سرعة جنونية لسائق متهور أدت إلي تصادم كبير بين عدد من السيارات وأودت بحياة ركابها أو سيارة نقل ثقيل يفرض سائقها قانونه الخاص بقواعده المرورية التي وضعها لنفسه ليتسبب في حادث كبير وضحايا لم يضعوا في الحسبان تلك القواعد الخارقة للقانون لينتهي الأمر بكارثة يختلف عدد الضحايا فيها وفقا لقدر العناية الإلهية وفي النهاية النتيجة واحدة دماء لا تجف أبدا علي الأسفلت ولا يقتصر الأمر علي حوادث المرور التي ينتهي معظمها بنهاية القتل الخطأ فهناك العديد من الحوادث والقضايا التي لا يناسب عقابها حجم الجرم المرتكب فيها ليتحول القصاص ذلك اللفظ القرآني الذي ذكره الله عز وجل في كتابه العزيز إلي كلمة مطاطة لا يشعر المجني عليه بمعناها في ظل عدم ملاءمة العقاب للجريمة. لتبقي الفجوة موجودة بل وتتسع كل يوم مع اختلاف وتنوع حجم الكوارث والجرائم التي يبحث بعضها ربما عن تعديل قانوني واجب من أجل تحقيق الردع فيما يحتاج البعض الآخر إلي التطبيق من الأساس علي المخالفين. الأهرام المسائي ترصد عدد من القوانين التي تتسبب في كوارث وحوادث كبيرة وفي المقابل لا يتم تفعيلها بالشكل الذي يحقق مبدأ الردع, كما تتطرق إلي أيام من المعاناة يعيشها الضحايا باختلاف قضاياهم في انتظار نهاية واحدة وهي الشعور بالإنصاف. قرار حظر سير المقطورات إلا في ساعات محددة صدر بعد التأكد من تسبب سيارات النقل الثقيل في نسبة كبيرة من الحوادث علي الطرق والتي تنتهي بقضية قتل خطأ إن تم التوصل إلي الجاني من الأساس فيأتي الحكم دون أن يثلج صدور أهالي الضحايا وذويهم والضحايا أنفسهم إن أبقي الله في أعمارهم. وفي هذا الصدد يقول الدكتور نبيل سالم- أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة عين شمس- إن الفرق بين العمد والخطأ كبير فالخطأ لا يعبر عن إرادة إجرامية وكل إنسان معرض للخطأ ولكن يدخل فيه عوامل الإهمال والرعونة وعدم الاحتراز, ويؤكد أن القاضي يمكنه اعتبار تعاطي المخدرات ظرفا مشددا في حال إثبات وجوده لدي السائق أثناء وقوع الحادث لتشديد العقوبة, مشيرا إلي أن تفعيل القانون بيد المشرع وكافة الأجهزة الرقابية التي ينبغي عليها التحقيق في أي حادث لتفادي وقوعه مرة أخري. ويوضح الدكتور خالد حمدي- أستاذ القانون المدني ضرورة تشديد العقوبة لردع السائقين والحد من مخالفاتهم مثل زيادة قيمة الغرامة ومنع السير فيشعر السائق بالحرمان من عمله, مشيرا إلي دور مجلس النواب المساند للحكومة في تحقيق ذلك والوصول إلي النتيجة المنشودة من خلال التحري وتقصي الحقائق وراء كل كارثة وألا تمر دون حساب وعقاب. ويضيف أن هناك ما يسمي ب الركن المعنوي للجريمة ولكن لابد من تشديد العقوبات لتعادل حجم الجريمة مثل سحب الرخصة, ويشير إلي أن عدم تنفيذ قرار حظر سير المقطورات علي سبيل المثال تسبب في العديد من الحوادث التي أكدت ضعف الحكومة وعدم قدرتها علي تفعيله وقناعة المخالفين بذلك. مفيش أي ردع هكذا بدأ اللواء مجدي الشاهد- خبير مروري- حديثه عن قوانين المرور حيث يوجد العديد من الثغرات في هذه القوانين وهو ما يجعل الكثير من المخالفين يقومون بالمخالفات مطمئنين لأن القانون غير رادع والعقوبة غير كافية. ويشير إلي ضرورة القيام بتعديل تشريعي, علي سبيل المثال ما يتعلق بالمادة80 والتي تنص علي حق المخالف في التصالح وتنتهي القضية بانقضاء الدعوي الجنائية ولا مجال للحبس أو الغرامة وإنما الاكتفاء بدفع نصف الحد الأدني من الغرامة لأنها مادة لا تحقق جانب القصاص, كما أن التشديد يكون في القوانين الأخري دون اهتمام المشرع بالتعديل في أصل القانون الخاص بالتصالح. ويضيف الشاهد أنه يجب تعديل القانون الخاص باستخراج رخصة القيادة في المادة35 في بندها الخامس والذي يشترط لإعطاء الرخصة ألا يكون المتقدم متهما في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو تناول أي مسكر باستثناء ثمانية أنواع من الرخص ومنها التوك توك والدراجة البخارية مما يزيد نسبة تعاطي المخدرات وهو ما نعانيه الآن رغم أن معظم مستخدمي الدراجات البخارية والتوك توك من الفئات الأكثر عرضة للتعاطي والإدمان ويوضح أن القانون في حالة وقوع حادث يشترط أن يكون السائق متلبسا أو أثر المخدر واضحا عليه بشكل كبير حتي يتم إثبات اتهامه بحدوث ذلك أثناء القيادة لأنه حتي إذا ثبت بعد الحصول علي عينة عشوائية من السائق لكشف التعاطي أنه يتعاطي المخدرات فإن القانون يقف عائقا أمام اتهامه بذلك أثناء القيادة لأنه غير متلبس وبالتالي يتعاطي الكثير من السائقين دون رادع لصعوبة أخذ عينة سريعة بعد الحادث مباشرة مثلا وبالتالي تسقط عنه تهمة التعاطي. ويضيف أن بعض القوانين الخاصة بالغرامة لم تعد مواتية للعصر بسبب قدم القانون وعدم تعديله وبالتالي اختلاف القيمة المالية للغرامة, حيث بات بعضها بلا أي قيمة, الأمر الذي يعطي الفرصة لمرتكب المخالفة ويفتح المجال واسعا أمام المخالفات. وعن الحوادث التي تتسبب فيها المقطورات يقول الشاهد إنه لابد من تدخل رئيس الوزراء مرة أخري لتنظيم سير المركبات وعدم تركها لكل محافظة وإخضاع الطرق لإشراف المحافظات حتي يمكن السيطرة فمثلا يخضع طريق الدائري للهيئة العامة للطرق لا للمحافظة, أما عن قانون تجاوز السرعة فيلزم السيارة الملاكي التي تتجاوزالسرعة بالحبس والغرامة أما النقل بالمقطورة والمركبات الضخمة فلا تعاقب بالحبس وإنما بالغرامة فقط. ويؤكد الشاهد أن قوانين المرور تحتوي علي العديد من الثغرات غير الرادعة التي يجب تعديلها من قبل المشرع, كما أنه يشدد علي أهمية دور مجلس النواب في مناقشة كل هذه القوانين والنظر في تعديل بعضها لتصبح أكثر ردعا. وعن تأثير عدم تحقيق الردع علي المجتمع تقول الدكتورة سهير سند- أستاذة علم الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية- إن المجتمع الذي ليس به ردع في عدم تفعيل القوانين أو تطبيقها يعطي مردودا بالتأكيد علي الاستقرار الاجتماعي, لأن القانون من شأنه تنظيم العلاقات الاجتماعية لتحقيق العدالة الاجتماعية وبالتالي إذا لم يشعر المجني عليه الضحية بالقصاص وتوقيع العقوبة الرادعة علي الجاني فهذا يؤدي إلي عدم تحقيق الاستقرار, الأمر الذي يؤدي إلي تهديد كيان المجتمع ومن الممكن أن يحدث عنف بدرجاته المختلفة ومنها, الإرهاب غير المنظم أو الفردي علي حد قولها. وتوضح سند أن الظلم الاجتماعي يجعل الضحية لا يريد اللجوء للقانون بل يدفعه إلي اتباع سلوك عنيف ياخد حقه بإيده علي حد قولها, حيث يقوم الضحية بجريمة علي الرغم من أنه ليس مجرما وهو ما يؤدي إلي أن تسود الفوضي, حيث يشعر الضحية بأن القانون منقوص وغير قادر علي تحقيق العدل والإنصاف. وتري أن السبيل للخروج من هذا يكمن في تعديل بعض القوانين لتغطية بعض الثغرات الموجودة والتي يستغلها الجاني مما يولد الفساد والمحسوبية, كما أن بعض القوانين تحتاج للتفعيل وهو دور مشرعي القوانين ومجلس النواب وتشديد عمليات المتابعة في تطبيق القانون من قبل الجهات والهيئات المعنية بذلك. اتفقوا جميعا علي وجود ترسانة قوانين معطلة, هذا المصطلح الذي تكرر أكثر من مرة علي ألسنتهم مؤكدين أن هناك قانونا مفصلا لكل حالة ولكن الأهم تطبيقها وتفعيلها بالشكل الذي يحقق مبدئي الردع والإنصاف.