طالبنا كثيرا بضرورة وضع حد لحالة السيولة الإعلامية التي ظهرت آثارها الضارة ليس فقط علي علاقات مصر ببعض الدول الشقيقة ولكن أيضا علي المواطن المصري بالدرجة الأولي حيث يكاد يجمع كثير من بسطاء المصريين علي هجرانهم للشاشة الصغيرة بفضل ما باتت تتسبب فيه بعض برامج الفضائيات من حالات شديدة من الاحباط بما تهتم بعرضه من قضايا لا طائل من وراء عرضها سوي تكريس عدم الطمأنينة في نفوس الناس ونشر حالة الذعر بين جمهور المواطنين. والأخطر من كل ذلك هو تشويه صورة المجتمع المصري بتكثيف الضوء الاعلامي علي مثل تلك القضايا وفرد مساحات واسعة علي الهواء لمناقشتها عبر ضيوف بات ظهورهم علي تلك الشاشات مقررا شبه يومي للدرجة التي قد يختلط فيها الأمر علي المشاهد حول اذا ما كانت تلك الحلقة تبث بشكل مباشر ام إنها اعادة. واحقاقا للحق فقد لاحظت في الآونة الأخيرة أن هناك نوعا من الانضباط في الآداء الإعلامي فيما يخص القضايا السياسية الوطنية, ولم يقتصر الأمر عند مجرد الانضباط في التناول الاعلامي ولكن جاء ذلك الانضباط ممزوجا برسائل تنويرية تقف برجل الشارع البسيط علي حقائق الأمور دون افراط أو تفريط, وهو الأمر الذي نجم عنه من دون شك زيادة الوعي بقضايا الوطن السياسية ومواقف القيادة المصرية من مختلف تلك القضايا وهوما يسهم في تحصين الادراك العام ضد التزييف والتحريف والمغالطات التي غالبا ما يستعملها المتربصون بالوطن لتشويه كل انجاز داخلي أو خارجي. ذلك الانضباط وما نجم عنه من مردود ايجابي غاب تماما ونهائيا عن تناول الاعلام لقضايا المجتمع المصري وقد ظهر ذلك في تسليط الأضواء علي بعض الفتاوي الغريبة التي يرتكز معظمها علي جانب واحد فقط من الجوانب الانسانية ألا وهو الحياة الجنسية, والغريب أن تجد من يبرر للحديث في تلك الموضوعات علي أنها ثقافة دينية عامة, بينما أري أنها موضوعات لا يجب التطرق إليها بهذا الشكل الفج الذي يخشي به افراد العائلة الواحدة الاستماع اليه مجتمعين, كما أنها في تقديري نوعا من الثقافة لا يضر الجهل بها او حتي تجاهلها بدلا من نشرها والهاء الرأي العام بها وتعريف الصغير والكبير بها في زمن تتكالب فيه الامراض الاجتماعية علي جسد المجتمع المصري جراء ما مر به من ظروف تركت اثرها الواضح عليه. واعيب علي بعض المنصات الاعلامية اعتبار الفيس بوك وتويتر بمثابة مصادر اساسية لموادهم الاعلامية, فالملاحظ أن هناك عددا من هذه المنصات يستقي مادته الاعلامية مما يتم نشره عبر هذين التطبيقين من تطبيقات التواصل الاجتماعي, حتي لو كان ما يتم نشره عليها يهدف للإثارة والبلبة واشاعة الشعور بالخطر لدي الرأي العام, وهنا اري ان عمليات الفلترة والغربلة والانتقاء كلها عمليات غائبة عن اداء هذه المنصات اعلاميا ولا اعرف في الواقع تفسيرا حقيقيا وراء ذلك الغياب, هل هي تصرفات فردية وتوجهات شخصية من جاب فرق اعداد بعض برامج تلك الفضائيات ؟ أم انها سياسة عامة لتلك الفضائيات باتت تعتمد فيها علي مخاطبة غرائز المشاهد بموضوعات يتم تغليفها بإطار من المنطقية والعقلانية وكذلك يتم الدفع بفكرة الخوف علي المجتمع وتوعيته ضد بعض تلك القضايا التي باتت تشكل ظواهر بعض تسليط الاعلام الضوء عليها, وهنا اشير بكل اسف إلي ما تم تداوله عبر صفحات الفيس بوك بشأن ظهور علم المثلية في حفل غنائي علي أرض مصر وهو الظهور الذي بدلا من ان يتم تجاهله تم الاحتفاء به اعلاميا.