تحتفل مصر وكوريا الجنوبية خلال الأيام القادمة بالذكرى العشرين لإقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة التي تعد نموذجًا يحتذى به لعلاقات قوية ووثيقة منذ القدم حيث ترتبط الدولتان بأواصر تاريخية ثقافية وعلاقات متميزة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كانت بداية العلاقات المصرية الكورية في عام 1948 حين اعترفت مصر رسميًا باستقلال جمهورية كوريا الجنوبية ،وشهدت محطات هامة تؤكد حرص البلدين على تعزيز التعاون الثنائي بينهما في كافة المجالات. وتشكلت لجان من البلدين لصياغة إطار مؤسسي للتعاون الثنائي مثل: لجنة المشاورات السياسية: والتي أنشئت في عام 1996 وعقدت آخر دوراتها– السادسة– في سول في نوفمبر 2009 واللجنة المشتركة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا: والتي أنشئت بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين الجانبين في العام 2004 وتغطى مجالات متنوعة من الحكومة الإلكترونية،و تطوير خدمات البريد المصري. ومجلس الأعمال المشترك يلعب دورًا في تقوية التعاون الاقتصادي والتجاري بين مجتمعي رجال الأعمال على كلا الجانبين، وكذا جذب الاستثمار الكوري إلى مصر. وقد تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسى في يونيو 2014 برقية تهنئة بمناسبة توليه منصبه من بارك كون هيه رئيسة جمهورية كوريا. وفى سبتمبر 2014 استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسى بنيويورك، السيدة باك كون هيه رئيسة جمهورية كوريا الجنوبية، على هامش أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بحث الجانبان القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين وتلقى دعوة لزيارة كوريا. ثم فى نوفمبر 2014 قام يونج هونج وون رئيس وزراء جمهورية كوريا الجنوبية بزيارة لمصر، استقبله د. إبراهيم محلب، وعقدا جلسة مباحثات وأكد محلب على احترامنا وتقديرنا للتجربة الكورية، وأن هناك العديد من قصص النجاح الكورية في مصر، كشركات تصنيع السيارات والإلكترونيات وغيرها، التي تقوم بالتصنيع والتصدير من مصر. أشار محلب إلى المشروعات العملاقة التي يتم تنفيذها كمشروع تنمية منطقة قناة السويس وشق قناة السويس جديدة، إلى جانب العديد من المشروعات الأخرى، يمكن للشركات الكورية التعاون فيها مع نظيراتها المصرية بما يحقق النفع الاقتصادي للبلدين، إلى جانب إمكانية التعاون في ملف الطاقة، الذي يحتل أهمية قصوى على أجندة أعمال الحكومة الحالية، وبخاصة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة والاستخدامات السلمية للطاقة النووية. شدد محلب على رغبة مصر في دعم التعاون مع كوريا الجنوبية في مجال التعليم والتدريب الفني من خلال المضي قدمًا في إنشاء الجامعة المصرية الكورية، ومعاهد ومدارس التدريب الفني في مصر، وهو ما سينعكس بالفائدة على تأهيل الكوادر ورفع مستوى العمالة المؤهلة للعمل في الشركات الكورية في مصر. قال وون إنهم سينظرون باهتمام فى مسألة دعم مصر للفوز بالعضوية غير الدائمة فى مجلس الأمن لعامي 2016- 2017، إلى جانب فرص دعم السياحة الكورية إلى مصر. وقد قام نبيل فهمي وزير الخارجية السابق بزيارة كوريا الجنوبية عام 2013 حيث أجرى وزير الخارجية خلال الزيارة مشاورات رسمية مع وزير خارجية كوريا الجنوبية، "يون بيونج- سى"، بحضور وفدى البلدين. وتم الاتفاق على قيام وكالة التنمية الكورية بدراسة مقترح الدخول في برامج للتعاون الثلاثي في إفريقيا. حضر مراسم التوقيع على عقد بقيمة 4٫8 مليارات دولار، لإنشاء مجمع للبتروكيماويات في منطقة العين السخنة، بمشاركة كورية في التمويل بنسبة30 بالمائة، إلى جانب كونسورتيوم دولى، وهو ما سيخلق حوالي 20 ألف فرصة عمل، خلال فترة الإنتاج، بالإضافة إلى20 ألف فرصة عمل خلال فترة الإنشاءات الخاصة بالمشروع، مشيرًا إلى أهمية دور القطاع الخاص في هذا الشأن، وأهمية دور بنك الصادرات الكوري فى تشجيع الاستثمارات الكورية في مصر. يؤكد السفير الكوري جونج كوانج كيون على عمق العلاقات بين مصر وكوريا الجنوبية مشيراً إلى هذه العلاقات توجت في العام الماضي بافتتاح المركز الثقافي الكوري بالقاهرة والذي يعد الأول من نوعه في المنطقة العربية. ويشير إلى أن الاحتفال بمرور 20 عامًا سيكون فرصة لإحداث طفرة كبيرة في العلاقات المستقبل القريب حيث من المنتظر ترتيب زيارات رئاسية متبادلة وزيادة الاستثمارات الكورية والعمل على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي بلغ 3 مليارات دولار خلال العام الماضي، معربًا عن أمله في رفع معدلات التبادل خلال الفترة المقبلة. وهناك خطط للتوسع من جانب الشركات الكورية التي تستثمر في مصر مشيرًا الى أن مصانع سامسونج مصر بمحافظة بني سويف صدرت منتجات إلكترونية لدول العالم بما قيمته مليار دولار. وأكد استعداد بلاده لمساعدة مصر بنقل التكنولوجيا وزيادة الاستثمارات والتعاون التعليمي والثقافي وحرصها على دعم العلاقات مع مصر وخاصة الفترة المقبلة. يُذكر أن القاهرة كان لها دور فى تحديد مستقبل كوريا بعد الحرب العالمية الثانية ففى الفترة ما بين 22 إلى 26 نوفمبر 1943، وبينما كانت المعارك العنيفة تدور فى كل بقعة في العالم، اجتمع قادة ثلاثة من دول الحلفاء وهم الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والقائد العام تشان كاى شيك من جمهورية الصين في فندق مينا هاوس بالقرب من منطقة الأهرامات من أجل مناقشة جهود قوات الحلفاء فى حربها ضد دول المحور، ووسائل التغلب على اليابان ووضع نهاية لعدوان اليابان الإمبريالى في دول منطقة آسيا الباسفيكية. وصدر عن هذه القمة إعلان القاهرة. وتبنت القوى الثلاثة إعلان القاهرة في 27 نوفمبر، أي منذ 70 عامًا. وقد عبر البيان من خلال ثلاث فقرات قصيرة نسبيًا على تصميم قوات الحلفاء على المضي قدمًا في جهود الحرب من أجل إرغام اليابان على الاستسلام بدون أية شروط. وانتقلت شروط إعلان القاهرة إلى آلية دولية أخرى لتحديد فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وهو إعلان بوتسدام فى 26 يوليو 1945 بين قوات الحلفاء والاتحاد السوفيتي السابق حول ترسيم الحدود. وبالنسبة للكوريين يمثل إعلان القاهرة أهمية خاصة لأنه أول وأحد أهم الإعلانات العامة التي تبنها المجتمع الدولي في ذلك الوقت والذي لفت الانتباه إلى أن كوريا يجب أن تصبح حرة ومستقلة. وفى هذا الصدد يشير البيان إلى عزم القوى الثلاثة على إنهاء الاحتلال الياباني لكوريا وأن تصبح حرة ومستقلة. وبالفعل استسلمت اليابان بدون شروط فى 15 أغسطس 1945، وأصبحت كوريا حرة من جديد وفق ما جاء في إعلان القاهرة. لتعاون مع كوريا الجنوبية في المجال الاقتصادي يحظى باهتمام الجانبين ومن ناحيتها فان الحكومة الكورية قررت توفير مزيد من المساعدات المالية بقيمة 5 تريليون وون (نحو 45 مليار دولار) للشركات الكورية العاملة في دول الشرق الأوسط أو الشركات الراغبة في الدخول هذه المنطقة. المركز الثقافي الكوري فى 29 أكتوبر الماضي افتتح السيد كيم يونج سو سفير كوريا الجنوبية السابق في القاهرة المركز الثقافي الكوري بالقاهرة ة والذي يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط والمنطقة العربي وأعلن السفير خلال مراسم الافتتاح أن بلاده منفتحة على مصر وترغب في زيادة التعامل معها في كافة المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية وأضاف أن افتتاح المركز يأتي في إطار سياسة الرئيسة الكورين بارك كون هي والتي وضعت النهضة الثقافية فى قمة أولوياتها بهدف تعزيز التنوع الثقافي وقال إن المركز سيكون نافذة لتعزيز التبادل الثقافي بين مصر وكوريا من خلال تقديم الثقافة الكورية للشعب المصري وتعريف الكوريين بالثقافة المصرية. وينظم المركز دورات مجانية لتعليم اللغة الكورية ومعارض للفرق الفنية ومعارض للكتب والفنون وتعليم فنون المطبخ الكوري ورياضة التايكوندو. نقلاً عن جريدة الأهرام.