الجيل الذي أنا منه والذين عاصروا الملك فاروق والأحزاب الوفد والسعديون والأحرار الدستوريون والكتلة وجماعة الاخوان والكفاح من أجل خروج الاحتلال الانجليزي ثم حرب فلسطين سنة1948. وطبعا لم تكن لدينا أدوات التكنولوجيا الحديثة, كل ما كان عندنا الراديو والتليفون الأرضي الذي يعمل مرة ويتعطل عشر مرات, وقامت حركة الضباط الأحرار سنة1952 والتف حولها الشعب وأصبحت ثورة بعكس ثورة25 يناير2011 التي قام بها شباب زي الفل مثقفون علي دراية بالتكنولوجيا الحديثة, واكتسبت شرعيتها وحمايتها بتأييد رجال القوات المسلحة, وهذا يؤكد أن الجيش من الشعب بكل طوائفه وهو الدرع الواقية في كل الأزمات, سواء كانت خارجية أو داخلية, وهذا ليس مدحا بل هو واقع, وأنا وأبناء جيلي عشنا واقعا مختلفا تماما عن الواقع الحالي فكنا تحت حكم فرد واحد وحزب واحد حتي لو قيل انه كانت هناك أحزاب فكلها أحزاب شكلية( ديكور) وكنا جميعا في حالة غيبوبة فكما كانت النساء تتعاطي حبوب منع الحمل كان الرجال يتعاطون حبوب منع الفهم, لأننا مرغمون علي ذلك, وكانت وسائل القمع من زوار الفجر وغيرهم حتي أن اثنين أحدهما شاعر والآخر مهندس صوت في الإذاعة قالا نكتة علي المقهي فكان نصيبهما الاختفاء داخل المعتقلات أكثر من سنة, وفي السنوات الأخيرة ظهرت كثير من أنواع المخدرات, البانجو وحبوب الهلوسة والكوكايين والهيروين ولا أعرف هل هذا كان بفعل فاعل أم كان الناس يريدون أن يعيشوا في غيبوبة حتي لا يعرفوا الأمر الواقع, وبفضل أبنائنا وشبابنا خرجنا من الغيبوبة وللأسف عرفنا الواقع الذي كنا نعيش فيه وكان واقعا وأمرا لا يصدقه عقل وكلنا مثقفين وغير مثقفين وإعلاميين وفنانين شركاء في صناعة الفراعنة وحتي كبير الفراعنة وكنا نسمع ونوافق علي كلامهم ونقيم لهم الحفلات ونمدح كل أعمالهم, وأنا أكتب هذا الكلام أعاقب نفسي وأبناء جيلي لأننا في صمتنا كنا مخدوعين وللحقيقة كنا مرغمين, فلما هبت ثورة(25 يناير) كانت عودة الروح لكل أبناء جيل العواجيز والذين لا حول لهم ولا قوة, هذه الثورة الشبابية والتي أسقطت النظام ورأس النظام وغيرت الحكومات وكل من حامت حولهم الشبهات في استغلال مناصبهم ومواقعهم والتي وقفت معها كل طوائف الشعب وأيدتها وساندتها قواتنا المسلحة يجب الحفاظ عليها خوفا من أعداء النجاح, ولا نترك لهؤلاء الأعداء أي فرصة لأنهم تعودوا علي العمل مع السفاحين والكلاب المسعورة التي لا تشبع, وأصبحنا جميعا نفهم ونتكلم في أمورنا السياسية ونتناقش في كل مكان وبصوت مسموع وتغيرت صحافتنا وكل أجهزة الإعلام وحتي أنا وجدت نفسي بعد عودة الروح بدلا من الكتابة في الموضوعات الفنية التي تهمني وتهم أبناء مهنتي والتي أتمني أن ترتقي لتواكب الحدث( الثورة) لأنها حتي الآن لم تقدم المطلوب منها وسأعود إن شاء الله في الكتابة عن الأعمال الفنية, ولكن مع احتفاظي بحقي بالكتابة سياسيا وهذا ما فرضه علينا أبناؤنا وشبابنا واسأل الله أن يحفظ مصر والمصريين جميعا. والله ولي التوفيق.