يكثرالحديث وتتواتر الكتابات والمناقشات والمؤتمرات الصحفية حول النظام الانتخابي لمجلس الشعب القادم, بعد أن أوصت اللجنة القانونية لإعداد الدستور بأن النظام الفردي هو النظام الأمثل لهذه المرحلة التاريخية من حياة مصر, مما أغضب بعض التيارات والقوي والاحزاب السياسية وحدث انقسام مابين مؤيد للنظام الفردي وبين من يطالب بنظام يجمع بين القائمة والفردي مناصفة ولايزال المعارضون لنظام الانتخاب الفردي يتساءلون: لماذا لم تقترح اللجنة القانونية نظام القائمة ؟ لماذا لا نجمع بين النظامين الفردي والقائمة ؟ وما موقع المرأة والشباب إذا أقرت لجنة الخمسين النظام الفردي ؟ وكيف يمكن التغلب علي العصبيات والقبائل وسيطرة رأس المال السياسي أذا طبق النظام الفردي ؟ وهل الاخذ بالنظام الفردي سيكون أعادة لانتاج برلمان2010 المنحل الذي سيطر عليه بعض رجال الاعمال ؟ وهل النظام الفردي سيؤدي الي تهميش الأحزاب السياسية التي هي من مظاهر التعددية والديمقراطية ؟ وللاجابة علي الاسئلة السابقة وللوصول الي مميزات وعيوب كلا النظامين لابد أن نرصد ونحلل ونفسر ماحدث في البرلمانات المصرية السابقة ونتعرف علي تجارب بعض الدول التي طبقت النظام الفردي, حتي نستطيع أن نصل الي نظام أنتخابي يمكن أن يطبق خلال المرحلة القادمة وفق الخطة الزمنية لخارطة الطريق وذلك علي النحو التالي: أولا- أثبتت التجربة الأنتخابية في برلمان2011 المنحل والذي طبق نظام انتخابي يجمع بين الفردي( الثلث) والقائمة( الثلثين) أن بعض النواب ممن خاضوا الانتخابات بنظام القائمة لاعلاقة لهم بالحياة البرلمانية والنيابية والدليل أصدار بعض التشريعات غير الدستورية مثل قانون العزل السياسي الذي تم تفصيله علي من تقدموا لانتخابات الرئاسة, وقانون الثانوية العامة في عام واحد الذي صدر دون دراسة ومناقشة مجتمعية بهدف مغازلة الاسر المصرية قبل الانتخابات الرئاسية, إضافة الي أن وجودهم علي رأس القوائم جعلهم لايبذلون مجهودا في التواصل مع الناخبين ثانيا أن نظام القائمة اثبت فشله منذ برلمان1986 وبرلمان2011 نظرا لأنه وثيق الصلة بالسيولة المالية والحصول علي تبرعات من جانب مرشحي القوائم بهدف وضعهم في ترتيب متقدم من القائمة وذلك طبقا لرصيدهم البنكي وليس رصيدهم الشعبي ثالثا أن المرأة المصرية في برلمان2011 المنحل تم تمثيلها بنسبة2% وهو تمثيل غير عادل, برغم تطبيق نظام القائمة الذي ينادون به اليوم ويدعون انه سيحرم المرأة من التمثيل في البرلمان, وفي هذا السياق تم تطبيق نظام القائمة في برلمان1986, ولم ينتج عنه تمثيل مشرف للمرأة المصرية لأنها في جميع الحالات كانت توضع في ذيل القائمة رابعا- أن التجربة الحزبية التي مورست خلال العامين السابقين والتي افرزت أكثر من43 حزبا سياسيا جديدا شاملة القديمة لم يكن لها تواجد في الشارع, ولم تقدم خدمات للمواطن لأن بعضها أحزابا ورقية وبعضها أحزابا أعلامية, والدليل قلة المؤتمرات الجماهيرية نتيجة أتساع الدوائرعلي مستويالقائمة خامسا أن نظام القائمة يأتي في صالح الاحزاب الاقوي تنظيما والاكثر تاثيرا علي مشاعرالمواطنيين البسطاء ممن لايعرفون شيئا عن البرامج الانتخابية والحزبية, ولكنهم يضعون علامة علي رموز القوائم مثل: النخلة والهلال والنجمة والحصان وغيرها, أضافة الي خداعهم باسم الدين, وتلقينهم أفكارا مغلوطة ليست من صحيح الدين, بأن المجتمع نوعين أحدهما للأيمان والاخر للكفر, ناهيك عن نصائح الخيار بين الجنة والنار التي يصدقها الاميين وخاصة النساء التي تمثل بنسبة60% من اجمالي نساء مصر كل ماسبق يوضح عيوب نظام الانتخابات بالقائمة وفق مارصدناه من التجارب البرلمانية المصرية السابقة وهنا سؤال يطرح نفسه هل النظام الفردي الذي تعود عليه المصريين هو الأمثل خلال المرحلة الأنتقالية الحالية ؟ وأذا كانت به عيوب فكيف نتغلب عليها ؟ وهنا لابد أن نتعرف علي تجا رب بعض الدول التي تطبق النظام الانتخابي الفردي وتعتبر البرلمانات بها من انجح برلمانات العالم وذلك علي النحو التالي: * التجربة الفرنسية: تجري فرنسا أنتخابات من خلال الجمعية الوطنية, وفق النظام الفردي ويوقع القانون عقوبة مالية علي الاحزاب التي لاتمثل فيها السيدات بنصف عدد مرشحي الحزب في الانتخابات العامة الفردية, أضافة الي الكوتا الدستورية للمرأة الفرنسية التي تمثل بنسبة الثلث من أجمالي أعضاء البرلمان الفرنسي * التجربة البريطانية: تتميز الانتخابات في بريطانيا ببعض الخصائص تجعل البرلمان فريدا من نوعه, و يتم التصويت في بريطانيا في دورة واحدة وفق النظام الفردي الذ ي يعتمد علي التصويت لمرشح واحد, ويمثل كل برلماني في مقاطعة أنتخابية واحدة وعدد النواب650 نائبا ويفوزالمرشح الذي يحصل علي أكبرعدد من الاصوات حتي لو لم يحصل علي ال50%, والحزب الذي يفوز به أكبر عدد من النواب هو الذي يشكل الحكومة, وأذا لم توجد أغلبية يدمج الحزبين وتشكل حكومة ائتلافية * التجربة الأمريكية: تطبق أمريكا نظام الانتخاب الفردي والذي يتيح الفرصة لكل من لم يحصل علي50%+1 أن يعيد الانتخابات, وميزة هذا النظام انه يفرز الفرق بين من له علاقة بالناخب وبين من له علاقة بالحزب, وهنا تظهر قيمة في غاية الاهمية وهي أن ولاء السيناتور أو عضو الكونجرس للشعب وليس للحزب, والناخبين ينحازون للمرشح مباشرة ويتم حصر الاصوات في كل ولاية, والمرشح الذي يحصل علي أعلي الاصوات داخل الولاية تذهب جميع أصوات الولاية له, وعدد الاصوات حسب عدد السكان في كل ولاية * التجربة العراقية: أن العنف في العراق يزيد عشرات المرات علي ما هو في مصر, وسقوط قتلي وجرحي في العراق لم يمنع أن تكون نسبة التصويت للعراقيين65% من اجمالي الناخبين في الانتخابات الاخيرة, ورغم أن العراق بها تعصب طائفي وتعصب أكرادي الا أن الانتخابات تكون لصالح أحزابهم,, ومايميز التجربة العراقية في الانتخابات ان بها هيئة دستورية مستقلة مسئولة عن الانتخابات ويكون لها الصفة القضائية ولاعضائها حصانات القضاء ولها رقابة شعبية يلاحظ من التجارب السابقة أن الدول التي لم تطبق القوائم قامت بتشكيل الحكومة من المستقليين أصحاب الاغلبية البرلمانية أو من دمج الاحزاب الحاصلة علي الاكثرية في المقاعد البرلمانية أضف الي ماسبق أن النظام الفردي يتيح الفرصة للمستقلين والافراد المنتمين الي الأحزاب السياسية من ممارسة حقوقهم كمرشحين, وهوحق دستوري, ويتميزالنظام الفردي بالدوائر الصغيرة المحدودة أضافة أنه لو طبق علي البرلمان القادم سيعيد العلاقة بين النائب ودائرته, وسييتيح للناخب التعرف علي المرشحين وبرامجهم, خاصة و أن نسبة المنتميين الي الأحزاب السياسية لاتتجاوز من4% الي5% فقط من تعداد الشعب المصري أذن نحن بحاجة الي النظام الفردي خلال العشر سنوات القادمة وخلال هذة الفترة تقوي الاحزاب السياسية, وتتواصل مع الشعب وتترسخ وتفرض نفسها علي الشارع, وتعد برامج وتقدم خدمات أكثر وبعدها سينتخب الناخب الحزب وبرنامجه وليس المرشح أن من يحب هذا البلد العريق مصر لابد ان يوافق علي النظام الفردي حتي لانعود الي بداية الطريق وحتي لاتطول الفترة الانتقالية المرتبطة بالمسار الديمقراطي الصحيح, ولنأخذ من التجربة الانتخابية في برلمان2011 عبرة في سيطرة الاحزاب وفق نظام القوائم, وعندما تسال اي مواطن في اي دائرة انتخابية مين النائب الي بيمثلك في البرلمان؟ يرد: لا اعرفه المطلوب:1- عودة المادة62 من دستور71 والتي تنص علي تخصييص مقاعد للمرأة في البرلمان بالنسبة التي يحددها القانون ويحق للمرأة المستقلة والمرأة الحزبية أن تتقدم للانتخابات في دوائر مستقلة تتنافس عليها فيما بينها, وهي مطبقة في العراق وتونس والسودان وفرنسا والارجنتين والفلبيين وروندا واوغندا مما يتطلب زيادة مقاعد البرلمان وبذلك نحقق هدفين تمثل المراة بالانتخاب ويمثل الشباب بالتعيين ولو بخمسة مقاعد 2- تطبيق التجربة الفرنسية في النظام الفردي بان يكون هناك مراقبة من قبل القضاء الدستوري من الصرف والانفاق علي الحملة الانتخابية للمرشح وحتي لايتكرر سيطرة رجال الاعمال علي البرلمان مثل ماحدث في برلمان2010 المنحل 3- الرقابة الدولية علي الانتخابات, وأقول لمن ينتقد النظام الفردي بانة لن يكون هناك حزب اغلبية لتشكيل الحكومة حيث سحبت الشعبية من رصيد الاحزاب السياسية بأنواعها ولتشكل الحكومة في ظل النظام الفردي اسوة بتجارب دول مثل: تونس والعراق وبريطانيا وأمريكا وفرنسا وروندا وبعد: أن المصلحة العليا للوطن تتطلب تطبيق النظام الفردي خلال العشر سنوات القادمة او لدورتيتن متتاليتيين لتحقيق مكتسبات ثورة30 يونية الشعبية المجيدة خاصة أن من خرجوا بالملايين حزب الكنبة وشعب غير مسيس وكفانا أضاعة الوقت وتصنيف البشر خاصة بعد ان أنكشف القناع وظهركل علي حقيقته, فقد عرف هذا الشعب الذكي من الذي يشتغل ضد مصر, ومن الذي يشتغل لمصر لكي تبقي مصر.