أعلنت مجلة ابداع اخيرا عن قرب صدور كتاب ابداع الذي يصدر مصاحبا للمجلة ويتضمن مختارات لشعراء قصيدة النثر في مصر بعنوان صيد وحيدوهو اعلان آثار تساؤلات كثيرة عن امكانية وجود فرص للتواصل بين شعراء هذه القصيدة والشاعر الكبير احمد عبد المعطي حجازي رئيس تحرير المجلة الذي لا يكف عن اعلان موقفه المتحفظ من قصيدة النثر التي وصفها في كتاب ب القصيدة الخرساء وهو وصف أثار معارك كثيرة بينه وبين الشعراء الشبان الذين سارعوا بوصفه ب شاعر المؤسسة بينما قدموا أنفسهم دائما بأصوات الشعر البديل والمؤكد ان اعلان المجلة عن نشر هذه المختارات يشير من جانب الي ان قصيدة النثر بدأت تعرف طريقها الي داخل المؤسسة الثقافية الرسمية بعد وقت اعتقد فيه أنصارها أنهم علي خصومة مع المؤسسة وكاهنها حجازي الذي كان هدفا لحروب شنت عليه من موقع الفيس بوك ومن جانب آخر يشير الاعلان الي ان أن تحولا ماقد طرأ في العلاقة بين الطرفين فهل هي صفقة صكوك الغفران التي سيبتسم أطرافها للكاميرات في حفل اعلان التصالح؟ ممايجعل السؤال ضروريا الدعوة التي وجهها حجازي لمجموعة من شعراء قصيدة النثر لالقاء أشعارهم في بيت الشعر الذي يرأسه وهي دعوة لم يكن معناها أن حجازي تراجع عن موقفه ولكن ماالذي جري وغير مجري النهر؟ هذا السؤال هو موضوع التحقيق التالي: في البداية تنبغي الاشارة الي أن الكتاب المزمع اصداره بعنوان صيد وحيد سوف يتضمن مختارات لمجموعة من شعراء قصيدة النثر المتميزين والمعبرين عن3 أجيال في تاريخ الكتابة الشعرية في مصر منهم ابراهيم داود, أسامة الدناصوري, إيمان مرسال, فاطمة قنديل, تامر فتحي, محمود خير الله, محمود قرني, فتحي عبد السميع, علاء خالد, أشرف يوسف, عماد ابو صالح وقام بجمع واعداد الكتاب الشاعر البهاء حسين, عندما سألت حجازي عن دوافع تبني فكرة اصدار الكتاب قال المسئول عن فكرة هذا الكتاب هو الشاعر حسن طلب, وهذه ليست صفحة جديدة مع قصيدة النثر بل قديمة, لأنها ليست المرة الأولي التي ننشر بها قصيدة نثر في مجلة إبداع, فمنذ أن أصبحت مسئولا عنها عام1991 أي منذ عشرين عاما وأنا أنشر قصيدة النثر, وأن أنشر الآن كتاب يجمع مختارات لبعض كتاب قصيدة النثر ليس له علاقة برأيي في شكل القصيدة, لأني ناقد وقارئ وشاعر وأستطيع التمييز بين قصيدة جيدة وقصيدة رديئة في الشعر الموزون وفي الشعر المنثور أيضا, لكن هذا لايمنعني من أن أري أن الوزن مازال مهما في كتابة الشعر ومن جانبه قال الشاعر البهاء حسين لم يكن يعنيني حين قبلت عرض ابداع موقف حجازي الفني ولم يعنني عن أي جهة تصدر ابداع, ماكنت أتشكك فيه هو موقف أبناء جيلي أنفسهم لأني أعرفهم جيدا وقصائدهم ومشاكلهم وأعرف كيف يقيسون الأمور, وبصراحة ترددت قبل قبول العرض لأن السهام جاهزة لتصوب ناحية أي شيء إيجابي أو سلبي, قصيدة النثر بقدر انها تيار عفا يمثل المستقبل الحقيقي للقصيدة العربية, بقدر مافتحت الأبواب علي اتساعها لعديمي الموهبة, وفي اجواء كهذه هناك اعتبارات انسانية واعتبارات فنية يجب ان تراعي اثناء الاختيار, لذا أعددت كتابين الاول يوائم بين الانساني والفني واعتبارات السن والجيل, والثاني لايلتفت إلا للقصيدة الجيدة التي تمنح التيار تصفيقا حارا, وفي النهاية وقع الاختيار علي الكتاب الثاني, أما حجازي ونواياه, وموقفه فلم أضعه في اعتباري لأني أستطيع الفصل بين موقفه كشاعر وموقفة كرئيس تحرير لمطبوعة يملكها الجميع, والحق ان ابداع متمثلة في حجازي او طلب لم يرشحها إلي اسم ولو فعلوا ماكان لدي مانع إلا علي جودة القصيدة أو رداءتها, لذا القصائد كلها مسئوليتي وحدي ويؤكد الشاعر محمود خير الله أن الشاعر البهاء حسين قال له أن الشاعر حسن طلب هو الذي طلب منه إعداد هذه المختارات من قصيدة النثر لتكون آخر كتاب يصدر مع المجلة, وبالتالي استبعد أن يكون حجازي متحمسا لنشره, لكنه لايمانع من جهة أخري أن يصدره لتحظي مجلته بنوع نادر من الجدل والانتشار افتقدته اعدادها عبر السنوات السابقة, علما بأنني من المؤمنين بأن حجازي لايريد لهذه القصيدة أن تنتهي بتعبير محمود درويش لأنها أسهمت في بقائه هو شخصيا في صدارة المشهد الثقافي ممثلا لتيار المحافظة في الشعر, وبالتالي لديه مصلحة في بقاء قصيدة النثر لكي يظل هو يحوم حولها بالرفض, ناهيك عن المزايدة علي الأجيال كلها ليبدو هو ليبراليا عظيما, وبالتالي هو ليس كتاب الغفران من حجازي او أنه صفحة جديدة مع شعراء النثر, وهو ليس اعترافا بقيمة هذه القصيدة, بدليل أنني لم يسبق لي النشر في مجلة إبداع من قبل, رغم أنني أنشر قصائد منذ1995 في صحف ومجلات عربية ومصرية, وإذ تنشر لي قصيدة في هذا الكتاب تكون تلك أول وربما آخر مرة. ويري الشاعر فتحي عبد السميع أن موقف حجازي من قصيدة النثر كان يتناقض مع طبيعته وتجربته, وحسب قوله فإن المشكلة تكمن في عدم التواصل مع التجارب الجديدة وهو الذي أدي إلي سوء فهم متبادل, وعدم التواصل يرجع لحجازي شخصيا. لأنه قيمة ثقافية وشعرية لابد أن يلعب دورا يتناسب مع حياتنا الثقافية, ونشر كتاب به مختارات لقصائد نثرية يتعلق بنجاح قصيدة النثر وتقديمها لنماذج جادة تستحق الإهتمام, والمسألة تعد بادرة طيبة لإقامة حوار حقيقي بين التجارب المتنوعة بدلا من قطيعة ونفي الآخر. وعلي صعيد متصل قال الشاعر تامر فتحي مجلة إبداع مجلة تابعة للمؤسسة الحكومية فهي اصدار من اصدارات الدولة, وحجازي موظف بها, وقصيدة النثر أثبتت نضجها, وانا ضد أن يوضع أحمد عبد المعطي حجازي كطرف مضاد في صراع كأنه حجر عثرة أمام شعراء قصيدة النثر, لأن هذه فكرة سخيفة إذ ان قصيدة النثر وليدة تيار قوي, وأري ان نشر هذا الكتاب هو مجرد عمل يقوم به حجازي من خلال وظيفته ووضعه كطرف صراع امام قصيدة النثر هو من صنع أفراد معينين أرادوا أن يكون هناك خصم واضح يوجه له الاتهام, لذا لايعود الفضل في نشر هذا الكتاب لحجازي. أما الشاعرة فاطمة قنديل فرأت أنه عندما جمع حجازي مجموعة من شعراء قصيدة النثر في بيت الشعر, كان هذا بغض النظر عن موقفه منها كما قال هو نفسه, وأيضا هذا بغض النظر عن انه يسمح بها في المنابر الثقافية المسؤل عنها, لذا الأمر خاضع في النهاية للذائقة الفنية, وكل من أخذوا علي حجازي وانا منهم كان علي نقطة واحدة وهي اصدار حكم قيمة واستبعاد لقصيدة النثر لأن بهذا الحكم استخداما للسلطة. ويؤكد الشاعر محمود قرني ان حجازي له رأي في قصيدة النثر ولن يغيره وليس مطلوب منه ان يغيره, فهو يختلف اختلافا جماليا, وصراع شعراء قصيدة النثر مع المؤسسات كان دفعا لوجود متوازن ومعادل مع الأشكال الشعرية الاخري, واستطاع بعض الشعراء الجدد أن يؤكدوا اهمية نصهم وحضوره بطرق مختلفة, وهذا من الأشياء التي دفعت حجازي واخرين إلي تغيير مواقعهم أقدامهم, وأن يقروا بأن قصيدة النثر نص شعري جدير بالوجود, وينطوي علي الجيد والرديء كما يحدث في شعر التفعيلة والعمودي, وهذا الكتاب الجديد الذي سيصدر عن ابداع خطوة مهمة لاشك للشعراء الجدد ولحجازي أيضا, وهذا ليس من قبيل المصالحة ولكن لأنها تعبر عن حق تستحقه قصيدة النثر بدأت تنتبه له القوي الأكثر محافظة في داخل المؤسسة وخارجها.