تلعب مراكز الدراسات الإستراتيجية في العالم دورا بارزا في إنتاج الأفكار وترشيد السياسات التي تتحول في الدول المتقدمة إلي قرارات تمس الواقع الذي يعيشه الناس, بعد أن تعلمت الدرس وتحولت من العمل الفردي الذي يتمحور حول فرد إلي عمل جماعي يدور حول دراسة الواقع بكل مشاكله وتقديم حلول ناجزة تتحول إلي قرارات, وبالتالي أصبح لهذه المراكز دور فعال في توجيه السياسات الداخلية للأنظمة والحكومات حتي أصبحت حجر الزاوية في توجيه الرأي العالم بحيث يصب في نهاية المطاف في صالح الدولة القائمة علي هذه المراكز المتخصصة داخل وخارج الجامعات مما جعل لها دورا اساسيا ومحوريا في رسم الملامح السياسية والاقتصادية والعسكرية بحيث تتمكن من تحقيق مصالحها الذاتية علي حساب الآخرين. وتسعي الدول المتقدمة الي فرض رؤيتها تجاه المشكلات التي يعيشها العالم من خلال مصالحها الذاتية في المدي القريب والمتوسط والبعيد من خلال رؤية واضحة لما يمكن أن يكون عليه الحاضر وآفاق المستقبل فتتمكن الدول العظمي من السيطرة والهيمنة علي مقدرات العالم بما يخدم مصالحها الذاتية ومصالح حلفائها ولامانع عندهم من ارتكاب كل الجرائم والاعتداء علي القانون طالما يصب ذلك في نهاية المطاف في تحقيق مصالحها الذاتية. وإذا كنا نتحدث عن سعي بعض الدول إلي فرض هيمنتها وسيطرتها السياسية والاقتصادية والعسكرية بحيث تتمكن من توظيف هذه الدراسات وتلك الأبحاث من اجل تحويلها إلي قرارات تمكن هذه الدول من فرض هيمنتها علي واقع الدول الأخري بواسطة هذه المراكز التي انتشرت بشكل كثيف في كل دول الغرب والتي انشأتها كي تساعد هذه الدول في الحفاظ علي مصالحها بغض النظر عن أهمية الحفاظ علي مصالح الآخرين. وإذا كان الغرب قد أدرك تمام الإدراك بعد المواجهات العسكرية التي حدثت علي مر القرون, وطبقا لوثيقة هنري كامبل1905 م,أن المنافس الوحيد له في العالم هو العالم الإسلامي بموقعه الجغرافي المتميز وعقيدته السمحة التي تقبل بوجود الآخر وتحافظ علي مصالحه وتسعي إلي إحداث توازن بين الصالح العام والمصالح الشخصية من خلال الحقوق والواجبات عوضا علي انه حلقة الوصل بين قارات العالم وفي قلبه العالم العربي وبعد حوار طويل عن كيفية تفتيت العالم العربي والإسلامي والسعي إلي السيطرة عليه وتهميشه من اجل أن يظل للغرب السيطرة والهيمنة علي العالم وبعد الفشل الذريع في تطويع العالم الإسلامي تمكن الغرب من خلال مراكز أبحاثه من الوصول إلي حقيقة مفادها انه إذا كان الغرب قد فشل في تقسيم العالم الإسلامي ووضع اليد عليه بالرغم من سايكس بيكو في1916 م ووعد بلفور في2017 م والذي علي أثره تمكن من إيجاد قاعدة متقدمة له في العالم العربي والتي اسماها إسرائيل والتي تعتبر بحق امتدادا للحرب الصليبية التي لم تنته بعد. ومع ذلك لم يهدأ للغرب بال إلا بعد أن تمكن بكل أساليب الحيل والمكر والخداع من توظيف تابعين له ووكلاء ينفذون اجندته فخلق وقيعة بين المسلمين مع بعضهم البعض بحجة الدفاع عن الإسلام وبعد أن اوهمهم ان كل المسلمين خارجون علي قيم ومبادئ الإسلام فتمكنوا بهذه الخدعة الكبيرة من جعل أبناء المسلمين المغيبين أو المخدوعين أو الباحثين عن الشهرة والمال, من الوقوع في شراك المخابرات الغربية, التي تمكنت من استخدامهم في تدمير العالم الإسلامي, فيوجهون خناجرهم المسمومة الي أوطانهم بحجة الدفاع عن الإسلام وهو من أفعالهم براء بالرغم من وضوح الحقائق مثل الشمس في كبد السماء, فتمكن بهم من تخريب العالم العربي والإسلامي فأصبح الدم المراق الوحيد في العالم هو دم المسلمين من اطفال ونساء وشيوخ ورجال ومن كل الأعمار بسبب الجهل وعدم فهم حقيقة الإسلام الذي يعتبر قتل نفس واحدة كمن قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما أحيا الناس جميعا, لافرق بين مسلم وغيره فالدم محفوظ ومصان بحكم القرآن ومنهج النبوة فكيف يجرؤ هؤلاء علي الحرق والتدمير وقطع الطرق والاستنجاد بالغرب الذي خرب العالم الإسلامي وقتل اهله وشبابه ورمل نساءه ويتم أطفاله في العراق والصومال وافغانستان وباكستان وسوريا والحبل علي الجرار. وبدلا من ان يتحول هؤلاء المستنجدين بالغرب إلي لبنة في تقدم الأمة وبناء الوطن تحولوا بفضل الغرب ومؤامراته إلي خنجر مسموم في قلب الوطن ومعول هدم يعيثون في الأرض الفساد باسم الإسلام فشوهوا صورته في العالمين وعلي رءوس الأشهاد, وبدلا من أن يتحولوا إلي مشاعل للهداية يعايرون تصرفتهم واقوالهم وافعالهم ويراجعونها علي منهج القرآن ومنهج النبوة, تحولوا إلي دعاة للحقد والكراهية يقولون مالا يفعلون, حتي اصبح القول يتعارض مع الفعل علي أرض الواقع, ولم يتعلموا من الغرب الذي دخل مع نفسه حروبا لانهاية لها ومع ذلك وصلوا مع بعضهم البعض إلي انصاف حلول يحافظ كل منهم علي مصالح الآخر دون زيادة او نقصان. إن العناد والاستكبار وعدم اخذ رأي الآخرين بعين الاعتبار بل والوصول إلي قناعة تحولت إلي عبادة يتقربون بها إلي الله في غياب وتغييب المعيار وعدم المراجعة والفردية في اتخاذ القرار هو سبب كل البلاء الذي يتعرض له المسلمون في حياتهم اليومية دون ان يكون للإسلام ناقة ولا جمل في كل هذه التصرفات البعيدة عن روح الإسلام وعن قيمه وسلوكه المرتبط بالعقيدة والأركان برباط وثيق لايمكن فصل ركن عن عبادة ولا عن معاملة حتي فهمنا أن الإسلام وحدة واحدة لايمكن فصل بعضها عن الآخر كالروح والجسد وإلا فقدنا كل أسباب الحياة. رابط دائم :