حالة من الجدل الواسع تدور اليوم في الأوساط السياسية حول نظامي القائمة و الفردي في الانتخابات البرلمانية القادمة عقب انتهاء لجنة الخبراء المنوطة بتعديل الدستور2012 المعطل وبعدما تمت الانتخابات البرلمانية الماضية في عام2011, بنظام الثلثين للقوائم والثلث للفردي, وحصدت وقتها جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية علي الأغلبية في المجلس وفقا للقوائم, بينما فاز عدد من رموز التيارات المدنية بمقاعد الفردي رغم مواجهتم لمرشحين من التيارات الدينية. وهو ما جعل عددا من السياسيين ورموز التيارات السياسية المدنية يشيرون إلي أفضلية النظام الفردي علي نظام القوائم.,في الوقت الذي يري فيه المعارضون انه غير مناسب حيث يسمح بعودة رءوس الاموال لشراء الاصوات, وظهور البلطجة مرة أخري. نظام القائمة أفضل لكونه يعبر بشكل حقيقي عن النواب ولكن في الفترة الحالية النظام الفردي هو المعبر الحقيقي عن الارادة كان هذا رأي الدكتورجمال جبريل العضو السابق بمجلس الشوري المنحل وأضاف أننا في حاجة ملحة للنظام الفردي في المرحلة القادمة. رافضا النظام المشترك الذي يشتت أفراد الشعب وأحزابه السياسية فيجب أن يتم الاتفاق علي أحد النظامين اما الفردي أو القائمة, فالنظام الفردي يعمل به في ألمانيا وناجح لأنها تضع شروطا قوية, وضوابط وله قوانين يطبقها الجميع ويحترمها ولكن ليست كل دولة تستطيع أن تطبقه. ويري الدكتور يسري العطار أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة ان الأنسب لمصر في الظروف الحالية نظام الانتخاب الفردي, موضحا أن نظام القائمة ينتج عنه مشكلات في التطبيق مثلما حدث في برلمان87 وسنة90, وعام2011 حيث تم حل نظام القائمة أكثر من مرة, ومن الصعب تطبيق نظام القائمة في الفترة الحالية علي عكس النظام الفردي. وعن رأيه في أن النظام الفردي يساعد علي عودة بلطجة الانتخابات, ورشوة الناخبين أوضح أن تلك السبل غير المشروعة متواجدة في كلا النظامين مشيرا الي عدم وجود نظام كامل100%, مؤكدا أن للنظام الفردي في الفترة الحالية مزايا أكثر من نظام القائمة, ولم ينكر أن نظام القائمة اكثر ديمقراطية من الفردي ولكن مزاياه نظرية وليست واضحة. وعن المهندس حسام الخولي نائب رئيس حزب الوفد فقد أوضح أنه من انصار نظام القائمة ولكن ليست الموجودة حاليا, فلابد أن يحدث عليها بعض التعديلات أي أن تكون موزعة علي مركزين او ثلاثة علي الأكثر ليعطي المرشح فرصة التوجه الي دائرته وعرض برنامجه الانتخابي بسهولة. أي أنه من المفروض أن يتم طرح102 قائمة في الانتخابات القادمة رافضا النظام الفردي الذي يتيح الفرصة للمرشح لشراء أصوات الناخبين وحث البلطجية علي الضغط علي الناخب لترشيح اسم معين, كما انه سيظهر لنا نائب الخدمات. مؤكدا أن المشكلة الكبري للنظام الفردي هي الهوية فسوف يساعد ذلك النظام علي ظهور أشخاص غير معروفين, وليس لهم صلة بالساحة السياسية وغير واضح انتمائهم لأي جهة في الوقت الذي أصبح الناخب أكثر وعيا, ويبحث عن كافة المعلومات التي توضح له فكر كل مرشح وانتماءاته. ويري الدكتور يسري حماد نائب رئيس حزب الوطن السلفي, أن تغيير النظام الانتخابي والعمل بالنظام الفردي غرضه فوز اصحاب رءوس الاموال في الانتخابات القادمة, وأن النظام السياسي سوف يقوم علي نواب ليس لهم برامج لقيادة الدولة, نواب يمثلون انفسهم في نظام سياسي تشكل فيه الحكومة من قبل حزب الاغلبية في المجلس. واضاف حماد ان ما يحدث الان من خلال قيام الحكومة الانتقالية بتعديل الدستور بهذه السرعه وعدم ترك التعديل لنواب الشعب في المجلس القادم, عباره عن سرقة نظام سياسي من بعض ممن يدعي التوجه الليبرالي. وقال احمد سلامة امين الاعلام بحزب التجمع بالاسكندرية, ان حزبه يفضل الالتزام بالقائمة غير مشروطه بالنسب, نظرا لتخوفه من النظام الفردي, والذي سيفتح الباب امام اصحاب الاموال وفلول الحزب الوطني المنحل. وقال الدكتور أحمد دراج قيادي بالجمعية الوطنية للتغيير وجبهة الإنقاذ الوطني إن رأس المال السياسي سيتدخل في شراء النواب بعد فوزهم لتقوية الأحزاب, وعلي ذلك لابد من العمل بالنظام الفردي والقائمة أو القائمة النسبية المفتوحة, حيث تضر الانتخابات التي تجري علي النظام الفردي بالأحزاب. وقال حامد جبر, القيادي بالتيار الشعبي المصري, إن الاستقرار علي إجراء الانتخابات بالنظام الفردي سيمكن أصحاب رءوس الأموال من العودة إلي داخل البرلمان, خاصة أنصار نظام مبارك, منتقدا حرمان المرأة من التواجد بشكل يسمح لها بالمنافسة بقوة في الانتخابات من خلال عدم النص علي وجود كوتة لها بنسبة30% علي الأقل تتيح لها حرية الحركة في الدائرة الانتخابية. وطالب بتطبيق نظام القائمة النسبية المفتوحة وإتاحة الفرصة للمستقلين للترشح علي القوائم, كمخرج لحل سلبيات النظام الفردي. اوضح الدكتور عفت السادات, رئيس حزب السادات الديمقراطي, بمقترحات اجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بالنظام الفردي, مشيرا الي ان اجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بالنظام الفردي, من شانه ان يزيد ارتباط النائب بدائرته الصغيرة واعطاء قضايا الدائرة فرصة اكبر لتمثيلها مباشرة في البرلمان, رافضا في الوقت ذاته كل الاتهامات الموجهة لهذا النظام, بانه يسمح بالعصبيات والقبلية في التمثيل. حيث قال ان هذا الامر انتهي منذ زمن, ومصر الان تعيش فترة جديدة بفكر ووعي جماهيري اعلي. واتهم السادات نظام القائمة النسبية, بانه يقضي عمليا علي العلاقة بين الناخبين وممثليهم, حيث يعمل علي صلات ضعيفة وعلاقة غير وثيقة بين الممثلين ومنتخبيهم, لافتا الي انه في حال استخدام القوائم المغلقة, لا يملك الناخبون ايه امكانية لتحديد هويه ممثليهم, بالاضافة الي انه يركز السلطة في ايدي القيادات الحزبية والمقرات الرئيسيه, متناسيا الدور الواجب القيام به تجاه اهالي الدوائر الصغيرة. اوضح احمد كمال عضو بحزب المؤتمر, أن الحزب يسمح بالموافقة علي أن تجري الانتخابات بالنظام الفردي, حماية للوطن من تهديدات الإرهاب والتجارة بالدين, مشيرا إلي أن المعركة الانتخابية القادمة ستكون معركة وطنية, وفوق أي مصلحة حزبية, مشيدا في الوقت نفسه بالتعديلات المقترحة علي الدستور المعطل, مؤكدا أن أغلب تلك التعديلات كان الحزب قد اقترحها علي لجنة تعديل الدستور. من جهته, رحب طارق الخولي, رئيس حزب6 أبريل تحت التأسيس, بالنظام الفردي في إجراء الانتخابات حتي لا تتم إعادة نظام الإخوان من خلال القوائم الانتخابية, مشددا علي ضرورة صدور مادة خاصة بالعزل السياسي لكل من ارتكب جرما في حق الوطن, سواء في نظام مبارك أو الإخوان, شريطة تحديد معايير خاصة بتلك المادة. ووصف نبيل زكي, المتحدث الرسمي لحزب التجمع, التعديلات الأولية للدستور بالإيجابية, مشيرا إلي أن اختيار النظام( البرلماني الرئاسي) اختيار موفق, ولافتا إلي أن هذا الاختيار لن يصنع للبلاد ديكتاتورا جديدا لأن رئيس الجمهورية لن تكون له صلاحيات مطلقة. مشيرا إلي أن اختيار النظام الفردي بمثابة الكارثة علي مصر, وسيؤدي إلي عدم تمثيل الأقباط أو النساء أو الشباب في المجلس المقبل, لأنه نظام متحيز لكبار رجال الأعمال والعائلات, وسيكرر نفس مشهد( برلمان2005), ويمنح الفرصة لمن لهم نفوذ وعلاقات, وسيؤدي لتدمير الحياة الحزبية, عكس نظام القوائم الذي سيعطي الناخب فرصة الاختيار بين برامج سياسية. وأشار رجائي عطيةالفقيه الدستوري, إلي أنه لا توجد أحزاب حقيقية علي الساحة الآن, حتي تكون هناك انتخابات علي نظام القوائم, وأن الأحزاب التي كانت موجودة قبل ثورة25 يناير تم التعامل معها بواسطة أمن الدولة, مثل حزبي الوفد والتجمع. مشيرا إلي أنه لو سأل أي مواطن الآن عن عدد الأحزاب الموجودة في الشارع فلن يسطيع أن يذكر خمسة أحزاب منها, وإن استطاع فلا يستطيع التمييز بين الاتجاه السياسي لكل حزب, وعليه لا يجوز أن تجري الانتخابات البرلمانية بنظام القوائم الانتخابية, لافتا إلي أن أغلب الأحزاب الحالية تعتمد علي خلفيتها التاريخية, وهذا الأمر لا يعمل به في الحياة السياسية. وقال البرلماني أبو العز الحريري, إن لكل نظام انتخابي ظروفه غير المتوفرة الآن في مصر, وأسس التفضيل بين كل منهما غير موجودة, وأن من يفضل نظام القوائم يري أنه يحد من الأموال الفاسدة, ويساعد الأحزاب والحركات السياسية, وأن الفريق الذي يدعم الانتخابات علي أساس النظام الفردي يري أنه سيمنع الإخوان المسلمين وأنصارهم من الدخول إلي مجلس الشعب القادم, لافتا إلي أن الظرف الآن لن يؤدي إلي تشكيلة مجلس شعب نيابي حقيقيي بنسبة15%. مشيرا إلي أن التركيبة المصرية الآن بها خلل كبير, ولا تنتج عنها عملية انتخابية حقيقية, فالشعب المصري يعاني الفقر والمرض والأمية والمشاركة المحدودة في الانتخابات. الفردي هو الأمثل للفترة الحالية قالها عصام الإسلامبوليمحام مشيرا الي أن الأحزاب السياسية تستطيع مساندة مرشحيها في النظام الفردي, وكذلك من تؤيده من المستقلين, ومن الممكن أن يعاد النظر في هذا النظام بعد انتهاء فترة البرلمان القادم ومرور الظروف الحالية. وأكد انه ليس صحيحا أن نظام الفردي سيصعب مهمة تشكيل الحكومة المقبلة لأن القانون ينص علي أنه إذا لم تحقق كتلة معينة من الناخبين أغلبية في البرلمان, فمن حق رئيس الجمهورية أن يصدر قرارا بتكليف صاحب أعلي كتلة في البرلمان بتشكيل الحكومة. وحول إمكانية عودة فلول نظام مبارك والإخوان من خلال النظام الفردي, قال إن هذا الأمر يمكن الحد منه من خلال عودة مادة العزل إلي الدستور مع ضبط صياغتها, حتي لا تتمكن قيادات الوطني و الإخوان وكل من تلطخت أيديهم بالفساد السياسي أو بدماء المصريين من السيطرة علي البرلمان المقبل. وأشار أستاذ القانون الدستوري عبد الله المغازي, أن كلا النظامين لهما مزايا وعيوب, موضحا أن النظام الفردي له ميزة كبيرة لأنه سيقلل من سيطرة التيار الديني علي الانتخابات, لأنهم يعتمدون في نظام القوائم علي اتساع الدوائر ورءوس القوائم ويحصدون مقاعد كثيرة, وهو ما لن يحدث في نظام الفردي, مضيفا أن نظام الفردي سيصعب أيضا علي الأحزاب السياسية إمكانية تشكيل الحكومة المقبلة, كما أنه سيؤدي إلي عودة فلول مبارك,لذلك فهو يري أن الحل الأفضل هو إجراء الانتخابات بالنظام المختلط بين الفردي والقائمة, كما حدث في الانتخابات الماضية. علي أن تكون القوائم مفتوحة أو بنظام ال50% قوائم و50% فردي. وأكد, أن نظام القائمة النسبية يفتح المجال أمام تمثيل الكفاءات وأصحاب الخبرات والفئات المهمشة كالمرأة والأقليات, و يقلل من دور المال في شراء الأصوات. وتابع النظام الفردي يتسبب في ضعف تمثيل الكوادر بمجلسي الشعب والشوري, فمن خلاله نجد أن كثيرا من النواب لا يعرفون شيئا عن التشريع أو مراقبة الحكومة, وهما المهمتان الأساسيتان لأي نائب. وأشار إلي أن المرحلة الراهنة من عمر الوطن تتطلب حياة حزبية دسمة تكون نواة لبداية مرحلة ديمقراطية حقيقية وهو ما لن يتحقق إلا بنظام القائمة النسبية المفتوحة أو المغلقة علي حد قوله.