أخيرا بعدما رأي تشكيلها النور تجتمع اليوم الهيئة الوطنية للصحافة في جلسة ينتظر نتائجها الوسط الصحفي بعد انتظار طال أمده, حيث يناقش فيها الأعضاء الجوانب الإجرائية, والنظر في واحدة من أهم القضايا المثارة في الوسط الصحفي. ألا وهي معايير وقواعد اختيار القيادات الصحفية, وربما تحديد موعد قريب للإعلان عن إزاحة القيادات القديمة التي ربما يستحق بعضهم المحاسبة والمساءلة علي ما اقترفوه في حق المؤسسات التي يديرونها بأعصاب ونفوس مريضة وسلوك النشطاء. وحسنا قررت الهيئة إيقاف كافة قرارات القيادات الصحفية دون الرجوع إلي الهيئة لحين إجراء التغييرات. والحقيقة أنه وعلي مدي أكثر من أسبوع منذ تشكيل الهيئة لاحظ الجميع أن هناك ضغوطا ومطالب ملحة من جانب الأخوة الصحفيين في مختلف المؤسسات القومية, فيما يتعلق بمسألة تغيير القيادات الصحفية, حيث بلغ الاحتقان مداه, نتيجة سوء الأداء, وطول فترة البقاء, وغياب أدني حد من الحوار والتفاهم, بجانب تصاعد الخلافات وغياب أدني حد من المسئولية الأخلاقية والإنسانية والقانونية, من جانب بعض القيادات التي يبدو أنها جاءت في غفلة من الزمن, فضلا عن غياب أي دور للمجلس الأعلي للصحافة في التعامل مع المشكلات التي تم عرضها علي أعضائه, وهو الأمر الذي فجر الصراعات وعطل العمل, ففقدت المؤسسات دورها واهتزت قيمتها وهيبتها فضلا عن ضعف أدائها وتراجع مواردها. ولقد لفت انتباهي أن تصريحات رئيس الهيئة الجديدة وأعضائها تنم عن إلمام وإدراك كامل بطبيعة المشكلات التي تثقل كاهل المؤسسات, حيث أشار رئيس الهيئة إلي أن40% من المشكلات ستحل بتغيير القيادات القديمة التي ظن بعضهم أنهم يتحكمون في ملكياتهم الخاصة دون اعتبار للوائح والقوانين, بجانب تصريحات الأعضاء التي جعلت من عملية تغيير القيادات الصحفية ذات أولوية علي الرغم من أنه لم تمر ساعات علي تشكيل الهيئة, وعلي الرغم من حجم المسئوليات الكبيرة, ولما لا يكون هذا الوعي. وغالبية أعضاء الهيئة هم أبناء المؤسسات وعلي دراية كبيرة بأهم الأسباب التي تقف خلف أزماتها, وبلا شك معروض أمامهم عشرات إن لم تكن مئات الشكاوي من جانب الصحفيين والعاملين في المؤسسات في حق هؤلاء القيادات البائسة. في مجمل ما طرحه رئيس الهيئة وأعضاؤها من عوامل اختيار القيادات نجد أنها تمحورت حول عدد من المعايير أهمها: الكفاءة والخبرة وهما شرطان بديهيان, وثانيها القدرة علي لم الشمل والتواصل الإنساني والاجتماعي. ولعل هذا الشرط تم الالتفات إليه بعد الكوارث التي تسببت فيها بعض القيادات السابقة نتيجة عزلتها وظروفها الاجتماعية الخاصة وتخندقها الأيديولوجي وتشنجها وخبرتها واحتكاكها المحدودين بالناس والمسئولين في المجال العام, وثالثها, السيرة الشخصية الحسنة والاتزان النفسي وهي عوامل ضرورية حتي لا تصطدم أي مؤسسة بشخصيات غير سوية تلعب الكراسي برئوسها فيكونون وبالا عليها, ورابعها, اختيار شخصيات وكوادر قادرة علي إنقاذ هذه المؤسسات من كبوتها وأن تكون لديهم القدرة علي التفكير خارج الصندوق, والحقيقة أن خبرة القيادات الحالية قد أعطتنا درسا أنه ليس شرطا أن يكون شخصا متفوقا في تخصص بعينه أن يكون ناجحا كقائد لمؤسسة مهمة, واخيرا أن تكون القيادات قادرة علي تحقيق آمال وطموحات القطاع العريض من العاملين, وهذا عنصر افتقدته المؤسسات خلال الفترة السابقة, فحلت الصراعات بدلا عن التفاهم وعم الفشل بدلا عن النجاح, وأهم من كل ما سبق أن تكون القيادات في صف الدولة وليست خنجرا في خصرها. لا شك أن المسئولية كبيرة, لكن الجماعة الصحفية والعاملين في كل المؤسسات يرون أن الهيئة لن تخذلهم وخلال أيام قليلة سوف يتم التغيير المنشود, ونتخلص من عبء جاءوا في غفلة وتصرفوا بلا ضمير أو حكمة.