تناولنا في المقالين السابقين أحوال المستشفيات الجامعية وألقينا نظرة عامة علي الهدف من إنشائها وكيف تغير علي مدي السنوات السابقة فعند بدء إنشاء المستشفيات الجامعية كانت وظيفتها الأساسية تتعلق بتعليم وتدريب الأطباء والبحث العلمي في مجالات العلوم الصحية ولم يكن الهدف منها هو علاج المواطنين حيث كانت مستشفيات وزارة الصحة تقوم بذلك وبمرور السنوات تعاظم الشق العلاجي بل طغي علي الشقين التعليمي والبحثي كما ذكرنا إعدادها وأماكن توزيعها, وكذلك حجم الخدمة المقدمة إلي أكثر من12 مليون مريض سنويا, وشمل العرض ايضا البنية التحتية والبشرية الموجودة بها وأخيرا تم استعراض المعوقات والمشاكل وأسباب ضعف الخدمة المقدمة بها. وفي ضوء ما ذكر في المقالين السابقين فان هناك بعض الاجراءات السريعة التي يمكن من خلالها تحسين الأداء, ويتواكب مع هذه الاجراءات العاجلة البدء في خطة متوسطة المدي وأخري طويلة الآجل بحيث يتم الانتهاء من مراحل التطوير خلال مدة زمنية لا تزيد علي ثلاثة أعوام وتبدأ هذه الخطوات بأن تقوم لجنة القطاع الطبي بالمجلس الأعلي للجامعات بدراسة ما سبق من مقترحات ومشاريع سابقة وحالية خاصة بتطوير المستشفيات الجامعية قدمها لفيف من الاطباء والعاملين وكذلك ما بحث في الهيئات المختلفة في الدولة وذلك من خلال ورشة عمل تعقد خلال الأسابيع القليلة القادمة يحضرها عمداء كليات الطب ومديري المستشفيات الجامعية بها لاقرار الخطة التنفيذية اللازمة للتطوير وبعد أن يتم الانتهاء من هذه الخطة تطرح علي المجتمع الجامعي للمناقشة بحيث نصل الي المقترح النهائي خلال ثلاثة أشهر علي الأكثر. بعد ذلك يقر المجلس الأعلي للجامعات ووزارة التعليم العالي هذه الخطة ويتم رفعها للمسئولين بالدولة لإصدار التشريعات والقرارات اللازمة وذلك خلال ثلاثة أشهر أخري. واقتراحي يشمل مباديء حاكمة لابد من مراعاتها وتشمل العناصر التالية: 1- المستشفيات الجامعية تابعة لوزارة التعليم العالي وللجامعات وليست تابعة لوزارة الصحة. 2- حوكمة هذه المستشفيات يتم من خلال مجلس أعلي للمستشفيات الجامعية مناظر للمجلس الأعلي للجامعات. 3- تنفصل ميزانيات المستشفيات الجامعية عن الميزانيات المخصصة للجامعات مع زيادة المخصص لها بصورة كبيرة. 4- تغيير اللوائح والقوانين المنظمة للعمل بها بما يتواكب مع العصر الحالي. 5- العلاج في أغلبه مجانيا للمرضي مع تخصيص جزء للعلاج بأجر سواء كان تحت مظلة أي شكل من أشكال التأمين الصحي أو علي حساب المريض. 6- الهيكل الإداري والمالي للأطباء والعاملين المتفرغين كاعارة كاملة للعمل بالمستشفيات منفصل تماما عن الأقسام الاكاديمية بالكلية ويمكن الاستعانة ببعض أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم لمن يرغب لمناظرة المرضي وعلاجهم مقابل أجر اضافي لهم. 7- العمل في هذه المستشفيات بعقود تجدد سنويا حتي يمكن متابعة الاداء بجدية واستبعاد من لا يقوم بالمطلوب منه. 8- المناقصات الخاصة بالأدوية والمستلزمات والأجهزة يكون مركزيا وموحدا لكل المستشفيات الجامعية من خلال المجلس الأعلي الذي يقترح وينظم الاليات الخاصة بذلك. 9- يتم العلاج من خلال برتوكولات علاجية موحدة. 10- وضع قواعد محددة ومنظمة لتدريب الاطباء والبحث العلمي تراعي حقوق المرضي كما تراعي التغلب علي المشكلات الحالية التي تعوق تحقيق الهدف الاساسي لانشاء هذة المستشفيات هذه القواعد الحاكمة في نظري ضرورية جدا ويمكن تعديلها أو اضافة قواعد اخري بالإضافة إلي ذلك فإن هناك بعض الأمور العاجلة التي يجب البدء بها مباشرة وهي تتعلق بالانضباط والأمن وتنظيم الزيارات وإعادة التخطيط المروري داخل حرم هذه المستشفيات لتسهيل الحركة وإستيعاب أكبر قدر ممكن من العاملين بها. أن هذا القطاع الحيوي والهام في مجال الخدمات الصحية قد اهمل علي مدار عقود طويلة ومن الضروري البدء فورا في اتخاذ الاجراءات اللازمة لاصلاحة. ورغم إهتمام الدولة خلال الأسابيع القليلة الماضية بهذه المستشفيات وعمل لجنة برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء فإني أرجو الا يتم اقرار أي شيء نهائي إلا بعد الرجوع الي القواعد وذلك من خلال الآلية التي سبق أن أشرت اليها في بداية هذا المقال حتي يتم استيعاب كل الأفكار والمقترحات البناءة التي يفرضها أو يطالب بها الكوادر الطبية والفنية والادارية العاملة في هذه المستشفيات وبديهي أن ذلك يؤدي إلي إزدياد حماس هذه الفئات في العمل لإحساسهم الحقيقي بالمشاركة في الحلول وأيضا يؤدي إلي الوصول إلي الهدف المنشود من تطوير الأداء في صرح صحي هام يخدم قطاع كبير من المرضي في بلدنا. وزير التعليم العالي السابق