إن الناظر بعين الاعتبار لموقع مصر الجغرافي المتميز وموقعها الضارب في أعماق الزمن يجعلها محط أنظار المتطلعين إلي السيطرة والهيمنة والتحكم في كل مقدرات العالم ولذلك لم يكن غريبا ولا عجيبا أن تسعي كل الدول الاستعمارية إلي وضع يدها عليها سواء بالقوة السياسية الناعمة أو بالقوة العسكرية القاهرة حتي لو ارتكبت الكثير من الجرائم أو التشريد أو اعتدت علي الأنفس والأعراض فكل شيء مباح ومستباح من أجل تحقيق السيطرة والهيمنة والتي تصب في نهاية المطاف في صالح المستعمر ولو إلي حين ومع ذلك لم يستوعب الجميع الدرس ومضي في نفس الطريق وبنفس الأسلوب. ولذلك فإن الواجب علي المصريين فهم أهمية الدوائر الاستراتيجية التي يجب أن تعتمد مصر عليها في تحقيق حريتها وكرامة وآمال وأماني شعبها فيمكنها من أن تملك إرادتها بل وتمليها علي الآخرين من أجل ضمان مصالحها الاستراتيجية وأمنها المحلي والاقليمي والدولي من خلال سبع دوائر إستراتيجية تتحكم في هذا المسار وعلي صانع القرار أن يضعها في جدول أعماله حتي يتمكن من تحقيقها وبها تتحقق مصلحة مصر العليا ومصالح شعبها إذا أخذت بعين الاعتبار. فالدائرة الأولي وهي أهم الدوائر وأخطرها وتعتبر نقطة الانطلاق في تحقيق كل هذه الآمال والتي تعتمد بالدرجة الأولي علي متانة العلاقة بين الحاكم والمحكوم من خلال إيجاد أرضية مشتركة بينهما تؤدي إلي ردم الهوة والفجوة العميقة في انعدام الثقة التي ورثناها من الأنظمة السابقة جيلا بعد جيل والتي تعتبر حجر الزاوية في تقدم البلاد وخروجها من عثرتها السياسية وأزمتها الاقتصادية والمجتمعية التي تعاني منها. وهذا يعتمد بالدرجة الأولي علي المصداقية التي يجب أن يتحلي بها النظام الحاكم من خلال الشفافية في القول والعمل وإبراز ما عنده من إيجابيات تدعم من هذه الثقة والاعتراف بوجود سلبيات وتقليصها إلي الحد الأدني حتي يتمكن من إيجاد نقاط اتفاق بينه وبين معارضيه وهي كثيرة والحد من نقاط الاختلاف إلي حدها الأدني بحيث يتمكن الجميع من حمل عبء وأمانة المسئولية التي تعاني منها مصر بهمة واقتدار فيتحمل الجميع المسئولية في وجود الاحترام المتبادل والتقدير. إن إعادة واستعادة الثقة بين الحاكم والمحكوم هي التي تضبط الميزان وتجعله يميل ناحية الصالح العام وتمكن الجميع من تحمل المسئولية بصدق وأمانة وشفافية ومساواة لأن مصلحة الوطن تقتضي ذلك ومعها مصلحة الجميع وهذا سيدفع بالبلاد إلي التقدم في حل مشكلاتها في كل اتجاه عوضا عن إعادة بناء هياكل الدولة علي أساس المشاركة بين الجميع لا المغالبة والإقصاء فبناء مصر الحاضر والمستقبل هو الهدف الأساسي اعتمادا علي قوتها ومواردها الذاتية في تطوير أدائها المهني والتقني والدفع بشبابها إلي مضمار العلم والمعرفة. ومن هذا المنطلق نجد أن خروج مصر من أزمتها يقتضي توفير أرضية مشتركة من الثقة المتبادلة بين الجميع علي أرضية الرضا والقناعة بمشاركة الجميع فيرضي عنها كل أبنائها فيستعيد الجميع الثقة في الجميع ومعها تكون نقطة الانطلاق إلي المحيط الإقليمي من خلال رؤية واحدة ووحدة واحدة لا تتجزأ ولا يمكن لأحد مهما تكن قوته وهيمنته من المساس بالوحدة بين أبنائها. إن التفريط في وحدة المصريين سيعرض مصر لمخاطر جمة أساسها الفوضي والعشوائية في غياب دولة القانون مما يدفع بالبلاد إلي واقع الدولة الرخوة والدولة الفاشلة فلماذا نرضي بهذا المصير المفجع ونحن قادرون علي الخروج من عنق التخلف إلي البناء والتنمية والتحضر ولن يحدث هذا أو ذاك إلا بعد أن يعرف الجميع قدر مصر فيتخلصون من الانتهازية السياسية والجري وراء المصالح الشخصية والأنانية الذاتية بعيدا عن مصالح الشعب التي أورثتنا الأمية والبطالة والفقر والجوع والحرمان عوضا عن غياب قيم وأخلاق الانسان المكرم فما بالك بأخلاق وقيم الإسلام.. فإذا تمكنا من تحقيق الدائرة الأولي فوفرنا الثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم وتحقق ذلك علي أرض الواقع بصدق وأمانة وشفافية ستفتح كل الأبواب المغلقة أمامنا. رابط دائم :