بدء زراعة أكثر من مليون فدان أرز.. واستنباط 4 أصناف جديدة قليلة الاستهلاك للمياه    وزير الاتصالات: من مليار إلى 2 مليار دولار تكلفة الكابل البحري الواحد    أسعار الحج السياحي والجمعيات الأهلية 2024    سول وبكين تناقشان تفاصيل زيارة وزير الخارجية الكوري الجنوبي إلى الصين    شكري يشدد على ضرورة وقف إطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية لغزة    إعلام عبري: العدل الدولية ستصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وآخرين.. لهذا السبب    حسين لبيب يهنئ لاعبي الزمالك بالتأهل لنهائي الكونفدرالية ويعد بصرف مكافآت خاصة    مصرع 5 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    ملك أحمد زاهر تكشف عن مواصفات فتى أحلامها    فيديو.. عمرو أديب يستعرض رواتب المبرمجين في مصر مقارنة بمختلف دول العالم    سامي مغاوري يتحدث عن حبه للتمثيل منذ الصغر.. تفاصيل    محافظ بني سويف يلتقى وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    بالأسماء.. إصابة 12 في حادث انقلاب سيارة ميكروباص في البحيرة    انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    تريزيجيه يصنع في فوز طرابزون برباعية أمام غازي عنتاب    منة فضالي: اكتشفنا إصابة والدتي بالكانسر «صدفة»    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    محمد أبو هاشم: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب (فيديو)    صحة الإسماعيلية تنظم قافلة طبية مجانية ضمن مبادرة حياة كريمة    «الرقابة الصحية»: القطاع الخاص يقدم 60% من الخدمات الصحية حاليا    محافظ الدقهلية: دعمي الكامل والمستمر لنادي المنصورة وفريقه حتي يعود إلي المنافسة في الدوري    بايرن ميونخ يغري برشلونة بجوهرته لإنجاز صفقة تبادلية    فرقة بني سويف تقدم ماكبث على مسرح قصر ثقافة ببا    أون لاين.. خطوات إصدار بدل تالف أو فاقد لبطاقة تموين 2024    الرئيس عباس يطالب أمريكا بمنع إسرائيل من "اجتياح رفح" لتجنب كارثة إنسانية    بعد عامين من انطلاقه.. «محسب»: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم والتوافق بين أطياف المجتمع المصري    جذابة.. إطلالة ساحرة ل ياسمين عبد العزيز في صاحبة السعادة- وهذا سعرها    تحذيرات عاجلة لهذه الفئات من طقس الساعات المقبلة.. تجنبوا الخروج من المنزل    امتحانات الفصل الدراسي الثاني.. نصائح لطلاب الجامعات ل تنظيم وقت المذاكرة    دعاء راحة البال والطمأنينة قصير.. الحياة مع الذكر والقرآن نعمة كبيرة    التغيرات المناخية وآثارها السلبية في العالم العربي.. ورشة عمل بمركز الفلك بالبحوث الإسلامية    تعرف على مواعيد امتحانات المرحلة الإعدادية في مدارس الأقصر    منها تناول السمك وشرب الشاي.. خطوات هامة للحفاظ على صحة القلب    بروتوكول بين إدارة البحوث بالقوات المسلحة و«التعليم العالي»    «حرس الحدود»: ضبط كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر قبل تهريبها    ننشر أقوال محمد الشيبي أمام لجنة الانضباط في شكوى الأهلي    إعلام عبري: 30 جنديًا بقوات الاحتياط يتمردون على أوامر الاستعداد لعملية رفح    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمرضى بمستشفى أبوكبير    رمضان عبد المعز: فوّض ربك في كل أمورك فأقداره وتدابيره خير    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    وزير بريطاني يقدر 450 ألف ضحية روسية في صراع أوكرانيا    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    رفض والدها زواجه من ابنته فقتله.. الإعدام شنقًا لميكانيكي في أسيوط    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    اليويفا يكشف النقاب عن حكم مباراة ريال مدريد وبايرن ميونخ في ذهاب نصف نهائي تشامبيونزليج    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    البوصلة    حسام غالي: «شرف لي أن أكون رئيسًا الأهلي يوما ما وأتمناها»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‏'‏الأهرام المسائي‏'‏ تحصل علي مقالين بخط يد السادات عن ثورة يوليو
لماذا ربط السادات بين فؤاد سراج الدين وقادة الوفد وعملاء إسرائيل؟ محمد نجيب دخل التاريخ مصادفة واختفت أسطورته كضباب الضحي
نشر في الأهرام المسائي يوم 23 - 07 - 2010

img border='0' alt='‏'‏الأهرام المسائي‏'‏ تحصل علي مقالين بخط يد السادات عن ثورة يوليو
لماذا ربط السادات بين فؤاد سراج الدين وقادة الوفد وعملاء إسرائيل؟
محمد نجيب دخل التاريخ مصادفة واختفت أسطورته كضباب الضحي' title='‏'‏الأهرام المسائي‏'‏ تحصل علي مقالين بخط يد السادات عن ثورة يوليو
لماذا ربط السادات بين فؤاد سراج الدين وقادة الوفد وعملاء إسرائيل؟
محمد نجيب دخل التاريخ مصادفة واختفت أسطورته كضباب الضحي' src='/MediaFiles/mesa206_18m_23_7_2010_16_5.jpg'
صباح يوم‏23‏ يوليو‏1952‏ انطلق صوت المذياع هادرا‏,‏ كان صوت انور السادات يلقي البيان الاول للثورة ومن بعدها لم يعرف السادات الا الانطلاق فبعد استيلائه علي مبني الاذاعة المصرية وبثه بيان الثورة الاول نيابة عن اللواء محمد نجيب حمله مع نجيب ايضا الي الاسكندرية الانذار الذي وجهه الجيش الي الملك للتنازل عن العرش‏.‏
ومع احتفال مصر بذكري اعياد ثورة يوليو حصلت الاهرام المسائي علي وثائق تاريخية بخط يد الرئيس الراحل انور السادات وكانتا مقالتين اعدتا للنشر بجريدة الجمهورية في يناير‏1955‏ يشرح فيهما ويوضح كل ما يتعلق بثورة يوليو‏1952‏ بداية من نشأة الهيئة التأسيسية للضباط الاحرار وكيف تكونت ومن هم اعضاؤها الي ان بدأت الثورة وماينتهي من احداث مثيرة‏,‏ وكيف واجه الضباط الاحرار العقبات من خارجها وداخلها‏.‏
وتصدرت المقالة الاولي التي خطها السادات في‏1955/1/5‏ عنوان‏'‏ الصدفة هي التي جعلت نجيب يدخل من ابواب التاريخ‏..‏ كان مقررا القيام بالثورة‏1955..‏ انور السادات يكتب قصة نجيب كاملة‏.‏
وتناولت المقالة الثانية عنوان‏'‏ الثورة والديمقراطية بقلم انور السادات‏'‏ وترجع خطورة واهمية ما خطه‏'‏ السادات‏'‏ الي انه استشعر مبكرا خطورة حركة الاخوان المسلمين وحلل أفكار الهضيبي وكشفها فكتب يقول‏'‏ الاخوان‏..‏ ان مرشدهم يدخل القصر ويخرج منه يسبح بحمد الحاكم ويعلن علي الملأ انه ملك كريم‏'.‏
بالاضافة الي رؤيته في كل من كريم ثابت ومحمود ابوالفتح وعدلي لملوم وفؤاد سراج الدين وحافظ عفيفي وغيرهم ممن يراهم اقطابا للرجعية وعطفهم علي عملاء اسرائيل في احد مقاليه‏.‏
الامور في البلاد تتطور بشكل سريع ومثير فقد ظهر مدي ايمان قيادة الوفد بالكفاح المسلح فكانت مهزلة القتال الذي كان فؤاد سراج الدين يتولاه من مكتبه بالداخلية ثم بدأ القصر يتآمر وبدأ الوفد يتراجع لكن الرأي العام كان في حالة من اليقظة يصعب معها خداعه‏.‏
واستمر كاتبا‏.'‏ هل سراج الدين هو الشعب ومحمود ابوالفتح وعدلي لملوم وحافظ عفيفي وعبدالهادي وعملاء اسرائيل وعملاء كل الجهات الاجنبية هل كل هؤلاء الذين اوقفت الثورة نشاطهم ومنعتهم من الوقوف في طريقها هم الشعب؟‏'.‏
وتناول السادات في مقاليه الثورة ذاتها‏,‏ و‏,‏لماذا لم تكن دموية ولماذا نجحت؟ فقال ليس معني ان قيادة الثورة قد اتجهت في طريق اخر غير طريق الدم هو ان مجلس قيادة الثورة كان غير مستعد للاتجاه في هذا الطريق منذ اول دقيقة قامت فيها الثورة لا واقولها لايملء فمي‏.'‏
والاهم من ذلك تحليله لرفيق دربه الرئيس جمال عبدالناصر وكيف كانت رؤية الجيش‏,‏ والضباط الاحرار لشخص ناصر وكونه زعيما وقائدا بالفطرة وانه القائد الفعلي للثورة‏,‏ وليس محمد نجيب الذي يري انه دخل التاريخ مصادفة‏,‏ ولم يكن يعلم بوجود مايسمي بالضباط الاحرار‏,‏ ويعترف ان الجماهير هتفت لنجيب باعتباره البطل الذي حرر العبيد ليطعم الجياع وينشرالعدل والحق والمساواة واختفت اسطورته سريعا كضباب الضحي‏'.‏
ويعلن انه ينشر الحقائق كلها ليعرف العالم كله من هو الديكتاتور ومن كان يريد الديمقراطية‏'.‏
كما يوضح السادات فيما خطه فكره ورؤيته لقضايا معاصرة دائما يثير الجدل مثل حرية الصحافة والانتخابات والديمقراطية والاستعمار بشكل محدد وواضح‏.‏ الامر الذي يجعل الوثيقتين تأريخا‏,‏ ورصدا حقيقيا ودقيقا لما كانت تموج به الحياة السياسية والاجتماعية بمصر في ذلك الوقت العصيب من التحول من الملكية الي نظام جمهوري يتطلع له كل من خارج القطر قبل داخله بترقب وتوجس شديد‏.‏
بقي ان نذكر ان الاهرام المسائي اذ تنشر نص محتوي إحدي الوثيقتين منذ‏1955‏ عملا بحق المعرفة لاجيال جديدة لايعرفون عن وطنهم الا النذر السير ويستقون معلوماتهم من مصادر مغرضة اغلبها من زبائن الفضائيات المحمومة المليئة بالكثير من الزيف والتشويش‏.‏
والي نص المقالة الاولي وعنوانها‏:‏
الصدفة هي التي جعلت نجيب يدخل من ابواب التاريخ كان مقررا القيام بالثورة‏1955‏ انور السادات يكتب قصة نجيب كاملة كان القائمقام انور السادات قد حدد يوم الاحد غدا لنشر المقال الثامن في سلسلة مقالاته عن الثورة والديمقراطية وكان قد وعد في مقاله الاخير بتحقيق رغبة الذين طالبوا بسرد قصة الثورة كاملة ودور اللواء محمد نجيب حتي يعرف الشعب الحقيقة واليوم السبت يبدأ انور السادات كتابة قصة الثورة ويزيح الستار عن كل شيء فيها‏.‏
وبهذا تسجل الجمهورية سبقا صحفيا عالميا جديدا بانفرادها بنشر اضخم قصة في تاريخ الثورة المصرية وهي قصة كان العالم كله شرقا وغربا يجهلها فاللواء محمد نجيب الذي اختاره الضباط الاحرار زعيما للثورة بقي لغزا كبيرا غامضا واليوم يتقدم احد اعضاء مجلس الثورة ليحل اللغز الكبير حتي يعرف العالم والشعب الحقيقة وحتي يعرف العالم والشعب كيف دخل محمد نجيب من ابواب التاريخ بالمصادفة وستنشر الجمهورية الجزء الثاني من هذه القصة التارخية الكبري يوم الاثنين وبعد غد ثم توالي نشر باقي اجزاء القصة أيام الاربعاء والجمعة والاحد‏.‏
وهذه هي الحلقة الاولي
كيف دخل اللواء نجيب من ابواب التاريخ؟ من فتح تلك الابواب امامه وقال له تفضل انت زعيم وعلي اي اساس قامت زعامته وقيادته لثورة شعب؟
لقد هدف الشعب والجيش له من الاعماق وتردد اسمه علي افواه الناس في مصر وفي كل شبر من العالم لانه القائد الذي انتصر وحرر بلاده لقد كان نجيب رمزا لبطولة اسطورية بهرت العالم كله وفي كل بيت في مصر علقت صورة البطل الذي ظهر فجأة في ارض النيل ليحرر العبيد ليطعم الجياع ويبريء المريض وينشر العلم والعدل والحق والمساواة الجميع قالوا انت زعيم انت بطل انت منقذ الشعب انت محرر الوادي لم يختلف احد من افراد الجيش او الشعب علي زعامة نجيب وبطولة نجيب وقيادة نجيب وكان عليه ان يتقدم الصفوف ليحقق امال البلاد في قائد ثورتها لم يكن ينقصه شيء او يعطله شيء نال مقومات الرعاية والبطولة والمجد والولاء لقد وضعت تحت اقدامه فماذا حدث لماذا لم يتقدم في الطريق الي النهاية وماذا كان يعطله؟
لقد اخلينا امامه الطريق تمام‏,‏ ووضعناه علي رءوسنا ثم انكرنا ان هناك ابطالا غيره كان مجرد الاشارة الي بطل اخر غير نجيب جريمة في رأينا كنا نؤمن بأن الذي حدث في مصر يوم‏23‏ يوليو يجب ان ينسب الي رجل واحد يصبح زعيما يقود الشعب الي الطريق الطويل الوعر حتي النصر كما نؤمن ان كل الذي صنعناه طوال اعوام نضالنا قبل‏23‏ يوليو هو من اجل هذا الشعب من اجل ثورته علي اعدائه وكل ثورة يجب ان يقودها زعيم ونجيب اصبح الزعيم ثم ماذا حدث؟
لماذا انهارت زعامته؟ لماذا اختفت الاسطورة سريعا كضباب الضحي هل لان مجلس الثورة يريد الديكتاتورية ونجيب يريد الديمقراطية ومن اجل هذا عزلناه وابعدناه عن الطريق؟ انني هنا انشر الحقائق كلها ليعرف العالم كله شرقه وغربه حكاية اللواء نجيب وليعرف الشعب هنا في مصر من كان يريد الديمقراطية ومن هو الديكتاتور وليعرف الشعب من هم الثوار ومن هم الحكام؟
وقبل ان ابدأ القصة اود ان اسجل هنا خاطرا مر بذهني وانا امسك بالقلم لأبدأ القصة تخيلت جمال وعبدالحكيم وصلاح وبغدادي وجميع الرفاق في تنظيم الضباط الاحرار وقد بطش بهم نجيب في ازمة مارس الماضي واصبح هو الحاكم علي البلاد‏.‏
فماذا كان سيحدث في مصر بعد البطش بالذين صنعوا نجيب؟ هل كان نجيب سيطلق الحريات والعدالة والحق وباختصار هل كان سيجيء للشعب بالديمقراطية وعلي يد من؟
هذا هو السؤال
علي يد من كان نجيب سيحقق اهداف الثورة المصرية؟ علي يديه وحده ام كان سيعمل اتصالاته في مارس بالهضيبي وبالنحاس وسراج الدين وبكل اقطاب الرجعية المصرية ليحكموا البلاد من جديد؟‏!‏ علي اي حال الله وحده الذي كان يعلم ماذا كان سيصنع نجيب بالبلاد بعد ان يبطش بنا والذي كان ينوي تكوين مجلس لرئيس الجمهورية يضم الاخوان والسعديين والوفد والاحرار والدستوريين ويلغي مجلس الثورة فمن هو ذلك الرجل الذي اراد ان يحكم البلاد بلا ثورة؟
هذه هي القصة التي سيرويها التاريخ بعد المحنة
‏.‏عام‏1949‏ بعد المحنة الكبري بعد ان عاد جيش البلاد من فلسطين ومعه المأساة الكبيرة المأساة التي صنعها الخونة والسماسرة الذين حكموا الشعب وقتلوا جنوده‏,‏ وضباطه وفرقوا كرامته وسخروا من مقدساته في ذلك العام بدأت مرحلة جديدة في الموقف السياسي في البلاد فبعد انتهاء معركة فلسطين بعد تلك المأساة التاريخية كان علي اعداء الشعب ان يبحثوا عن مخرج لهم فسخط الشعب قد بلغ حدا يهدد بالانفجار وغضب الجيش‏,‏ بعد ان طعن من الخلف يجب ان يزول وكان تنظيم الضباط الاحرار في ذلك الوقت قد لحقته خسائر شديدة اثناء المعركة في فلسطين وكان حتما بعد المحنة ان يعوض التنظيم تلك الخسائر خاصة انها اي الخسائر قد بلغت حد أن الضباط الاحرار قد فقدوا الاتصال بعضهم ببعض وقد بدأ الضباط الاحرار يعملون علي الفور لاعادة الاتصال من جديد وكان هدفهم هذه المرة تكوين هيئة تأسيسية للضباط الاحرار ثم السيطرة علي الجيش تماما بتنظيم ضخم متماسك يمكن ان يبعد شبح المآسي عن الجيش وعن الشعب وتكونت الهيئة التأسيسية فعلا وكانت تضم في البداية جمال عبدالناصر وكمال الدين حسين وحسن ابراهيم وخالد محيي الدين وعبدالمنعم عبدالرءوف ثم تضاعف نشاط الضباط الاحرار بعد تلك الخطوة مما حتم زيادة اعضاء الهيئة التأسيسية فانضم اليها عبد الحكيم عامر وصلاح سالم وعبداللطيف البغدادي وكاتب هذه السطور‏,‏ وفي يناير‏1950‏ اجريت انتخابات رئاسة الهيئة التأسيسية وانتخبت جمال عبدالناصر رئيسا لها بالاجماع وعلي اثر هذا مضينا نستعد لخوض معركة في تاريخ الشعب بدأنا نهد انفسنا بالاشتباك مع الاعداء جميعا تحت سماء هذه البلاد وقد كانت البلاد في ذلك الوقت اشبه بمسرح كبير يشهد العالم فوق خشبته اعنف مأساة انسانية تعرض لها شعب من شعوب الارض لاعدالة ولاحرية ولاحق في ارضنا بل فساد واستبداد وحكم مطلق وسماسرة يتاجرون بكل شيء بالسياسة وبالارزاق وبالمستقبل نفسه مستقبل الملايين اما مستقبلهم هم فقد كانوا علي ثقة من انه لاتوجد قوة في الوجود يمكنها زحزحتهم عن اماكنهم فالاستعمار حليفهم والرجعية والاقطاع والبرلمان نفسه الذي يسير الامور كل هذا رهن مشيئتهم‏.‏
لايوجد غير الشعب
ولم يكن في مصر ابطال علي الاطلاق يمكنهم خوض المعركة ضد هؤلاء الاعداء الطغاة سوي الشعب نفسه فكيف كان يمكن للشعب ان يخوض المعركة حتي يمكنه التخلص من قيوده كلها لم تكن هناك قيادة شعبية يمكنها ان تعد الملايين لهذه الملحمة فحزب الاغلبية الذي يضع الشعب فيه كل اماله قد جاء الي الحكم في ذلك الوقت وخاض المعركة فعلا ضد الشعب فزعيمه ينحني حتي يكاد يقول للحاكم بأمره فاروق تفضل اركب علي ظهري واعوان الزعيم يعملون من أجل شئ واحد فقط ولاشئ غيره من اجل ان يبقوا كما هم باشوات واصحاب ضياع وعقار وجاه وسلطان فمن إذن يمكن ان يقود الشعب ويكتله ضد جلاديه الاخوان ان مرشدهم يدخل القصر ويخرج منه ليسبح بحمد الحاكم ويعلن علي الملأ انه ملك كريم السعديون انهم لايمثلون سوي انفسهم ومصالحهم مرتبطة ببقاء النظام كما هي ببقاء الاقطاع والاستعمار والفساد والخيانة ببقاء الشعب في القمقم حبيسا لايجد مخرجا ماذا بقي من قيادات سياسية؟‏!‏ بقي الاحرار الدستوريون وهم توائم للسعديين‏.‏
من يتولي المعركة
كان لابد من معركة مهما كانت الظروف فمن المحال ان تبقي البلاد فريسة للحاكم واعوانه وبرلمانه ودستوره من المحال ان يبقي الجياع والعراة والمستبعدون الي الابد تدوسهم اقدام العصابات الحاكمة ويفترسهم المستعمرون فكيف يمكن للمعركة ان تبدأ كما قلت كان لابد من قيادة تتولاها وكما قلت لابد ان تكون قيادة من خارج صفوف حزب الوفد الذي انسلخ عن الشعب يوم ان ضمت قيادته الاقطاع ومن خارج صفوف الاخوان الذين لايؤمنون سوي بالهضيبي وبالسمع وبالطاعة وبولي امر الملك الكريم كان لابد ان تكون القيادة التي ستخوض بالشعب معركة الحياة والحرية غير مرتبطة بقطر أو بحزب من الاحزاب المذكورة أو بهيئة تتاجر في الوطنية وفي كل شئ كان لابد ان تكون قيادة ترتبط مصالحها بمصالح الشعب حتي يمكن ان تصمد حتي النهاية لأن عدم صمودها هو الفناء لها وللشعب ايضا فأين يمكن ان توجد تلك القيادة‏.‏
وكيف يمكنها ان وجدت ان تبدأ في تكتل الشعب وخوض المعركة بعد ذلك لقد سبق ان اكدت في مقالاتي السابقة عن الثورة والديمقراطية ان ظهور قيادة للثورة المصرية بين صفوف القوات المسلحة هو امر محتوم مستمد من واقع مصر وظروفها المختلفة وكان لايمكن ان تظهر تلك القيادة خارج تلك القوات وإلا كانت مذبحة يفني فيها الجيش والشعب قبل ان يفني الاعداء فمن غير القوات المسلحة كان لايمكن للشعب خوض معركته ضد اعدائه لأن القوات المسلحة كانت في هذه الحالة ستنضم الي الجانب الاخر الي جانب القصر والاقطاع والاستعمار والرجعية ليس لأن وحداتها خارجة علي الشعب بل لأن قيادتها كانت خاضعة لأعداء الشعب وكانت تعمل علي حماية هؤلاء الاعداء فالطريق اذن هو تخليص الجيش من قيادته الخائنة الخاضعة للحاكم والتي تحمي النظام في البلاد وبعد ذلك يمكن ان تبدأ المعركة علي الفور يمكن ان تبدأ الثورة المصرية التي تؤيدها وتحميها القوات المسلحة وقد تكونت فعلا قيادة للثورة المصرية داخل الجيش وكان تنظيم الضباط الاحرار كما قلت قد كبر واصبح نشاطه مضاعفا في عام‏1950.‏
وبدأت الهيئة التأسيسية لتنظيم الضباط الاحرار تعد العدة للضربة الكبري كان كل فرد في تنظيم الضباط الاحرار يؤمن بأنه اما النصر أو الموت وكان كل فرد يستمد القوة والعزم بل والشجاعة من الشعب نفسه ومن مشاعر الجماهير آمالها ورغباتها وسخطها العارم علي الحكام ورغبتها الصادقة في التحرر وخرجت المنشورات السرية لتقض مضاجع قادة الجيش ورجال القصر والحكام وكانت المنشورات ثورية حددنا فيها اهداف الشعب بصراحة ولم نحدد فيها مطلبا للجيش أو لضباطه وجنوده كل كلمة في تلك المنشورات كانت مستمدة من اتجاهات الرأي العام في البلاد فالشعب يريد العدالة الاجتماعية ونحن ننادي بها والشعب يريد القضاء علي المستعمر واذنابه ونحن نسجل ارادته والشعب يلعن الاحلاف العسكرية والدفاع المشترك ونحن نطبع مئات المنشورات لنؤيد وجهة نظر الشعب ومضي كل منا يكتل ضباط الجيش في جميع الوحدات استعدادا لبدء المعركة الشعبية أما متي تبدأ المعركة فهذا ما يحدده تقديرنا للموقف بلغة العسكريين وقدر الموقف فعلا علي اساس قلب نظام الحكم القائم واحلال نظام جديد مكانه وحددت المدة لتنفيذ الخطة كاملة في عام‏1950‏ بخمس سنوات أي ان الثورة كانت ستبدأ عام‏1955‏ أي في هذه الايام وليس في يوليو عام‏1952‏ وفي يناير عام‏1951‏ اجريت انتخابات للهيئة التأسيسية للضباط الاحرار واعيد انتخاب جمال عبدالناصر رئيسا لها للمرة الثالثة‏.‏
الشعب لا أولادنا
ونحن نعد خطتنا لقلب نظام الحك علي اساس تقديرنا للموقف في البلاد في ذلك الوقت فوجئنا بالبكباشي عبدالمنعم عبدالرءوف وهو ينادي بضم تنظيم الضباط الاحرار كله الي احدي الهيئات ولم يجد عبدالمنعم عبدالرءوف من يستمع اليه كنا جميعا نؤمن بالشعب كوحدة وارتباطنا به وبأهدافه ككل لا بهيئة ما مهما كانت اهدافنا‏.‏
وأصر عبدالمنعم عبدالرءوف علي اخضاع الضباط الاحرار لجماعة الاخوان المسلمين وقال وهو يحاول اقناعنا بوجهة نظره ان جميع اعضاء تنظيم الضباط الاحرار يمكن ان يقبض عليهم قبل ان يتمكنوا من عمل شئ وسيحاكمون في هذه الحالة فمن يرعي عائلاتهم من يرعي اطفالهم وذرياتهم وأهلهم قال ان انضمامنا للهيئة فيه ضمان لعلائلاتنا في حالة ما اذا اصابنا مكروه فالهيئة المذكورة تتولي رعاية عائلاتنا وأولادنا وقلنا جميعا له اننا مثله لنا زوجات واولاد ويهمنا ان نطمئن علي مصيرهم لكن المسألة ليست مسألة شخصية فنحن نعد ثورة لا مؤامرة ومصير وأولادنا وزوجاتنا لا يعنينا لأن الذي نعمل من اجله هو مصيرا الشعب لا أطفال الضباط الاحرار وقلنا ان ارتباط الجيش بهيئة ما يعرض البلاد للفوضي فالجيش يجب ان يكون خاضعا للشعب ككل وإلا جعلت منه الهيئة المذكورة أداة لتنفيذ اغراضها هي واهدافها هي وخططها هي وقلنا له نحن لا نستطيع ان نبيع افكارنا ومبادئنا من اجل اطفالنا وأصر الضباط جميعا علي رأيهم فالجيش يجب ان يصان من نفوذ الهيئات والاحزاب الجيش هو جيش الشعب وليس جيش الهضيبي أو الوفد أو جماعة معينة‏.‏
تنفيذ الحطة قبل موعدها
وكان نجاح فكرة تكوين تشكيلات داخل الجيش اكثر مما قدرنا ففي كل وحدة من وحدات الجيش اصبح لتنظيم الضباط الاحرار أفراد فيها لم نكن نتوقع عندما قررنا تكوين تشكيلات بين صفوف القوات المسلحة ان تنجح الفكرة الي هذا الحد وكانت الامور في البلاد تتطور بشكل سريع ومثير فقد ظهر مدي ايمان قيادة الوفد بالكفاح المسلح فكانت مهزلة القتال الذي كان فؤاد سراج الدين يتولاها من مكتبه بالداخلية ثم بدأ القصر يتآمر وبدأ الوقت يتراجع لكن الرأي العام كان في حالة من اليقظة يصعب معها خداعه وكان لابد من ضربة قاصمة تنهي المسألة قبل استفحالها فالضباط الاحرار كانوا قد بدأوا يهعون في معركة القتال رغم ارادة القصر وحكومة الوفد واجتمعنا وتبين لنا اننا قد نضطر الي تنفيذ خطتنا قبل موعدها أي قبل عام‏1955.‏
لم يخضع الجيش
كان نجاح تكوين تشكيلات للضباط الاحرار في جميع وحدات الجيش هو احد عاملين عجلا بتقديم موعد تنفيذ الخطة اما العامل الثاني فهو الاحداث السياسية التي طرأت علي الموقف في البلاد بعد حريق القاهرة وكان لابد من اختيار قائد للثورة لكي تبدأ الثورة معاركها مع اعداء الشعب وهنا أود ان اقف قليلا فهنا تلعب الظروف دورها هنا تتحكم الصدفة ولا شئ غيرها في الموقف لقد كان من رأي جمال عبدالناصر وهو رئيس الهيئة التأسيسية للضباط الاحرار والذي انتخب في كل مرة رئيسا والذي كان عليه ان يقود الثورة في العلن مثلما قادها في السر قبل‏23‏ يوليو اقول كان من رأي جمال ان يكون قائد الثورة حاملا لرتبة كبيرة من رتب الجيش وكان هناك رأي واحد فقط في الهيئة يعارض ان يقود الثورة واحد من خارج الهيئة التأسيسية لكننا اتفقنا جميعا في النهاية علي ان يتولي احد الضباط الكبار قيادة الثورة واقترح جمال ثلاثة اسماء عزيز المصري فؤاد صدقي محمد نجيب‏.‏
حقيقة فؤاد صادق
وبدأت الاتصالات بعزيز المصري ولكن الرجل اصر علي ان يظل أبا روحيا للثورة واقنعنا برأيه وبقي اثنان اللواء فؤاد صادق واللواء نجيب وذهب صلاح سالم لمقابلة اللواء فؤاد صادق ليعرف نواياه‏.‏
وكان عثمان المهدي رئيس هيئة اركان حرب الجيش قد استقال من منصبه في ذلك الوقت ولم يكن معقولا ان يفاتح صلاح فؤاد صادق في أمر قيادته للثورة فهو كان مثل محمد نجيب لايدري ان هناك تنظيما للضباط الاحرار وايضا لايدري ان هؤلاء الضباط الاحرار اعدوا انفسهم للقيام بثورة تقلب نظام الحكم كان كل ما يعرفه فؤاد صادق هو ان بعض ضباط الجيش الصغار لهم رأي معين في الحالة وان هؤلاء الضباط الصغار لايتعدي نشاطهم اعلان السخط والغضب والأسي واعود الي مقابلة صلاح سالم لفؤاد صادق ذهب صلاح اليه في بيته وقال له ان الرأي العام بين الضباط في الجيش يرشحه لتولي منصب رئيس هيئة اركان حرب الجيش وقال له صلاح ان هؤلاء الضباط يمكنهم مساعدته لكي يتولي هذا المنصب فهم قوة ولهم نفوذ كبير وظل صلاح يحدثه عن هذا الرأي العام لهؤلاء الضباط في الجيش وأثناء الحديث دق جرس التليفون ورفع فؤاد صادق السماعة وكان المتكلم هو اليوزباشي مصطفي كمال صدقي وكان مصطفي علي صلة ما بالقصر في ذلك الوقت وقال مصطفي كمال لفؤاد صادق ان مرسوم تعيينه رئيسا لهيئة اركان حرب الجيش سيوقعه مولانا في الصباح وظهرت علي فم اللواء فؤاد صادق ابتسامة غريبة ونظر الي صلاح نظرة ذات مغزي ثم قال وهو مازال يمسك سماعة التليفون بتقول ايه يا مصطفي زعق شوية واشار فؤاد صادق لصلاح سالم ان يقترب منه واقترب صلاح وقرب اذنه في التليفون كما طلب منه اللواء صادق وسمع صلاح مصطفي صدقي يتحدث عن مرسوم تعيين فؤاد صادق الذي يصدر في اليوم التالي ثم وضع فؤاد صادق سماعة التليفون‏.‏
عرف شخصيته
في تلك اللحظة عرف صلاح شخصية فؤاد صادق فالرجل شعر بعد ان ابلغه مصطفي صدقي بأمر تعيينه ان الرأي العام للضباط في الجيش والذي حدثه عنه صلاح سالم لم يعنه وقد كشف فؤاد صادق عن شخصيته امام صلاح فجأة بعد ان كان قد ابدي استعداده لتحقيق كل رغبات الضباط وحماية مصالحهم والوقوف الي جانبهم انقلب فجأة وبلا مقدمات وبعد ان عرف ان هؤلاء الضباط لن يكون لهم دخل في تعيينه فقد عين والحمد لله‏.‏ ان اللواء فؤاد صادق كشف عن حقيقة معدنه عندما قال لصلاح بعد مكالمة مصطفي صدقي بالحرف الواحد‏:‏
أنا اذا كنت بقيت رئيس اركان حرب الجيش فده بمجهودي أنا وبدراعي انا ثم قال لصلاح انه سيعمل علي اقامة النظام الكامل في الجيش وانه لن يسمح بأي نشاط ضد نظم الجيش وصمت لحظة ثم عاد يقول لصلاح المذهول‏:‏ لازم تفهم انت والضباط اللي معاك الكلام اللي بقوله ده لأني سأنفذ القانون وأنصحك انت واللي معاك تدوروا علي مصالحكم ومستقبلكم ومستقبل أولادكم أحسن‏.‏ ولم يتمالك صلاح نفسه فقال وهو حزين آسف‏:‏ دي آخر مرة أخش فيها بيتك السلام عليكم وهم صلاح بالانصراف وسمع فؤاد صادق يقول له وهو في طريقه إلي خارج البيت بيتي مفتوح اللي يحب ييجي ييجي واللي ما يحبش هو حر وعاد صلاح إلي رفاقه يحدثهم بما دار بينه وبين فؤاد صادق المرشح الثاني لقيادة الثورة وكانت مفاجأة للجميع أما لماذا لم يعين فؤاد صادق في اليوم التالي رئيسا لهيئة أركان حرب الجيش وعين بدلا منه في اللحظة الأخيرة حسين فريد فلذلك قصة ثانية لعب فيها تشكيل الضباط الأحرار دورا حاسما‏.‏
أين كان محمد نجيب كيف تم الاتصال بنجيب كيف ظهر علي المسرح وهو الذي لم يكن يعد ثورة أو أي شيء لقد كان نجيب في ذلك الوقت قائدا لسلاح الحدود ولم تكن له صلة ما بالحركة لم يكن يدري مثل فؤاد صادق أن هناك في الجيش تنظيما ضخما يعمل تحت الأرض ويعد العدة للقيام بثورة لقلب نظام الحكم لم يكن يعلم شيئا بالمرة وكنا في أواخر عام‏1951‏ وأعود مرة أخري إلي الصدفة العابرة‏,‏ الصدفة التي جعلت اسم نجيب يتردد علي ألسنتنا وجعلت جمال يرشحه مع عزيز المصري وفؤاد صادق لقيادة الثورة‏,‏ فقد صدر الأمر بنقل نجيب من سلاح الحدود إلي سلاح المشاة‏,‏ وعين حسين سري عامر ذنب السراي مكانه ولم يكن لهذا النقل أي مبرر وتردد في صفوف الجيش أن محمد نجيب قد يستقيل بعد اللطمة التي وجهت إليه وكان الشعور العام في الجيش ضد حسين سري عامر لا لشييء إلا لأنه ذنب للسراي ومن هنا كان العطف علي نجيب‏,‏ شعر الجميع أنه ضحية لحسين سري عامر ولو كان نجيب نقل أو أحيل للمعاش وعين بدلا منه أي مدير آخر لسلاح الحدود لما حظي بتأييد الرأي العام في الجيش علي الاطلاق لكن الآن الذي عين مكانه هو ذنب السراي فنجيب اذن يستحق العطف ويجب أن يقف الضباط الأحرار إلي جواره وفعلا حدث عقب أن سري نبأ اعتزام نجيب تقديم استقالته أن اتصل به جمال عبدالناصر وقال له‏:‏
إن الضباط يطلبون منك أن تبقي كما أنت في سلاح المشاة ولا داعي لتقديم استقالتك‏,‏ وقال له جمال أيضا إن اللطمة التي وجهت إليه انما هي موجهة للجيش ولهذا‏,‏ الجيش يعتزم رد اللطمة بأشد منها هكذا بدأ اتصال الضباط الأحرار باللواء نجيب فهو في محنة وهم يقفون إلي جواره باعتباره ضحية ذنب السراي‏.‏
ومن هنا جاء ترشيحه لتولي قيادة الثورة ومن هنا بدأ القدر يفتح امامه أبواب التاريخ وإلي الغد لأكمل قصة الثورة والديمقراطية‏.‏
أنور السادات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.