كانت تنظر بعينين زرقاوين كسماء نيس الصافية إلي مياه الكوت دازور الحالمة لم يكن يشغل بال الحسناء الفرنسية أجواء الحرب العالمية الثانية التي تدور من حولها هي وأسرتها فقطار حياتها القصير يتخطي محطة السادسة عشرة من عمر مفعم بحيوية نضرة ودفء عائلي زكي فهي ابنة لمهندس معماري مرموق وتحتمي في دلالا بأشقاء وشقيقات يشارونها أحلام الشباب الوردية وطموحات قادم لا محالة اركضي.. اهربي.. ضمي الأبناء إلي صدرك لا تتركيهم يفلتون من بين ذراعيك.. تشبسوا بأمكم.. لا تخافوا يا أحبائي.. لات.. لم تفهم سيمون لماذا يصرخ والدها, وما معني البوليس النازي, ولماذا أتي هؤلاء الجنود إلي مدينتها التي تعشقها منذ ولادتها في.1927 استيقظت لتجد نفسها في معسكر الاعتقال النازي الشهير اشفيتز برفقة أمها وأختها مادلين مازالت سيمون تتذكر نظرات فزع الفراق في أعين والدها جاكوب وشقيقها لم يفارقها صوتهما الذي تباعد وهما يقاومان المحتل النازي حتي سكت إلي الآبد في معسكر في ليتوانيا وبعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية لم يبق من عائلتها إلا شقيقتان وذكريات مريرة تجترعها بين الحين والحين أثناء المضي قدما في مسيرتها النضالية فور الإفراج عنها, درست سيمون جاموب القانون بدأت حياتها المهنية كمحامية, ثم تزوجت من انطوان فاي وسعدت بأسرة صغيرة من زوج محل وأبناء ودعاء بارين وأصبحت سيمون فاي, المعروفة بشخصيتها القوية ودفاعها عن الحق والعدل والقيم الإنسانية, من بين الشخصيات النسائية المفضلة لدي الفرنسيين علي الإطلاق قاضية ذات كفاءة عالية, أول رئيس للبرلمان الأوروبي المنتخب بالإقتراع العام في1979, أول وزير دولة في حكومة فاليري جيسكار ديستان, وزيرة الصحة في حكومة إدوارد بالادور, وزيرة للشئون الاجتماعية, رئيس المجلس الدستوي بين عامي1998 و2007 إلخ.. وفي عام2008 فتحت الأكاديمية الفرنسية أبوابها علي مصاريعها لتجتاز سيمون فاي عتبتها الماسية فيحفر اسمها في مجمع الخالدين وكما هو العرف السائد في هذه المؤسسة العريقة, تقدت سيمون فاي السيف الأكاديمي الرمزي الذي تمنحه الأكاديمية لأعضائها الخالدين. كنت أستمع إلي صوتها الناعم وفي الوقت نفسه أنصت إلي كلماتها الحادة الثاقبة وهي تتحدث وبجوارها علي المنصة الرئيس الفرنسي الأسبق قوية هي كلماتها, تعرف طريقا واحدا لا يتغير, إصابة بدون قفازات الدبلوماسية الفرنسية لم يخفق قلب سيمون فاي في مسيرتها الاستثنائية إلا للقضايا التي ناصرتها والشخصيات التي أبهرتها من أمثال جميلة بوحريد وفاطمة نسومر وفتيات17 أكتوبر1961 اللآتي روين أرض الجزائر بدمائهن لتطهيرها من أشواك الوجد الفرنسي آنذاك. وفي صبيحة يوم الجمعة30 يونيو2017 ألقت سيدة العصر, كما كان يطلق عليها أبناء وطنها الأم, النظرة الأخيرة من شرفة منزلها علي باريس الجميلة رحلت المتمردة الأبدية كما كان يطلق عليها عشاقها من أبناء الجزائر الحرة ودعت نصير الحق والعدل والمساواة دنيا النضال لتظل الأيقونة الفرنسية الحقيقية لأبرز الوجوه السياسي والإجتماعية الفرنسية التي غيبها الموت عن عمر ناهز89 عاما محفورة في ذاكرة التاريخ. رحلت سيمون فاي عن عالم الأحياء وهي تتقلد سيفا أكاديميا طلبت أن يحمل علي حافته البراقة اللامعة رقم78651 رقم كانت تحفظه عن ظهر قلب. إذا كان مرسوم علي ذراعها عندما كانت سجينه في معتقل اشفيتز