داعبت نسائم الريح بعض الخصلات المتمردة من ذلك الشعر الذهبي لتلك الطفلة ذات الوجه الملائكي التي تسلب عقل كل من ينظر إليها بعينيها الواسعتين اللتين تشعان للجميع البشاشة وتمنحهم الابتسام كلما شاهدوها ويرددون وهم سعداء إسراء. نشأت الطفلة الصغيرة إسراء والتي لم تتجاوز السابعة من عمرها بعد في أسرة صغيرة تقطن في مدينة الزقازيق الهادئة حيث يرتبط جميع الجيران بعلاقات طيبة تمتد أواصر الثقة بينهم إلي أبعد الحدود.. تعلقت الطفلة إسراء بجارتها الفتاة الشابة نجلاء التي تشبهها في جمالها وسحرها علي الجميع فلا يستطيع رجل شابا كان أو كهلا المرور من أمامها دون التحديق في وجهها وتفقد ملامحها الفاتنة كانت إسراء تحب قضاء أوقات لعبها بصحبة الفتاة الساحرة التي وجدت فيها طفلة لعوب عادت بسنها معها رغم أنها تعيش سن ما بعد المراهقة. ساقت الأقدار ذلك الشاب الأسمر أحمد ذا النظرات الثاقبة عريض المنكبين مفتول العضلات إلي عقار الطفلة والفتاة حيث يقطن في احدي قري محافظة الشرقية ويعيش مع والدته المسنة بعدما تركه والده وهو في الخامسة عشرة من عمره ليتزوج بأخري حتي اصبح هو العائل الوحيد لأسرته بعد أن تمكن من احتراف مهنة النقاشة التي كان من السهل امتهانها حتي اشتهر بلمساته الفنية و قدرته علي الإبداع وكان الزبائن يأتون إليه من كل حدب وصوب بالمحافظة. أنهي والد الطفلة إسراء حديثه مع أحمد طالبا منه القيام بتشطيب شقته في الزقازيق وفي اليوم الأول من بداية العمل لمح أحمد الطفلة الصغيرة إسراء تنزل من الدور العلوي وتطرق باب الشقة المجاورة له لتخرج منها تلك الفتاة الجميلة نجلاء تداعبها وتطلب منها الدخول ظل أحمد يسدد للفاتنة سهام نظراته محاولا لفت انظارها لكنها لم تبد له أي اهتمام. ظل أحمد يترقب لحظة ظهور الفتاة في كل مرة وينتظر لحظه خروجها من شقتها بمفردها حتي يستطيع ملاحقتها والتحدث إليها و مع الوقت يوما بعد يوم نجح الشاب المراهق أحمد في الحصول علي رقم هاتف الفتاة المحمول حتي بدأت بينهما المكالمات الساخنة ويوما بعد يوم تطورت تلك العلاقة العفيفة إلي علاقة غير شرعية بعد توالي اتصالاتهما بدأ في التردد علي منزل الفتاة رغم انتهائه من تشطيب الشقة التي كان يعمل بها وكانت الفتاة اللعوب تنتظر لحظة خروج أمها من المنزل لكي يخلو لها الجو لمقابلة الشيطان بصحبة عشيقها. وفي أحد الأيام استقبل أحمد مكالمة من نجلاء تخبره بأن والدتها سافرت إلي القاهرة لتقديم العزاء في احد أقاربها وانها بمفردها في المنزل فذهب لزيارتها وقام بقضاء عدة ساعات معها بمفردهما وبينما كان يودعها بالأحضان والقبلات كالعادة قبل أن تفتح الفتاة الباب فوجئت بصديقتها الصغيرة الطفلة إسراء أمامها تفتح فمها بكل دهشة وخوف مما رأته أمامها. كانت عيناها الصغيرتان ترتجفان من شدة الخوف و وضعت يديها علي فمها من هول الموقف حتي سقطت دميتها التي كانت تمسك بها علي الأرض وقبل أن تدور في عقلها البريء أي أفكار فوجئت بأحمد يقترب منها وهو يحدق إليها و الشر يقدح من عينيه بعد نظرة غضب ودهشة واضحة منه إلي عشيقته التي أعطته إشارة بمنع الفضيحة قبل أن تظهر علي الملأ وفي لحظة تسارعت دقات قلب الطفلة من شدة الخوف والهلع وحاولت التقهقر بقدميها الصغيرتين شيئا فشيئا ولكنها تعثرت حتي أنقض عليها أحمد وسحبها إلي داخل الشقة وأحكمت صديقته غلق الباب بسرعة البرق وقام الشيطان بكتم أنفاسها وفي ثوان معدودة فارقت روحها البريئة جسدها النحيل لتبقي الشاهد الوحيد علي علاقة الشيطان وصديقته الآثمة. كانت صدمة قتل الطفلة لها وقع الذهول علي الشيطان وصديقته وبدأ تساؤل يسري في عقليهما كيف سيتخلصان من هذه الطفلة البريئة ؟ بعدما علمت بأمرهما حتي تحول أحمد إلي مجرم وليد اللحظة بعد أن انقض علي الطفلة وقام بوضع يده علي فمها حتي لايسمع أحد صرخاتها واصطحبوها إلي داخل الشقة وكتم أنفاسها حتي لفظت أنفاسها الأخيرة وسقطت قتيلة. انتظر العاشقان حلول ظلام الليل لإخفاء جريمتهما وهما يسمعان صوت والدي الطفلة والجيران وهما منهمكان في البحث عن صغيرتهما وعندما سأل والداها عنها الجميع جاء الدور علي نجلاء التي ادعت أنها لم ترها منذ أمس وبدأت تتظاهر بالحزن الشديد علي الطفلة صديقتها وبعد منتصف الليل قاما بوضع جثة الطفلة في شنطة سفر وقاما بإلقائها في أقرب ترعة. وبعد مرور3 أيام ذاق خلالها والدا الطفلة مرارة الألم والحزن والحسرة بعد أن أبلغا اللواء سامح الكيلاني مدير أمن الشرقية في محضر عن تغيب الطفلة وفقدا الأمل في إيجادها استيقظ الأهالي في الصباح الباكر علي صرخات فتاة وهي في طريقها الي المدرسة بعدما شاهدت جثة لطفلة تطفو علي سطح المياه. هرع الأهالي إلي الرائد أحمد صالح رئيس مباحث قسم ثاني الزقازيق وأبلغوا عن وجود جثة طفلة ملقاه في الترعة انتقل فريق بحث إلي مكان الحادث وبعد البحث والتحري تمكنت المباحث من تحديد هوية أسرتها وبعد إبلاغ والديها و سؤال الجيران وربط خيوط الجريمة و معرفة أماكن تردد الطفلة تبين أنها كانت دائمة التردد علي منزل نجلاء وانها تستأنس بالجلوس معها. و في البداية استبعدت الشكوك تورط المتهمة في الواقعة إلا أنه بعد إجراء التحريات عنها وبتضييق الخناق ومواجهة المتهمة بأكثر من نقطة غامضة انهارت واعترفت بجريمتها وأنها علي علاقة ب أحمد لأكثر من ثلاثة أشهر و بعد عرضها علي الطب الشرعي تبين أنها حامل منه وبعد القبض عليه و مواجهته اعترف هو الآخر بجريمته وأنه كتم أنفاس الطفلة بعد أن تعرفت عليه وخشي افتضاح أمره. وبعد علم أسرة المتهمة نجلاء باعترافاتها حاول إخوتها وشباب العائلة أكثر من مرة قتلها عند خروجها من سراي النيابة ولكنهم فشلوا بعد تدخل افراد الشرطة وتشديد الحراسة عليها هي والمتهم ولكي يخلوا مسئوليتهم من فعلتها الدنيئة اقاموا عزاء لها في الشارع بعدما اعتبروها ماتت وتبرأوا منها. فيما قررت نيابة ثاني الزقازيق برئاسة المستشار محمد عبد الودود إحالتهما إلي محكمة الجنايات وبناء عليه قررت محكمة الجنايات تأجيل القضية إلي شهر مارس لحين انتداب محام من نقابة المحامين للدفاع عن المتهمين بعد رفض جميع المحامين الدفاع عنهما. فيما قام والد الطفلة اسراء بإقامة دعوي تعويض مدني رقم1063 جنايات ثاني الزقازيق و بعد مرور6 أشهر وضعت نجلاء طفلتها الأولي في سجن النساء بالقناطر لتبدأ قصة أخري لرضيعة خرجت إلي الدنيا سفاحا من رحم أم لعوب وأب شيطان قتلا طاقة الأمل والنور لأسرة بسيطة لا تملك في حياتها الآن سوي الألم.