قد لا تعطينا الحياة ما نشتهي.. وقد تبالغ بحرماننا.. فمن تملك المال قد تحرم الولد وقد تحرم المال ذات ولد ومن أعطيت مالا وولدا قد تبلي بفساد رجل وتكثر الأحوال الناقصة إننا لا نري ما يزيد علي حاجتنا لأن كلنا يري فقط ما ينقصه إنما ومهما حرمتك الأيام تأكدي لن تحرمك الحياة الحب وكل ما عليك أن تتعلمي كيف هو حب الحياة. فلن ترأف بك الأيام.. وأنت ساخطة توارين سخطك خلف ضحكات عابرة وحروف متكسرة الخطي وستدمرك الليالي إن أخلفت ظنها وخلت الحب بكثرة العابرين علي ضفاف الوجدان ذات يوم ستأتيك ليال ووجدانك بلا ضفاف يقف عليه العابرون وكل من طاف بوجدك الآن مستترا ستسفر عن وجهه الأيام وتخبرك بأنه ما كان لك ساترا..! هكذا أنهيت حواري مع صديقة في بحبوحة من التسكع كانت تدعي اللامبالاة وتحبس أصلها الطيب خلف قضبان ضحكة بغيظة ممعنة بإقناعنا أنها تمشي في الأرض مرحا بين تذاكر رحلات مفاجئة وبين مقاه أعدت خصيصا لأمثالها ممن يتخيلن الفراغ غولا والنجاة منه بالقبض علي أكواب القهوة هاهنا.. أعلم يقينا أن كلا منا يشكو وحدته الداخلية وأدرك ثقلها حين تطوي أيامنا دون شريك حقيقي فالشريك الحقيقي يجعل بداخلنا توازنا نفسيا كبيرا.. لكني لا أغفر لنفسي ولا لأصدقائي الافراط في ندب الفراغ حتي نصل لمرحلة اللاحياة واللاموت دون ان نبذل مساحة من التفكير لإيجاد عالم حقيقي نضع عليه لافتة( صنع خصيصا لنا) ليس بالضرورة أن يكون به شريك إن لم يتوفر المناسب لكن علي الأقل نطوق أنفسنا بأمر يطرد حالة التوهان إما بهواية نكرس لها وقتا أو نشاطا نخرج به انفعالاتنا لأننا مع الوقت سنفرغ بصدق وبعد أن كان فراغنا داخليا سنجد أننا فرغا من كل الجهات وستكون ارتكاباتنا غير مغتفرة بحق أنفسنا ومن حولنا. مأساتنا أننا لا نعرف ما نريد ومتي نريد ؟ واظنها هي السبب في بؤسنا العاطفي والبؤس العاطفي هذا بظني أحد اهم اسباب الوحدة الداخلية تلك التي تتشيأ فيما بعد كالوحش الكبير الذي يداهمنا ليهزمنا في كل مرة يلاعبنا فيها فنبحث حولنا عن الأشخاص المؤثرين ونسقط عليهم اسباب بؤسنا ونعنفهم بسرنا ونتهمهم بنظراتنا علما أن لو بحث كل منا في حاضره الآن وما وصل اليه لأوجد من العدم مخرجا لحالته غاضا النظر عن اسباب وحدته أو المتسبب به. قديما قالوا( فخار يكسر بعضه) حين يرون خلافا نشب نافضين اكتافهم وهم مدبرون بدعوي الا علاقة لنا بمشاكل الآخرين وحالنا اليوم يشبه أمرا كهذا.. لكن خصمنا فيه الوحدة التي نشعر بها حتي لو كانت نهاراتنا معباة بالكامل لكن ثمة جرس يرن بصدورنا يذكرنا ان لا أحد نهرع إليه حين تجهش صدورنا أو تضحك نبضاتنا إننا كهذه الجرار الفخارية وديدن الفخار تكسير بعضه حتي نصل لمرحلة أن نريق دفئنا ونبحث عن الونس هربا من الطنين فنبصق بوجه الأيام ما نريد ونحتفظ بما يريدون.