لقد اعترفت إسرائيل علنا بمساعدتها جورجيا أثناء الحرب مع أوسيتيا الجنوبية في أغسطس2008 وأعلنت تل أبيب أنها ستوقف تعاونها العسكري مع تبليسي كشكل من أشكال الاعتذار أمام موسكو التي كشرت عن أنيابها آنذاك وبالطبع انتظرت إسرائيل أن ترد روسيا الجميل سواء علي صعيد الخط الإيراني أو السوري أو كليهما ولأن الورقة الإيرانية أكثر حدة وتوترا وتدويلا, فقد صاغت روسيا سياستها بالنسبة لإيران من منطلق مصالحها مع الغرب, وبالذات الولاياتالمتحدةالأمريكية أما الورقة السورية فهي أقل حدة إلي الآن وبالتالي ماطلت موسكو في تنفيذ عدد من الصفقات والعقود العسكرية التي أبرمت مع دمشق منذ عدة سنوات إضافة إلي أن الغرب لا يضغط كثيرا بشأن الخط السوري وليس هناك سوي إسرائيل التي تريد وضع المنطقة كلها تحت قبضتها. وعلي الرغم من توقيع اتفاقية تعاون عسكري تقني بين روسيا وإسرائيل لمدة5 سنوات, أثناء زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك لموسكو في الأسبوع قبل الماضي, إلا أن وزير الدفاع الروسي أناتولي سيرديوكوف أكد أن روسيا ستمد سوريا بصواريخ ياخونت المخصصة لتدمير السفن الحربية وأعلن سيرديوكوف أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل ترجوان الا نورد ياخونت إلي سوريا, لكننا لا نري مبررا لخوفهما من أن هذا السلاح سيصل إلي أيدي الإرهابيين فروسيا قامت بتوريد نظام صاروخي مماثل إلي سوريا في وقت سابق ولم يصل هذا النظام إلي أي إرهابيين.. فلماذا يفترض بهذا النظام أن يصل إلي أيدي الإرهابيين؟. معني ذلك أن زيارة باراك فشلت وما يؤكد ذلك أيضا, هو أن وزير الدفاع الروسي شدد علي أن روسيا ستنفذ العقد المبرم مع سوريا في عام2007, وهو العقد الذي حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن يحبطه في أغسطس الماضي عندما اتصل برئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين وناشده عدم تسليم دمشق هذا السلاح ويستطيع صاروخ ياخونت أن يحمل متفجرات يزيد وزنها علي200 كيلو جرام إلي هدف يبعد300 كيلومتر وتتسلح بهذه الصواريخ منظومة باستيون التي صممت لحماية السواحل وتدمير السفن الحربية. لم يعلق المسئولون الإسرائيليون إلي الآن في حين قال المحلل السياسي الإسرائيلي بني بريسكين لصحيفة كوميرسانت الروسية إن الصفقة مع سوريا يمكن أن تترك أثرها السلبي علي الوضع في المنطقة شاءت موسكو هذا أم أبت, فكيف يمكن لمن يبيع السلاح إلي دولة مارقة أن يأمل في القيام بدور هام في عملية السلام بالشرق الأوسط وعلي الفور أبرز المحلل الإسرائيلي ورقة الابتزاز المعروفة بقوله: إن إسرائيل كانت قد أوقفت مساعدتها العسكرية لجورجيا استجابة لطلب موسكو. أما رئيس فريق الائتلاف الحاكم في البرلمان الإسرائيلي الصقر زيف ألكين, فقد هدد علنا باستئناف التعاون العسكري مع جورجيا في حال تنفيذ صفقة بيع صواريخ ياخونت إلي سوريا معني ذلك أن إسرائيل ستحرم روسيا من أي دور في عملية السلام, ومن ثم ستضعف وجودها في المنطقة وستقوم بتسليح جورجيا مجددا هذا فيما يري خبراء روس أن إسرائيل تريد أن تكون هي الدولة الوحيدة التي تحصل علي السلاح في منطقة الشرق الأوسط, لكن من حق روسيا أن تحقق مصلحتها أيضا فالسوريون يحتاجون إلي نظام ياخونت الذي صمم لضرب السفن الحربية الكبيرة جدا, لمواجهة احتمال الغزو الأمريكي هذا رأي بعض الخبراء الروس. من الواضح ان هناك اتجاها في الكرملين لا يفضل الابتزاز الإسرائيلي وبالتالي تفيد المعلومات المتوافرة أن روسيا تقوم الآن بتنفيذ اتفاقيتين للتعاون العسكري الفني مع سوريا تقضيان بتسليمها منظومات ستريليتس للدفاع الجوي المتسلحة بصواريخ إيجلا إس ومنظومات بانتسير إس1 الصاروخية المدفعية للدفاع الجوي هذا علي الرغم من تأكيدات الرئيس السابق لإدارة التعاون الدولي في وزارة الدفاع الروسية الجنرال ليونيد إيفاشوف الذي أكد أن إسرائيل تعمل علي إعاقة التعاون العسكري الفني بين روسيا والدول العربية, واحتمالات أن تكون موسكو تراجعت عن تسليم دمشق صواريخ إس 300 وصواريخ اسكندر أ وأسلحة أخري في أوقات سابقة بسبب إسرائيل. المثير هنا أن مجلة روسكي نيوزويك حاولت إجراء تحقيق في ملابسات وفاة نائب رئيس الاستخبارات العسكرية الروسية الجنرال إيفانوف الذي توفي في ظروف غامضة في أغسطس الماضي أثناء ممارسته رياضة الغوص بالقرب من مدينة اللاذقية السورية التحقيق توصل إلي عدة روايات في غاية الأهمية والخطورة فإيفانوف غطس في26 أغسطس في مياه شاطئ اللاذقية وبعد يومين عثر علي جثته بالقرب من الشواطئ التركية, علي بعد150 كيلو مترا من مكان غطسه وتبعا لذلك ظهرت تساؤلات كثيرة, منها أن الجنرال إيفانوف لم يكن يمارس رياضة الغطس, كما أنه من المستحيل أن تقطع الجثة مسافة150 كيلو مترا في يومين. الرواية الأولي, وفقا لعدد من موظفي الاستخبارات العسكرية السابقين, تري أن إيفانوف تعرض علي الأرجح لعملية اغتيال ولعل ما يصب في هذا الاتجاه هو أن وسائل الإعلان التركية تطلق عليه صفة صياد الشيشان. ويسود اعتقاد في الأوساط التركية بأن الشيشان هم الذين قتلوه ويعود ذلك إلي أن إيفانوف كان يترأس الاستخبارات العسكرية في شمال القوقاز. الرواية الثانية, تري أن الموساد الإسرائيلي هو الذي قتل الجنرال الروسي وتنطلق هذه الفرضية من حقيقة أن إيفانوف كان في ميناء طرطوس, وليس من المستبعد انه كان يتفاوض مع السوريين بشأن تزويدهم بصواريخ ياخونت المضادة للسفن وتؤكد الرواية أن الإسرائيليين علي استعداد للقيام بأي عمل للحيلولة دون إتمام تلك الصفقة.