يبدو أن ممثل الأممالمتحدة إلي ليبيا برناردينو ليون، اكتشف فجأة أن حل الأزمة الليبية مرهون برضاء القاهرة وأن أي حل في ليبيا لن يكون بمنأى عن الدور المصري نظرا لما للقاهرة من نفوذ داخل الأراضي الليبية -لاسيما -في الشرق الليبي وهو الجزء القريب من الحدود المصرية الذي يعيش فيه قبائل أولاد علي والجوازي والبراعصة، والفوايد والهنادي والفرجان والبهجة والجميعات والقطعان والجبالية والرماح والحبون وأولاد الشيخ. وأكدت مصادر ليبية ومصرية قريبة من ملف الحوار الليبي أن السيد برناردينو ليون هو صاحب فكرة عقد مؤتمر للقبائل الليبة في مصر غدا الإثنين رغم اختلاف الرؤيتين المصرية والأممية للأزمة الليبية وطريقة الحل علي خلفية إيمان القاهرة أن أي حل للأزمة الليبية لايمكن أن يتم عبر حوار مع الكتائب المسلحة، إلا إذا تخلوا عن السلاح ناهيك عن موقف القاهرة من الإخوان المسلمين علي خلفية الأزمة مع النظام المصري وهو الأمر الذي يرفضه ليون وبعض الدول المهتمة بالأزمة الليبية ومنها الجزائر بالإضافة إلي موقف عناصر الأزمة من رموز نظام القذافي وعملية إدماجهم داخل الحياة السياسية الليبية. يذكر أن القاهرة كانت قد استضافت مؤتمرا للقبائل العربية في أكتوبر الماضي ولكن دون ممثلين عن القبائل الليبية في مناطق نفوذ الكتائب المسلحة لفجر ليبيا وأنصار الشريعة والإخوان وهي "قبائل أورفلة وورشفانة والعجيلات وأولاد الشيخ والترهونة والزنتان وصبراته، وقبائل الجنوب ومنها الطوارق والتبو وأولاد سليمان بالإضافة إلي قبائل المنطقة الوسطي ومنها الفرجان والقذاذفة وهو ما اعتبره محللون أهم أسباب فشل الملتقي الأول للقبائل العربية ومنها الليبية. وأكدت المصادر أنه لأول مرة سيكون من ضمن الحضور البالغ عددهم أكثر من 300 شخص ممثلين عن القبائل الليبية عناصر محسوبة علي حركة الإخوان المسلمين وفجر ليبيا وكتائب 17 فبراير ومنهم علي سبيل المثال محمد إدريس المغربي وهو ليبي يعيش في الداخل ويتحرك من ليبيا الي تركيا وقطر باستمرار والدكتور محمد الشحومي من ليبيي الخارج ومحسوب علي فجر ليبيا. معروف أن نقطة الخلاف الرئيسية بين مصر والجزائر بشأن الأزمة الليبية هو اعتراض القاهرة علي تضمين عناصر من الإخوان أو فجر ليبيا في مسألة الحوار الليبي وهي المسألة التي يبدوا أنه تم التوصل لحل بشأنها في الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية المصري سامح شكري ولقائه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة. وأبدي بعض المتابعين والمهتمين بالشأن الليبي تشاؤمهم من نتائج مؤتمر القبائل الليبية المزمع عقده غدا بالقاهرة علي اعتبار أن شيوخ القبائل الليبية الموجودين في زمام فجر ليبيا والكتائب المسلحة لن يستطيعوا الحضور إلي القاهرة لاعتبارات أمنية وأن هذه المناطق هي مناطق قتال صعب التحرك فيها أمنيا، بالإضافة إلي رفض بعض شيوخ القبائل الجلوس علي مائدة حوار تكون الأممالمتحدة شريكا فيها بسبب اتهامات لبرناردينو ليون بأنه يعمل لتنفيذ مخطط أمريكي بريطاني لتقسيم ليبيا إلي مناطق والتشكيك في نوايا الأممالمتحدة بشأن الأزمة الليبية ورفض عادل الفايدي رئيس اللجنة التحضيرية للملتقى التصريح بالنفي أو التأكيد إذا كان سيكون هناك ممثلون عن القبائل الليبية من الغرب أو الجنوب زاعما أنه تم توجيه الدعوة لكل القبائل الليبية بامتداد المساحة الجغرافية وهو نفس الشيئ الذي أكده السفير بدر عبدالعاطي في اتصال تلفوني مع بوابة الأهرام دون التصريح بأسماء محددة أو فصائل بعينها . وقال عادل الفايدي لبوابة الأهرام إن أهم أهداف الملتقي هو رفع الغطاء الاجتماعي عن العناصر المسلحة المنتمية للكتائب المسلحة بحيث يمكن حسابهم دون اعتراض من شيوخ القبائل، مؤكدا أن لجوء الأممالمتحدة إلي القبائل الليبية أكبر دليل علي إحساسهم بالعجز والفشل في ليبيا دون الرجوع إلي القبائل الليبية التي بيدها الحل والعقد نظرا للأهمية الدور القبلي في ليبيا كمكون اجتماعي لايمكن إغفاله عند الحديث عن مستقبل ليبيا. ومن الملاحظات المهمة التي تزيد الأزمة الليبية التباسا لدي بعض المتابعين هو دور المجلس المصري للشئون الخارجية الذي استضاف العديد من اللقاءات لعناصر ليبية ومناقشة الأزمة في القاهرة ولكن هذه المرة أعلن السفير السيد شلبي المدير التنفيذي لمجلس الشئون الخارجية المصري أن المجلس ليس له علاقة بأية حال من الأحوال بالأزمة الليبية مؤكدا أن الملف أصبح في يد الخارجية المصرية بشكل مباشر وهي التي ترعي أي حوار ليبي في القاهرة وهو الأمر الذي اعتبره البعض له أكثر من مدلول سياسي يؤكد أن الأزمة الليبية أصبحت تمثل صداعا ليس في رأس النظام المصري فقط وإنما أيضا المجتمع الدولي الذي رأي أن القاهرة صاحبة التأثير الأقوي في الملف الليبي . وكانت الصخيرات بالمغرب أخر محطات الحوار بين الفرقاء الليبين وهو الأمر الذي رآه البعض بعين الفشل علي أساس أنه لو نجح حوار الصخيرات بالمغرب ما كان هناك لزوم لمؤتمر القاهرة أو حتي الدعوة إلي لقاء آخر بالصخيرات أواخر هذا الشهر . ويمكن سرد أهم مخرجات حوار الصخيرات في الآتي: تشكيل حكومة الوفاق الوطني وصلاحياتها والترتيبات الأمنية المتعلقة بها، تأسيس مجلس رئاسي توكل له بعض الصلاحيات، ومجلس للأمن القومي، وكانت نقطة الخلاف حول شرعية المؤتمر الوطني العام أو مجلس النواب وهي النقطة محل الخلاف الجوهرية بين الطرفين حتي الآن. وأشاد السفير هاني خلاف السفير المصري الأسبق في ليبيا بفكرة عقد مؤتمر للقبائل الليبية بمصر مؤكدًا أن القبائل الليبية هي المكون الرئيسي للحياة الإجتماعية وأنه بدونها لايمكن حل الأزمة الليبية مشيرا إلي مسألة العادات والتقاليد التي تجمع مكونات الشعب الليبي وأشار في اتصال هاتفي إلى الدور المصري في المؤتمر المزمع عقده غدا بالقاهرة وأن الدور المصري لايتعدي إتاحة فرصة للحوار وتمكين المجتمعين من اللقاء والتداول مع بعضهم للخروج بحل يرضي جميع الأطراف مؤكدا أن العنصر الحاسم في المسألة ستكون القبائل الليبية وليس الميليشيات المسلحة.