيز الناس علي عمل الخير والسعي للإكثار من العبادة ووضع خطة للاستفادة القصوي من رمضان.