مدرسة شعارها( الفن للفن) ومدرسة شعارها الفن للمجتمع وقد يتفرع من كل مدرسة مدارس أخري ولكن يبقي الأساس هما المدرستان وأصحاب مذهب الفن للفن ويعتقدون أن الفنان كاتبا أو شاعرا أو رساما أو من أهل الموسيقا والغناء ليس له أن يهتم بمشاكل الناس وهمومهم إنما مهمته أن ينتج شيئا جميلا شيئا نجد فيه المتعة والتسلية. أما أصحاب الرأي الثاني فيقولون أن الفن يجب أن تكون له رسالة وأن الفنان يجب أن يقدم شيئا للجمهور يمتعه ويفيده ويعمق الاحساس بالحياة ويدفعه للتقدم والارتقاء. فأين نحن الآن من هذه المدارس وطبعا نحن سمعنا وقرأنا عن المدارس التجريبية في المسرح والمسرح العبثي والرسوم السيراليزمية والشعر الحلامنتيشي وما يهمني ويخصني في عالم الموسيقا والغناء حاليا هو عدم وجود هوية أو تعريف لما هو موجود علي الساحة بداية من الكلمة واللحن ثم الغناء وهل هو عمل مصري أو مستورد أم إختراع تجاري لطمس معالم الفن المصري التي تريد جهات كثيرة إضعافه أو إلغاءه من قاموس الفن. وبمعاصرتي لفن الموسيقا والغناء حتي الآن من الأربعينيات( فترة) الحرب العالمية الثانية) كان فن شارع عماد الدين المجاور لشارع وش البركة وكلوت بك وهذه المنطقة كانت للبغاء المرخص ماذا كنت تسمع أغاني خليعة في الكلمات واللحن والأداء وكان من أشهرها أغنية( بيني وبينك كلام وإش وصلة لأمك ياعبده) وهذه أغنية معقولة أما باقي الأغاني فممنوع وأخجل من كتابتها ولكن كانت هناك مقاومة لهذه الهوجة الغنائية الهابطة من خلال إذاعتنا المحترمة نسمع فيها عبدالوهاب وأم كلثوم وقصائد السنباطي وحفلات أم كلثوم في مسرح الأزبكية وإنتقل الفن إلي ساحل روض الفرج وأصبح هناك مسرح غنائي يقدم فنا وسطيا لا هو بالهابط ولا هو رفيع الشأن وظهرت نجوم من خلال هذا المسرح أذكر منهم عبدالعزيز محمود وكارم محمود واسماعيل يس ومحمود شكوكو. وبإنتهاء الحرب العالمية سنة1945 بدأت النهضة الغنائية وقام موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب بافتتاح ملهي( الاوبرج) بشارع الهرم وحضر الافتتاح الملك فاروق ملك مصر وغني أغنية( الفن) وكان الحفل منقولا علي الهواء مباشرة وكان هذا هو الشارع الثالث( شارع الهرم) بعد شارع عماد الدين وبعد روض الفرج وسأختصر القول لأن هذا الموضوع يحتاج لصفحات كثيرة بل إلي كتاب وأصل إلي الغرض أو الهدف وهو أن وجود الاذاعة وإنتاجها الراقي في هذه الفترة كان حائط صد لكل هذه الأغاني الهابطة أما الآن فلا توجد أي مقاومة لما نسمعه من الأغاني الهابطة بل نصنع منهم نجوما نراهم ونشاهدهم علي شاشات التليفزيون وأصبح شارع التليفزيون هو البديل لشارع الهرم. ومدرسة الفن للفن لايمكن الاستغناء عنها ولكن الاحترام واجب ونتمني تقوية مدرسة الفن لصالح المجتمع التي اختفت من كل أعمال الاذاعة والتليفزيون هل لأن سكان ماسبيرو قادمون من شارع الهرم كلا إنهم قادمون من كوكب آخر لايعرف طعم الموسيقا والغناء. وأسأل الله أن يهتم القائمون والمسئولون بشئون الأعمال الموسيقية والغنائية قبل أن نذهب مرة أخري إلي شارع عماد الدين ونغني( لا والنبي ياعبده) والله ولي التوفيق