أتعجب من التصريحات المعلنة من جانب كل من المسئولين الإيرانيين والإسرائيليين تجاه بعضهما البعض والتي تنذر كلها بالويل والثبور وعظائم الأمور من دون أن نجد أي صدي حقيقي لهذه التصريحات النارية الجبارة علي أرض الواقع، وكل ما نلمسه حالة من حالات العشق الحرام بين البلدين. فبين اعتراضات إسرائيل المتواصلة علي البرنامج النووي الإيراني والتهديد بتوجيه ضربة عسكرية قاصمة له لإجهاضه مثلما فعلت مع المفاعل العراقي في ثمانينيات القرن الماضي، وبين وصف الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد لإسرائيل بأنها ورم سرطاني يجب أن يمحي من الوجود، تلك التصريحات التي وصفها البيت الأبيض ب "الصادمة والحاقدة". وبين الوضعية الخاصة جداً لليهود الإيرانيين في الجمهورية الإسلامية البالغ عددهم حوالي مائة ألف من 25 إلي 30 ألفاً حسب التقديرالرسمي الإيراني يعيشون ما بين طهران وأصفهان وتبريزوهمدان، ويتمتعون بكامل حريتهم في ممارسة شعائرهم الدينية في الكثير من المعابد والمزارات اليهودية المقدسة، وما بين حجم السياحة الإسرائيلية الهائل لإيران والذي يصل سنوياً إلي حوالي مائة ألف آخرين. يحارالمرء في تكوين صورة حقيقية لطبيعة العلاقة بين البلدين، وما إذا كان البلدان عدوين لدودين، أم حلفاء حميمين. وفي الوقت الذي لا يسمح فيه ببناء مساجد للمسلمين السنة في إيران، تنتشر المزارات الدينية والمعابد اليهودية بأعداد كبيرة في أنحاء إيران والتي يحج إليها يهود إسرائيل كل عام، منها مقبرة النبي دانيال (أحد أنبياء العهد القديم)، ومقبرة استرومردخاي (نبي همدان). التصريحات المعلنة للاستهلاك العالمي تنذر بحرب ضارية وشيكة بين البلدين لا تبقي ولاتذر، بينما العلاقات علي الأرض سمن علي عسل أبيض! صور اللقاءات الودية بين كبار المسئولين الإيرانيين ومنهم خاتمي ونجاد وغيرهم مع الحاخامات اليهود الإيرانيين تعكس حالة فريدة من الاحترام المتبادل بينهما، تتنافي تماماً مع حالة العداء المصطنعة بين البلدين، كما أن عدد الإسرائيليين من أصل إيراني والذين يصل عددهم إلي أكثر من 140 ألف إسرائيلي والوضعية الخاصة والنفوذ القوي الذي يتمتع به اليهود من أصل إيراني المعروفون بالطيالسة في جيش الاحتلال الإسرائيلي أمر يدعو للدهشة والعجب. إضافة إلي أن الأعداد الكبيرة من اليهود الإيرانيين التي تزور إسرائيل سنوياً للوقوف أمام حائط المبكي، تعكس حالة نادرة من التمازج والتناغم والتفاهم العميق بين الجمهورية الإسلامية ودولة الاحتلال. وللحديث بقية. رابط دائم :