لم يكن أحد يتصور أن العلاقة بين الدولة المصرية والغرب بشكل عام وأمريكا بشكل خاص لا تزال علي حالها بعد ثورة2 يناير, بل إن الغرب والأمريكان تغولوا عليها. فسارعوا إلي توظيف ثورة يناير في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية بحيث تصب في مصلحتهم في نهاية المطاف فيتمكنوا من إحتوائها والسيطرة عليها حتي تظل مصر واقعة تحت السيطرة الغربية فتفقد إرادتها وتحررها من الاستعمار الغربي بعد أن وجدوا لهم قواعد في الداخل يحققون من خلالهم مصالحهم في السيطرة والهيمنة. ولم يكتف الغرب والأمريكان بالتآمر علي ثورة25 يناير من أجل تحقيق أهدافهم في إحكام السيطرة والهيمنة علي مصر بعد انهيار مصداقيتهم في دعم النظام المنهار والذي دعموه علي مدار ثلاثين عام, فوجدوا ضالتهم في ادعياء الإسلام السياسي الذين قدموا لهم قرابين الولاء ولو حتي علي هوية مصر والمصريين, وبعد أن تمكنوا من زرع أتباعهم الجدد في السلطة, اعتقدوا أن السيطرة علي مصر هي مفتاح السيطرة علي العالمين العربي والإسلامي والتي أصبحت قاب قوسين أو أدني. والتاريخ يؤكد أن الشعب المصري الذي ثار مرتين بقيادة الأزهر الشريف ومشايخه, من قبل في ثورتي القاهرة الأولي في20 أكتوبر1798, و20 أكتوبر1800 ضد الحملة الفرنسية فانتفض المصريون, مرتين في أقل من سنتين ضد الاستعمار الفرنسي الذي قاد حملته ضد الشعب المصري, وبعد أن فهم الغرب أنه من المستحيل بقاء قواته وعسكره في مصر تمكن من إيجاد حلفاء أو قل مرتزقة له, يتحدثون لغتنا ويدينون بديننا ويرتدون ملابسنا ولكنهم ينفذون أجندة الغرب فينا ويعملون ضد مصالح بلادهم. وبعد سنتين من قيام ثورة25 يناير2011, والتي تم فيها خلع النظام التابع للغرب بعد أن أصبح كتلة واحدة ضد العرب والمسلمين, لم يهنئوا طويلا بطول بقاء أتباعهم في حكم مصر, بعد أن فوجئوا بقيام الشعب المصري بثورته الثانية في30 يونيو, فتمكن من القيام بثورتين متتاليتين في سنتين, بعد أن اعتقدوا أنهم قد مكنوا حلفاءم الجدد باسم الإسلام, من أجل السيطرة والهيمنة علي العالم العربي والإسلامي, تحت حكم الغرب الاستعماري ولكن في جلباب إسلامي حتي لا تظهر حقيقتهم ونسو اننا في القرن الحادي والعشرين. فسقطت الأقنعة عن أعوان أمريكا والغرب من الإسلاميين والليبراليين علي حد سواء والذين لا يريدون لمصر الخير إلا من خلال تمكين الغرب من بلادنا والذين زرعوهم في مواقع صناعة القرار وعلي أطرافه وهوامشه بحيث لا يصدر قرار إلا ويصب في مصلحة الغرب وأعوانه فسلموا بلادهم وإسلامهم للغرب, والغريب في ذلك أنه بعد أن تمكن الشعب المصري من خلع النظام الأسبق الذي يدعي الوطنية من السلطة, إذا بالغرب يعيد المعزول من أجل تحقيق مآربه في حل مشكلة فلسطين علي حساب الدولة المصرية, وبالرغم من الصدمة المروعة التي أصابت الشعب المصري في التغيير من السييء إلي الأسوء, إلا إنه مازال اتباع النظامين يعيثون في مصر فسادا, ولذلك فإن علي هؤلاء الأتباع العودة إلي مصريتهم وإلا سيلفظهم الشعب المصري إلي الأبد وعلي أثر ذلك فقد الغرب كل قواعده, بعد تعرية كل أتباعه, وأصبحت كل خططه في الهيمنة والسيطرة واضحة للعيان, وكل ذلك حدث بعد ثورة30 يونيو, ففقدوا صوابهم وصبوا جام غضبهم علي الشعب المصري, فهم يعايروننا دائما بالمعونة التي يعطونها لنا ياليمين ثم يأخذونها أضعاف مضاعفة بالشمال هم وأعوانهم الذين باعوا دينهم وأوطانهم من أجل كرسي السلطة الذي لا يساوي شيئا في دنيا الله. فسقطت الأقنعة مرتين, مرة في25 يناير2011, ومرة أخري في30 يونيو2013, ومن هنا نجد أن مصر لن تملك قرارها إلا بعد أن تملك قراراها وتتخلي عن المعونة الأمريكيةوالغربية والتي تعتبر سيف مسلطا عليها, بالرغم من أنها تعطي لمصر باليد اليمني وتأخذ منها باليد اليسري أضعاف ما نأخذه من أمريكا والغرب, بالاضافة إلي كل التسهيلات التي تعطيها مصر للقوات الأمريكيةوالغربية سواء في مرورها في الأجواء المصرية أو من خلال استخدام قناة السويس أو حتي قضية الفجوة الاقتصادية بين الاستيراد والتصدير وهي بالطبع تميل لصالح أمريكا والغرب وليس في صالح مصر. وفشل أمريكا في أستخدام أدواتها في الداخل والاستمرار في عملية السيطرة علي القرار المصري والسطو عليه في كل أوجه الحياة هو الذي دفعهم إلي قطع المعونة العسكرية بشكل خاص في وقت تواجه فيه مصر وشعبها هجمة إرهابية همجية يتم فيها الاعتداء علي كل مقدرات الدولة من أجل الدفع إلي انهيارها بعد أن فقد دعاة التكفير البصلة في توجيه سلاحهم إلي العدو الحقيقي الذي يحتل الأإض العربية, ولكن نجاح أمريكا وعملائها في مصر يعني أنها تمكنت من إقناع هؤلاء المغيبين عن وطنهم ودينهم في أن يحاربوا شعبهم بدون وجه حق أو مستحق من هوية دينية أو وطنية. وبالتالي لم يجد الغرب من بد من نشر الفوضي في مصر من أجل الهاء الجميع عما تقوم به إسرائيل من انتهاك حرمة المسجد الأقصي وبدلا من توحيد الجهود من أجل تحرير القدس, يتم تشتيت الجهود ويتحول السلاح إلي صدور المصريين ثم نجد أن الذين ملأوا الأرض ضجيجا عن الحتلال لم يهاجموا الا الجيش المصري والمصريين. ومن هنا نجد أن مصلحة مصر في الرد علي قطع العلاقات العسكرية تكمن في إعادة تشغيل المصانع المصرية, والاعتماد الذاتي في انتاج السلاح مع فتح مجالات التصدير أمام السلاح المصري في العالم, وبدلا من تسول السلاح من الغرب, يجب تنويع مصادر السلاح, مع انتاجنا للسلاح وتطويره من خلال المصانع المصرية كما تفعل كل الدول التي ملكت ارادتها, من أجل تحقيق المصلحة المصرية. الشاهد في هذا القضية إن ضرب الجيش المصري معناه تحويل الأنظار عن العدو الحقيقي الذي يهدد وجود العرب والمسلمين في دينهم وفي أوطانهم, والأغرب من كل ذلك أن الذي يحقق للغرب كل أهدافه هم دعاة الإسلام السياسي ومعهم دعاة الليبرالية الذين نسوا مصريتهم من أجل مصالحهم الشخصية بعد أن صادروا حق الشعب المصري في أن يملك إرادته والدفاع عن مصالحه الاستراتيجية ولذلك علينا أن نتخلي عن عبودية المعونة للخارج, فمصر يجب عليها أن تقدم المعونة للآخرين وليس العكس, ولن نتمكن من ذلك إلا من خلال تنمية اقتصادية حقيقية تعتمد علي العلم والمعرفة, مع تطبيق دولة القانون علي الجميع واستعادة الأموال التي تم الاستيلاء عليها منذ ثلاثة عقود من خلال الحقيقة والمصارحة. أستاذ بكلية الطب رابط دائم :