قامت كل من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التنمية الإدارية أخيرا بتوقيع بروتوكول يهدف إلي تطوير المستشفيات الجامعية المصرية. ويهدف البروتوكول إلي وضع مشروع يستهدف النهوض بالخدمة الطبية وتقديم رعاية طبية عالية الجودة للمواطنين مع تعزيز القدرات الطبية والبحثية التدريسية للمستشفيات الجامعية بالدولة. ويشمل المشروع المقدم3 مراحل وهي إجراء دراسة تشخيصية سريعة لثلاثة مستشفيات جامعية, يعقبها تقييم لصحة النتائج علي شبكة المستشفيات الجامعية بأكملها بهدف الوصول إلي أفكار متعمقة ومباشرة حول الوضع الراهن وتحدياته, وتقديم اقتراحات بشأن خيارات التحسين, وتركز علي تحديد المتغيرات التي يمكن أن تعمل المستشفيات الجامعية في إطارها علي المدي البعيد. ويأتي هذا البروتوكول ليفتح ملف أزمات المستشفيات الجامعية المصرية والتي تنعكس أولا وأخيرا علي المريض المصري, وهي الأزمات التي يشخصها لنا د.أشرف حاتم مدير عام مستشفيات جامعة القاهرة والمشرف العام علي المستشفيات الجامعية المصرية- كما يكشف لنا معاناة أطراف أخري وأزمات غض الطرف عنها العديد من الجهات في حواره مع الأهرام المسائي.. * في البداية سألناه كم عدد المستشفيات الجامعية المصرية وأعداد المرضي الذين تخدمهم؟ ** لدينا في مصر حاليا72 مستشفي جامعيا في17 جامعة حكومية تقدم الخدمة ل14 مليون مواطن وتتحمل عبئا نسبته65% من المستوي الثالث من الخدمة الصحية في مصر والتي تشمل المستشفيات العامة والجامعية والتعليمية. وكان أول تلك المستشفيات من حيث الإنشاء مستشفي قصر العيني حيث بني عام1927 أي منذ ما يزيد علي83 سنة أي قبل إنشاء وزارة الصحة ذاتها, لكن المستشفيات الجامعية بدورها الحالي تبلورت منذ عام1964 حيث شهد هذا العام صدور القانون المنظم لعمل المستشفيات الجامعية وبموجبه أصبح لها أربعة أدوار رئيسية تشمل التعليم لطلاب الطب في مرحلة الدراسة والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه وتدريب الأطباء بعد التخرج والبحث العلمي خاصة في الشق الإكلينيكي والذي يشمل أبحاث الأمراض والدواء والذي لابد وأن يتم داخل المستشفيات الجامعية بالإضافة إلي تقديم الخدمة الصحية والعلاجية علي مستوي الجمهورية. وفي رأيي أن ذلك ما تسبب في أزمة المستشفيات الجامعية الحالية حيث أن الدور الأخير المتعلق بتقديم الخدمات الطبية طغي علي الأدوار الأخري. * وما سبب اختصار أدوار المستشفيات الجامعية في شق الخدمات الطبية من وجهة نظرك؟ ** هناك ثقة علي مستوي القاعدة الجماهيرية في الخدمة الصحية والعلاجية المقدمة من المستشفيات الجامعية خاصة أنها تضم رموز الأطباء ونخبتهم وهذا يتواكب مع نقص مستوي الخدمة ذاتها في مستشفيات المستوي الأول والثاني والتي تشمل المراكز الصحية ومراكز طب الأسرة والمستوصفات وغيرها وكذلك نقصها في مستشفيات التأمين الصحي والمستشفيات العامة, فالغلبان دايما لما يتعب تلاقيه يقول أنا رايح علي القصر وليس شرطا أن يكون قصر العيني بل أي مستشفي جامعي فهذه المستشفيات تمثل خط الدفاع الطبي الأخير عن هذا المواطن في مصر. * ومع هذا فإنك تتحدث عن أزمة في المستشفيات الجامعية, فما هي ملامحها؟ ** لو تأملنا الأزمة الرئيسية بالمستشفيات الجامعية بالشكل الذي أوضحته سابقا وأخذنا قصر العيني كمثال سوف نجد أنه خلال العام الماضي في ضوء أن الجامعة يتبعها9 مستشفيات بطاقة استيعابية5200 سرير استوعبت العام الماضي مليوني مواطن منهم190 ألفا أقاموا بالمستشفي و400 ألف بقسم الطوارئ وهذا عبء شديد خاصة أن المستشفيات محكومة بالأدوار التي ذكرتها سابقا التعليم والتدريب والبحث العلمي والعلاج, وتحقيق تلك الأهداف لا يمكن أن يتم بهذا العدد بل باستيعاب من200 إلي300 ألف مريض علي الأكثر, لكن في نفس الوقت لا يمكن أن أقول للمريض ماعنديش مكان وهذا سبب الحملات الصحفية التي تهاجم قصر العيني خاصة حينما تجد الصحف مرضي يفترشون الأرض أو تحت الأسرة خاصة في أقسام العظام والحوادث والمخ والأعصاب فكيف يمكن لمستشفي طاقته300 ألف مريض فقط أن يقدم خدمة طبية جيدة لمليوني مريض. وفي ظل هذا الوضع إذا قلت للمواطن الذي جاء من الصعيد أو من محافظات بعيدة ماعنديش مكان وتعاملت علي أساس الطاقة الاستيعابية مش هيبقي قدامه إلا إن يرمي نفسه في النيل فإذن فأزمة جميع المستشفيات الجامعية أن المترددين عليها من المرضي أكثر من الطاقة الاستيعابية لكل منها. * تبدو معادلة صعبة طبعا ولكن ألم يكن من المفترض التخطيط للخروج من هذه المعادلة؟ ** لدينا حلول منها أن تدخل المستشفيات الجامعية في منظومة العلاج ككل, بمعني أن يتم التنسيق بينها وبين وزارة الصحة لعلاج المرضي بنظام الإحالة أي ألا يقوم المريض بالتوجه مباشرة إلي المستشفي الجامعي بل يتوجه أولا إلي أحد مراكز الأسرة التابع له وهي منتشرة بشكل كبير فإذا كانت حالته بسيطة يتم علاجه بها أما إذا كانت تحتاج إلي تدخل طبي علي مستوي أكبر فتتم إحالته إلي المستشفي المركزي التابع له فإن لم تكن الخدمة الصحية والعلاجية التي تناسبه متوفرة بها فتتم إحالته إلي احد مستشفيات المستوي الثالث ومنها المستشفيات الجامعية. * ألا يمثل ذلك رحلة شاقة للمريض وقد يفقد حياته في الحالات الحرجة حتي يصل للمستشفي الجامعي؟ ** في كثير من الحالات يكون العلاج متوافرا في مستشفيات المستويين الأول والثاني وبالتالي يخف الضغط شوية عن المستشفيات الجامعية وللأسف هذا النظام ليس مفعلا في مصر, كما توجد حلول أخري كأن يتم إدماج عدد من المستشفيات التابعة لوزارة الصحة لتبعية كل مستشفي جامعي في مصر علي أن يمد المستشفي الجامعي تلك المستشفيات بالخبرات الطبية والمهارات اللازمة وهذا سيعمل علي إيجاد حل مزدوج حيث سيتحسن المستوي الفني في مستشفيات وزارة الصحة من جهة ويعالج أزمة الطاقة الاستيعابية بالمستشفيات الجامعية من جهة أخري. * من واقع مسئوليتك يمكنك تشخيص حال المستشفيات الجامعية, وباعتبارك طبيبا طبعا يمكنك تحديد مدي خطورة الحالة التي وصلتها؟ ** لدينا مشكلات ضخمة جدا تتعلق باللوائح والقوانين والتمويل والحوكمة. إذا تحدثنا في البداية عن اللوائح والقوانين فالمستشفيات الجامعية تحكمها ترسانة من اللوائح والقوانين وهي صادرة منذ عام1964 أي منذ46 عاما فمثلا القانون ينص علي أن اجتماع مجلس إدارة المستشفيات الجامعية لا يصح انعقاده إلا بحضور3 من الإتحاد العربي الاشتراكي.. دول بقي أروح أجيبهم منين؟! وهذا يعني أن مجلس إدارة المستشفيات لم يصح انعقاد مجلس إدارته منذ إلغاء الاتحاد الاشتراكي بالإضافة إلي القانون47 لسنة1987 الخاص بالعاملين بالدولة الذي تخضع له المستشفيات الجامعية رغم أنه لا يناسب طبيعتها لأنه يسمح للممرضات علي سبيل المثال بالحصول علي إجازة تتراوح بين9 و14 سنة والتي تسمي بإجازة رعاية طفل وهذا سبب رئيسي في معاناتنا من العجز الشديد في عدد الممرضات خاصة أن99% من هيئة التمريض من السيدات وفي قصر العيني وحده3 آلاف ممرضة علي الورق فقط لأن ألفا منهن في إجازة وفي نفس الوقت تقوم خلال فترة الإجازة بالعمل بمستشفيات خاصة وبأجر أفضل, كما أن المستشفيات الجامعية لا تملك معاقبة أي فرد يسيء للمريض أو يبدر منه أي خطأ فهذه مسألة تحكمها إجراءات قانونية معقدة جدا. * هذا بالنسبة لترسانة القوانين فماذا عن غيرها؟ ** لا تتيح لي القوانين علي سبيل المثال استغلال الأجهزة الطبية المعطلة لأنني لا أملك أن أوفر مهندس أجهزة طبية لأنني مطالب بتعيينه والتعيينات في أجهزة الدولة متوقفة الآن وأقصي ما يمكن عمله تعيينه بعقد مؤقت براتب300 جنيه في حين أن أقل عقد له في أي مكان آخر يتراوح راتبه بين2000 و3000 آلاف جنيه وهذا غير متاح بالمستشفيات الجامعية وبالتالي لدينا أجهزة بالملايين غير مستغلة بالمرة كما أن العقود المبرمة مع الشركات الموردة للأجهزة الطبية لا أملك الحكم علي صحتها لأنه لا تتوفر لدي إدارة لصيانة الأجهزة الطبية. * هذا طبعا فضلا عن خضوعكم لقانون تنظيم الجامعات؟ ** طبعا وهذه مشكلة أخري ذلك أن القانون49 لسنة1972 المنظم للجامعات يسبب مشكلة كبيرة تكمن في أنه يعامل أستاذ الطب كأستاذ الآداب كأستاذ أية كلية والقانون ينص علي عمل أستاذ الجامعة8 ساعات يوميا في حين أن أستاذ الطب يطلب منه الحضور في العيادات الخارجية وإجراء المناظير والأشعة وكثير من المهام بدون مقابل. في نفس الوقت فإن الفريق الطبي بالمستشفيات الجامعية يمثل القوة الضاربة فيها بأسمائه اللامعة التي تعطيها الثقة لأني لا أملك محاسبة أي منهم لأنهم يعملون لدي كلية الطب بالجامعة وكل العلاقة بين المستشفي والطبيب أن عميد كلية الطب هو رئيس مجلس إدارة المستشفي فقط, لكن إذا تخلف الطبيب عن إجراء عملية في موعدها أو بدر منه أي خطأ تحاسبه نقابة الأطباء والنيابة ووزارة الصحة والجامعة والجهة الوحيدة التي لا تستطيع مساءلته المستشفي الجامعي! * يبدو الوضع معقدا جدا..؟ ** ليس هذا فقط ذلك أن القانون رقم89 لسنة1998 الخاص بالمزايدات والمناقصات يساوي بين تاجر الفاكهة والمريض فالمستشفي الجامعي حينما يريد شراء مستلزمات طبية فهو يبحث عن جودة المنتج ومعدل أمانة علي المريض قبل سعره لكن هذا القانون يهتم بالسعر كما أنه لا يتسم بالمرونة فلو حدث و تردد علي المستشفي في ساعة متأخرة أحد المرضي المحتاجين لأدوية ب5 آلاف جنيه فلابد من توقيع رئيس الجامعة وكل هذه قوانين تحتاج إلي تعديل بشكل ضروري. * وماذا عن التمويل؟ ** نحن نحصل علي تمويل بشكل أساسي من الدولة وهو تمويل ثابت سنويا ولا تزيد قيمته إلا في الباب الأول الخاص بالمرتبات والذي تصبه الزيادة الخاصة بال10% السنوية والحوافز وغيرها لكن الباب الثاني الخاص بالتشغيل لا تصيبه الزيادة علي الإطلاق. * كم تبلغ الميزانية المرصودة من الدولة ل72مستشفي جامعيا في مصر؟ ** تمويل الدولة للمستشفيات الجامعية مجتمعة تبلغ قيمته ملياري جنيه. * وهل يكفي ذلك؟ ** بالطبع لا يكفي فهذا التمويل لا يغطي سوي60% من احتياجاتها أما نسبة ال40% المتبقية فتغطيها تبرعات أهل الخير وجمعية أصدقاء قصر العيني بالإضافة إلي تبرعات أساتذة الجامعة وبالأخص أساتذة كلية الطب وقصر العيني وحده سجل العام الماضي60 مليون جنيه إضافية تم إنفاقها بخلاف ميزانية الدولة. * وهل تكفي التبرعات التي تحصلون عليها لتغطية فارق النفقات؟ ** هناك ناس شاطرة في التبرعات وهذا يعتمد علي مدي غني أو فقر المنطقة التي يقع بها المستشفي, والتبرعات في مصر لها ثقافتها فالمتبرع يتبرع لشراء جهاز ما لأنه صدقة جارية لكن لا توجد ثقافة التبرع بالأموال والتي يمكن من خلالها علاج مسألة نقص الرواتب أو منح رواتب لمن لا يحصل عليها أو شراء أدوية أو مستلزمات طبية أو مستهلكات وهذا هو الذي تحتاجه المستشفيات الجامعية حاليا فمثلا تكلفة المريض في قسم الباطنة90 جنيها وتكلفة العملية الجراحية160 جنيها والعظام250 جنيها والرعاية المركزة من800 جنيه إلي1100 جنيه أما حالة الأورام التي تتلقي العلاج الكيماوي فتصل تكلفتها إلي1200 جنيه. * وما الجوانب الأخري التي يمكن استغلال التبرعات فيها؟ ** توجد ثقافة أخري نحن في حاجة لها فالمستشفيات الجامعية لديها أزمة في العمالة خاصة في التمريض والفنيين والمهندسين بل لدينا أزمة في عمال النظافة لأن هذا المجال في المستشفيات حمله تقيل وشغله مجهد جدا وفريق النظافة بها إما علي سن المعاش أو كبار في السن ولا يتقاضون سوي راتب يتراوح بين170 و230 جنيها في حين أن محافظ القاهرة أعلن عن تعيين عمال نظافة طرق بأساسي1100 جنيه, فالتمويل بالنسبة للمستشفيات الجامعية مشكلة ضخمة جدا والباب الثاني الخاص بالتشغيل يعتمد علي التبرعات بشكل أساسي والباب السادس علي التبرعات والتعاون الدولي فالدولة لا تملك ما يمكنها من تحديث الأجهزة بتلك المستشفيات. * ألا تتفق معي علي أن الاعتماد علي التبرعات لا يشكل عنصر أمان فقد تختلف قيمة التبرعات من عام لأخر أو قد تتوقف؟ ** بالطبع وهذا أمر يشكل تحديا كبيرا لنا. * حديثنا عن التمويل يجرنا لما أعلنه وزير التعليم العالي أمام لجنة التعليم بمجلس الشعب من أنه لن يزيد الميزانية المخصصة للمستشفيات الجامعية وأنها تلتهم ثلث ميزانية التعليم العالي فما هو الموقف في ضوء ذلك؟ ** عادة ما تفسر تصريحات الوزير بشكل خاطئ خاصة من الصحافة لأن ما كان يقصده من تصريحاته أن المستشفيات الجامعية أصبحت تستقبل المرضي المؤمن عليهم صحيا وبالتالي هي مسئولية الهيئة العامة للتأمين الصحي بالإضافة إلي المرضي الصادرة بشأنهم قرارات علاج علي نفقة الدولة والمستشفيات الجامعية في ضوء الأدوار المنوطة بها لا يمكن أن تستوعب سوي عشر المستوعب من المرضي بها حاليا وبالتالي علي الصحة أن تتحمل المسئولية علي الأقل فيما يتعلق بالمرضي التابعين لها خاصة أن14 مليون مريض ممن نستقبلهم لدينا معدمين ولا يمكن أن نتخلي عنهم ولن نغلق باب الرحمة والوحيد أمامهم خاصة أن وزارة الصحة وظيفتها علاجية. * وما السبب من وجهة نظرك وراء الاتجاه إلي المستشفي الجامعي رغم وجود جهات أخري؟ ** المشكلة أن المؤمن عليهم صحيا لا يجدون الخدمة المناسبة والمطلوبة بمستشفيات التأمين الصحي فيلجأون للمستشفيات الجامعية والتأمين الصحي لا يدفع نظير ذلك وأكثر من5 ملايين مواطن من المترددين علي المستشفيات الجامعية من المؤمن عليهم صحيا ومع ذلك تتحملهم المستشفيات الجامعية بميزانيتها وطاقتها الاستيعابية المحدودة. * تستوقفنا تجربة الشراكة مع دول أجنبية في المستشفيات الجامعية مثل قصر العيني الفرنساوي وأبو الريش الياباني وغيرهما.. هل مثلت تجربة ناجحة في مصر؟ ** التعاون الدولي في ذلك مفيد جدا والعام الماضي هيئة المعونة اليابانية أعطت مستشفي أبو الريش الياباني للأطفال جائزة أفضل مشروع موله الجانب الياباني. * ترتبط المستشفيات الجامعية بمنظومة معقدة ومتشعبة من العلاقات بين العديد من الجهات في كل محافظة.. ما سر هذا التعقيد؟ ** هي منظومة معقدة جدا ولا بديل عن التنسيق والتعاون وهذه المشكلة الأخري التي تواجه مستشفياتنا الجامعية وهي الحوكمة أي العلاقات بينها وبين الجهات المرتبطة بها فالمستشفي الجامعي مرتبط بوزارة الصحة ووزارة التعليم العالي والمحافظة الموجود بها والجامعة وكلية الطب بها فهي علاقات متشعبة لأنه يقدم خدمة للمجتمع ولابد من الإطلاع علي تجارب العالم في هذا المجال للاستفادة منها. * هل هناك فارق جوهري بين المستشفيات الجامعية من جهة والتعليمية من جهة أخري؟ خاصة أننا نعاني دائما من الخلط بينهما؟ ** المستشفيات التعليمية اختراع عندنا في مصر فقط فوزارة الصحة في فترة من الفترات أصرت علي أن يتم تدريب إخصائييها في مستشفيات تابعة لها وليس بالمستشفيات الجامعية فاخترعت هيئة المستشفيات التعليمية علي أن يكون هدف تلك المستشفيات تدريب الأطباء لكن لا تمنح شهادات البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه. * وهل تقدم الخدمة الصحية والعلاجية المناسبة للمواطنين؟ ** مع مرور الوقت ضمت تلك المستشفيات الأساتذة المؤهلين مثل معهد القلب ومستشفي المطرية التعليمي وغيرهما وبدأت تقدم الخدمة الطبية اللازمة وهناك تنسيق كبير معها. * وقعت وزارتا التعليم العالي والتنمية الإدارية أخيرا بروتوكول تعاون للنهوض بالمستشفيات الجامعية وقبلها بفترة سمعنا عن دراسة وضعتها التنمية الإدارية للوقوف علي وضع المستشفيات الجامعية.. ما هي حدود هذا البروتوكول؟ ** لجأنا إلي وزارة التنمية الإدارية في عام2006 وذلك حينما تأكدنا أن اللوائح والقوانين التي تحكم المستشفيات الجامعية قديمة جدا وبالفعل تم إعداد دراسة لإعادة هيكلتها وقمنا بتطوير اللوائح القديمة وتم الانتهاء منها في2007 حينها كان لابد من صدور تشريعات أو تطوير التشريعات القائمة لتتلاءم مع التطوير وفي الوقت ذاته كانت وزارة الصحة تعمل بالفعل علي تطوير المنظومة الطبية والسعي لإقرار قانون التأمين الصحي الجديد واستعانت باستشاري عالمي لوضع خطة التطوير إلا أننا فوجئنا بأن المستشفيات الجامعية خارج تلك الخطة تماما رغم أنها منظومة واحدة ورغم أن تلك المستشفيات تستوعب65% من عبء الخدمة الصحية في مستشفيات المستوي الثالث كما أنها تخرج الأطباء الذين يعملون بوزارة الصحة وتدرب أطباء الوزارة فبدأنا العمل علي تطوير الجوانب التي لا تحتاج إلي تغيير في التشريعات وأخذنا موافقة د.هاني هلال علي ذلك. * ألا يتيح ذلك فرصة للتركيز أكثر علي المستشفيات الجامعية من حيث الإصلاح والتطوير؟ ** لا يجب أن تعمل كل جهة منفردة فهي منظومة واحدة متكاملة المهم أننا استعنا بالاستشاري الذي استعانت به الصحة لنطلع علي خطة التطوير التي نفذها لها وبالفعل وضعنا خطة للتطوير وأبرز ما سيتم بموجبها هو إحداث التنسيق اللازم بين المستشفيات الجامعية وجميع الجهات المرتبطة بها في إطار من التنسيق مع الهيكل الصحي في مصر بأكمله. * وما أبرز ما تم رصده؟ ** أهم ما توصلت إليه أن القوانين واللوائح التي تحكمنا لابد وأن تتغير وأن يتم تدريب الكوادر البشرية خاصة كوادر الصف الثاني. * ماذا تقصد بالصف الثاني؟ وهل يواجه ذلك مشكلة؟ ** مصر تعاني من مشكلة كبيرة جدا وهي غياب الصف الثاني في أي مؤسسة أو جهة وهذا الصف هو الصف الذي يتولي زمام الأمور في حال غياب القيادات أو الصف الأول لأي سبب وهذا يرفع عنا عناء البحث عن البديل في الأزمات وعلي مستوي المستشفيات الجامعية قمنا بعقد دورات تدريبية وورش عمل علي مستوي المديرين والكوادر الشابة الذين لم يتشبعوا بعد بالروتين الحكومي. * ما المراحل التي ستمر بها خطة التطوير الجديدة؟ ** تشمل الخطة ثلاث مراحل الأولي عبارة عن دراسة سيتم إجراؤها علي مستوي ثلاثة مستشفيات ممثلة للمستشفيات الجامعية في مصر وهي قصر العيني وأسيوط والمنصورة وسيتم خلالها إجراء مقابلات بداية بالقيادات وانتهاء بالعمال مرورا بالمرضي للوقوف علي حقيقة الخدمة الطبية المقدمة بها وسيقوم بذلك فريق من كل من الاستشاري العالمي والتنمية الإدارية والجامعات من خلال الإقامة بها مدة أربعة أشهر لإنجاز الدراسة وسيتم الانتهاء من تلك المرحلة في يناير المقبل تبدأ بعدها المرحلة الثانية والتي نقيم فيها الدراسة وسيضع الاستشاري العالمي أكثر من بديل للاختيار منها وسيتم الانتهاء من تلك المرحلة في يوليو المقبل بعدها ندخل في المرحلة الثالثة وهي مرحلة التطبيق وتغيير التشريعات بالفعل. * وهل ستشركون الجهات المعنية في وضع أو تعديل التشريعات؟ ** وزارتا الصحة والتعليم العالي بالإضافة إلي نقابتي الأطباء والتمريض وأساتذة الجامعات والمرضي فجميع الجهات المعنية ستشارك برأيها في التشريعات الجديدة لأنه أمر يهم مجتمعا بأسره. * وكم تبلغ تكلفة عملية التطوير؟ ** لا نستطيع تحديد التكلفة في الفترة الحالية لأنه حتي وإن لم يتوافر التمويل الكافي لعملية التطوير فلابد من وضع المراحل المناسبة للحصول عليه وحتي إن تم ذلك فلابد أن نبدأ أولا بالخطوات العملية وكذلك لابد من الانتهاء بالتزامن مع انتهاء وزارة الصحة من قانونها الجديد وإقراره والتنسيق معها لأن المستشفيات الجامعية تجري بها العمليات الكبري كالزراعات والمخ والأعصاب خاصة أن مستشفيات وزارة الصحة لا تملك الإمكانات اللازمة لذلك. * ومتي سنلمس نتائجها علي أرض الواقع.. و خاصة علي الخدمة العلاجية والمريض؟ ** خلال عام ونصف العام. * في النهاية إذا أردت أن تناشد جهة ما وفي الوقت ذاته تحمل جهة ما مسئولية الوضع الحالي للمستشفيات الجامعية وضرورة التطوير فمن تناشد ومن تحمل المسئولية؟ * أناشد في المقام الأول رؤساء الجامعات ضرورة الاهتمام بالمستشفيات الجامعية بكل جامعة مثلما يتم الاهتمام بشئون التعليم والطلاب تماما لأن أكبر خدمة يقدمها رئيس الجامعة من موقع مسئوليته هي الخدمات المقدمة من خلال المستشفيات الجامعية أما علي مستوي تحميل المسئولية فعلي وزيري الصحة والتعليم العالي أن يضعا أيديهما في يد المستشفيات الجامعية بالشكل المطلوب لأننا في النهاية نعمل لمصلحة المواطن المصري.