منذ سنوات عديدة مضت بدأت شمس مصر تغرب عن افريقيا حتي اختفي تماما الوجود المصري بالقارة باستثناء البعثات الدبلوماسية الموجودة في الدول الافريقية والتي تعتبر من اكبر البعثات بها حيث يوجد تمثيل دبلوماسي مصري فيمعظم الدول الافريقية بل ان مصر هي اكبر دولة افريقية وعربية لها تمثيل دبلوماسي في القارة السمراء ولكن الواقع الفعلي يؤكد ان هذا التواجد المكثف للبعثات المصرية لا يحقق النتائج المرجوة منه باستثناء بعض البعثات التي تعمل علي رفع اسم مصر وتدعيم العلاقات في كافة المجالات وحتي لا تتحمل وزارة الخارجية وحدها عبء ضياع التواجد المصري في افريقيا لابد من القول ان النظام السياسي السابق كله يتحمل المسئولية خاصة الرئيس السابق حسني مبارك والذي كان يرفض دائما المشاركة في اي مؤتمرات او اجتماعات افريقية خاصة قمة الاتحاد الافريقي السنوية في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا منذ ان تعرض لمحاولة اغتيال بها عام199.9 وطوال تلك السنوات تراجع الدور المصري كثيرا في افريقيا وفقد الوزراء والمسئولون اي اهتمام بالقارة وقد لمست ذلك بشكل واضح خلال زيارتي الاسبوع الماضي الي اثيوبيا بدعوة من لجنة الاممالمتحدة الاقتصادية لافريقيا ومقرها اديس ابابا للمشاركة في ورشة عمل حول التنمية في القارة وما تشهده من تطورات خاصة في مصر وتونس وليبيا وتأثير ذلك علي التنمية, حيث القيت محاضرة لاكثر من30 صحفيا افريقيا حول ما تشهده مصر من تطورات وتداعيات ثورة25 يناير ودور المجلس الاعلي للقوات المسلحة في تلك المرحلة الانتقالية الهامة في تاريخ مصر. وعقب انتهائي من الحديث استقبلت سيلا من التساؤلات حول مستقبل العملية الديمقراطية في مصر ودور الاعلام في تلك المرحلة الحساسة وعلي الرغم من اهمية تلك التساؤلات الا انها كانت متوقعة في ظل الظروف التي تمر بها مصر ولكنني فوجئت بمجموعة كبيرة من الاستفسارات عن غياب الدور المصري في افريقيا وعدم اهتمام مصر بقضايا القارة علي الرغم من اهمية مصر ودورها بالنسبة لافريقيا. وقد لمست ذلك بالفعل حيث عقدت عدة اجتماعات للنيباد, الشراكة الجديدة لتنمية افريقيا, في مقر الجنة الاقتصادية للامم المتحدة باثيوبيا لم يشارك فيها اي مصري سواء من الخارجية او من السفارة المصرية في اثيوبيا وعندما سألت سكرتارية الاجتماعات عن سر غياب التواجد المصري اكدوا لي انه تم ارسال الدعوة لمصر ولكن لم يحضر احد. واكتشفت ان التواجد الدبلوماسي المصري في اثيوبيا غير مؤثر بدرجة كبيرةوان ثقله او وزنه داخل الاوساط السياسية والدبلوماسية في اثيوبيا يحتاج الي اعادة نظر علي الرغم من العدد الضخم للبعثة المصرية هناك ولكن الحال في اثيوبيا ليس افضل منه في الكثير من العواصم الافريقية الاخري والتي تحولت السفارات المصرية بها الي مجرد تمثيل مشرف فقط بل ان بعض الدبلوماسيين قالوا لي ان التعيين في افريقيا يعتبر بمثابة عقاب بالنسبة لنا وبالتالي ينعكس ذلك بصورة كبيرة علي اداء البعثات الدبلوماسية في افريقيا. واعتقد اننا بحاجة الي رؤية جديدة للتعامل مع القارة السمراء رؤية تعيد لنا تواجدنا الذي فقدناه تقوم علي اعطاء اولوية قصوي للعلاقات المصرية الافريقية خاصة مع دول حوض النيل وكذلك تفعيل الدور المصري في المنظمات الافريقية وفي مقدمتها الاتحاد الافريقي حيث تدفع مصر15% سنويا من ميزانية الاتحاد و التواجد بصورة مستمرة في المحافل الافريقية بالاضافة الي تشجيع رجال الاعمال والقطاع الخاص علي الاستثمار في الدول الافريقية. نأمل ان ننجح خلال المرحلة المقبلة في تجاوز الحواجز وازالة العوائق امام العلاقات المصرية الافريقية وان يشعر المواطن الافريقي بوجود مصري حقيقي علي ارض القارة السمراء.