أكدت الدكتورة مفيدة إبراهيم علي عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بجامعة الأزهر ضرورة الاستفادة من الواعظات لمواجهة كل أنواع التشدد باعتبارهن الأجدر, فيما يخص قضايا النساء لوجود أمور خاصة بالمرأة لا تستطيع التصريح بها للرجل نظرا لحساسيتها وتلك الأمور تزداد مع ازدياد حاجيات المرأة في العصر الحديث. وأضافت في حوارها لالأهرام المسائي أن طبيعة دراستهن للعلوم الشرعية والعربية تمكن الأزهريات من أداء مهمة الوعظ والدعوة في مساجد ومصليات النساء من بيان الأحكام والتوعية الصحيحة في العبادات والمعاملات وذلك لمواجهة تسلل عناصر الجماعات المتشددة خاصة في رمضان, وقالت الدكتورة مفيدة لا تجديد للخطاب الديني بغير داعية متمكن ومستنير ومؤثر يراعي حال الناس وضبط المفاهيم وتحديد المصطلحات لقطع الطريق علي تأويل المتطرفين للنصوص الدينية لإضفاء الشرعية الإسلامية علي أساليب العنف التي ترتكبها الجماعات الدينية المتشددة إزاء غير المسلمين بل وإزاء المسلمين أنفسهم. كيف يمكن مواجهة التشدد والغلو في الخطاب الديني؟ يعتبر الغلو والتطرف من الآفات الخطيرة التي ابتلي بها المجتمع الإسلامي وصارت تهدد أمنه وإن الغلاة قوم يبدأون بالتكفير وينتهون إلي التفجير غلوا في الدين فهما وتطبيقا; فأساءوا وأفسدوا لأنهم, حصروا التدين في نطاق ضيق وأرادوا أن يأمروا الناس علي مذهبهم ووصل بهم الحال إلي تكفير العام والخاص, حتي كفروا المختلفين معهم في الرأي والمنهج والفكر الفاسد لا يواجه إلا بالفكر السليم والرأي الرشيد. ما تفسيرك لتأويلات بعض النصوص الدينية التي أفرزت الجماعات الإرهابية؟ من أهم الأسباب التي تدفع بالفرد إلي الغلو والتطرف في دينه, ومن ثم العنف والإرهاب والتي يجب أن تتم معالجتها للنهوض بمجتمع معتدل ومتزن, هو غياب القدوة داخل الأسرة والنشأة الأسرية المنحرفة ففي الغالب يكون الشخص المتشدد في خطابه الديني قد نشأ في أسرة تحيط بها المشاكل في جو بعيد عن العلم والمعرفة والسلوك المنضبط, أيضا الفاقد التربوي فإنه سبب نفسي قوي; فالعلم والمعرفة والذكاء والفطانة يجنبان الشخص التشدد والغلو والتطرف والخلل في مناهج الدراسة هذا إضافة للتعصب للجماعة أو الطائفة, والخطاب الديني العاطفي غير المبني علي علم ومعرفة, واليأس والقنوط بسبب الفشل في غايات وأهداف تتعلق بضرورات الحياة. ما هي مظاهر التشدد في الخطاب الديني؟ من مظاهر التشدد في الدين الخروج عن منهج الاعتدال والتشديد في مخاطبة الناس وترك التيسير وإطلاق الفتاوي المعلبة التي تخرج عن أطر أخلاق وسماحة الإسلام. فبعض الخطباء يقدمون الفتاوي حسب قناعاتهم وقد يغيرونها بعد فترة عندما تتغير تلك القناعات أو الأهداف, وبعض الخطباء يتحدثون مع عامة الناس بلغة فوقية تصعب علي أفهامهم ويطالبونهم بما لا يطيقون. كيف نرتقي بالخطاب الديني حتي يجني المجتمع الثمرة المرجوة منه؟ تتعالي الأصوات مطالبة بتجديد الخطاب الديني الذي تغلب عليه سمة التشدد بشكل شوه صورة المسلمين, فضلا عن تشويه الإسلام, والأصل في الخطاب الديني هو الاعتدال, لكن طرأت علي الأمة مراحل علت فيها أصوات التطرف, والمجتمع الإنساني بطبيعته يوجد فيه المتطرف والمعتدل ولكن إذا مرت الأمة بمرحلة ضعف بدأت فرصة التمدد للآراء الشاذة استغلالا للضعف, فالمتشدد لا يمكن أن يستمر, فالتطرف والتشدد بطبيعته منفر وعلاجه بالحوار الصريح وبالفكر وليس بالعنف بل علاجه بالحوار الصريح. كيف نبني خطابا مناسبا؟ لبناء خطاب ديني معتدل, يتوجب إصلاح مناهج التعليم عن طريق التأصيل للعلوم والمعارف الطبيعية, وتقديم القدوة الصالحة وإدخال الوسائل الحديثة في لغة الخطيب.ويكون الخطاب متجددا بحسب المكان والزمان. هل نحن بحاجة للتجديد في الخطاب الديني؟ نعم بحيث يكون المتلقي فاهما لدينه واعيا لتشريعاته وتجديده يجب أن يكون بمعرفة الفكر الديني والإنساني والحكمة التي ينشدها الشارع وإسقاط العلوم الإنسانية والتجريبية علي مصطلحات العقيدة والأصول الدينية وجعل الخطاب الديني مقبولا عقلا وقلبا للمتلقي. وهذا يجعل المتلقي أكثر وعيا وتمسكا بدينه. لأن دينه دين العلم كما نعرف والعلم بطبيعته متجدد. ما هو تقييمكم لدور الأئمة والدعاة في الفترة الحالية؟ لا تجديد للخطاب الديني بغير داعية متمكن ومستنير ومؤثر ولا تجديد للخطاب الديني إلا بتجديد لغة الخطيب ومعني ذلك أن العالم أو الداعي والمتحدث باسم الدين لابد أن يراعي حال الناس, ومقتضي حالهم, واللغة التي تناسبهم, حتي يتنزل كلام الدين علي قلوبهم غضا طريا, يحقق هدفه المقصود, وأمله المنشود, أما التقعر في الحديث, واستخدام الألفاظ المهجورة التي تحتاج إلي جوارها قواميس لفك طلاسمها, فهذا غير ملائم لحال العامة. في حين أن الدين هو منهج وسطي ونحن أمة وسطية, وعليه يجب أن يكون خطابنا وسطيا ويكون موجها لكل الفئات من البشر وبأسلوب يحترم قدسية الدين ويستوعب الاختلاف والرأي والرأي الآخر. كما يجب أن يكون الخطاب الديني مستمرا ومحافظا علي سماحة ويسر الدين من جهة وعلي قدسيته من جهة أخري. هناك طرق كثيرة للتأويل الإرهابي للنصوص الإسلامية, والوظيفة الأساسية لهذا التأويل هي إضفاء الشرعية الإسلامية علي أساليب العنف التي تتبعها الجماعات الدينية المتشددة التي تتبني اتجاها عدائيا إزاء غير المسلمين, بل وإزاء المسلمين أنفسهم لو كانوا حكاما, باعتبارهم من الطواغيت الذين يحق في شريعتهم الباطلة التي ما أنزل الله بها من سلطان الخروج عليهم وقتالهم, أو من عوام المسلمين الذين لا يؤمنون بأفكارهم المتطرفة. كيف يمكن الاستفادة من الواعظات؟ الاستفادة من الواعظات وإعداد خريجات بالأزهر لهذه المهمة صار ضرورة ملحة لمواجهة كل انواع التطرف والتشدد باعتبارهن الأجدر علي القيام بهذه المهمة عن الدعاة الرجال وهذا ليس تقليلا منهم ولكن الأجدي فيما يخص قضايا النساء حيث وجود أمور خاصة بالمرأة لا تستطيع التصريح بها لرجل نظرا لحساسيتها وتلك الأمور تزداد مع ازدياد حاجيات المرأة في العصر الحديث واستحداث بعض الأمور به,, كما أن طبيعة دراستهن العلوم الشرعية والعربية تمكن الأزهريات لأداء مهمة الوعظ والدعوة في مساجد ومصليات النساء من بيان الأحكام والتوعية الصحيحة في العبادات والمعاملات وذلك لمواجهة تسلل عناصر الجماعات المتشددة. هل خريجات الأزهر في حاجة للتأهيل قبل العمل الدعوي؟ حتي تتم الاستفادة بخريجات الأزهر لسد العجز في الدعوة النسائية وأن نجعل واعظة أو داعية في كل مسجد بعد عقد دورات تدريبية متخصصة بشكل مستمر لمنحهن الخبرة الدعوية والمهارة الفنية لأساليب الوعظ علي يد كبار العلماء والخبراء حتي يعود النفع علي المجتمع بشكل خاص وحفظ الأمن عامة. كيف يمكن الاستفادة منهن في رمضان؟ بالنسبة للشهر الكريم ومدي الحاجة للواعظة النسائية فيه خاصة أن رمضان يعتبر موسم الدعوة الإسلامية عموما, خاصة يزداد الطلب علي الداعيات في ذلك الشهر حيث يتميز هذا الشهر عن باقي شهور العام بأن النساء يملأن المساجد ويكثرن من الاستماع للدروس خاصة بعد صلاة التراويح التي يحرصن أن يؤدينها في المساجد. كيف يمكن استثمار شهر رمضان؟ شهر رمضان موسم للطاعات عظيم, فهو عظيم في قدره وفي أجره وفي هباته وفي أيامه وفي لياليه. ينبغي اغتنام أيامه ونجتهد في لياليه لتحصيل الرصيد الأعلي من الحسنات وجمع القدر الأكبر من الطاعات. فرض الله صيام نهاره وسن نبيه صلي الله عليه وسلم قيام ليله لفضله العظيم عن سائر الشهور ففيه نزل القرآن الكريم في ليلة خيرمن ألف شهر وهي ليلة القدر. فينبغي التنبه لاغتنام أوقاته علي النحو الآتي: استحضار النية في الصيام والقيام وتصحيح القصد. تذكر الأجر العظيم من الله عز وجل قال صلي الله عليه وسلم: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه, رواه البخاري ومسلم] تدارس فضائل الشهر الكريم وفضائل الصيام وفوائده. تنويع العبادات في أثناء الشهر الكريم: صيام, قيام, قراءة قرآن, إطعام الطعام, إنفاق صدقات, ومع تنوع العبادات يتجدد النشاط. تفريغ الأوقات للعبادة قدر المستطاع, خاصة بالتنسيق بين الرجل وزوجته, ولا شك أن من يعين زوجته علي الخير يكن له نصيب من ذلك. التقليل من المأكولات من أسباب حفظ الصحة, ومن أسباب خفة الجسم ونشاط الروح, ولنتذكر أن الزاد الحقيقي النافع هو التقوي.- الإكثار من الأعمال الخيرية ولا سيما إطعام الطعام, في المساجد, وبين ذوي الحاجات. الموازنة بين أوقات الولائم الرمضانية, وأوقات العبادة فتفطير الصائم وإطعام الطعام أمر مطلوب, وكذلك العبادات الأخري من ذكر لله وقراءة للقرآن, والدعاء لله, والقيام بالليل كل ذلك ينبغي أن يكون له وقته ونصيبه. ما أهم المحظورات التي يجب تجنبها في رمضان؟ البعد عن الملهيات ومجالس السمر الطويلة الوقت والقليلة النفع وينبغي أن يكون لكل مسلم ورد من تلاوة القرآن, يحيا به قلبه وتزكو به نفسه وتخشع له جوارحه. حث النبي صلي الله عليه وسلم علي الصدقة خاصة النساء فقال عليه الصلاة والسلام: تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن( رواه البخاري). هل الأفضل للمرأة المواظبة علي الصلاة في المسجد؟ وللمرأة أن تذهب إلي المسجد لتؤدي فيه الصلوات ومنها صلاة التراويح, غير أن صلاتها في بيتها أفضل, لقول النبي صلي الله عليه وسلم: لا تمنعوا نساءكم المساجد, وبيوتهن خير لهن, رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني]. وعلي المرأة ألا تصطحب معها الأطفال الذين لا يصبرون علي انشغالها عنهم بالصلاة, فيؤذون بقية المصلين بالبكاء والصراخ, أو بالعبث في المصاحف وأمتعة المسجد وغيرها.