مع كل أزمة جديدة تصيب اللحوم في مصر يبدأ الحديث عن مشروع البتلو الذي يراه البعض طوق النجاة الذي ينقذنا من أزمات اللحوم المتكررة خاصة أزمة زيادة أسعارها ووصول سعر الكيلو منها أحيانا لستين جنيها. لدرجة لا يستطيع معها المواطن البسيط شراءها ويكون خياره الوحيد هو الاستغناء عنها وهناك ايضا مشكلة اللحوم المستوردة التي تضطر معها الدولة للاستيراد من بعض الدول كأثيوبيا والهند لسد الفجوة بين معدل الاستهلاك والانتاج المحلي وإذ كان مشروع البتلو بعد ضحية لمافيا تجارة اللحوم في مصر ماقبل25 يناير إلا أنه بعد الثورة بدا الطريق ممهدا لوضع حلول جذرية لمشكلات قطاع اللحوم بهدف إستقرار الأسعار وتحقيق الاكتفاء الذاتي دعم الاعلاف في البداية يؤكد الدكتور أحمد فرحات نقيب الأطباء البيطريين ان دعم الأعلاف هو الوسيلة الوحيدة لتفعيل المشروع لتشجيع صغار المربين علي المشاركة في المشروع واحتفاظهم برءوس الماشية بدلا من ذبح العجل عند وزن50 أو60 كيلو والذي يعد مخالفا للقانون ويمثل خطورة شديدة علي الثروة الحيوانية, ويسهم في تفاقم ازمة اللحوم البلدية في وقت تحاول الدولة فيه حل المشكلة بالاستيراد من الخارج لسد الفجوة بين الانتاج المحلي ومعدلات الاستهلاك. ويضيف فرحات ان الخطر الذي يجب ان نواجهه بكل حزم هو ذبح الماشية اقل من الوزن المنصوص عليه في القانون موضحا ان هناك مجزرة تتم يوميا في كل نجع وقرية بالأقاليم بالإضافة إلي الذبح خارج المجازر والتي تتم احيانا داخل البيوت. قانون مع ايقاف التنفيذ ويري محمد وهبة رئيس شعبةاللحوم بالغرفة التجارية ضرورة تطبيق قانون لحظر ذبح العجل الجاموسي اقل من300 كيلو أو عمر سنتين مثلما الحال مع العجل البقري الذي يسري عليه هذا القانون حيث يعد العجل الجاموسي من السلالات النادرة التي تتطلب مزيدا من الجهد للحفاظ عليها بالإضافة إلي ضرورة احياء مشروع البتلو الذي لم يلتفت اليه المسئولون السابقون بل تم التلاعب وتعطيله هاكثر من مرة رغم نجاحه والتأكد من عائدة علي مستويين, اولهما انخفاض اسعار اللحوم بشكل ملحوظ حيث تزداد كمية اللحوم الموجودة في السوق بالإضافة إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم خلال فترة لاتزيد علي خمس سنوات بل وتوفير اطنان من اللحوم تتوقف معها حاجتنا إلي اللحوم المستوردة. ويري د. فكري محمد حسين عميد كلية الطب البيطري جامعة الاسكندرية ان تفعيل مشروع البتلو سيساعد علي سد الفجوة بين الاستهلاك وكمية الموجودة وهناك عدة مراحل تضمن تفعيل المشروع بالشكل الذي يؤدي إلي النتائج المرجوة وتبدأ أولا بدعم المربين لانهم الحلقة الأولي في سلسلة المشروع وتوفير جميع احتياجاتهم وخصوصا من الاعلاف وبأسعار مناسبة حتي يتمكنوا من رعاية العجول ويطمئن كل مربي علي ارباحه التي ستتحقق له من جراء احتفاظه بالرؤوس. ويؤكد عميد الطب البيطري جامعة الاسكندرية أهمية الاهتمام بالناحية العلمية من خلال تنمية وعي المربين بأساليب التغذية والعلاج اللازم وللعجول وطرق التربية السليمة التي تحميها من الاصابة بالأمراض إلي توعيتهم بأضرار الذبح خارج المجازر واعطاء الطبيب البيطري صفة الضبطية القضائية لكشف المخالفات. 120 كيلو لا تكفي ويؤكد د. سعيد عمر استاذ رعاية الحيوان وعميد كلية الزراعة جامعة المنوفية ان استمرار ذبح الاناث اقل من وزن400 كيلو يمثل اهدارا للثروة الحيوانية رغم ان نص القانون يحدد وزن120 كيلو, هذا الوزن الذي لا يصل معه العجل إلي المرحلة الملائمة لذبحه لذلك لابد من تعديله في اقرب وقت خاصة ان الدولة تمر بمرحلة تحتاج فيها إلي زيادة الثروة الحيوانية لتفادي أي ازمات. دور الجهاز الاعلامي ويري د. سعيد عمر إن للجهاز الاعلامي دور كبير في تنمية الوعي حول أهمية تربية العجول وتعليمهم سبل رعايتهم وتقديم حملات ورسائل اعلامية مقدمة للمربين والجزارين تشرح فيها جميع مراحل مشروع البتلو وتوضح مزايا القروض بالفوائد المدعمة حتي لا يقوم المربون بالتخلص من العجول لعدم القدرة علي تغطية تكلفتها. ويؤكد د. عبده جاد استاذ التغذية بمعهد بحوث الانتاج الحيواني انه لا بديل عن تغيير القيادات داخل وزارة الزراعة حتي يتم تنفيذ جميع المشروعات الاصلاحية التي تساعد علي زيادة الثروة الحيوانية وليس فقط مشروع البتلو فهناك مثلا مشروع تحسين غذاء الحيوان والذي يتناول كيفية استخدام المخلفات الزراعية عن طريق رفع قيمتها الغذائية تحت مسمي اعلاف غير تقليدية هذا المشروع هدفه تقليل تكلفة الاعلاف الحيوانية في الوقت الذي نضمن فيه تغذيتها ايضا بالتالي هناك العديد من المشروعات التي تحتاج الدعم لتتحول لحقيقة واقعة وليس مجرد افكار واقتراحات علي الورق لانها ستساعد علي تنمية الثروة الحيوانية بشكل كبير. متابعة القروض ويضيف جاد ان مشروع البتلو خلال سنوات تطبيقه الاولي كان يحقق هدفه تماما فكان يتم تسديد القرض علي عدة سنوات لذلك فلم تكن تمثل ضغطا علي هؤلاء المربين خاصة مع ظروفهم المادية ولكن ما كان يعيب التنفيذ عدم متابعة القرض بعد تسليمه للفلاح وبالتالي الحل الوحيد هو تغيير النظام القديم بالكامل وان يكون هناك مراقب لكل مربي بعد تسلمه القرض وفرض غرامة علي أي مخالفة أو استخدام للقرض في غير محله والتأكد من وصول العجل للوزن المطلوب عند ذبحه. ووزارة الزراعة ترد ويؤكد د.توفيق شلبي: المشرف علي الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة ان مشروع البتلو مستمرا حتي الآن ولم يتوقف سوي مرة واحدة فقط في التسعينيات ثم عاد مرة أخري علي أسس جديدة تلائم المرحلة وحتي الآن يسير المشروع بخطا ثابتة حتي ان الوزارة تتفاوض الآن مع الصندوق الاجتماعي لدعم المشروع بشكل أكبر وزيادة الدعم المخصص له. ويضيف د/ توفيق شلبي ان وجود القانون لا يمنع من مخالفته لأن الوزارة لا تستطيع منع جميع المخالفات التي تحدث داخل المجازر او خارجها بالتالي فإن الرقابة تأتي من المسئولين عن المجازر ومن المحليات من خلال ما يسمي بالضبطية القضائية. ويقول شلبي ان مشروع البتلو ليس العصا السحرية التي يصورها البعض علي انها الحل لأزمة أسعار اللحوم لأن الاسعار تتوقف علي مسألة العرض والطلب ولا دخل لمشروع البتلو بها بالاضافة الي استحالة تحقيق مصر للاكتفاء الذاتي من اللحوم بل يضمن المشروع فقط تضييق الفجوة لأن اللحوم مرتبطة بنمط استهلاكي معين وعدد السكان الذي يتزايد باستمرار وفي المقابل لاتزيد الحيوانات بنفس القدر بالتالي لا يمكن الوصول لمرحلة الاكتفاء الذاتي بل سنظل دائما في حاجة الي اللحوم المستوردة.