عند الحديث عن الإرهاب الذي طال عددا من شرفاء الشرطة المصرية الذين لقوا ربهم أثناء اتجاههم لمداهمة تجمع لإرهابيين عند الكيلو135 بطريق الواحات المصرية, لابد ان تتوقف أولا لتترحم علي شهداء وطن يدفعون في كل يوم ارواحهم ثمنا لاستقرار أمنه من دون مقابل ولا انتظار لرد معروف, فهم يعلمون أن النسيان رفيق البشر في رحلتهم وربما يحزن البعض عليهم اليوم ولكن سرعان ما يتناسهم الجميع في رحلة الحياة وربما نسوا ما ضحوا من أجله. بعدها عليك أن تعيد قراءة المشهد الحالي فيما يسمي بخريطة الإرهاب في العالم أيا كان مسماه, داعش او قاعدة او من منحهما بيعته فكلهم سواء يختلفون في الرؤي الضيقة المختلفة علي المصالح أو المؤسسة علي عقيدة فاسدة تستغل الدين زورا وبهتانا للتجارة به. فما حدث في طريق الواحات ليس بالحادثة الأولي التي يشهدها صعيد مصر في الأعوام الأخيرة فقد سبقتها وقائع منذ عام2014 كما في حادثة الفرافرة وحوادث المنيا و اسنا والبدرشين, وهي حوادث اعادت للأذهان ارهابا ضرب الصعيد في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ولكن حوادث اليوم تختلف في تسليحها و كوادرها وارتباطاتها بعناصر الإرهاب في الخارج. وهو ما يطرح سؤالا عن تغير خريطة الإرهاب داخل مصر وخارجها. لابد ان نتوقف أمام حادثة كمين الفرافرة في يوليو من عام2014 و التي راح ضحيتها نحو21 مجندا مصريا من حرس الحدود في هجوم لعناصر ارهابية بقذائف الأر بي جي و قذائف الهاون وكانوا يرفعون أعلام داعش. كان من ابرز الأسماء في تلك الحادثة اسم المتهم الهارب الي اليوم والمحكوم عليه غيابيا بالإعدام هشام العشماوي وهو ضابط صاعقة تم فصله من الجيش المصري لفكره المتطرف. الحديث عن هشام العشماوي وفقا للتقارير المتاحة لا يعني فقط الحديث عن تكفيري متطرف كان ينتمي للقوات المسلحة وتدرب بين صفوفها, ولكنه يعني الحديث عن ترابط تنظيمات الارهاب في شمال افريقيا واستقرارها في ليبيا وخاصة في الشرق والجنوب. فعشماوي الذي اعلن في عام2015 تأسيسه تنظيم المرابطون في مصر وموالاته للقاعدة التي منحه قائدها الحالي ايمن الظواهري استهلال أول تسجيل له, بعد انفصاله عن تنظيم انصار بيت المقدس لمبايعته داعش, يرتبط بمختار المختار المكني بخالد ابو العباس الجزائري المؤسس لتنظيم المرابطون في عام2013 في مالي وشمال افريقيا و الذي استقر هو الاخر في ليبيا و ادعي الغرب قتله اكثر من مرة كان اخرها نوفمبر2016 ولكن الأمور تؤكد بقاءه علي قيد الحياة. وهو ما يعني أن القاعدة النشطة في شمال افريقيا ترتبط ببعضها عبر تنظيمات فرعية تستمد الدعم و العون من بعضها البعض دون الإقتصار علي تنفيذ مهام فردية او محلية الهدف بتمويل أو صمت مخابراتي دولي سمح لها ببيع النفط أحيانا والمخدرات احيانا اخري و الاتجار في البشر في احيان ثالثة بالإضافة للسلاح بالطبع, وبخاصة في بلد مثل ليبيا التي هيأ اقتحام الناتو له بتفويض عربي للأسف في عام2011 لفتح مخازن سلاح وتركها لمن طلبها بما قدره البعض بنحو20 مليون قطعة سلاح تم السيطرة عليها من قبل جماعات مسلحة. ليس هذا وحسب بل لابد من التوقف عند حدود مصر الجنوبية والجنوبية الغربية مع دولتين من المعروف تهريب حدودهما للارهابيين والسلاح وهما السودان وتشاد. فليس خافيا علي احد وجود معسكرات لتدريب الارهابيين في السودان التي اعلنت قوات الجيش الليبي عن مهازل تمت ربما بعلم النظام الحاكم هناك وسمحت بتهريب سلاح وإرهابيين الي ليبيا. علي الجانب الاخر لابد من التوقف مع ذلك التقرير المخابراتي الذي نشرته روسيا اليوم وتحدث عن تجمع اممي للإرهاب في أفغانستان يجري الأن تحت سمع وبصر القوات الامريكية التي توجد في هذا البلد المنكوب بالسلاح والتطرف منذ سنوات سبقت احتلالها له في عام2001 بدعوي الثأر والقضاء علي تنظيم القاعدة الذي لم تقض عليه ولكنه واصل انتشاره و توغله في دول العالم. نعم تتغير خريطة الارهاب في مصر والعالم و يزيد تشابكها في ظل غياب أرادة حقيقية لدول الغرب في محاربة ما صنعته من ارهاب بات يطارد امنها ولكنها غير جادة في محاربته سعيا وراء مصالح لم يعد خافيا علي احد ملامحها. ومن هنا تأتي أهمية الدولة القومية التي لا ملاذ لنا عنها. وللحديث بقية.