معهد العلماء, ومتعهد الحكماء, له في خدمة الدين لا مذهب في الدين, شرف عظيم, ومقام كريم, من ألف وقرن من الزمان أكثر من ثلثي عمر الشريعة الإسلامية الخاتمة يقوم علي خدمة الدين الحق دعوة ودلالة وإرشادا, دون كلل ولا ملل, دون مذهبية علمية, ولا طائفية دينية, ما خرجت معه حركات باطنية, ولا فرق طائفية, ولا جماعات عنف فكري ولا فصائل عنف مسلح. الأزهر الشريف الحاضن والحارس للثقافة الإسلامية الأصلية الأصيلة التي تتميز بالتنوع الفكري, والرسوخ العلمي, والجمع بين الأصالة بثوابتها والمعاصرة بمتغيراتها, بآلية علمية منضبطة, واضحة المعالم, والوسائل والمقاصد. في رحاب الأزهر الشريف مناظرات ومقارنات, وفق أسس منهجية, فلا إعفاء علي حقبة زمانية, ولا تعبد بأقوال بشرية مجردة, ولا ذوبان في مبادئ مذهبية تحصر الدين الحق في رؤاها وأهدافها. للأزهر الشريف الدور الفاعل في الوحدة الإسلامية للأمة المسلمة دون اعتبار بتباعد أقطار وأمصار, أو تنوع أعراق وجنسيات, فالعلوم الإسلامية العريقة نتاج آئمة العلم والهدي في الأعصار والأمصار, يقدم الأزهر الشريف خلاصتها دون تمايز بين مدارس علمية في العقيدة والشريعة مع إحسان ظن والتماس عذر علي القاعدة الذهبية كلامي صواب يحتمل الخطأ, وكلام المخالف خطأ يحتمل الصواب للإمام مولانا الإمام الشافعي رضي الله عنه, والمنهجية العلمية الأخلاقية رفع الملام عن الآئمة الإعلام للإمام ابن تيمية رحمة الله تعالي وينظر إلي قوة الدليل وتحقيقه مصلحة ودفعه مفسدة. والعلوم الأزهرية تحرر الثقافات للمجتمعات المسلمة من ازدواجية الثقافة وتحرر الثقافة الإسلامية من العصبية المذهبية, وكل هذا يؤمن الأمن الثقافي للمسلمين. الثقافة الأزهرية القائمة علي فقه دقيق عميق للأصول والمصادر للأحكام, واستقراء أمين للقواعد الفقهية, وفهم واع لمآلات الأفعال, ومقاصد الأحكام, تعطي الدلائل علي ثراء العلوم الإسلامية, وربانية الشريعة الغراء. إن الثقافة الأزهرية في مناهجها المعتمدة والمعتبرة, ترسخ الإخاء الديني وزمالة الشرائع, والتسامح وقبول الآخر, والوحدة الوطنية, وتطبيق قيم العدل والكرامة والسلام العالمي. وستظل الثقافة الأزهرية معينا لا ينضب لصفاء العقيدة وسمو الشريعة, ومكارم الأخلاق, ستظل الحصن الحصين وخط الدفاع الأول ضد معاول الإلحاد والإشراك, والإفساد في الأرض. ارتضي المسلمون من عقود وعهود الأزهر الشريف مرجعية إسلامية كبري لدلالة الخلق علي الحق, وسيظل منارة هدي, رغم كيانات هزيلة, ونعرات مذهبية, تسعي لإقصاء مصر عن دورها الريادي في العالم الإسلامي بإضعاف أو تحجيم أزهر الإسلام. وإن الأحداث والوقائع والشواهد تؤكد مجتمعه أن الأزهر الشريف هبة الإسلام, نبت وترعرع وأزهر بخير أجناد الأرض, وستذهب المحاولات العبثية لأذناب التمذهب وعملاء التحزب, وأذيال التعصب في نفايات الذكريات تحقيقا لموعود الله عز وجل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. والله من وراء القصد أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر بالقاهرة