ليس المقصود بصناعة النجوم تلك البقع السوداء المنتشرة في الكون الواسع والتي تلتهم النجوم بعد نهاية عمرها وتعيد صناعة وإنتاج نجوم جديدة في الفضاء, ولكنها عقول بشرية ملتوية وقلوب سوداء تسعي إلي تحطيم الدول. من خلال صناعة وإنتاج نجوم بشرية يتم تعليبها وتسويقها في سوبر ماركت الدول الفقيرة ودفعها إلي سدة السلطة وصناعة القرار من أجل تحقيق مصالحها الذاتية علي حساب الآخرين بعد سترها بستار الدين والوطنية ومن هنا نجد أن إستخدام كل أساليب القوة والهيمنة من أجل السيطرة علي الشعوب المستضعفة هدف أساسي وأصيل عند الدول الإستعمارية التي تسعي إليه وتحافظ عليه حتي تتمكن من تحقيق أهدافها الإستراتيجية من الهيمنة وإحكام السيطرة لتحقيق مصالحها الذاتية بغض النظر عن حماية مصالح هذه الشعوب, ولذلك لم يكن غريبا أو عجيبا أن تجد أن خطوطا للتماس تتقاطع فيها مصالح هؤلاء مع مصالح بعض المشاهير وبعض الشخصيات العامة في بلد ما, ولكنها تظهر فجأة في لحظات الضعف والتي لا يمكن لإحد أن يخفيها بعد أن تتمكن من جمع الخيوط مع بعضها فتجد أنها تصب في مصلحة هؤلاء وأولئك, ساعتها ستدرك أن شيئا ما قد ظهر إلي العلن بعد ما أريد له أن يكون في نطاق السرية والخفاء, بعد احتراق كل الأوراق. ونظرا للأهمية الجيوستراتيجية لمصر سواء لموقعها الجغرافي المتميز, أو تاريخها الضارب في أعماق الزمن, أو لموقعها الذي يربط المشرق العربي بمغربه, عوضا عن وجودها علي البحرين المتوسط والأحمر, ونهر النيل الذي يخترقها من الجنوب إلي الشمال علي طول إمتدادها الجغرافي, وأمتدادها الإفريقي والإسلامي, مما جعلها تتحكم في قارات العالم, محط أنظار الطامعين والمستعمرين علي امتداد الزمان, ومن ثم أصبح من الأهمية بمكان لهذه القوي الإستعمارية السعي من أجل فرض هيمنتها ووصايتها بواسطة السيطرة السياسية الناعمة علي مصادر صناعة القرار الذي لن يتأتي إلا من خلال صناعة النجوم والوكلاء الذين يمثلونها, من خلال السيطرة علي العقول وتصديرها عند اللزوم حتي ولو كانوا يحملون جنسياتها وفي الوقت نفسه يعملون لمصالحها ضد مصالح بلادهم من أجل حفنة من المال أو تذكرة في مؤتمر خارج البلاد, ولا مانع من وجود ورش عمل وظيفتها تأهيل وتجنيد هؤلاء الوكلاء. وإيجاد وخلق النجوم مشروع إستعماري قديم وجديد هدفه بالدرجة الأولي تطويع إرادة الأمة وجعلها رهن إشارة أعدائها من خلال تلميع عناصر معينة من أبنائها في السياسة والإقتصاد والإجتماع والصحافة غيرها ودفعها إلي الشهرة من خلال الميديا الإعلامية مما يسهل عليها طريق الوصول إلي مراكز صناعة القرار والذي يصب في نهاية المطاف في مصلحة هذه الدول وفي ذات الوقت يتنكر كل هؤلاء لمصالح الشعب المصري وعامة الناس, لأن المهم عندهم هو إرضاء من أتوا بهم إلي سدة السلطة وتلعب هذه العناصر التي تم زرعها في شتي مجالات الحياة بذكاء ومكر شديدين دورا محوريا وبارزا في الترويج لمصالح هذه الدول علي حساب مصالح بلادهم, وفي نفس الوقت معرفة نقاط الضعف وتعميقها وإضعاف نقاط القوة, من خلال معرفة حجم الموارد الطبيعية في الغذاء والطاقة والموارد الطبيعية, والسياسيات الداخلية والخارجية, وتوظيف وكلاء لها في مجالات مختلفة في الصحافة وعلوم الإجتماع وغيرها وفي الاوساط الاكاديمية العلوم والتكنولوجيا والمؤسسات التجارية وحتي العسكرية, مقابل وعود بالسلطة أو إغرائهم بحفنة من المال أو وجود خلاف سياسي مع بلدانهم أو غوايتهم أخلاقيا, وحتي لا يتم اكتشاف أمرهم يحولونهم إلي ابطال أو قادة وزعماء, وتتميز هذه العناصر المستهدفة والمنتقاة بعناية بالغة بعد فرزهم ومتابعتهم, وحسن التصرف والأداء والنشاط والجرأة والقدرة علي فهم نقاط الضعف عند الاخر وقدرتها علي نشر فكرها بين اصحاب المصالح الخاصة بواسطة الشراكة في المكاتب التجارية أو الدفع برءوس اموال لتأسيس شركات ومشاريع والمشاركة في تأسيس لصحف ودور النشر والسياحة والفنادق. وكل هذا من أجل إيجاد الدولة الوظيفية وهو هدف سعت وتسعي إليه الدول الإستعمارية من أجل تحقيق أهدافها في الحصول علي الموقع الجغرافي والسوق الإستهلاكية لتصريف منتجاتها ولا مانع من تطويع إرادة الدولة في الحصول علي المال لتدعيم الإقتصاد, عصب حياة الأمن والشعوب, ومن هنا سعت هذه الدول إلي دفع العناصر التابعة لها في دوائر ومراكز صناعة القرار السياسي والإقتصادي, والهيمنة الإجتماعية من خلال مشاريع وهمية, ولا مانع من الترويج لمشاريع ثقافية ضررها أكثر من نفعها, أو مشاريع ترفيهية لأهل الحظوة أصحاب القرار, في غياب وتغييب مصالح الأغلبية والأغرب من كل ذلك انها تمكنت من السيطرة علي الهوية الإسلامية للشعوب العربية والإسلامية فتمكنت من إستخدام بعض من وكلائها في تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ إلي قطع فتات صغيرة, كل منها يدعي الإسلام, فابتعد المسلمون عن منهج القرآن ومنهج النبوة, فوجدناهم يحتكمون إلي مناهج عشرات الأفراد كل منهم يدعي الإلتزام بتعاليم الإسلام, وكل فرد له منهج يتحكم به في جماعته فوجدنا عشرات الجماعات التي تكفر بعضها البعض الآخر ويقتل بعضها البعض الآخر وتحارب شعوبها بالحديد والنار مع أن كل هذه الأفعال وتلك الأقوال لهذه الجماعات بعيدة كل البعد عن المعيار إذا عايرتها بمنهج القرآن ومنهج النبوة. وتدعيم الحكومات الطائفية أو حكومات الأقلية يصب في صالح الدولة الوظيفية, فتتمكن من فرض هيمنتها من خلال أدواتها في الداخل والخارج فتتمكن من السيطرة علي الأوضاع, من خلال آلية فرض الأمر الواقع, من أجل الحفاظ علي مصالحها ومصالح داعميها في المقام الأول حتي ولو تعارضت مع الشعوب التي تدعي تمثيلها في كل الأوقات ولذلك لم يكن غريبا أن نسمع عن طابور طويل مليء عن آخره بالمشاهير في الحكم وفي السياسة وفي الإقتصاد وفي الصحافة وفي الدين وفي الفن ووو..., ويظهرون أنفسهم وكأنهم زعماء وطنيون مخلصون لبلادهم من الإستعمار, وهم في الحقيقة ذيول لهذا المستعمر أو ما يطلق عليه بالطابور الخامس يعملون لمصالحه ويسعون إلي تحقيق أهدافه كل في موقعة, حسب درجته وحسب المطلوب منه وهؤلاء المشاهير يتم الحديث عنهم في وسائل الإعلام المختلفة, وتفتح لهم الصحافة أبوابها علي مصراعيها, من أجل صناعة مفكرين مشهورين من خلال الكتابة, في وجود الدولارات والدنانير التي تدفع هؤلاء إلي بيع بلادهم لإعدائها بثمن بخس من أجل الشهرة والسلطة والمال, ويدفع بهم إلي الحديث في التليفزيون, من أجل صناعة وإيجاد رأي عام لهؤلاء المشاهير, حتي يمكن استخدامه وتطويعه عند اللزوم. أستاذ بكلية الطب رابط دائم :