فتحت ثورة الخامس والعشرين من يناير شهية بعض الكتاب ناحية إصدار عدد من الكتب تتناول أحداثها معبرين بشكل أو بآخر عن مكنون خزائنهم خلال فترة زمنية لم تتجاوز الشهرين هي تاريخ الثورة التي مازالت قائمة ومستمرة ولا يعرف أحد إلا الله إلي أين ستذهب وإلي ماذا ستنتهي.. هذه الكتب لفتت بمضمونها أنظار عدد من النقاد منهم من أيد فكرتها ومنهم من عارضها مؤكدين علي ضرورة أنه كان يجب علي الكتاب أن يتريثوا لبعض الوقت قبل الكتابة عن الثورة.. في هذه السطور رصدنا آراء بعض النقاد فإلي نصها. في البداية سألنا الناقد الدكتور مصطفي الضبع أستاذ النقد الأدبي عن رأيه في الكتب التي صدرت فقال لا نجحر علي من ألف وكتب عن الثورة وليس شرطا أن الكتابة السريعة ضعيفة ولا استطيع إبداء الرأي في أي من الكتب لأنني لم أتابعها جميعا ولكن السؤال الذي يطرح نفسه.. هل انتهت الثورة لنكتب عنها مكتملة..؟ اعتقد إذا كانت الكتابة تأريخا ستكون جزئية أما إذا كانت ابداعية فيجوز للشعراء فقط اقتناص الحالة الشعرية والتعبير عنها وظهر هذا بالفعل من خلال عدد كبير من القصائد وأضاف الضبع هناك شكل آخر من الكتابات تتمثل في الكتابة التي تدعي التنبؤ بالثورة.. عن نفسي لا أستطيع التوافق مع هذه الكتابات لأن فكرة التنبؤ تكون ناقصة هنا, لأننا لم نكن نتوقع أن نتخلص من النظام القديم إلا بثورة ولكن بأي شكل أو أي وسيلة لم نكن نتخيل. كما انني أتوجس من الكتابات التي تقول انها تنبأت بالثورة لأن التنبؤ لا يكون له فاعليته إلا من خلال تأثيره في المتلقي ليدفع الناس للخروج للثورة. فيما يري الدكتور يسري العزب أستاذ الأدب الشعبي أن الإبداع لابد وأن يأخذ وقته ليستوعب المبدع ما حدث للتعبير عنه ولكن هناك أحوال وظروف قادرة علي شحن المبدع بسرعة وبقوة لتفتح له ينابيع من الابداع وهذا بالطبع لا يتكرر كثيرا. ولكن هناك من يركب الموجة كما يحدث في عدد من المجالات مثل الرواية والقصة. وحتي المقال.. وبرأيي أن الجيد من المكتوب الآن سيكون قليلا جدا ومع الزمن وتراكم خبرات القاريء ستبقي كتابات وتقع أخري وسوف تظهر كتابات أخذت حقها من التشبع وهذا ما حدث بالفعل مع معظم الكتابات التي تناولت الأحداث الكبيرة في العالم. في حين رأي الناقد الدكتور حسين حمودة أن ما تحقق من الثورة يستحق ويكفي تقديم تجارب متنوعة للكتابة في مجالات مختلفة وأضاف حمودة ربما هناك وقائع وأحداث أخري قادمة للثورة لكن ما حدث حتي الآن يكفي لإمداد الشعراء والروائيين والقصاصين والسينمائيين وغيرهم بمادة غنية وإن كان علينا أن نلاحظ أن الأنواع الابداعية تختلف من حيث قدرتها علي التعبير السريع عن الوقائع الكبري لذلك ربما يكون الشعر أكثر قدرة لاستجابة السريعة من الرواية مثلا وأري أن وقائع الثورة المصرية أكبر من أن يتم التعبير عنها في فترة محدودة. أما الناقد والمترجم ربيع مفتاح فيؤكد أن هذا يعتمد علي نوع الكتب فإذا كان الهدف هو التوثيق فهي تفند لبعض الأحداث والشخصيات والأحوال التي تمت في الثورة.. أما لو كانت إبداعية فصعب دائما الإبداع في اللحظة التي يكون فيها الحدث مشتعلا.. ولابد من مرور فترة ما لاختمار هذا الحدث ثم يستدعيه المبدع في لحظة فارقة لعمل إبداعي سواء علي مستوي الشعر أو الرواية أو غير ذلك ولا ننسي أن هناك كتبا ألفت لتحقيق ربح وهذا غير لائق لأننا أمام حدث عالمي وثورة فريدة لم تحدث في مصر منذ سنوات عديدة فهي أقوي من ثورة1919 وأقوي من ثورة1952. ويري الشاعر محمد فريد أبو سعدة أن الكتابة التي تحاول أن تكون أسيرة السبق أو الريادة وهي لم تستوعب الثورة بعد ستكون ضعيفة وتقف أمام مكسب تافه وقليل واستكمل سعدة حديثه فقال: الثورة مازالت تعد بأشياء كثيرة وربما تفاجئنا كل يوم بمفاجأة والكتابة عنها الآن تعد ابتسارا لها واختصارا مملا وسخيفا والدليل حتي الآن وبعد مرور30 سنة علي حرب أكتوبر لم نصنع عملا عظيما يستحق هذه الحرب فكيف لنا الآن أن نكتب والعجلة مازالت تدور والثورة لم تكتمل بعد.