بينما اتخذت الحكومة الحالية حزمة من الإجراءات في سبيل دفع عجلة الاقتصاد القومي إثر ثورة25 يناير, وما أعقبها من احتجاجات فئوية والتي كان من أبرزها رفع العلاوة الاجتماعية بنسبة15 % من الراتب الأساسي. ودعم موازنة وزارة التضامن الاجتماعي لاستيعاب150 ألف مستفيد من معاش الضمان الاجتماعي وتخصيص5 مليارات جنيه للمتضررين من أحداث النهب والتخريب أدت إلي زيادة اجمالي مصروفات الإنفاق العام وارتفاع عجز الموازنة إلي9.7 بدلا من8.25%, ومع التزام الحكومة بهذه الإجراءات يؤكد خبراء ضرورة إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام لموازنة الدولة لتلبية احتياجات المواطنين وضمان عدم اللجوء لسياسة الاقتراض من الخارج. كما أكدوا ضرورة ترشيد الاستيراد من الخارج خاصة مع توقع حدوث عجز في الميزان التجاري بسبب زيادة الانفاق علي السلع المستوردة وتحديدا الغذائية منها. وأكدوا أن الاقتصاد المصري يستطيع أن ينهض من هذه الكبوة خاصة مع الارتقاء بالموارد السيادية كقناة السويس والسياحة وجذب الاستثمارات والاهتمام بالقطاع الزراعي في المقام الأول لتلبية السلع الغذائية وخفض الإنفاق علي الواردات. وذكر د.مختار الشريف الخبير الاقتصادي أن الحكومة أصبحت في موقف لا تحسد عليه مع ارتفاع سقف الطموحات لدي الشعب المصري عقب نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير وهو ما يعني ضرورة إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام بحيث يتحول اهتمام الموازنة العامة خلال المدي القصير من الإنفاق علي مشروعات البنية الأساسية إلي الإنفاق علي البنود التي يشعر بها المواطن البسيط والتي تتحقق من خلالها العدالة الاجتماعية مثل تحسين الأجور وتوفير فرص عمل للشباب والاستمرار في دعم السلع الغذائية حتي تتخطي مصر هذه الأزمة, وبعد ذلك يتوازن الإنفاق بين الاحتياجات والمطالب اليومية ومشروعات البنية الأساسية. وحذر الشريف من مغبة تورط الحكومة في سياسة الاقتراض من الخارج, خاصة مع ارتفاع ديون مصر إلي مستويات غير مسبوقة. وقال: إن الخطوة البديلة هي الاستعانة بالمعونات والمساعدات الدولية التي لا ترد خاصة مع تحسين موقف مصر الدولي وتحقيق سمعة طيبة عقب أحداث الثورة. أما الخطوة الثالثة كما ذكر الشريف.. فتتمثل في ترشيد الاستيراد خاصة مع توقع حدوث عجز في الميزان التجاري بسبب زيادة الإنفاق علي السلع المستوردة, وتحديدا السلع الغذائية وهو ما يتطلب الاستغناء عن بعض السلع المستوردة التي لا يحتاجها المجتمع المحلي كأصناف السلع الغذائية التي تورد للسياحة ما دامت لن تؤثر بشكل كبير علي تنشيطها. ولفت الشريف: إلي أن العمالة المصرية القادمة من الدول العربية إثر الاحتجاجات التي عمت العديد منها والتي يتجاوز عددها المليون ونصف المليون مواطن ستضيف عبئا علي الإنفاق العام خاصة مع تراجع تحويلات المصريين من الخارج, لذلك لابد من وضع خطة عاجلة لضمان توفير السلع الغذائية في المقام الأول وتوفير مواقع عمل لهم أو عقد ما يسمي بالتدريب التحويلي.. بحيث نهيئ لهم الفرص, بما يتناسب مع امكانياتهم. وقال: أنه لابد أن يوضع في الاعتبار أن زيادة الأيدي العاملة, ليس عبئا إذا ما أحسنت إدارتها لتضيف إلي الإنتاج وتنشط معها عجلة الاقتصاد القومي. أما الدكتور عبدالرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس.. فيري: أن هناك العديد من المصادر غير التقليدية التي يمكن استغلالها كموارد للإنفاق ومنها ملايين الجنيهات التي كانت توجه لخدمة الأمن السياسي والنفقات المظهرية لبعض المسئولين, بحيث يعاد ترتيب الإنفاق بما يحقق الصالح العام. كما إن استرداد الأموال والثروات الطائلة التي استولت عليها أيدي الفساد خطوة هامة, ليس فقط لمحاسبة الفاسدين, وإنما أيضا لتعويض خسائر الدولة. أما الخطوة التالية.. فهي ضرورة إعادة ترتيب أولويات الدعم, بحيث ترفع الدولة الدعم عن الطاقة الذي لا يستفيد منه سوي رجال الأعمال, بينما يباع للمستهلكين بنفس الأسعار العالمية. واقترح عليان: أن يتم تحسين الأجور تدريجيا حتي لا يمثل رفعها دفعة واحدة عبئا علي ميزانية الدولة لحين انتعاش الاقتصاد الوطني مع الارتقاء بموارد الدولة السيادية كقناة السويس والسياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين الانتاج, لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية التي نعتمد علي استيرادها لضمان عدم حدوث عجز في ميزان المدفوعات نتيجة لزيادة الإنفاق علي الواردات. ومن جانبه قال د.محمود شعبان أستاذ القانون التجاري: أنه من الصعب في الفترة الحالية وضع رؤية اقتصادية شاملة لحين استقرار الوضع السياسي, إلا أننا يجب أن نحدد مجموعة من الأولويات الضرورية في الفترة الحالية, ويأتي علي رأسها استرداد مستحقات الدولة المتعلقة بالأموال المنهوبة وتهيئة المناخ العام لاستعادة نشاط الاقتصاد المصري ووضع خطة للتحسين التدريجي للأجور حتي لا يترتب عليها ارتفاع معدلات التضخم نتيجة عدم وجود غطاء نقدي. ودعا إلي ضرورة البدء باستنهاض قطاع الزراعة من خلال مشروعات استصلاح الأراضي لأنها تضمن للشعب المصري السلع الأساسية وتضمن تفوق مصر في مجال التصنيع الزراعي والذي يعتبر قاطرة قوية للتنمية الاقتصادية, كما أنه يساهم في توفير السلع الغذائية خاصة الاستراتيجية منها كالقمح. وأوضح د محسن الخضيري الخبير الاقتصادي ضرورة تحقيق التوازن بين استخدامات الموازنة العامة للدولة ومواردها أو علي الأقل التقارب بينهما لضمان عدم ارتفاع العجز بصورة كبيرة. وقال: أنه في هذا العالم علي الدولة أن تطرح سندات جديدة, بالإضافة إلي المعونات, وركز الخضيري علي ضرورة الاجتهاد في يالعمل ووقف الاحتجاجات الفئوية واليومية لاعطاء الفرصة لتنشيط الاقتصاد المصري والاستمرار في حملات القضاء علي الفساد لاستعادة أموال المصريين.